استضافت الرياض أهم ثلاث قمم تاريخية لم تحدث في التاريخ من قبل، وهي القمة السعودية - الأميركية، والقمة الخليجية - الأميركية، والقمة الإسلامية - الأميركية. ومما يجعل هذه القمم تاريخية أولاً المكان، فهي تعقد في قلب العالم الإسلامي؛ السعودية، وتضم عدداً كبيراً من زعماء العالم الإسلامي، وأنها أول زيارة للرئيس ترمب لدولة خارجية.
والزيارة لها بعد استراتيجي، إذ إنها تتم للحليف القديم للولايات المتحدة، بعد ثمان سنوات من علاقات شابها الفتور.
كما أن الولايات المتحدة تعرف أن السعودية دولة إقليمية مهمة تستطيع أن تلعب دوراً مهماً في أحداث المنطقة.
كما أن هذا العدد الكبير من زعماء العالم العربي والإسلامي المجتمعين في الرياض ينبئ عن الدور الإقليمي الذي يمكن للسعودية أن تلعبه.
والقمة عازمة على محاربة الإرهاب الذي ضرب جميع أنحاء العالم، وعازمة على تفكيك المنظمات الإرهابية في أي بقعه من العالم وأياً كان مكان وجودها.
والقمة أيضاً حازمة في محاصرة أي دولة في المنطقة ترعى الإرهاب وتموله، سواء كانت هذه الرعاية والدعم يتمان مباشرة أو عبر المنظمات الإرهابية، سواء كانت أفراداً أو جماعات أو أحزاباً.
والقمة تعمل على جانبين، الأول سياسي، وهو غطاء مهم ولازم للجانب الثاني أو الشق الثاني وهو الاقتصاد، فلا يمكن للاقتصاد أن يزدهر دون غطاء سياسي يحقق الأمن.
والمتتبع لأخبار القمم الثلاث يلاحظ أن هناك منتدى للأعمال رافق القمم، وسيعمل رجال الأعمال على توقيع اتفاقيات اقتصادية مشتركة مع الولايات المتحدة، كما ستقوم الحكومات بعمل مماثل وتوقع اتفاقيات مشتركة بينها وبين حكومة الولايات المتحدة وشركاتها.
وأعمال من هذا النوع ستعزز فرص التعاون بين البلدان، وستجلب الرخاء لشعبيهما عبر خلق فرص العمل لشبابها، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن السعودية ستوطن 50 في المائة من الصناعات العسكرية، وهذا يخلق ما بين 40 ألف و50 ألف فرصة عمل للسعوديين، ومن المعروف أن الشريك الاستراتيجي للسعودية في المجال العسكري هو الولايات المتحدة.
نعود للشق السياسي الذي يمثل رأس الحربة للاقتصاد، ونجد أن الدول التي تعقد قممها في الرياض عازمة على محاربة دول «محور الشر» الراعية للإرهاب، وأنا على يقين من أن هذه الدولة إذا استطاعت أن توقف عبث دول محور الشر في منطقتنا فإننا سننعم بالسلام في العراق وسوريا واليمن وسننزع سلاح حزب الله؛ أو «حزب الشر» الذي بات يهدد أمن المنطقة.
ويمكن تحجيم دول أو دولة الشر في منطقتنا عبر فرض مزيد من العقوبات عليها، وعبر محاصرتها سياسياً لتعود للانكماش داخل حدودها لتعمل لصالح شعبها المتعدد الإثنيات، والمتذمر من أفعال حكومته التي تفرغت للشر وتركت شعبها يعاني البؤس رغم ثراء الحكومة، فإن لم تفعل فإن هذا الشعب أو هذه الشعوب ستنقل المعركة لداخل دولة الشر في محاولة من هذه الشعوب للحصول على حقوقها.
نعود للجانب الاقتصادي الذي لا يمكن أن يعمل بمعزل عن الشق السياسي، ونعتقد أن المؤتمرين سيطرحون العوائق بين البلدان وأميركا، وسيعمل الزعماء على إزالة هذه العوائق لينشط التبادل التجاري الذي سيكون في مصلحة الجميع وسيحقق الرخاء للشعوب.
إن الشعوب تعول على هذه القمم الثلاث التاريخية وغير المسبوقة، لا من حيث المكان ولا الزمان، إذ تعقد في وقت قصير وقياسي لتحقيق نشاط اقتصادي يساعد في خلق فرص العيش الكريم للشعوب.
والقمة الأولى بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وبين ترمب، وفي رأيي أنها مهمة لأنها تعمل على وضع حلول لتوترات الإقليم بالتعاون مع القوى العالمية، كما تشمل بروتوكولات اقتصادية ستكون في مصلحة الطرفين السعودية وأميركا، فالسياسة مبنية على المصالح، وأهمها المصلحة الاقتصادية التي تخلق فرص العمل، وأنتم تعلمون أيها القراء الكرام أن أحد أهم بنود ترمب في برنامج حملته الانتخابية خلق مزيد من فرص العمل لشعبه، وها هو في الرياض يسعى لذلك، ويتجاوز المبلغ الإجمالي للبروتوكولات الاقتصادية السعودية والولايات المتحدة نحو تريليون ريال (280 مليار دولار)، وهذا يبين ثقل هذه القمة الاقتصادي.
عزم وحزم وعمل
عزم وحزم وعمل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة