«الحوار الحضاري» يقود جلسات منتدى الإعلام العربي اليوم

منى المرّي لـ «الشرق الأوسط»: النقاش المجتمعي يوازي أهمية مداولات النخب وراء الأبواب المغلقة

منى المرّي رئيسة نادي دبي للصحافة ورئيسة اللجنة التنظيمية للمنتدى  -  صورة ارشيفية لفعاليات المنتدى العام الماضي («الشرق الأوسط»)
منى المرّي رئيسة نادي دبي للصحافة ورئيسة اللجنة التنظيمية للمنتدى - صورة ارشيفية لفعاليات المنتدى العام الماضي («الشرق الأوسط»)
TT

«الحوار الحضاري» يقود جلسات منتدى الإعلام العربي اليوم

منى المرّي رئيسة نادي دبي للصحافة ورئيسة اللجنة التنظيمية للمنتدى  -  صورة ارشيفية لفعاليات المنتدى العام الماضي («الشرق الأوسط»)
منى المرّي رئيسة نادي دبي للصحافة ورئيسة اللجنة التنظيمية للمنتدى - صورة ارشيفية لفعاليات المنتدى العام الماضي («الشرق الأوسط»)

تنطلق اليوم في إمارة دبي أعمال الدورة السادسة عشرة لمنتدى الإعلام العربي، التي تناقش حال الإعلام العربي، وأهم التحديات التي تواجهه، وسبل التغلُّب عليها، وكيفية إحراز نقلات نوعية في أدوار الإعلام الإيجابية في خدمة المجتمعات العربية، والإسهام العملي في تحقيق طموحاتها، إضافة إلى الفرص المتاحة.
ويشارك في المنتدى المقام تحت رعاية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عدد من المسؤولين الحكوميين والقيادات الإعلامية والأكاديمية والكُتَّاب والمفكرين في المنطقة والعالم، كما يشارك أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية.
بدورها، قالت منى المرّي، رئيسة نادي دبي للصحافة رئيسة اللجنة التنظيمية لمنتدى الإعلام العربي: إن الموضوع الذي ستدور حوله المناقشات هذا العام هو وثيق الصلة بحال الأمة العربية، وذلك عهد المنتدى منذ تأسيسه، حيث ظل مُلامساً للواقع العربي وما يعتريه من تطورات يتأثر بها الإعلام ويؤثر فيها. وهذا الالتزام نابع من الرؤية وراء تأسيس المنتدى الذي نجح طوال خمسة عشر عاما في تقديم توصيف دقيق لحال الإعلام، مستنداً إلى مرجعية علمية موثَّقة تمثّلت في سلسلة تقارير «نظرة على الإعلام العربي»، ليؤكد المنتدى مكانته وقيمته على مدار تلك السنوات كأبرز محفل حواري معني بمستقبل الإعلام في المنطقة.
وأوضحت في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن النقاش يدور هذا العام حول فكرة «الحوار الحضاري»، مشيرة إلى أن «أزمات المنطقة التي باتت تتصدر عناوين الصحف ونشرات الأخبار العربية والعالمية، جعلت من الحوار مطلبا مهما لوضع ضوء في نهاية النفق والتوصُّل إلى صِيَغٍ توافقية يمكن من خلالها إنهاء حالة الاضطراب، التي تسيَّدت المشهد العربي لسنوات»، مؤكدة أن «الإعلام طرف رئيسي في إحياء هذا الحوار، وعليه مسؤولية كبيرة تجاه إيجاد ضمانات نجاحه، وربما يكون الرقم الأهم في معادلة الحوار المجتمعي الذي يتوازى في أهميته مع مداولات النخب السياسية وراء الأبواب المغلقة».
وزادت: «الإعلام شأنه كشأن باقي القطاعات الأخرى، أضحى يواجه تحديات كبيرة في ضوء الأوضاع غير المستقرة جراء اشتعال النزاعات المسلحة، وتفاقم التوابع الإنسانية الخطيرة الناجمة عنها، ولا سيما أزمة اللاجئين، التي تعتبر من أكبر المآسي الإنسانية التي عرفتها البشرية منذ الحرب العالمية الثانية، في الوقت الذي يُلقي الكثيرون اللوم على الإعلام، ويرون أنه قادر على القيام بدور أعمق تأثيراً في التصدي للتحديات التي تواجهها المنطقة، ولا سيما في إذكاء الحوار النافع وتقديم المحتوى المُحفِّز على تبنّي الفكر الإيجابي والمشجّع على الإبداع والابتكار كحائط صد في مواجهة خطر الإرهاب الذي يتربَّص بجيل الشباب ويسعى لاستقطابه؛ كون الشباب هم الثروة الحقيقية للأمة».
