لجنة ثلاثية عليا لرفع مستوى تنسيق «إعادة الأمل» لليمن

أول اجتماعاتها ناقش العمل الأمني وسير العمليات العسكرية

لجنة ثلاثية عليا لرفع مستوى تنسيق «إعادة الأمل» لليمن
TT

لجنة ثلاثية عليا لرفع مستوى تنسيق «إعادة الأمل» لليمن

لجنة ثلاثية عليا لرفع مستوى تنسيق «إعادة الأمل» لليمن

نقلت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) عن مسؤول يمني قوله: إن اتفاقا جرى في جدة، وبالتنسيق مع الإمارات، يقضي بتشكيل لجنة مشتركة عليا برئاسة اليمن، وعضوية كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، لرفع مستوى التنسيق وتكامله، وبحث كل ما يطرأ من أمور تعيق تحقيق المصالح والأهداف المشتركة للشرعية في الجمهورية اليمنية والتحالف الداعم لها، وإنهاء الحالة الانقلابية باستعادة سيادة الشرعية ومكافحة الإرهاب والجريمة بفرض الأمن والاستقرار وعودة الحياة إلى طبيعتها على الأراضي اليمنية كافة.
وعقدت اللجنة الثلاثية العليا للتنسيق بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والجمهورية اليمنية اجتماعها الأول، أمس الأربعاء بمحافظة جدة، برئاسة نائب رئيس الجمهورية اليمنية الفريق الركن علي بن محسن الأحمر، وعضوية ممثلين عن المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، حيث اطلعت اللجنة على مجمل الأوضاع ذات الصلة بمجال عملها، وفحوى الاتصالات التي تمت مؤخراً بين القيادات السياسية في هذه الدول، مثمنة التوجيهات المستمرة للقيادات في المملكة والإمارات واليمن برفع مستوى التنسيق والتعاون في إطار تحالف دعم الشرعية في اليمن، وفقا لما أوردته وكالة الأنباء السعودية (واس).
وعبر الأعضاء عن بالغ شكرهم لخادم الحرمين الشريفين على مواقفه العظيمة ودعمه المستمر للعمل المشترك.
وقد ناقشت اللجنة ما أُدرج على جدول أعمالها من موضوعات تتعلق بالعمل الأمني وسير العمليات العسكرية في اليمن لاستكمال تحرير ما تبقى من الأراضي اليمنية الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين، وأقرت توصياتها بإجماع أعضائها، وأوضح بيان نقلته «واس» أن الاجتماعات ستتوالى بشكل دوري.
واعتبر مراقبون يمنيون خطوة تشكيل لجنة التنسيق العليا المشتركة بين اليمن والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، أنها «خطوة مهمة للغاية»، وفقا للمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي، الذي قال إن هذه الخطوة هي «من أجل إعادة توجيه مسار العمل المشترك، الذي يندرج في إطار أهداف واضحة، هي دحر الانقلاب واستعادة الدولة ومواجهة الإرهاب في اليمن».
ويرى بليغ المخلافي، المسؤول الإعلامي بالسفارة اليمنية بالقاهرة، أن الاتفاق، الذي أعلن: «سيسهم في تطوير عملية التنسيق لإدارة العمليات على الأرض، من ناحية، ومعالجة أي إشكاليات أو قضايا قد تطرأ، من ناحية أخرى»، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» أن «العمليات على الأرض تنقسم إلى نوعين، عمليات عسكرية لتحرير بقية المناطق من سيطرة الميليشيات، وعمليات إعادة الاستقرار والتنمية في المناطق المحررة ومكافحة الإرهاب والجريمة، وكل هذا يتطلب مستوى عاليا من التنسيق يضمن تحقيق الأهداف والمصالح المشتركة». في حين يؤكد التميمي أن «هذه المرحلة التي يغلب عليها الطابع العسكري الميداني، ينبغي أن يسود الحرص على تماسك الخطوط الخلفية للجبهة؛ وهو الأمر الذي يستوجب العمل باتساق كامل مع هذه الطبيعة الاستثنائية ومع متطلبات إنجاح المعركة الشاملة ضد الانقلابيين المدعومين من طهران، والتحديات الناشئة عن هذه المعركة»، مشيرا إلى أن ذلك «ينبغي أن ينعكس على مستوى الأداء السياسي والتنفيذي والإداري، ويتجلى في الحرص الكبير على تأمين الظروف المواتية التي تشجع وتدعم بناء نماذج متميزة لمرحلة ما بعد التحرير، وتساعد في إعادة الأمل لليمنيين الذين يرون في المعركة التي يخوضها التحالف في بلادهم تدشيناً لمرحلة جديدة من تاريخهم الذي يتجه حتماً إلى الاستقرار والالتحام بأهداف الأمة وتطلعاتها».
الدكتور عبده سعيد المغلس، وكيل وزارة الإعلام اليمنية، يعتبر أن الاتفاق «مثل رداً قوياً وبليغاً حول حرب الإشاعات التي تشنها قوى المشروع الإيراني في المنطقة وأدواتها الانقلابية في اليمن»، وقال إنه «الرد العملي على الإشاعات والأراجيف التي تحاول إبعاد الأنظار عن معركة الحسم والنصر على هذا المشروع وأدواته الانقلابية في اليمن»، واعتبر المغلس، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن الاتفاق «جدد التأكيد على عمق العلاقات وقوتها بين الشرعية والتحالف ووحدة المصير والمستقبل، ومثّل هذا اللقاء والاتفاق نقطة حاسمة في الحسم والنصر النهائي ضد مشروع الانقلاب، كما مثل التحالف نقطة حاسمة في مواجهة مشروع الانقلاب والتصدي له».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.