تصعيد في جوبر قد ينهي وجود المعارضة بمحيط دمشق

«الجيش الحر» قصف مطار بلي في ريف السويداء

صورة أرشيفية لقصف على حي جوبر الدمشقي في أواخر أبريل (نيسان) الماضي (أ. ف.ب)
صورة أرشيفية لقصف على حي جوبر الدمشقي في أواخر أبريل (نيسان) الماضي (أ. ف.ب)
TT

تصعيد في جوبر قد ينهي وجود المعارضة بمحيط دمشق

صورة أرشيفية لقصف على حي جوبر الدمشقي في أواخر أبريل (نيسان) الماضي (أ. ف.ب)
صورة أرشيفية لقصف على حي جوبر الدمشقي في أواخر أبريل (نيسان) الماضي (أ. ف.ب)

أعلنت فصائل «الجيش السوري الحر» أنها استهدفت مساء الخميس الماضي مطار بلي العسكري في محافظة السويداء بجنوب سوريا، معلنة تدمير 6 طائرات مروحية ومستودعات ذخيرة. وأكدت غرفة عمليات «البنيان المرصوص» مقتل المستشار الإيراني حيدر جليلوند في الاشتباكات المستمرة في مدينة درعا، في حين حذّر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» من أن يكون التصعيد الذي يشهده حي جوبر، الواقع عند أطراف العاصمة السورية دمشق، تمهيدًا لتنفيذ قوات النظام عملية عسكرية تتحضر لها لإنهاء وجود الفصائل المقاتلة في شرق العاصمة دمشق.
سعد الحاج، الناطق باسم ميليشيا «أسود الشرقية»، أفاد بأن عناصر تابعة للفصيل الذي ينتمي إليه كما آخرين تابعين لتجمع «أحمد العبدو» قصفوا مساء الخميس الماضي مطار بلي العسكري براجمات الصواريخ ودمروا 6 طائرات مروحية ومستودعات ذخيرة، وكذلك مخزناً للبراميل المتفجرة كانت تستخدم لقصف مدينة درعا ومحافظتها. وأبلغ سعد «الشرق الأوسط» في حوار معه: «هذه العملية تندرج بإطار معركة (الأرض لنا) التي تتركز في ريف السويداء الشرقي وما حصل ليس إلا بداية لسلسلة عمليات أخرى».
وبالتزامن، أفادت وكالة «قاسيون» المعارضة بأن «7 من عناصر الميليشيات الأجنبية المساندة لقوات النظام، قتلوا يوم أمس (الجمعة) أثناء معارك على جبهة مخيم درعا، بعد عدة محاولات لاقتحام المخيم وسط اشتباكات عنيفة مع الفصائل». ولفتت الوكالة إلى أن الطيران المروحي قصف بدوره أحياء درعا البلد بالبراميل المتفجرة بعد نجاح فصائل المعارضة بتدمير رتل لقوات النظام في بلدة خربة غزالة بالمحافظة. ونشرت فصائل «الجيش الحر» العاملة ضمن غرفة عمليات «البنيان المرصوص» قائمة جديدة لقتلى قوات النظام والميليشيات المساندة له، خلال الاشتباكات الدائرة في مدينة درعا. وأكدت الغرفة مقتل المستشار الإيراني حيدر جليلوند، بالإضافة إلى 3 عناصر أفغانيين من ميليشيا «فاطميون» وعنصر لبناني من قوات «البعث اللبنانية»، وعنصرين آخرين من قوات النظام.
أما في محافظة إدلب، فقد هز انفجار عنيف منطقة مسجد «أبي ذر الغفاري» في مدينة إدلب عقب صلاة الجمعة. وبينما تحدث «المرصد» عن «معلومات متضاربة حوله وما إذا ما كان ناجمًا عن تفجير شخص لنفسه بحزام ناسف أم تفجير عبوة ناسفة بآلية»، أشار إلى وقوع 10 جرحى نتيجته بعضهم جراحهم خطرة. أما «شبكة الدرر الشامية»، فأكدت أن التفجير كان يستهدف المسؤول الشرعي في «هيئة تحرير الشام» عبد الله المحيسني ومرافقه. وأوضحت الشبكة أن «دراجة نارية مفخخة استهدفت سيارة (المحيسني) أثناء خروجه من المسجد»، نافية ما أوردته بعض وسائل الإعلام من مقتل مرافق المحيسني، لافتة إلى أن القتيل هو الانتحاري وأن 8 أشخاص أصيبوا جراء التفجير.
«المرصد»، أفاد من ناحية ثانية، بأن قوات النظام تصعد قصفها على حي جوبر الواقع في الأطراف الشرقية للعاصمة دمشق، وأشار إلى تنفيذ الطائرات الحربية أمس ما لا يقل عن 17 غارة استهدفت الحي، بالتزامن مع قصف بنحو 7 قذائف مدفعية وصاروخية طالت أماكن في جوبر، «ليرتفع إلى 27 على الأقل عدد الغارات التي استهدفته خلال الـ24 ساعة الماضية، بالإضافة لقصف بنحو 20 قذيفة مدفعية وصاروخية وقصف بستة صواريخ يرجح أنها من نوع أرض - أرض، وذلك في إطار التصعيد المستمر على الحي لليوم الثاني على التوالي». ورجح «المرصد» أن يكون هذا التصعيد «تمهيداً لتنفيذ قوات النظام عملية عسكرية تتحضر لها، لإنهاء وجود الفصائل المقاتلة والإسلامية في شرق العاصمة دمشق، عبر التقدم في حي جوبر، وإجبار الفصائل على الانسحاب إلى الغوطة الشرقية».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.