لعنة فرعونية تحل على «مومياء» توم كروز

جولة في العروض الحالية

توم كروز في «المومياء»
توم كروز في «المومياء»
TT

لعنة فرعونية تحل على «مومياء» توم كروز

توم كروز في «المومياء»
توم كروز في «المومياء»

هناك قسوة في عناوين المجلات والمواقع السينمائية في اليومين الأخيرين، خصوصاً في تعليقها على فيلم توم كروز الجديد «المومياء».
مجلة «فاراياتي» عنوَنت مقالها بـ«المومياء تدفنه ووندر وومان». منافستها «ذا هوليوود ريبورتر» قالت: «ووندور وومن يحطم المومياء». والناقد أ. أو سكوت في صحيفة «ذا نيويورك تايمز» كتب مقالة نقدية على الفيلم حملت عنواناً يقول: «المومياء يستحق دفنا جيداً».
على قسوتها، تعلن معظم هذه العناوين عن سقوط فيلم من بطولة نجم كبير هو توم كروز ومن رعيل مسلسل ذي جمهور معلّب وجاهز سبق لشركة الإنتاج «يونيفرسال» أن خبرته بنجاح من خلال الأعمال السابقة التي خرجت تحت هذا العنوان.
لننسَ الأفلام الكلاسيكية التي أنتجتها هوليوود في الثلاثينات والخمسينات. في عام 1999 تم بعث الحياة في تلك السلسلة التي دائماً ما أثبتت أن لديها جمهوراً كبيراً يحب أن يرى لعنة المصريين القدامى وهي تحط على كل من يحاول النيل من الآثار الفرعونية أو الاقتراب من ذلك المدفن الذي يرقد فيه جسد محنط مات صاحبه وفي باله أنه إذا ما تم إيقاظه من سباته الطويل فلسوف ينتقم لا ممن وضعوه في ذلك التابوت فقط، بل ممن كشف عنه مرقده.
اللعنة لم تُصِب أفلام السلسلة الحديثة من «المومياء» (تلك التي قام ببطولة بعضها براندون فريزر) لكنها أصابت هذا الفيلم الجديد الذي يعود إلى القواعد ليحفر جذوراً صالحة لسلسلة جديدة من هذه الأفلام.
* الأحياء موتى كذلك
أخبار اللعنة بدأت يوم الخميس عندما بدأ عرض الفيلم في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك فإذا به ينجز مليونين و600 ألف دولار. في اليوم التالي، الجمعة، أول من أمس، حصد قرابة 31 مليون دولار وبذلك تبين أن اليوم الثالث من «الويك - إند» الذي يشبه مقولة «في الامتحان يُكرم المرء أو يُهان» لن يؤدي إلى رقم يتجاوز ذلك وبهذا تم إصدار حكم المتابعين على الفيلم بأنه قضى بضربة قاضية وجهتها له غال غادوت في زي «ووندر وومان»، الفيلم الذي سيبقى على قمّة الإيرادات الأميركية أسبوعاً ثالثاً.
لكن من حسن الحظ أن مصير «المومياء» في أميركا الشمالية لن يكون بالضرورة مصيره في باقي دول العالم: يوم افتتاحه (الخميس) سجل 20 مليون دولار وفي الصين سحب من جيوب الزبائن ما مجموعه 18 مليوناً و700 ألف دولار. في روسيا سجل في يومه الأول نحو مليونَي دولار.
والأرقام غير متوفرة بعد في الصالات العربية علما بأن بعضها يفضل انتظار نهاية شهر رمضان قبل عرضه وأي فيلم كبير آخر، وليست متوفرة بعد في بريطانيا وفرنسا وإسبانيا ودول أوروبية أخرى. سيحتاج الفيلم إلى 250 مليون دولار وما فوق لكي يتجاوز الخط الأحمر ويحقق أرباحاً، وهذا الهدف مرده أنه تكلف 125 مليون دولار لتحقيقه. لكن الأزمة الأخرى هي أن الجمهور الأميركي خلع أنياب «المومياء»، وبالتالي حطّم احتمالات إنجاز سلسلة جديدة كما خططت الشركة المنتجة.
* الحق على «يونيفرسال»
فيلم كهذا يحتاج مخرجاً محترفاً وليس طارئاً. مخرج يعرف كيف يسرد حكاية هي في الأصل سخيفة، بأسلوب غير سخيف. أن يجعل الممثلين يكوّنون مشاعر داخلية بصرف النظر عن صدقها أو عدمه. مشاعر من تلك التي تعرف أنك تعرف أن كل ما يدور أمامك هو خزعبلات، لكنك ستهتم بما لدى تلك الشخصيات من أحاسيس ومخاوف ونزاعات.
