حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

ولي العهد السعودي الجديد

أعلنت السعودية قرار تنصيب الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد في البلاد، وهو في رأي العارفين بحراك الأمور في السياسة السعودية ودواخلها، أمر طبيعي، وترجمة واقعية «لوضعية» الرجل في البلاد، الذي بات، كما هو معروف، يدير الاقتصاد والدفاع والسياسات الخارجية بشكل تنفيذي، وساهم بشكل جاد في إعادة هندسة وإعادة هيكلة لكثير من مفاصل الدولة وأجهزتها وسياساتها وتشريعاتها، وكان فعالاً ومؤثراً في إعادة العلاقات وبقوة مع الولايات المتحدة الأميركية بعد اضطراب وتدهور معروف فيها.
والأمير محمد هو الذي هندس الزيارة التاريخية إلى البيت الأبيض لمقابلة الرئيس دونالد ترمب، ودعاه إلى السعودية في أول زيارة له التي جاءت متزامنة مع القمم التاريخية الثلاث التي عقدت في الرياض، ونتجت عنها سلسلة من القرارات والتوجهات المثيرة.
محمد بن سلمان فرض شخصيته على الخريطة السياسية في السعودية، فهو رجل على استعداد لاتخاذ القرارات الصعبة والمؤلمة، ولكن في الوقت نفسه القرارات السليمة والمطلوبة.
كان في معظم سياساته وقراراته التي يتبناها يراعي المستقبل السعودي، وكان دوما يرى ويقول إن المستقبل السعودي مختلف تماما عن الماضي والحاضر، وبالتالي لا يمكن الاستمرار في السير للغد بالأدوات والاتجاهات نفسها التي كانت تحكم السياسات السعودية، لأنها بكل بساطة لا يمكن أن تفيد. القرار الجديد يعكس حال السعودية، فالأمير الشاب هو مرآة للديمقراطية الحقيقية «لشكل» و«تكوين» و«تركيبة» البلاد.
السعودية بلد يشكل الشباب فيه أكثر من 60 في المائة من تركيبته السكانية، وبالتالي المستقبل تتم صياغته على أيدي هذه الفئة المتحمسة والنشيطة والتي لها رأي وطموح وتوجهات مختلفة تماما عن الأجيال التي سبقتها، وبالتالي لا بد من أخذ ذلك بعين الاعتبار.
ولعل أهم ما يلف النظر في شخصية ولي العهد الجديد الأمير محمد بن سلمان هو أن الرجل ليست لديه أي فواتير يسددها، وبمعنى آخر أنه ليس عليه مراعاة ظروف وأشخاص في قراراته، فهو يرعى ما هو في المصلحة العامة ويصدر القرارات المؤيدة لذلك، لأنه على قناعة بأن المجاملات التي كانت تتم في السابق باتجاه بعض القرارات المطلوبة أجلت حسم مسائل كثيرة، وفي أحسن الظروف خرجت بعض القرارات بلا أسنان ومخالب كافية لإحداث الفارق المنتظر والمطلوب. ولدى الأمير محمد بن سلمان قناعة كبيرة بأن السعودية «تستحق» مكانة أفضل بين الأمم، وألا يكون إنجازها فقط على الصعيد الاقتصادي المرتبط بشكل رئيسي بسلعة النفط ومردودها، بوصفها المنتج الأكبر والأهم لها، هو على قناعة كبيرة بأن رأس المال الحقيقي للبلاد هو شباب البلاد، وبأن إمكاناتهم لا تزال مقيدة، لأن الأرضية التشريعية للمؤسسات في الدولة غير مرحبة، وهو الأمر الذي سعى إليه منذ أن طرح «رؤية 2030» و«برنامج التحول الوطني» الطموح الذي بات جزءا لا يتجزأ من سياسة الدولة للمستقبل، التي خلقت وأوجدت مناخا جديدا مليئا بالأمل والتحدي والفرص غير المسبوقة.
صعود محمد بن سلمان إلى منصب ولي العهد جاء برغبة ملكية مبنية على قبول شعبي، استحقه رجل فيه من الصفات القيادية والجرأة والطموح والذكاء الكثير، وهو يبعث بالطمأنينة والراحة لمستقبل البلاد، وينهي الحديث عن انعدام الرؤية والاستقرار في مستقبل السلطة. أطيب الأماني وأصدق الدعاء لولي العهد السعودي في مهمته الجديدة، فلقد استحق الوصول للمنصب بجدارة.