عون يجمع قادة الأحزاب لبدء «ورشة إصلاح» و«تزخيم» المؤسسات

انتقاد قانون الانتخاب... و«طلعت ريحتكم» تتجه للتصعيد

عون يجمع قادة الأحزاب لبدء «ورشة إصلاح» و«تزخيم» المؤسسات
TT

عون يجمع قادة الأحزاب لبدء «ورشة إصلاح» و«تزخيم» المؤسسات

عون يجمع قادة الأحزاب لبدء «ورشة إصلاح» و«تزخيم» المؤسسات

بمجرد إتمام رئيس الجمهورية إقرار قانون جديد للانتخاب يعتمد النظام النسبي رغم تأجيل الاستحقاق النيابي حتى مايو (أيار) المقبل، يكون العماد ميشال عون وضع القطار على السكة الصحيحة ليتفرغ منذ غد لـ«ورشة إصلاحية» هدفها الأساسي «تزخيم» عمل المؤسسات ووضع حد للفساد المستشري في البلاد.
ويُرجَّح أن يدعو عون خلال أيام رؤساء الأحزاب الممثلين في الحكومة إلى لقاء موسع في القصر الجمهوري في بعبدا لـ«تفعيل عمل مجلس الوزراء، ووضع الجميع أمام مسؤولياتهم»، بحسب تأكيد مصادر رئيس الجمهورية لـ«الشرق الأوسط». وقالت إنه بعد إقرار قانون الانتخاب «دخلنا في مرحلة جديدة لا يجب أن تنحصر بالاستعداد للانتخابات التي ستحصل بعد 11 شهرا بل يجب أن تشهد تزخيماً لعمل المؤسسات، وعلى رأسها الحكومة ومجلس النواب، من خلال تمرير سلسلة من القوانين والانصراف لمعالجة قضايا إنمائية حساسة». وأضافت: «أما الملفات الاستراتيجية كمجلس الشيوخ وإلغاء الطائفية السياسية واللامركزية الإدارية وغيرها، كلها ملفات قد يطالها النقاش، على أن يتم ذلك بالتزامن مع تحديد آلية البحث».
وأدّى تمديد ولاية المجلس النيابي إلى مايو المقبل تلقائيا إلى تمديد ولاية الحكومة الحالية التي كانت لتتحول إلى تصريف الأعمال لو تمت الانتخابات في موعدها الشهر الماضي. وأشار الخبير الدستوري والقانوني وزير العدل الأسبق إبراهيم نجار، إلى أن التمديد الذي تم «أعاد الأمور إلى طبيعتها بالنسبة للبرلمان ومجلس الوزراء على حد سواء، وبالتالي أعاد الانتظام إلى الحياة الدستورية بشكل كامل». ودعا لـ«الشرق الأوسط» إلى وجوب إعطاء الأولوية خلال المرحلة المقبلة لـ«استعادة ثقة المستثمرين والسياح، وخصوصا الخليجيين والعرب، ومحاولة النهوض بالوضع الاقتصادي الذي ليس إطلاقا على ما يُرام». وأضاف نجار: «المطلوب حركة أكبر مما نشهده حاليا، فما تم حتى الساعة لا يرتقي لتطلعات اللبنانيين... استعادة ثقة المستثمرين والسياح يجب أن تتزامن مع ورشة إصلاح كبيرة تضع حدا للفساد».
في المقابل، فإن ناشطي المجتمع المدني الذين وُجهوا بالقوة من قبل العناصر المولجة الأمن خلال اعتراضهم الجمعة على التمديد الثالث للبرلمان، بصدد تعليق نشاطاتهم حتى الانتخابات المقبلة. وأعلنت أمس حملة «طلعت ريحتكم» في مؤتمر صحافي أن الرد على ما تعرض له ناشطوها «ستسمعونه بصوت تصاعدي من اليوم حتى موعد الانتخابات النيابية في أيار المقبل». وأكّدت أن «الحساب سيتم في صناديق الاقتراع وحتى ذلك الوقت سنبقى ونستمر، والخطوة الأولى ستكون في 20 يونيو (حزيران)، حيث سنعلن عن انتهاء ولاية المجلس النيابي». ودعت الحملة إلى «مواكبتنا بتذكير النواب بحقيقتهم وعيوبهم»، مشددة على أن «زمن الخوف ولّى»، توجهت إلى السياسيين بالقول: «مواكبكم المتحركة على الطرقات وأمام منازلكم هي من اليوم وصاعدا هدف للرشق بالبيض الفاسد على أمل أن تتعلموا». وأضافت: «الخيار القادم هو خيار من أجل الوطن والتغيير الحقيقي وبناء دولة ديمقراطية».
واستنكر البطريرك الماروني بشارة الراعي أمس «مشهد الضرب والرفس والتنكيل الذي حصل بحق المعتصمين في ساحة رياض الصلح»، المعترضين على التمديد، وشدد على أن «سماع الشعب في مطالبه، وفي أنين حقوقه ومتوجبات عيشه في وطنه، واجب أساسي وأولي على السلطة السياسية. فالشعب هو مصدر السلطات، كما ينص الدستور».
وتوالت أمس المواقف السياسية المعترضة على قانون الانتخاب. واعتبر النائب محمد الصفدي أنّه «أشبه بالمسخ». وأضاف: «مسخوه حتى بات من العجائب. القانون اسمه نسبي لكنه يعتمد على أمور أخرى، فقد بات يشبه القانون الأرثوذكسي ويرتدي ما يشبه القانون النسبي». أما النائب في حزب «الكتائب اللبنانية» إيلي ماروني فرأى أنه «بعد 10 سنوات من الانتظار ولد القانون مسخاً»، وقال: «أين النسبية في هذا القانون؟ هو لا يضمن المعيار الواحد ولا عدالة فيه».
من جهته، تمنى عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب كامل الرفاعي «لو مر قانون الانتخاب من خلال اللجان المختصة ثم المشتركة، ومن ثم الهيئة العامة للتمكن من دارسته». واعتبر أن «الطوائف هي الرابحة من هذا القانون والخاسر هو لبنان».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.