مستشار ديني أساء للمسيحيين يثير جدلاً جديداً في مصر

مستشار ديني أساء للمسيحيين يثير جدلاً جديداً في مصر
TT

مستشار ديني أساء للمسيحيين يثير جدلاً جديداً في مصر

مستشار ديني أساء للمسيحيين يثير جدلاً جديداً في مصر

أثار الدكتور سالم عبد الجليل مستشار المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بوزارة الأوقاف المصرية جدلا دينيا جديدا في البلاد، عقب مهاجمته للعقيدة المسيحية وإساءته للمسيحيين. هجوم القيادي بالأوقاف دعا وزارة الأوقاف لإصدار قرار بمنعه من صعود المنابر، كما تبرأ مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر مما صدر عنه، فضلا عن تحديد جلسة لمُحاكمته بتهمة ازدراء الأديان.
جاء ذلك بعد أيام قليلة من واقعة أخرى، بطلها الدكتور أحمد حسني رئيس جامعة الأزهر السابق، عقب وصفه لباحث إسلامي بـ«المرتد» خلال استضافته في أحد البرامج التلفزيونية، وهو الخطأ الذي كلفه الإطاحة به من منصبه.
وفجر عبد الجليل، وهو أيضا وكيل سابق في الأوقاف، موجات من الجدل والرفض بعد تداول مقطع فيديو من حلقته الأخيرة لبرنامجه التلفزيوني «المسلمون يتساءلون» بإحدى القنوات الفضائية، تعرض فيها للدين المسيحي، بأقوال مثل أن العقيدة المسيحية فاسدة، وهي التي اعتبرها كثيرون تأتي في إطار ازدراء الأديان.
وهي الاتهامات التي رفضها الشيخ سالم عبد الجليل، وهو داعية ومقدم برامج معروف، وقال أمس إن ما صدر منه في برنامجه اليومي ضمن تفسير للقرآن، مضيفا: «البعض اعتبر ما صدر عني جرحا لمشاعر المسيحيين... فأنا عن جرح المشاعر أعتذر، وأكرر تأكيدي على ما أكدته في الحلقة نفسها المشار إليها: الحكم الشرعي بفساد عقيدة غير المسلمين - في تصورنا - كما أن عقيدتنا فاسدة في تصورهم، لا يعني استحلال الدم أو العرض أو المال بأي حال من الأحوال».
في السياق ذاته، أصدرت فضائية «المحور» الخاصة التي يذاع فيها البرنامج بيانا اعتذرت فيه للمشاهدين عما ورد على لسان عبد الجليل من تراشق على عقيدة المسيحيين، وقررت إنهاء التعاقد معه.
وأكدت الأوقاف أن الدكتور سالم عبد الجليل مُستقيل ولا علاقة له بالوزارة، وأنها قررت منعه من صعود المنابر في أي مسجد في ربوع مصر، مضيفة في بيان لها أمس، أن الحديث عن مثل هذه القضايا لا يخدم ترسيخ أسس المواطنة والتعايش السلمي والسلام المجتمعي، الذي نسعى إلى تحقيقه على أرض الواقع.
بينما قال مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر أمس، إن ما صدر عن عبد الجليل هو تعبير عن رأي شخصي له، وهو لا يعبر لا عن الأزهر الذي لا يملك تكفير الناس، ولا عن أي هيئة من هيئاته المنوط بها التفسير والتحدث باسمه. وأكد المجمع في اجتماعه أمس، أن الأزهر يحرص كل الحرص على البر والمودة والأخوة مع شركاء الوطن من المسيحيين. مهيبا بالمتحدثين في الشأن الديني ألا يكونوا أدوات تستغل لإحداث الفتن وضرب استقرار المجتمع.
وكان شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب قد أعفى رئيس الجامعة السابق من منصبه قبل أيام، عقب وصفه للباحث إسلام بحيري بالمرتد، رغم قيام رئيس الجامعة السابق بتقديم اعتذار رسمي للباحث.
وقالت مصادر إن «الأزهر لا يكفر أحدا، إنما منهجه يُقصر مهمة العلماء على بيان ما يوقع الإنسان في الكفر للحذر من الوقوع فيه دون أن يسقطه على الأشخاص، حيث إن تكفيرهم أو الحكم على تصرفاتهم من صميم أعمال القضاء، ولا يكون إلا بعد تحقيق وتثبت وإصرار من مرتكب الفعل المكفر ورفض العدول عنه».
ودخل مجلس النواب (البرلمان) على خط أزمة مستشار الأوقاف، وقال النائب عمر حمروش أمين سر لجنة الشؤون الدينية بمجلس النواب إن «مصر لا تحتمل هذا الكلام في التوقيت الحالي بغض النظر عن مدى دقته». بينما طالب نواب آخرون بمحاكمة عبد الجليل بازدراء الأديان، وسرعة إقرار قانون الفتوى في مصر. وكانت لجنة الشؤون الدينية بالنواب قد وافقت مؤخرا على مشروع قانون حدد 4 جهات فقط لإصدار الفتاوى في مصر، وقرر غرامة مشددة تصل إلى 20 ألف جنيه، وحبس 6 أشهر على من يظهر في الفضائيات من المشايخ للإفتاء.
من جهتها، حددت محكمة جنح أول أكتوبر (تشرين الأول) جلسة 24 يونيو (حزيران) المقبل، لنظر أولى جلسات محاكمة الشيخ عبد الجليل، في اتهامه بازدراء الأديان وتهديد الوحدة الوطنية وتقويض السلام الاجتماعي والتحريض على قتل المسيحيين ومناهضة الدولة المصرية، على خلفية تصريحاته الأخيرة.
وسبق أن حكم على إسلام بحيري في ديسمبر (كانون الأول) عام 2015 بالسجن لمدة عام لإدانته بازدراء الدين الإسلامي... وذلك بعد قبول الاستئناف الذي تقدم به ضد حكم سابق بسجنه خمس سنوات.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.