في ظل الانهيار المتسارع لأسعار النفط، تسعى الحكومة الجزائرية إلى إصلاح نظام الدعم السخي الذي يستفيد منه جميع المواطنين، وهو ما يعتبره البعض أمرا حتميا.
ويعتمد هذا النظام الذي ورثته الجزائر من عهد الاقتصاد الموجه منذ استقلالها في 1962، على ركيزتين أساسيتين: من جهة «التحويلات الاجتماعية»، وهي مخصصات مالية في ميزانية الدولة لتمويل الصحة والتعليم المجانيين لكل الجزائريين مهما كان دخلهم، إضافة إلى سكن بأسعار منخفضة.
ومن جهة ثانية، تم تعويض سياسة مراقبة الأسعار المعتمدة إلى سنوات 1990. بدعم المواد الغذائية الأساسية (الخبز والزيت والسكر والطحين والحليب)، إضافة إلى دعم أسعار الكهرباء والغاز والنقل.
ويستفيد من هذا الدعم كل الجزائريين سواء كانوا أغنياء أو فقراء.
وفي «مخطط عمل الحكومة» الذي قدمه رئيس الوزراء الجديد عبد المجيد تبون أمام مجلس النواب في 20 يونيو (حزيران)، أعلن عن إعادة النظر في سياسة دعم السلع والخدمات «من خلال إحصاء دقيق للاحتياجات الحقيقية وتوجيه الإعانات إلى مستحقيها»، أي مواءمة دعم السلع والخدمات مع دخل كل فرد أو فئة اجتماعية.
وفي وقت تشهد أسعار النفط تراجعا كبيرا، علما بأن تصدير النفط يشكل 60 في المائة من موارد ميزانية الدولة، يشل النظام الحالي المالية العمومية. وفي ميزانية 2017. خصصت الدولة 13,3 مليار يورو للدعم والتحويلات الاجتماعية، أي ما يعادل 23,7 في المائة من الميزانية.
وفي بداية 2016. اضطرت الحكومة إلى رفع أسعار الوقود وبعض منتجات الطاقة للمرة الأولى منذ 2005.
ويرى مصطفى مقيدش، نائب رئيس المجلس الوطني الاجتماعي والاقتصادي (هيئة حكومية)، ضرورة التوجه نحو «الدعم الموجه لمستحقيه»، مذكرا أن الإعانات التي تقدمها الدولة كل سنة تمثل 15 في المائة من الناتج الداخلي الخام.
وبالإضافة إلى أن نظام الدعم سخي جدا، فهو في الوقت نفسه غير عادل بما أنه مفيد أكثر للذين يستهلكون أكثر، أي الأغنياء.
ويقول الخبير الاقتصادي لدى صندوق النقد الدولي اندرو جويل لوكالة الصحافة الفرنسية إن «العشرين في المائة من الجزائريين الأكثر ثراء يستهلكون ست مرات أكثر من الوقود من العشرين في المائة الأكثر فقرا»، و«الدعم الموجه للكهرباء مفيد أكثر بصفة غير متساوية» لأصحاب البيوت الكبيرة والمجهزة بالتكييف.
وبحسب الخبير الاقتصادي عبد الرحمان مبتول الذي سبق أن عمل مستشارا لدى رئيس الوزراء السابق عبد المالك سلال، فإن «توجيه الدعم لمستحقيه إجراء جيد. لأنه باسم العدالة الاجتماعية، لا يمكن أن يستفيد الأغنياء والفقراء من الإعانات بالمستوى نفسه».
ويشير خبراء كذلك إلى أن للدعم تداعيات سلبية أخرى مثل التبذير والتهريب نحو الدول المجاورة.
وترددت السلطات كثيرا قبل أن تقرر وضع حد لهذا النظام الذي سمح لها بضمان السلم الاجتماعي باستخدام الأموال الطائلة التي وفرها ارتفاع أسعار النفط قبل 2014.
وسبق للحكومة الماضية أن أشارت في نهاية 2015 إلى ضرورة توجيه الإعانات لمستحقيها، لكن مشروعها الذي لاقى معارضة شرسة، بقي دون تطبيق.
وفشلت كل مشاريع فرض ضريبة على الأثرياء في الجزائر. وأثار رئيس الوزراء أخيرا احتمال التفكير فيها بالموازاة مع إعفاء الفقراء من دفع الضريبة على الدخل.
والسؤال الذي يطرحه الخبراء الاقتصاديون هو ما هو السقف؟ من يعد غنيا ومن هو فقير في الجزائر؟
وكان رئيس الوزراء طمأن خلال تقديم مشروع حكومته إلى أن «الجزائر كانت وستبقى جمهورية اجتماعية».
الجزائر تسعى لإصلاح نظام الدعم الاجتماعي السخي
الجزائر تسعى لإصلاح نظام الدعم الاجتماعي السخي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة