مناظرة تطالب بالإفراج عن معتقلي الحسيمة والتحقيق في الانتهاكات

المشاركون دعوا إلى الحوار لإعادة الثقة بين المحتجين والمؤسسات

زليخة الزفزافي والدة متزعم حراك الريف ناصر الزفزافي تحمل صورة ابنها الذي يطالب المحتجون بإطلاق سراحه (رويترز)
زليخة الزفزافي والدة متزعم حراك الريف ناصر الزفزافي تحمل صورة ابنها الذي يطالب المحتجون بإطلاق سراحه (رويترز)
TT

مناظرة تطالب بالإفراج عن معتقلي الحسيمة والتحقيق في الانتهاكات

زليخة الزفزافي والدة متزعم حراك الريف ناصر الزفزافي تحمل صورة ابنها الذي يطالب المحتجون بإطلاق سراحه (رويترز)
زليخة الزفزافي والدة متزعم حراك الريف ناصر الزفزافي تحمل صورة ابنها الذي يطالب المحتجون بإطلاق سراحه (رويترز)

أوصى المشاركون في المناظرة الوطنية حول أحداث الحسيمة، التي اختتمت الليلة قبل الماضية بمدينة طنجة، بإطلاق سراح جميع المعتقلين وإيقاف المتابعات وإلغاء مذكرات البحث في حق المبحوث عنهم. كما أوصت المناظرة التي دعا إليها إلياس العماري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة المعارض، ورئيس جهة طنجة - تطوان - الحسيمة، برفع مظاهر الحضور الأمني في المدينة كمقدمة لاستعادة الثقة بين كافة الأطراف، أو ما يطلق عليه النشطاء مظاهر العسكرة.
وطالبت المبادرة أيضا بفتح تحقيق قضائي بشأن الانتهاكات التي طالت حقوق الأفراد، وكذا مزاعم تعرض المعتقلين إلى التعذيب.
أما بخصوص المطالب الاجتماعية لسكان الريف، التي دفعتهم إلى الاحتجاج، فقد أوصت المناظرة بعد أزيد من عشر ساعات من النقاش، إلى «اعتماد إجراءات استعجالية لفائدة سكان إقليم الحسيمة والتوافق على إحداث الآليات الضرورية لتنفيذ البرامج والمشاريع ذات الصلة بالمطالب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المستعجلة». كما دعت أيضا إلى العمل على تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة المتعلقة بجبر الضرر الجماعي؛ مع التأكيد على المصالحة مع تاريخ الريف والاعتراف به، وتوفير الاعتمادات المالية اللازمة لذلك، وحثت جميع الأطراف على «التحلي بالحكمة وتغليب التوافق ووضع مصلحة البلاد فوق جميع الاعتبارات».
وكانت المناظرة قد أثارت جدلا واسعا بسبب تبنيها من قبل الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، الذي يحمل البعض حزبه مسؤولية الفشل في تدبير الشأن المحلي بالمنطقة التي ينتمي إليها، إلى جانب الخلافات السياسية والدور الذي لعبه الحزب الذي ينظر إليه خصومه السياسيون على أنه ممثل لسلطة التحكم، لا سيما من قبل حزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية، الذي قاطع منتخبوه في المنطقة المناظرة. كما قاطعها وزراء الحزب، وعلى رأسهم مصطفى الرميد وزير الدولة المكلف حقوق الإنسان، إلى جانب جمعيات حقوقية. بينما حضر وزراء آخرون في حكومة سعد الدين العثماني، كمحمد أوجار وزير العدل، ومحمد ساجد وزير السياحة، ونور الدين بوطيب الوزير المنتدب في الداخلية، كما حضرها إدريس اليزمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وأكدوا خلالها على أهمية الحوار كمدخل لحل الأزمة في المنطقة، داعين إلى «إعادة بناء الثقة ووقف التشكيك المتبادل بين مختلف الأطراف».
كما حضر المناظرة أفراد من عائلات المعتقلين، بينما لم يرغب آخرون في تلبية الدعوة.
وفتحت المبادرة الفرصة لعدد من النشطاء للحديث عن مطالبهم والأسباب التي دفعتهم إلى الاحتجاج والحلول التي يقترحونها، حيث كشفت المداخلات وجود هوة عميقة من عدم الثقة لديهم في مختلف مؤسسات الدولة والمنتخبين والأحزاب. وسجلت خلال المناظرة مواقف وأحداث، منها الاحتجاج على حضور الشيخ محمد الفزازي (معتقل سلفي سابق) الذي اضطر إلى مغادرة مكان اللقاء بسبب هتافات نشطاء ضده، وذلك بسبب الانتقادات الشديدة التي كان وجهها لناصر الزفزافي متزعم حراك الريف من خلال أشرطة فيديو كان ينشرها على حسابه في «فيسبوك»، حيث سبق أن قال عنه بأنه «نكرة وخطابه انفصالي وعنصري»، ودعاه إلى الكف عن الاحتجاج «لأن المغرب لا تنجح فيه ثورة ولا يفلح فيه انقلاب». كما وجه أحد النشطاء انتقادات إلى وزير العدل ونعت الحكومة بأوصاف قدحية. في السياق ذاته كشف سعيد بنحماني، عضو هيئة الدفاع عن المعتقلي، أن موعد الاستنطاق التفصيلي لدى قاضي التحقيق أجل إلى وقت لاحق في قضية نشطاء الريف، وعلى رأسهم الزفزافي ورفاقه لأن النيابة العامة، وبعد طلبها ضم الملفات، تقدمت بملتمس جديد يرمي إلى إضافة تهم جنائية لأغلب المعتقلين، وهو ما اضطر قاضي التحقيق إلى تأخير التحقيقات التفصيلية التي كانت مقررة مع المعتقلين ابتداء من يوم غد الاثنين. ويتابع الزفزافي بتهم المس بأمن الدولة الداخلي والاعتداء على حرية العبادات.
ونظرا للجدل الذي أثارته الأحكام الصادرة في حق عدد من المعتقلين الآخرين في مدينة الحسيمة، قال محمد الحسيني كروط، المحامي بهيئة الرباط، إنه تم احترام كافة الإجراءات القانونية في قضية المتابعين على خلفية تلك الأحداث، مضيفا أن الإجراءات القانونية بهذه القضية «كانت سليمة ولا يمكن المس بسلطة القضاء»، وأن الحكم ابتدائي ولا يزال هناك الاستئناف والنقض.
وأشار المحامي إلى أن 10 فقط من بين المتابعين في هذه الأحداث طالبوا بإجراء الفحص الطبي بحضور دفاعهم، واستجابت لهم النيابة العامة وأمرت بالفحص الطبي عن طريق الخبراء، في انتظار النتائج لاتخاذ القرار وفق ما ينص عليه القانون، لافتا إلى أنه «يجب مراعاة وجود متهمين من جهة، وضحايا من القوة العمومية ثبت تعرضهم للعنف وفق شهادات طبية، من جهة أخرى».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».