دايان كروغر خسرت عائلتها في فيلم عن الإرهاب

قالت لـ «الشرق الأوسط» أنها بعد التصوير وجدت نفسها في حالة صعبة

كما تبدو في لقطة من فيلم «في الاختفاء»‬ .. ولقطة أخرى من الفيلم  نفسه
كما تبدو في لقطة من فيلم «في الاختفاء»‬ .. ولقطة أخرى من الفيلم نفسه
TT

دايان كروغر خسرت عائلتها في فيلم عن الإرهاب

كما تبدو في لقطة من فيلم «في الاختفاء»‬ .. ولقطة أخرى من الفيلم  نفسه
كما تبدو في لقطة من فيلم «في الاختفاء»‬ .. ولقطة أخرى من الفيلم نفسه

دايان كروغر واحدة من الممثلات اللواتي يقفزن إلى مقدّمة الأخبار الفنية ثمّ يبتعدن قليلاً.
القفز إلى الأمام له موجباته. إنه المناسبة التي يتقدّم فيها فيلم من بطولتها للاستحواذ على الاهتمام، أو عندما تظهر في مهرجان ما بسبب ذلك الفيلم.
تغيب قليلاً عن الظهور الإعلامي عندما تكتفي بدور في فيلم لن يعرض على نطاق واسع، حتى وإن كانت تتصدّر بطولته.
حدث معها ذلك عدة مرات، فمرّت على الشاشات وبشكل عابر أفلام لم تستحوذ على الاهتمام في السنوات الخمس الماضية مثل «الملائكة الأفضل» الذي أدت فيه دور زوجة إبراهام لينكولن، و«سماء» وتدور قصته حول امرأة تتوق إلى الحرية من زوج لا تحبه، و«خلل» وتلعب فيه شخصية زوجة رجل أعمال لبناني ثري مهددة بالقتل.
الآن هي بطله فيلم يعيدها إلى الواجهة، أو هكذا فعل، حين اشترك في مسابقة مهرجان «كان» المنطوي يوم أمس.
الفيلم هو «في الاختفاء» (In the Fade) الذي نراها تؤدي فيه شخصية زوجة تشهد مقتل عائلتها في حادثة إرهابية في ألمانيا. استقبل الفيلم جيداً، لكن الأكثر نيلاً للمدح، كان الدور الصعب الذي أدته الممثلة الألمانية المنشأ التي ظهرت في إنتاجات موطنها وفي أفلام فرنسية وأميركية، «الشرق الاوسط» ألتقت الفنانه العالمية و أجرت معها هذا الحوار:
** ضحايا
* في «في الاختفاء» تقومين بالدور كما لو أنك خبرت المشاعر التي تقع لمن خسر عائلته في حادث إجرامي كهذا. كيف بنيت تلك اللحظة التي تمثلين فيها صدمة اكتشافك أنّ عائلتك قضت بفعل العملية الإرهابية؟
- لا أعتقد أنّ الأمر كان صعباً بحد ذاته، لأنّنا اليوم نعيش هذا الواقع من حولنا، وقد يحدث في أي لحظة. هناك عمليات إرهابية وحروب ودمار، والكثير من الألم يعصف بالناس الذين يتابعون هذه الأحداث، ما يجعلني لا أستطيع تخيل حال الذين يتعرضون لها. ربما المسألة كانت ستختلف لو أنّ هذا الفيلم، أو أي فيلم آخر، يتحدث عن عملية إرهابية وقعت منذ سنوات بعيدة، أو عن أحداث تاريخية عنيفة. لكنّه يتحدث عن ألمانيا والإرهاب اليوم. هذا لا يتطلب، كما ذكرت، الكثير من التخيل لكي تعرف كيف ستجسد الشّعور بالألم الفادح والخسارة.
* الكثير مما بنى عليه المخرج فاتح أكين من الدراما الإنسانية التي يعرضها الفيلم مبني عليك. تصلين إلى حيث تقع الحادثة. تكتشفين أنّ عائلتك هي الضحية. تقررين الانتقام. في كل هذه المراحل هناك شخصية قوية اسمها دايان كروغر…
- كان لا بد من ذلك. المخرج حمّلني الثقة والمسؤولية، وفي موضوع كهذا ليس هناك من أمر واحد يستطيع هو أو أستطيع أنا تقديمه بأقل من القدر المطلوب من الجدية.
