بري يرفض تعديل قانون الانتخاب

قال إن علاقته بعون «ممتازة لكن ثمة من يعمل للتأثير عليها»

بري يرفض تعديل قانون الانتخاب
TT

بري يرفض تعديل قانون الانتخاب

بري يرفض تعديل قانون الانتخاب

أكد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، أمس، أن علاقته الشخصية والسياسية برئيس الجمهورية العماد ميشال عون «أكثر من ممتازة»، لكن «أحياناً من هم حولك يؤثرون عليك»، غامزاً من قناة صهر الرئيس، وزير الخارجية جبران باسيل، الذي يصر على المناداة بتأمين «64 نائباً بأصوات المسيحيين»، واصفاً الطرح بأنه «تقسيمي».
ورد الرئيس بري، أمس، على أسئلة أعضاء مجلس نقابة الصحافة اللبنانية الذي زاره، برئاسة النقيب عوني الكعكي، فوصف قانون الانتخاب بأنه «قانون لبناني، وتسوية لبنانية توافقية كاملة»، مشيراً إلى أن «كل فريق سيخسر مقاعد، ولكن الوطن هو الرابح الأول»، وأضاف أن «هذا القانون هو نصر حقيقي للبنانيين جميعاً ولتوافقهم، وقد أعطى جرعة تفاؤل، وخلق جواً من الاطمئنان».
وشدد الرئيس بري على أهمية ووجوب اعتماد البطاقة الانتخابية الممغنطة أو الإلكترونية، مشيراً إلى أن «تأمينها ليس معجزة، وهي تؤمن وتعزز الشفافية، وتحافظ على كرامة الناخب والمرشح، ويمكن استعمال بطاقة الهوية الشخصية إلكترونياً»، ورأى أنه «لا يوجد فريق رابح مائة في المائة (من قانون الانتخاب)، ولا خاسر أيضاً مائة في المائة». وانتقد بري «من يقولون إننا نريد قانوناً يأتي للمسيحيين بـ64 نائباً بأصوات المسيحيين»، سائلاً: «هل حصل وأتى المسلمون ب 64 نائباً مسلماً بأصواتهم؟ لا أحد يستطيع تحقيق ذلك. هل يمكن أن تحفظ وتعزز العيش المشترك وفي الوقت نفسه تطرح طروحات تقسيمية؟ هذا غير ممكن». وقال: «أريد أن أركز على هذا الموضوع، فمثلاً يُقال: لماذا يجب بقاء النائب الماروني في طرابلس؟ فهناك نائب ماروني ترشح في المدينة، وأخذ أصواتاً أكثر من أي نائب ماروني أو مسيحي. فالأستاذ جان عبيد نال 33 ألف صوت، ولم يفز. وبالنسبة لي كلبناني هذا شرف كبير أن ينال مرشح مسيحي في أكبر مدينة مسلمة، هي طرابلس، 33 ألف صوت أكثر من كل النواب المسيحيين الذين نجحوا في كل لبنان.
هذا هو العيش المشترك الذي أريده، وأريد أن أقول لكم من الآن إن غبطة البطريرك الماروني كان الأسعد بعدم نقل هذه المقاعد في المناطق، وقال لي هذا الكلام في إفطار القصر الجمهوري».
ولم يقفل رئيس مجلس النواب الباب أمام احتمالات تعديل القانون «تقنياً» لتصحيح بعد الأخطاء المادية، لكنه رفض بشدة «أي تعديلات تمس بالاتفاق، لا سيما ما نوقش ورفض». وأشار إلى أن مطالبة باسيل بالتعديل «أتت عمومية، ولم يحدد ماهية التعديلات المطلوبة. وعندما يوضح، نرد».
ورأى أن قانون الانتخاب كان يجب أن يقر منذ الاتفاق بين الرؤساء الثلاثة (عون وبري ورئيس الحكومة سعد الحريري)، لكن «ثمة من عاد ليخرج بمطالب جديدة، فكانت ردة الفعل مطالب أخرى».
واعتبر أن الكلام عن أن الكيمياء في العلاقة مع عون ضعيفة «كذبة لا توجد كذبة شائعة تعادلها»، وقال إن «هناك أدلة كثيرة يمكن أن أعطيها. ففي البداية، بعد خلو مركز رئاسة الجمهورية، ألم تحصل جلسة لمجلس النواب؟ ألم يحصل ترشيح للدكتور (سمير) جعجع، وترشيح للعماد عون عبر الورقة البيضاء؟ مع من صوت؟ لقد صوت مع الرئيس عون»، لكنه أشار إلى «سوء تفاهم حصل عندما لم ينزل عون وكتلته إلى جلسة تمديد ولاية البرلمان الأولى، فأنا مقتنع بأنه وعدني بعدم المقاطعة، وهو يصر على أنه لم يفعل». وأضاف: «بعد انتخابه، وأثناء استقبال المهنئين، اتفقت معه على فتح صفحة جديدة للتعاون، وفعلاً نحن نتعاون، ولكن أحياناً من هم حولك يؤثرون عليك». وحين سئل بري عما إذا كان باسيل يتسبب بمشكلات بينه وبين عون، أجاب: «عليك أن تسأل جبران.
أنا أعرف أنني والرئيس عون لم نلتق يوماً من الأيام، حتى خلال مناقشة قانون الانتخابات، إلا وكان بيننا، ليس فقط انسجاماً، بل تطابقاً في الاتفاق. نحن لنا مصلحة سوياً أن يسير البلد»، وشدد على أن لبنان منذ عام 2006 (الحرب الإسرائيلية) حتى اليوم «هو أكثر بلد أماناً، حتى بالمقارنة مع أرقى دول العالم».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.