العبادي لن يسمح للحشد الشعبي بعبور الحدود إلى سوريا

واشنطن تنظم مؤتمراً لإعادة الاستقرار في العراق يوليو المقبل

عراقيون يصطفون للحصول على مواد غذائية في زنجالي غرب الموصل أمس (أ.ف.ب)
عراقيون يصطفون للحصول على مواد غذائية في زنجالي غرب الموصل أمس (أ.ف.ب)
TT

العبادي لن يسمح للحشد الشعبي بعبور الحدود إلى سوريا

عراقيون يصطفون للحصول على مواد غذائية في زنجالي غرب الموصل أمس (أ.ف.ب)
عراقيون يصطفون للحصول على مواد غذائية في زنجالي غرب الموصل أمس (أ.ف.ب)

يبدو أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يولي أهمية خاصة للرد على بعض الأصوات الصادرة من قيادات في «الحشد الشعبي»، وتطالب بملاحقة عناصر «داعش» داخل الأراضي السورية، إذ افتتح العبادي مؤتمره الصحافي الأسبوعي أول من أمس، بالحديث عن تأمين الحدود العراقية المشتركة مع سوريا، مشددا على أن العراق بصدد السيطرة على الحدود لمنع الإرهابين من دخول العراق، وقال العبادي في لهجة حاسمة: «لن نسمح لأي أحد بتجاوز الحدود وهمّنا حماية حدود العراق».
في غضون ذلك، أعلن مبعوث الرئيس الأميركي لشؤون التحالف الدولي بريت ماكغورك، أن العاصمة الأميركية واشنطن ستنظم الشهر المقبل مؤتمرا يحضره العراق إلى جانب ممثلين عن الدول المشاركة في التحالف الدولي للحرب ضد «داعش»، لمناقشة عملية إعادة الاستقرار والبناء للمناطق التي كانت خاضعة لسيطرة «داعش».
ويرى مراقبون أن تصريحات العبادي المتكررة بشأن رفضه مسألة عبور القوات العراقية العبور إلى الأراضي السورية لملاحقة عناصر «داعش»، تأتي في سياق عدم قبوله بتصريحات أدلى بها في وقت سابق نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس وقال فيها: «سنتابع الإرهاب إذا كان خارج العراق».
من جانبه، أكد مبعوث الرئيس الأميركي لشؤون التحالف الدولي بريت ماكغورك، الموقف «الثابت» من قوات الحشد الشعبي، معتبرا «أن التحالف الدولي يساند القوات التي تعمل تحت إمرة رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، ولا يتعامل مع الجماعات الخارجة عن هيكلية القوات العراقية، وأي جماعة خارج هذا التوصيف فإنها من مسؤولية الحكومة العراقية».
وكشف ماكغورك خلال مؤتمر صحافي عقده في مقر السفارة الأميركية في بغداد أمس، عن اجتماع في يوليو (تموز) المقبل في العاصمة واشنطن بحضور ممثلين عن جميع دول التحالف وممثلين عن البنك الدولي ومنظمات أممية إلى جانب العراق، لمناقشة خطط عملية الإعمار والاستقرار إلى المناطق المتحررة من قبضة تنظيم داعش. وقال المبعوث الأميركي إن بلاده تقدم الدعم الكامل للحكومة العراقية في حربها ضد إرهاب «داعش» وأشاد بشجاعة القوات العراقية، معتبرا أنها «تخوض معركة مصيرية ضد الإرهاب نيابة عن العالم».
وذكر ماكغورك أن اجتماعات طويلة دارت في اليومين الماضيين، بينه وبين رئيس الوزراء حيدر العبادي من جهة، وبين العبادي وقائد القيادة الأميركية الوسطى الجنرال جوزيف فوتيل من جهة أخرى، بهدف «تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع العراق والتحدث حول مرحلة ما بعد (داعش)».
وأشار إلى أن مهمة التحالف الدولي هزيمة «داعش» وليس شيئا آخر، وفي إطار هذا المسعى «قمنا بمساعدة العراقيين عبر تنظيف نحو 41 ألف كيلو متر من الألغام، والمساعدة في عودة نحو مليون و800 ألف نازح إلى ديار».
ولم يعط المبعوث الأميركي إجابة محددة بشأن سؤال عن الاحتكاكات التي تحدث بين فترة وأخرى، بين قوات البيشمركة الكردية وقوات الحشد الشعبي، لكنه قال: «شاهدت بعيني التعاون بين القوات الأمنية العراقية وقوات البيشمركة، نحن ندعم حكومتي أربيل وبغداد، ونريد لروح التعاون بين الجانبين أن تستمر».
وأجاب مبعوث الرئيس الأميركي عن سؤال بشأن ما حدث في مدينة الرقة السورية في اليومين الأخيرين قائلا: «أمس انطلقت رسميا عملية تحرير الرقة، ستكون المعركة طويلة وتشبه معركة الموصل، لدينا موطئ قدم هناك ونعمل مع قوات سوريا الديمقراطية، هزيمة (داعش) في عاصمته ضرورية جدا»، مضيفا: «(داعش) خسر جزءا من الرقة، وسوف تتسارع الحملة ضده، أوضاع الرقة شبيهة بأوضاع الموصل، لدينا مائتا ألف نازح حول الرقة، نقوم بمساعدتهم وتوفير الغذاء لهم».
إلى ذلك، قتل تسعة أشخاص بينهم أطفال في تفجير انتحاري بحزام ناسف مساء الثلاثاء استهدف مدنيين في وسط بلدة هيت بغرب العراق، وفق ما أفادت مصادر رسمية أمس. وقال ضابط برتبة مقدم في شرطة الأنبار لوكالة الصحافة الفرنسية: «استهدف انتحاري يرتدي حزاما ناسفا تجمعا لأطفال وفتيان وسط قضاء هيت» غرب مدينة الرمادي (مائة كلم غرب بغداد). وأكد رئيس مجلس قضاء هيت محمد المحمدي لوكالة الصحافة الفرنسية أمس، أن حصيلة التفجير الانتحاري تسعة قتلى بينهم أطفال، فيما أصيبت امرأتان بجروح.
وأشار إلى أن الانتحاري «كان ملاحقا من القوات الأمنية وحاول الاختباء في أحد المنازل في منطقة الجري وسط هيت، وقام باستدعاء مجموعة من الأطفال في الشارع وفجر نفسه بهم». وأكد مصدر طبي في مستشفى هيت «وصول تسع جثث بينها سبع لأشقاء سقطوا جراء التفجير»، مشيرا إلى أن «بين الضحايا ستة أطفال أعمارهم أقل من عشر سنوات». وتشهد محافظة الأنبار، والرمادي كبرى مدنها، التي تشترك في حدود مع سوريا، هجمات متكررة غالبا ما يعلن تنظيم داعش مسؤوليته عنها. وتأتي هذه الهجمات في وقت تخوض القوات العراقية معارك ضارية لاستعادة ما تبقى من الأحياء الغربية لمدينة الموصل، المعقل الرئيسي لـ«داعش» في العراق.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.