* هل الفيلم مبني على حدث حقيقي؟
- مبني على فترة نشط فيها اليمين المتطرف والنازيون الجدد في تنفيذ عمليات قتل. أعتقد أنّ السيناريو قام باستيحاء الأحداث وليس بنقلها. ولا أدري إذا كان هناك فارق حقيقي في هذا الشأن لأنّه، كما ذكرت، لا يزال الإرهاب موجوداً كحقيقة عملية، وتفجير مانشستر قبل أيام قليلة كان آخر حلقة نعرفها.
* هل تتوجسين في «كان» من وقوع أي حادث مشابه؟
- الحقيقة أنّني فكرت في ذلك، لكنّني لم أتردّد مطلقاً. لذلك لا أستطيع القول إنّني توقعت. بعد تصوير هذا الفيلم وجدت نفسي في حالة مزاجية صعبة. لقد عشت حال الزوجة أكثر مما يجب، ولو أنّ هذا كان ضروريا. الآن وقد شاهدت الفيلم هنا، أعتقد أنّ هذه المعايشة تحتاج مني البحث عن دور آخر بسرعة.
* إنه فيلم عن أولئك الذين نجوا من حادثة إرهابية أكثر مما هو عن الضحايا الذين سقطوا قتلى.
- هذا أفضل وصف سمعته. إنّه فيلم عن الإرهاب وعن الضحايا الآخرين الذين يخسرون أفراد العائلة أو الأقارب والأحباء. في خلال تحضيري للدور قابلت مثل هؤلاء الضحايا وتعذبت. كنت أنظر في عيونهم التي يسكنها فراغ مخيف. لقد خسروا الحياة.
** مسألة سلوكيات
* سيعيشون الذكرى الصعبة طوال حياتهم.
- طبعاً. لكلّ منّا ذكرياته المؤلمة وذكرياته السعيدة. نأتي إلى الحياة مزوّدين بجهاز يحفظ الذكريات ويبوّبها في البال. لكن لا شيء يماثل مثل هذه الذكرى. ذكرى أن تفقد من تحب في حادثة من هذا النوع.
* ما الذكريات السعيدة التي تحتفظين بها من فترة طفولتك مثلاً؟
- عشت طفولة هادئة بين والدين كانا يعملان على توفير أفضل ما عندهما من جهد لكي أعيش حياة جيدة. أذكر رحلاتي معهما وأذكر بيتنا القديم. أعتقد أنّ كل واحد منّا لديه مثل هذه الذكريات.
* هل تذكرين كيف اتخذت قرارك لكي تدرسي رقص الباليه في لندن؟
- (تضحك) غريب. لا أذكر ذلك تماماً. أعتقد أنّني أردت فقط أن أدخل الفن من أحد أبوابه، والباب الذي اخترته هو باب الباليه، لكنّني لم أستمر. وجدت في التمثيل بديلاً جيداً.
* تجيدين الإنجليزية والفرنسية كما الألمانية. هل ساعد ذلك على قيامك بالتمثيل في أفلام مختلفة الجنسيات؟
- نعم. لكن الممثل الجيد يعلم أن المسألة ليست فقط مسألة لغة بل مسألة سلوكيات. لو أردت تمثيل الدور نفسه في فيلم أميركي، هناك تغييرات ربما تكون طفيفة، لكنّها أساسية تتبع المجتمع المختلف في ثقافته وفي سلوكيات أفراده. بالتالي تؤثر على بعض الأداء. ليس كله، فغالبه يبقى كما هو، لكنّ بعضه الكامن في التفاصيل.
* بعد أفلام أوروبية قليلة، وجدناك في أول فيلم أميركي لك هو «تروي» سنة 2004، هل حقيقة أنّ مخرج الفيلم، وولفغانغ بيترسون ألماني هو من ساعدك على الاشتراك في هذا الفيلم؟
- ساعدني في الوصول إلى الشاطئ الآخر. قبل ذلك لم أكن معروفة في هوليوود.
* هل كانت لديك نية أساساً في الوصول إلى هوليوود؟
- لم يكن عندي رفض للفكرة، لكني لم أضع ذلك كرغبة جامحة. لا أعتقد أنّي سعيت للفرصة، لكن ما إن واتتني حتى قبلت بها على الفور.
* الجودة تسبق باقي الأولويات
* هل كوّنت فكرة مسبقة عن هوليوود أو عن أي مكان في العالم زرته فيما بعد؟
