تونس: اعتقال مدير سابق لفرقة مكافحة الإرهاب بتهمة الفساد

وزير: اعتصام الكامور قد يدفع الحكومة إلى رفع أسعار المحروقات

تونس: اعتقال مدير سابق لفرقة مكافحة الإرهاب بتهمة الفساد
TT

تونس: اعتقال مدير سابق لفرقة مكافحة الإرهاب بتهمة الفساد

تونس: اعتقال مدير سابق لفرقة مكافحة الإرهاب بتهمة الفساد

اعتقلت السلطات التونسية رئيس فرقة مكافحة الإرهاب السابق، ومدير عام الأمن السياحي حاليا، في إطار حملة الحكومة لمكافحة الفساد، وارتباطا بالقضايا المنسوبة لرجل الأعمال الموقوف شفيق جراية.
واتهم جراية بمساندة التحركات الاجتماعية في منطقة الكامور النفطية (جنوب شرق) ودعمهم ماديا، وهو ما أكده عماد الحمامي وزير التكوين المهني والتشغيل، الذي قاد مفاوضات حكومية مع المحتجين، حيث أكد تأمين المتهم جراية سيارة رباعية الدفع للمحتجين، وإعطاءهم 12 ألف دينار تونسي (نحو 5 آلاف دولار) لتلبية حاجياتهم خلال فترة الاعتصام.
وكان قاضي التحقيق بالمحكمة العسكرية التي تتولى التحقيق في قضية جراية، المتهم بالخيانة والتخابر مع جهات أجنبية، قد أصدر أمرا بتوقيف مدير فرقة مكافحة الإرهاب السابق، بعد أن أثبتت التحريات الأمنية وجود اتصالات هاتفية بين المتهم ورجل الأعمال جراية قبل يوم واحد من إلقاء القبض عليه. ومن المنتظر أن تشمل التحقيقات عددا آخر من المسؤولين الأمنيين الحاليين والسابقين المتورطين في قضايا فساد.
في السياق ذاته، عبرت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان (منظمة حقوقية مستقلة) عن رفضها استعمال وتوظيف قانون الطوارئ لتوقيف المتهمين ووضعهم تحت الإقامة الجبرية، إذ قال جمال مسلم رئيس الرابطة، إن «الأمر المتعلق بحالة الطوارئ مخالف لدستور 2014، وتم سنّه لقمع التحركات الاجتماعية والزج بقياداتها في السجن». وعبر عن رفضه القاطع لمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، معربا عن استغرابه للغموض الذي شاب إجراءات وضع المتهمين تحت الإقامة الجبرية، والاختلالات التي رافقتها. كما دعا مسلم إلى سحب قانون المصالحة للتعبير عن حسن نية الحكومة وجديتها في الانخراط في تفكيك منظومة الفساد، على حد تعبيره.
من جهة ثانية، قال وزير التكوين والتشغيل أمس، إن الاعتصام الذي ينفذه عاطلون عن العمل في «الكامور» قرب المنشآت النفطية في ولاية تطاوين، قد يدفع الحكومة إلى زيادة أسعار المحروقات.
وأرجع الوزير عماد الحمامي في تصريحه للصحافيين أمس، عقب اجتماع بالوزارة لبحث أزمة الاعتصام في الكامور، الزيادة المتوقعة في المحروقات إلى ارتفاع توريد النفط وتضرر الموازنة العامة، وقال إنه «من المهم أن يعرف الرأي العام أن توقف الإنتاج (النفط) يعني مزيدا من التوريد، ومزيدا من الدفوعات، وبالتالي تأثر موازنة الدولة، وهذا قد يؤدي حتما إلى رفع أسعار المحروقات»، مضيفا أنه «إذا لم يتوقف الاعتصام في الكامور فإنه لن يكون للحكومة خيارات كثيرة».
ويعتصم عاطلون في خيام قرب المنشآت النفطية بتطاوين منذ أكثر من شهرين، وذلك للمطالبة بفرص عمل، وبنسب من عوائد النفط لتمويل مشروعات للتنمية في تطاوين، وأوقفوا في وقت سابق محطة لضخ النفط في الكامور للضغط على الحكومة.
وقد شهدت الكامور ومدينة تطاوين، مقر الولاية، بعض الاحتجاجات العنيفة يوم 22 من الشهر الماضي بدأت بتفريق محتجين قرب محطة الضخ بعد إعادة تشغيلها، وأوقعت المواجهات مع رجال الأمن قتيلا في صفوف المحتجين دهسا بسيارة أمنية، والعشرات من الجرحى، بينما أصيب من الأمن 19 عنصرا، كما شهدت المدينة حالات حرق وتخريب لمقرات أمنية وسيارات.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.