المنيا... «عروس صعيد مصر» تتصدر أحداث العنف

تعد المحافظة الأكثر للأحداث الطائفية... واحتضنت «الإخوان» و«الجماعة الإسلامية»

المصحح أحمد هارون
المصحح أحمد هارون
TT

المنيا... «عروس صعيد مصر» تتصدر أحداث العنف

المصحح أحمد هارون
المصحح أحمد هارون

عادت محافظة المنيا بصعيد مصر إلى واجهة أحداث العنف واستهداف الأقباط، الذين يتمتعون بثقل سكاني فيها، وفي الصعيد بشكل عام. وتعد المحافظة الملقبة بـ«عروس الصعيد» من أكثر المحافظات الحاضنة للجماعات الإسلامية التي وقعت فيها أحداث طائفية في السنوات الأخيرة، وكانت أكثر محافظة تم حرق الكنائس بها إبان فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة لجماعة الإخوان الإرهابية عقب عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي عن السلطة عام 2013.
شكلت المحافظة بطبيعتها الجغرافية المحاطة بجبال وعرة، وتوسطها بين محافظتي أسيوط، إحدى بؤر الجماعات الإسلامية في تسعينات القرن الماضي، ومحافظة الفيوم أحد المعاقل المهمة لجماعة الإخوان المسلمين تربة خصبة لنشأة تنظيم «الجماعة الإسلامية» الذي برز في الجامعات المصرية، وازداد تمدده وقوته في جامعات الصعيد الوليدة آنذاك، ونمت هذه الجماعة الدينية داخل الكليات الجامعية. وكانت المسؤولة عن كثير من أحداث العنف التي شهدتها البلاد في تلك الفترة، ومن أبرزها مذبحة الأقصر الشهيرة في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) 1997. وقتل فيها 62 شخصا بينهم 58 سائحا الأقصر، وأعلنت «الجماعة الإسلامية» آنذاك تبنيها لذلك الهجوم.
وبعد انتهاء حكم الإخوان وتولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم، وزيارته للكاتدرائية، في سابقة هي الأولى لرئيس مصري، استبشر الأقباط خيرا ببداية عهد جديد؛ إلا أنه خلال ما يقرب من عامين منذ توليه وقعت الكثير من الأحداث الطائفية في المنيا، ووصل بعضها إلى مشاركة أجهزة الأمن فيها، كان أفدحها تعرية سيدة مسيحية مسنة في المنيا في مايو (أيار) عام 2016. واشتعلت مصر غضبا بسبب الحادث، وذلك بعد شائعة بوجود علاقة بين نجلها، وإحدى السيدات المسلمات، كما تم الهجوم على منزلها وحرقه، قبل ذلك في فبراير (شباط) عام 2014، قام عناصر من تنظيم داعش الإرهابي في ليبيا بقتل 21 مصريا، قبطيا، كان معظمهم من قرية العور في محافظة المنيا، وقد قامت القوات المسلحة المصرية باتخاذ رد فعل سريع وضرب معاقل الإرهابيين في ليبيا.
كما فشل محافظ المنيا في تنفيذ قرار إطلاق اسم الشهيد «أشرف ألهم» وهو مدرس بمدرسة قرية مرزوق الإعدادية التابعة لمركز مطاي لقي مصرعه على يد أحد طلاب المدرسة نتيجة طلق خرطوش بالرأس أطلق عليه، بحجة أن تنفيذه سيؤدي لوجود أزمة طائفية بين مسلمي القرية وأقباطها. كما كانت حادثة اختفاء «سيدة جبل الطير»: «إيمان مرقص صاروفيم» من أبرز الأحداث الطائفية في المنيا خلال هذين العامين، حيث قامت أجهزة الشرطة بالاعتداء على منازل بعض الأقباط في القرية، بعد أن نظموا إحدى المظاهرات للمطالبة بعودتها.
وفي أواخر فبراير من العام الماضي، نظم عدد من الطالبات المسلمات بمدرسة ثانوية فنية للبنات مظاهرة احتجاجية ضد تعيين مديرة مسيحية للمدرسة، هي ميرفت سيفين، كما وقعت حادثة أخرى في الشهر نفسه في مدرسة الصنايع للبنين، حيث احتجوا أيضا على تعيين مديرة مسيحية للمدرسة، كما شهدت قرية «أبو حنس» في المحافظة في يناير (كانون الثاني) من العام الماضي اشتباكات بين الأقباط والمسلمين، بسبب قيام الأقباط ببناء سور للكنيسة، وقد فرضت قوات الأمن طوقاً أمنياً، لمنع تجدد الاشتباكات.
وفي الشهر نفسه تم اختطاف «صابرين سعد ميشيل» (17 عاماً) من قرية دلجا، التابعة لمركز دير مواس، وقد كانت الفتاة مخطوبة، كما قام مجهولون ملثمون باختطاف شاب قبطي يدعى «سمسم صادق فهمي» (23 سنة)، وقد تلقت الأسرة اتصالا هاتفيا من الخاطفين يطلبون منهم فدية مالية مقابل إطلاق سراح نجلهم، وحررت الأسرة محضرا بالواقعة في قسم شرطة بندر ملوي. وبسبب مقطع فيديو لا تتجاوز مدته 30 ثانية يسخرون فيه من تنظيم داعش الإرهابي، تم الحكم العام الماضي على أربعة أطفال مسيحيين بالمنيا بتهمة ازدراء الأديان.
كما كانت المحافظة مسرحا لأحد أبرز قضايا العنف الكبرى المعروفة بـ«قضية المنيا»؛ ففي مارس (آذار) 2014 قضت محكمة جنايات المنيا في مصر بإحالة أوراق 528 من أنصار وقيادات الإخوان في المحافظة إلى المفتي، بينهم 398 هاربون.
وصدر الحكم على خلفية اتهامات لأعضاء ومؤيدي جماعة الإخوان بالمنيا بالاعتداء على منشآت عامة ومركز شرطة مطاي، وقتل نائب مأمور المركز والشروع في قتل عدد من الضباط والاستيلاء على أسلحة الشرطة وسرقتها وحرق المركز وإتلاف محتوياته. وذلك عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة لمؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي في القاهرة والجيزة.
وشملت أعمال العنف مهاجمة كنائس ومتحف ملوي وسرقت معظم محتوياته من الآثار القديمة. وبحسب القانون المصري، وبرأت المحكمة في حكمها الصادر الاثنين 16 آخرين في هذه القضية. وقد ووجه هذه الحكم باعتراضات من منظمات حقوقية محلية ودولية، من بينها منظمة الأمم المتحدة.
ويرى مراقبون أن هذه الأحداث تعكس تخبطا في السياسات الأمنية وافتقاد المواطنين الحقوق السياسية التي يمنحها الدستور لجميع المصريين بغض النظر عن الطائفة الدينية التي ينتمون إليها.
ويرون أيضا، أن الإحباط السياسي وتدني الأوضاع المعيشية يساهم في زيادة جرائم الكراهية. وبدلا من الدفاع بقوة عن سيادة القانون، فضل المسؤولون المصريون، على الصعيدين الوطني والمحلي، تسوية المنازعات بصورة غير رسمية على إجراءات المحكمة؛ الأمر الذي يشكل تحيزا يعود بالفائدة على الجناة المسلمين في مواجهة ضحاياهم من المسيحيين.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.