وقالت المرّي: «تواجد هذه النخبة من القامات الفكرية والسياسية والإعلامية تحت سقف واحد في دبي يشكل فرصة نموذجية للتباحث في كيفية التمهيد للحوار المنشود، حول تلك الموضوعات ضمن مسارات جديدة، تكفل نجاحه عبر صفحات الصحف وشاشات التلفزيون وأثير الإذاعة، وبالطبع منصات التواصل الاجتماعي التي باتت شريكاً رئيسيا في صنع الأحداث ليس فقط في نقلها».
وحول اكتفاء المنتدى بالنقاش حول القضايا والموضوعات التي تهم قطاع الإعلام دون الخروج بتوصيات مُلزِمة، قالت منى المرّي «المنتدى يؤمن بفلسفة معينة، وهي أن التشخيص هو الجزء الأكبر والأهم في العلاج، وكم من حوار خرج بتوصيات في مجالات عدة، تبقى أغلبها حبيسة الأدراج، لكننا في هذا اللقاء السنوي نهدف إلى تنشيط الفكر حول ما يعترض طريق الإعلام العربي من مشكلات، وأيضا ما ينتظره من فرص، ونحاول أن نرسم معا خريطة طريق نترك مسؤولية السير عليها لأصحاب المهنة والقائمين عليها، ولا بد أن نتذكر حقيقة مهمة، وهي أن الالتزام الإعلامي نابع من الضمير المهني الذاتي، ولكل مؤسسة أن ترى ما يناسبها من خيارات للتطوير في ضوء ما تستجليه من حلول في هذا النقاش، ولكل منها أيضا أن يحدد كيفية الاستفادة من الفرص القائمة، حيث لا يمكن طرح وصفة واحدة تناسب الجميع؛ فلكل ظروفه، ولكل وجهة نظره التي يجب أن تُقدَّر وتُحتَرَم».
وعن مكونات المنتدى هذا العام والإطار العام الجامع لنقاشاته، قالت رئيسة اللجنة التنظيمية للمنتدى: إنه إلى جانب الجلسات الرئيسة والنقاشية، يبقى «الممشى الإعلامي» أحد أهم المعالم التي استحدثها المنتدى مؤخراً؛ كونه يشرك الحضور بصفتهم جزءا من الحدث، ويمكّنهم من الدخول في حوارات جادة في أجواء مريحة تبتعد عن الشكل النمطي لقاعات المؤتمرات وغرف الاجتماعات التقليدية، حيث يضم الممشى «جلسات العشرين دقيقة»، وهي تصور جديد أيضا تم استحداثه منذ سنوات قليلة، وسيتحدث ضمنها مجموعة من أهم المؤثرين في الإعلام، وتتيح تلك الجلسات للحضور أن يشاركوا بصفتهم جزءا من النقاش.
وأضافت منى المرّي، أن الممشى هذا العام سيستضيف لأول مرة «متحف ساروق الحديد» الذي يعرض مجموعة من المكتشفات الأثرية عُثر عليها في منطقة «ساروق الحديد» الأثرية التي اكتشفها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، إضافة إلى منصة «مركز محمد بن راشد للفضاء» التي ستقدم عبر تقنية الواقع الافتراضي تصوراً كاملاً لمشروع «المريخ 2117» العلمي، الذي أطلقته الإمارات مؤخراً، ويهدف إلى تهيئة أول بيئة ملائمة لاستعمار الإنسان كوكب المريخ بعد قرن من الزمان.
وأكدت رئيسة نادي دبي للصحافة، أن المنتدى سيشهد كذلك هذا العام إطلاق الكثير من المبادرات المهمة الهادفة لخدمة المجتمع الإعلامي العربي، ولا سيما في ناحية التدريب والتثقيف المهني، وسيتم الكشف عنها خلال المنتدى وسيقدمها بالتعاون مع عدد من المؤسسات العلمية والأكاديمية المتخصصة، وذلك في إطار سعي المنتدى لإسهام بنفع ملموس يعود بالإيجاب على الإعلام العربي ويمكنه من التقدُّم خطوات جديدة على طريق التطوير وصولاً بالرسالة الإعلامية العربية إلى مستويات أرقى من الجودة والدقة والكمال.



«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.