أوصى المشاركون في المناظرة الوطنية حول أحداث الحسيمة، التي اختتمت الليلة قبل الماضية بمدينة طنجة، بإطلاق سراح جميع المعتقلين وإيقاف المتابعات وإلغاء مذكرات البحث في حق المبحوث عنهم. كما أوصت المناظرة التي دعا إليها إلياس العماري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة المعارض، ورئيس جهة طنجة - تطوان - الحسيمة، برفع مظاهر الحضور الأمني في المدينة كمقدمة لاستعادة الثقة بين كافة الأطراف، أو ما يطلق عليه النشطاء مظاهر العسكرة.
وطالبت المبادرة أيضا بفتح تحقيق قضائي بشأن الانتهاكات التي طالت حقوق الأفراد، وكذا مزاعم تعرض المعتقلين إلى التعذيب.
أما بخصوص المطالب الاجتماعية لسكان الريف، التي دفعتهم إلى الاحتجاج، فقد أوصت المناظرة بعد أزيد من عشر ساعات من النقاش، إلى «اعتماد إجراءات استعجالية لفائدة سكان إقليم الحسيمة والتوافق على إحداث الآليات الضرورية لتنفيذ البرامج والمشاريع ذات الصلة بالمطالب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المستعجلة». كما دعت أيضا إلى العمل على تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة المتعلقة بجبر الضرر الجماعي؛ مع التأكيد على المصالحة مع تاريخ الريف والاعتراف به، وتوفير الاعتمادات المالية اللازمة لذلك، وحثت جميع الأطراف على «التحلي بالحكمة وتغليب التوافق ووضع مصلحة البلاد فوق جميع الاعتبارات».
وكانت المناظرة قد أثارت جدلا واسعا بسبب تبنيها من قبل الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، الذي يحمل البعض حزبه مسؤولية الفشل في تدبير الشأن المحلي بالمنطقة التي ينتمي إليها، إلى جانب الخلافات السياسية والدور الذي لعبه الحزب الذي ينظر إليه خصومه السياسيون على أنه ممثل لسلطة التحكم، لا سيما من قبل حزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية، الذي قاطع منتخبوه في المنطقة المناظرة. كما قاطعها وزراء الحزب، وعلى رأسهم مصطفى الرميد وزير الدولة المكلف حقوق الإنسان، إلى جانب جمعيات حقوقية. بينما حضر وزراء آخرون في حكومة سعد الدين العثماني، كمحمد أوجار وزير العدل، ومحمد ساجد وزير السياحة، ونور الدين بوطيب الوزير المنتدب في الداخلية، كما حضرها إدريس اليزمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وأكدوا خلالها على أهمية الحوار كمدخل لحل الأزمة في المنطقة، داعين إلى «إعادة بناء الثقة ووقف التشكيك المتبادل بين مختلف الأطراف».
كما حضر المناظرة أفراد من عائلات المعتقلين، بينما لم يرغب آخرون في تلبية الدعوة.
وفتحت المبادرة الفرصة لعدد من النشطاء للحديث عن مطالبهم والأسباب التي دفعتهم إلى الاحتجاج والحلول التي يقترحونها، حيث كشفت المداخلات وجود هوة عميقة من عدم الثقة لديهم في مختلف مؤسسات الدولة والمنتخبين والأحزاب. وسجلت خلال المناظرة مواقف وأحداث، منها الاحتجاج على حضور الشيخ محمد الفزازي (معتقل سلفي سابق) الذي اضطر إلى مغادرة مكان اللقاء بسبب هتافات نشطاء ضده، وذلك بسبب الانتقادات الشديدة التي كان وجهها لناصر الزفزافي متزعم حراك الريف من خلال أشرطة فيديو كان ينشرها على حسابه في «فيسبوك»، حيث سبق أن قال عنه بأنه «نكرة وخطابه انفصالي وعنصري»، ودعاه إلى الكف عن الاحتجاج «لأن المغرب لا تنجح فيه ثورة ولا يفلح فيه انقلاب». كما وجه أحد النشطاء انتقادات إلى وزير العدل ونعت الحكومة بأوصاف قدحية. في السياق ذاته كشف سعيد بنحماني، عضو هيئة الدفاع عن المعتقلي، أن موعد الاستنطاق التفصيلي لدى قاضي التحقيق أجل إلى وقت لاحق في قضية نشطاء الريف، وعلى رأسهم الزفزافي ورفاقه لأن النيابة العامة، وبعد طلبها ضم الملفات، تقدمت بملتمس جديد يرمي إلى إضافة تهم جنائية لأغلب المعتقلين، وهو ما اضطر قاضي التحقيق إلى تأخير التحقيقات التفصيلية التي كانت مقررة مع المعتقلين ابتداء من يوم غد الاثنين. ويتابع الزفزافي بتهم المس بأمن الدولة الداخلي والاعتداء على حرية العبادات.
ونظرا للجدل الذي أثارته الأحكام الصادرة في حق عدد من المعتقلين الآخرين في مدينة الحسيمة، قال محمد الحسيني كروط، المحامي بهيئة الرباط، إنه تم احترام كافة الإجراءات القانونية في قضية المتابعين على خلفية تلك الأحداث، مضيفا أن الإجراءات القانونية بهذه القضية «كانت سليمة ولا يمكن المس بسلطة القضاء»، وأن الحكم ابتدائي ولا يزال هناك الاستئناف والنقض.
وأشار المحامي إلى أن 10 فقط من بين المتابعين في هذه الأحداث طالبوا بإجراء الفحص الطبي بحضور دفاعهم، واستجابت لهم النيابة العامة وأمرت بالفحص الطبي عن طريق الخبراء، في انتظار النتائج لاتخاذ القرار وفق ما ينص عليه القانون، لافتا إلى أنه «يجب مراعاة وجود متهمين من جهة، وضحايا من القوة العمومية ثبت تعرضهم للعنف وفق شهادات طبية، من جهة أخرى».
مناظرة تطالب بالإفراج عن معتقلي الحسيمة والتحقيق في الانتهاكات
المشاركون دعوا إلى الحوار لإعادة الثقة بين المحتجين والمؤسسات
مناظرة تطالب بالإفراج عن معتقلي الحسيمة والتحقيق في الانتهاكات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة