حملة نسائية للدفاع عن الفرنسية الأولى ضد الهجوم عليها بسبب عمرها

بريجيت وماكرون يستعدان منذ أسابيع لدخول «الإليزيه»

الفرنسية الأولى بريجيت مع زوجها الرئيس إيمانويل ماكرون (أ. ف. ب)
الفرنسية الأولى بريجيت مع زوجها الرئيس إيمانويل ماكرون (أ. ف. ب)
TT

حملة نسائية للدفاع عن الفرنسية الأولى ضد الهجوم عليها بسبب عمرها

الفرنسية الأولى بريجيت مع زوجها الرئيس إيمانويل ماكرون (أ. ف. ب)
الفرنسية الأولى بريجيت مع زوجها الرئيس إيمانويل ماكرون (أ. ف. ب)

يتسلم إيمانويل ماكرون اليوم، الرقم السري للسلاح النووي الفرنسي من سلفه فرنسوا هولاند، لكنه صار رئيساً للجمهورية منذ الثامنة من مساء الأحد الماضي. أما استعداداته للانتقال إلى القصر الرئاسي والإقامة فيه فقد شغلت باله، وبصورة أكبر بال زوجته بريجيت، منذ أسابيع. فالنقلة بالنسبة لها بالأخص، تعني تغييراً شاملاً في نمط الحياة وتهيئة نفسها لأن تكون تحت الأضواء باستمرار، مع ما يرافق هذا من تقييد للحرية، ومن خضوع يومي لإجراءات الأمن والسلامة.
منذ الأسبوع الماضي، لم يعد ماكرون يتجول وحيداً، بل محاطا بمجموعة من ذوي العضلات المفتولة والنظارات السوداء يرافقون موكبه على دراجات سريعة. إنهم الحراس الشخصيون الذين اعتدنا رؤيتهم في تنقلات الزعماء والأثرياء وكبار نجوم السينما والرياضة. فالطريق إلى منزله الشخصي لم يعد مفتوحاً للمارة، بل تحوطه حواجز حديدية مثل المواقع ذات الحساسية الأمنية في الدولة. وعلى الجيران أن يُخضِعوا صناديق سياراتهم للتفتيش قبل وضعها في المرأب. كما ترك ماكرون سيارته الخاصة إلى سيارة مصفحة. وهناك فوق سطح المبنى ونحوه قناصة من الفرق الخاصة، وخبراء متفجرات يسبقونه إلى أي مكان ينوي زيارته.
حتى الـ23 من الشهر الماضي، عند صعود ماكرون إلى الجولة الأخيرة من الانتخابات، كان يرافقه 10 من رجال الشرطة، وقد تضاعف العدد بعد انتخابه. كما أن إجراءات الحماية لا تشمله وحده، بل باقي أفراد أسرته. وهذا يعني زوجته ومن تقرر أن يقيم معها في الإليزيه من أولادها وأحفادها. وقد امتدت الحراسة إلى البيت الذي يملكه في بلدة «توكيه» على الساحل الشمالي لفرنسا ويقضي فيه عطلاته. وخُصّص خط هاتفي مؤمّن له، يصعب اختراقه. وهو مماثل تماماً للخط الذي كان يستخدمه الرئيس السابق هولاند. ويسمح هذا الخط بإجراء مكالمات محصنة ضد القرصنة مع زعماء العالم. كل هذا قبل أن تطأ قدماه عتبة الإليزيه.
مع استقراره رسمياً في القصر الرئاسي، يرث ماكرون طاقماً للحماية مؤلفاً من 60 شرطياً ودركياً بثياب رسمية أو مدنية، ينتمون إلى الوحدة المرموقة للحرس الرئاسي. ومنهم 32 فرداً ممن تدربوا في مناطق الخطر وكانوا يؤمّنون حراسة البعثات الدبلوماسية الفرنسية في بغداد، مثلاً، أو طرابلس الغرب أو كابل. وهؤلاء مجهزون بسماعات صغيرة في الأذن ومحزّمون بالسلاح الناري ويرتدون بدلات قاتمة مفصلة على قاماتهم ويحملون، أحياناً، حقائب مصفحة. وبين رجال الطاقم ونسائه من خدم هولاند في الظل ويحلم بالعودة إلى ضوء الحياة العادية. لكن منهم من سيواصل العمل مع ماكرون وتحمل الضغوط المقررة للمهنة. وهم لم يختبروا، بعد، طباع الرئيس الجديد، لكنهم لاحظوا، خلال الأيام الأخيرة، أنه يحرص على السلام على مرافقيه وحراسه حتى أثناء الجولات الخارجية المضطربة. لقد خرق الإجراءات، أثناء زيارة تفقدية قام بها لمدينة طولون في الساحل الجنوبي، ذات الكثافة العالية من المهاجرين، ومضى لمصافحة المتظاهرين الغاضبين من أبناء «الأقدام السوداء»، أي الفرنسيين الذين غادروا الجزائر بعد الاستقلال.
والغريب أن الرئيس الجديد ينظر إلى مفهوم السلامة من زاوية مختلفة. وقال في فيلم وثائقي جرى تصويره أثناء حملته الانتخابية، إنه لا يريد أن يبدو محاصرا. وأضاف: «الأمر لا يتعلق بالاستماع لرجال الحماية. فأنا لن أشعر بالأمان طالما أن البلد في هذه الحالة. ولهذا لا بد من المغامرة والذهاب إلى عرين الحيوان في كل مرة. وإذا فعلت مثل فرنسوا هولاند والتزمت بنصائح رجال الأمن، فإنني سأنتهي سالماً على الأرجح، ولكن ميتاً». ولعل ماكرون لا يزال يذكر البيضة التي تلقاها في جبينه عندما كان يزور المعرض الزراعي، في فترة سابقة من هذه السنة.
وعلى غرار كارلا بروني، قرينة الرئيس ساركوزي، أو فاليري تريرفيلر شريكة هولاند السابقة، وجولي غاييه صديقته اللاحقة، خصصت لبريجيت ماكرون حماية مقربة. ولعل زوجة الرئيس الجديد ستحتاج إلى ما هو أبعد نظراً لما سبق إعلانه من أنها ستقوم بدور رسمي ومهمات خاصة، بحيث تملأ بشكل حقيقي منصب «السيدة الأولى». أما الأبناء والأقارب فلا قواعد محددة لحمايتهم. فقد ظلت كلود، ابنة شيراك، من دون حراسة خارجية، لكن ابنها مارتان كان يتنقل مع حارس شخصي.
مع هذا، فإن الأمن الجسدي لا يمنع حوادث الاعتداء اللفظي أو الإعلامي. وقد تعرضت بريجيت ماكرون لحملة قاسية وغير مسبوقة بسبب عمرها، وكونها تكبر زوجها بكثير السنوات. وفي حين تنبأت الصحافة، منذ شهرين، بأنها خير من يصلح لمركز الفرنسية الأولى، وأنها ستشغله بكفاءة، فإن التركيز على فارق السن بلغ حد العدوان. والغريب أنها كانت تقابل الأمر بروح النكتة. فقد ردت على أحد الصحافيين قائلة: «كان لا بد إيمانويل أن يفوز في هذه الانتخابات. هل تتخيلون شكلي لو أصبح رئيساً في الانتخابات التالية عام 2022؟». وفي تصريح آخر قالت إنها وزوجها تعوّدا على تلقي الهجوم من كل الجهات. لكن هذا خيارها.
بعد الفوز، هبت مجموعة من «النسويات» للدفاع عن السيدة الجديدة للقصر الرئاسي. وقد وصفن ما تتعرض له بأنه تمييز جنسي؛ لأن لا أحد يعاير الرجل إذا اقترن بزوجة صغيرة. وكان الهجوم الأقسى قد جاء في رسم كاريكاتيري نشرته «شارلي إيبدو» على غلافها، يبدو فيه ماكرون يضع يده على بطن زوجته الحامل، مع تعليق جاء فيه: «سيصنع المعجزات». ومن المدافعات النائبة والوزيرة السابقة فاليري بيكريس؛ فقد نشرت تغريدة تعلن فيها «تضامنها الجمهوري» مع بريجيت ماكرون، ضحية ما سمته «هجمة تمييزية وذكورية». ثم انهالت رسائل الانضمام إلى «فريق الدفاع المعنوي».
أي بصمة تنوي «الرئيسة» الجديدة أن تطبع بها الإليزيه؟ لقد ظل القصر التاريخي محافظاً على تقاليده وأثاثه العريق منذ أكثر من قرنين. والمرأة الوحيدة التي تجرأت وعلقت على جدرانه لوحات من الفن التجريدي كانت كلود، زوجة الرئيس الأسبق بومبيدو. وإذا كان شيراك يجمع حوله عدداً محدوداً من كبار الفنانين ويحرص على وجودهم في المآدب الرسمية، فإن كارلا بروني، زوجة ساركوزي، فتحت أبواب القصر أمام فئة جديدة من الموسيقيين والرسامين وأهل السينما. ففي أي موقع تضع مدام ماكرون نفسها؟
مما لا شك فيه أن بصمة الثياب قد تغيرت وانتقلت من الكلاسيكية إلى التجديد الشبابي. وعلى الرغم من أن الساكنة المقبلة للقصر تجاوزت الستين، فإن مقاساتها وشخصيتها تسمح لها بتغيير نمط الأناقة الذي اتبعته السيدات الأوليات السابقات. لقد حافظت كارلا بروني على طلة كلاسيكية في ظهورها الرسمي مع زوجها، مع ميل واضح لأزياء «ديور»، لكنها لم تهمل «الجينز» والقمصان البسيطة فيما عدا ذلك. وإذا كانت زوجة ماكرون تميل إلى تصاميم «لوي فويتون» كما يبدو في معطفها وثيابها التي ارتدتها لحظة الفوز، فمن المتوقع أن تشرك مصممين آخرين في رسم ملامح أناقتها، من دون استبعاد خروجها على التقاليد الوطنية واقتنائها بدلات من مصممة بريطانية أو مصمم أميركي.
لم يعرف، بعد، ما إذا كانت بريجيت ماكرون تنوي تجديد أثاث القصر وستائره كما فعلت برناديت شيراك. لكن حصافتها قد لا تسمح لها بهذه الخطة في ظل الأزمة الاقتصادية التي يمر بها البلد. ومن الواضح أن التغيير في الإليزيه سيكون في قائمة الطعام. وقد تسلّم فريق الطهاة مذكرة برغبات الساكنين الجدد وعاداتهم الغذائية. ومن يتفحص الرئيس الشاب وزوجته النحيلة يفهم أن عمل طباخ الرئاسة لن يكون عسيراً. وهو لن يطلب الأطباق الريفية الثقيلة التي كان يفضلها ميتران ومن بعده شيراك، مثل «رأس البقر» و«الشوكروت»، أي اللفت المفروم المطبوخ بالبيرة مع اللحوم المقددة والمصارين المحشوة، بل ستكون الخضراوات والفواكه البيولوجية عروس المائدة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».