- نعم وتلقائياً. نحن نعيش في عالم يوفر لك الكثير من الأحداث والحقائق والمعلومات على الإنترنت، أو في أي وسيط آخر. والخطر اليوم أكثر مما كان عليه بالأمس، هو أن نقبل ما نقرأه أو نراه من دون بحث. فقط عندما تتحرى بنفسك وعلى نحو مستقل قد تدرك أنّ الحقيقة مختلفة. قبل ذهابي إلى هوليوود مثلاً كنت مقتنعة بأنّني لن أحب العيش هناك. لكنّها كانت فترة ضرورية تعرفت فيها على حياة تختلف عن الحياة الأوروبية ولها مميزاتها الخاصّـة.
* تنادين إذن بأن يتحرى الناس الحقيقة دائماً.
- بالطبع. لكنّي أعتقد أنّ الناس يخافون من اكتشاف المجهول، لذلك يبقون داخل قناعاتهم أو حتى من دون أي قناعات.
* بجانب اللغة التي تجيدين، كيف حافظت على ذلك الخط من المشاريع الفرنسية والألمانية والأميركية؟ هل هذا ليس بإمكان كل ممثل أم أنّه أسهل مما نتصور؟
- كل ما حدث لي وكل الخطوات المهمّـة التي قمت بها، حدثت قبل بلوغي سن الثلاثين… قبل عشر سنوات من الآن. الحقيقة أنّني كنت مستعدة لذلك من دون أن أدري. لم أقل لا لمشروع فيلم، لأنّه ينتمي إلى سينما دون أخرى. مبدئي هنا أنّ الجودة تسبق باقي الأولويات الأخرى. لا أعتقد أنّ المسألة صعبة أو سهلة، أو لنقل إنّ صعوبتها أو سهولتها أمر نسبي. البعض منّا ينجح في ذلك أكثر من البعض الآخر.
* ما يثير اهتمامي أنّك لم تأتي من المدينة بل من بلدة صغيرة في ألمانيا. هذا ما يجعل توجهك صوب الفن، سواء كان رقص الباليه أو التمثيل، أمراً لا يخلو من التحدي. أليس كذلك؟
- ربما هذا صحيح. تسأل عن أمر لم أفكر به مطلقاً.
* هل فكرت فيه سابقاً؟
- طبعاً. كان سؤالي لنفسي هو ذات سؤالك. لكن عندي الآن جواب لم أكن أعلمه سابقاً وهو أنّني كنت في صغري متقلبة المشاعر. عاطفية جداً. أبكي سريعاً وأغضب سريعاً وأفرح سريعاً ولذلك في اعتقادي توجهت إلى الفن لأنّه يعبر عن الإنسان أفضل تعبير. أذكر أنّني أول ما ظهرت على المسرح لأداء رقصة باليه شعرت بأنّ هذا هو مجالي المفضل. وجدت الرابط بيني كفتاة وبيني كفنانة. وجدت السبب.
* طبعاً لم تستمري في الرقص لحادث في قدمك، كما هو مشاع.
- صحيح. هذا شكل ردّة فعل رهيبة في البداية، لكنّ البديل كان جاهزاً.
* من الممثلة التي تابعت أدوارها أو شخصيتها وحياتها أكثر من سواها؟
- رومي شنايدر. أقول ذلك بلا تردّد. وهذا كان له سبب وجيه، وهو أنّ الصحافة الفرنسية في مطلع مهنتي هناك، قارنت بيني وبينها، من حيث تشابه الملامح. شدتني رومي شنايدر بعفويتها وهدوئها. في الوقت ذاته أعتقد أنّها تختلف عني وعن الكثيرات من الممثلين والممثلات في ناحية مهمّـة، وهي أنّها لا تفرّق بين حياتها وبين فنها.
* البعض قد يقول إنّ هذا ليس أمراً جيداً…
- لكنّه كذلك إذا ما ناسب هذا الشخص، لا يعني أنّه مناسب لكل الأشخاص. ليس الأمر على هذا النحو. رومي كانت أولّ ممثلة تنال إعجابي وما زلت معجبة كثيراً بها.
* ما هو مشروعك المقبل وأين؟
- في فرنسا واسمه «حتى يفرقنا الموت»، وأجمل ما فيه أنّني أمثله أمام شخصية أخرى أحب أفلامها كاثرين دينوف.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».