«البنتاغون»: لا تأثير لاتفاق وقف النار على الضربات ضد «داعش»

«البنتاغون»: لا تأثير لاتفاق وقف النار على الضربات ضد «داعش»
TT

«البنتاغون»: لا تأثير لاتفاق وقف النار على الضربات ضد «داعش»

«البنتاغون»: لا تأثير لاتفاق وقف النار على الضربات ضد «داعش»

أعربت وزارة الخارجية الأميركية عن قلقها من دور إيران في اتفاق آستانة حول سوريا، وأشارت إلى أنه رغم حضور مساعد وزير الخارجية ستيوارت جونز المؤتمر الذي عقد في عاصمة كازاخستان، فإن الولايات المتحدة لم تشارك مباشرة في المفاوضات وليست طرفاً في الاتفاق. ومن جانب آخر، قال مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن الاتفاق الذي أبرمته روسيا وتركيا وإيران لإقامة مناطق تهدئة داخل سوريا لن يؤثر على الحملة الجوية التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش في الأراضي السورية، وإن الولايات المتحدة والتحالف الدولي ضد «داعش» سيواصل توجيه ضربات جوية ضد «داعش» والقاعدة في كل مكان.
الخارجية الأميركية أعلنت أمس في بيان اتسم بالحذر أن «الولايات المتحدة تدعم أي جهد يمكن أن يخفف من تصعيد العنف في سوريا ووصول المساعدات الإنسانية، وتركز الجهود على هزيمة (داعش) والإرهابيين وتهيئة الظروف لإيجاد حل سياسي ذي مصداقية للنزاع. إلا أننا نشعر بالقلق إزاء اتفاق آستانة ووجود إيران ضامناً للاتفاق». وتابعت الوزارة في بيانها أن «النشاطات الإيرانية في سوريا لم تسهم إلا في زيادة العنف ولم توقفه، والدعم الإيراني الثابت لنظام الأسد أدى إلى استمرار بؤس السوريين ومعاناتهم».
وشددت الخارجية الأميركية على أنه في ضوء الإخفاقات السابقة لوقف إطلاق النار وتهدئة الصراع، فإن لديها أسباباً تدعو لتوخي الحذر، وهي في الوقت نفسه تتوقع أن يلتزم النظام السوري بوقف جميع الهجمات ضد المدنيين وقوات المعارضة. وأشارت إلى أن هذا أمر لم يقم به النظام السوري أبداً. واختتمت بالإعراب عن أملها في البيان أن تلتزم المعارضة مع تركيا ضامناً للانفصال عن الجماعات الإرهابية بما في ذلك هيئة تحرير الشام وأن يسهم الاتفاق في تخفيف حدة العنف والتمهيد لتسوية سياسية للنزاع.
من ناحية أخرى، قبل ساعات من بدء سريان الاتفاق حول المناطق الآمنة منتصف ليل 6 مايو (أيار)، قال الميجور البحري ادريان رانكين غالوواي، المتحدث باسم «البنتاغون»، أمس (الجمعة)، إن «التحالف سيواصل استهداف (داعش) و(القاعدة) في أي مكان يعمل فيه لضمان عدم وجود ملاذ لهم». ورفض غالوواي توضيح تفاصيل العمليات الجوية، لكنه أضاف: «ستواصل قوات التحالف العمليات بشكل فعال، ولن نناقش تفاصيل كيفية قيامنا بالعمل في ساحة المعركة المزدحمة والمعقدة في سوريا». وذكّر أن الحكومة الأميركية ليست طرفاً في الاتفاق التي وقع في كازاخستان يوم الخميس.
ومن جانبه، قال جيف ديفيز المتحدث باسم الوزارة في مؤتمر صحافي الجمعة إن «المناطق التي حددها الاتفاق لتخفيف التصعيد تتركز في غرب سوريا، بينما تركز الحملات الجوية للولايات المتحدة وحلفائها في العمليات ضد (داعش) على شرق سوريا في وادي الفرات». ورفض التعليق حول ما إذا كانت روسيا قد طلبت من الولايات المتحدة عدم التحليق فوق مناطق تخفيف التصعيد. ويأتي إعلان مسؤولي البنتاغون استمرار الضربات الجوية ضد «داعش» حتى في داخل مناطق التهدئة، التي أعلنها الاتفاق، في الوقت الذي أعلنت فيه روسيا أن تلك المناطق سيتم إغلاقها أمام الطائرات العسكرية الأميركية.
وأشارت مصادر عسكرية أميركية لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هناك ترتيبات تجرى لعقد اجتماع أميركي - روسي لبحث عودة روسيا للمشاركة في الاتفاقية السابقة التي أبرمتها واشنطن وموسكو حول التعاون في المجال الجوي السوري. ولقد علقت روسيا مشاركتها في الاتفاق في بداية أبريل (نيسان) بعد إقدام إدارة الرئيس دونالد ترمب بضربة صاروخية ضد قاعدة جوية سورية رداً على الهجوم الكيماوي على المدنيين في بلدة خان شيخون.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.