كايت تايلور، ناقدة صحيفة «ذا غلوب مايل» الكندية، كانت على صواب عندما قالت في نقدها «و(الشخصيات) الحيّة، هم أيضاً بلا حياة»، وبذلك تقصد أن تمثيل توم كروز وراسل كراو وأنابيلا ووليس و(الجزائرية) صوفيا بوتيللا التي تؤدي دور «المومياء»، كان له وقع ميت بدوره.
لكن عوض تسليم المهام لمن أثبت جدواه في حقل الأفلام الفانتازية (الشقيقتان لانا وليلي ووشوفسكي اللتان أخرجتا «ذا ماتريكس» أو مايكل باي صاحب سلسلة «ترانسفورمرز») أسندت المهمة إلى واحد باسم أليكس كورتزمان الآتي من خبرة إنتاجية من دون موهبة إخراجية. لديه مجموعة من الإنتاجات التلفزيونية (حلقات مسلسلة) وفيلم فاشل واحد قبل هذا الفيلم هو «أناس مثلنا» أنجزه سنة 2012 وكان مصيره 12 مليون دولار من الإيرادات بالكاد غطّت ثمن الدعايات الألواح الدعائية المزروعة له على الطرقات حينها.
* عودة المفقود
فيلمان جديدان آخران دخلا المعترك التجاري هذا الأسبوع من دون آمال كبيرة، أو بآمال أكثر تواضعاً من تلك التي أوحى بها «المومياء». الأول هو «يأتي ليلاً» وهو دراما مرعبة من بطولة جوول إدجرتون ومجموعة ممثلين غير معروفين. هذا الفيلم تكلف 5 ملايين دولار فقط، وأنجز في اليوم الأول من عروضه 4 ملايين ومع نهاية الويك - إند ينتظر منه أن يحقق نحو 17 مليون دولار عبر 2500 صالحة أميركية وكندية.
الفيلم الثاني هو «ميغان ليفي» وهو سيرة حياة مجندة التي انضمت للحرب العراقية في التسعينات واستطاعت، مع كلبها المدرّب، إنقاذ أرواح كثير من الجنود الأميركيين. شيء مثل «هاكسو ريدج» إنما مع ران تان تان في البطولة.
قرار الصالات العربية تأخير عرض أفلام ثقيلة (الوزن طبعاً) ليس جديداً. إذ إن انحسار إقبال ملحوظاً على صالات السينما يتم في شهر رمضان الذي تسود فيه المسلسلات التلفزيونية. بمراجعة ما هو معروض هذه الأسبوع في مدينتي دبي وأبوظبي مثلاً تطالعنا أفلام تم طرحها قبل الشهر الكريم وأخرى خفيفة لا يهم إذا لم تنجز إيراداً وفيراً. في هذا النطاق نجد فيلماً بعنوان «رجل عائلي» Family Man من بطولة جيرار بتلر وآخر عن حياة «تشرشل» يمثله برايان كوكس بينما تواصل أفلام «ووندر وومان» و«قراصنة الكاريبي» و«حراس المجرة 2» أعمالها بحضور مخفف. في بيروت الأفلام ذاتها مع إضافة «مرض برليني» و«المستثني» لما سبق. الملحوظ النسبة المرتفعة من الأفلام اللبنانية التي يتم توفيرها في الأشهر الثمانية الأخيرة على الأقل. إلى جانب «زفافيان» الذي يدور حول قصّة حب أرمنية، حط في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي فيلم جديد عنوانه «من السماء» وهو فيلم جيد لمعظم الوقت أخرجه وسام شرف حول عودة شاب اعتُبِر مفقوداً (أو ميتاً) منذ أيام الحرب الأهلية، قبل أن يفاجأ به شقيقه بقدر ما يفاجأ هو بالمتغيرات التي أصابت البلد. أما في مصر، وفي مقابل استمرار عروض «كونغ: جزيرة الجمجمة» و«قدر الغاضبين» و«أليان: كونفينانت»، تجهد الأفلام الكوميدية، مثل «يجعلو عامر» و«بنك الحظ» في محاولتها حمل ترفيه لجمهور منعزف.


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)
سينما «موعد مع بُل بوت» (سي د.ب)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم.

محمد رُضا‬ (لندن)
يوميات الشرق فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

شهدت دور العرض السينمائي في مصر انتعاشة ملحوظة عبر إيرادات فيلم «الحريفة 2... الريمونتادا»، الذي يعرض بالتزامن مع قرب موسم «رأس السنة».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».