ثلاثة شعراء سعوديين يقطفون ملايين جائزة {كتارا} لشاعر الرسول

لجنة التحكيم تلقت القصائد المشاركة من دون أسماء الشعراء وبلدانهم لضمان الموضوعية

الفائزون بجائزة «كتارا» لشاعر الرسول مع الدكتور خالد السليطي رئيس الحي الثقافي
الفائزون بجائزة «كتارا» لشاعر الرسول مع الدكتور خالد السليطي رئيس الحي الثقافي
TT

ثلاثة شعراء سعوديين يقطفون ملايين جائزة {كتارا} لشاعر الرسول

الفائزون بجائزة «كتارا» لشاعر الرسول مع الدكتور خالد السليطي رئيس الحي الثقافي
الفائزون بجائزة «كتارا» لشاعر الرسول مع الدكتور خالد السليطي رئيس الحي الثقافي

توج ثلاثة مشاركين سعوديين في ختام الدورة الثانية من جائزة كتارا لشاعر الرسول مساء أول من أمس بدار الأوبرا بالحي الثقافي (كتارا) في العاصمة القطرية الدوحة.
ففاز الشاعر السعودي عبد الله محمد عطا الله العنزي بالمركز الأول وجائزة قدرها مليون ريال قطري في فئة الشعر الفصيح، كما حصل الشاعر فايز سراحان الثبيتي على المركز الأول في الشعر النبطي بقصيدة «تراتيل الفكر».
أما في فئة الشعر الفصيح، فقد فاز الشاعر السوري محمد أحمد دركوشي بالمركز الثاني وجائزة قدرها 700 ألف ريال، أما صاحب المركز الثالث فكان من نصيب الشاعر المصري سمير مصطفى فراج ونال جائزة قدرها 400 ألف ريال.
أما في فئة الشعر النبطي، ففاز الشاعر السعودي فايز سراحان الثبيتي بالمركز الأول وحصل على جائزة قدرها مليون ريال قطري، وجاء الشاعر السعودي محمد عبد الهادي العتيبي في المركز الثاني ونال جائزة قدرها 700 ألف ريال، في حين حل الشاعر البحريني عبد الله خالد سليمان بالمركز الثالث وفاز بجائزة قدرها 400 ألف ريال.
واختتمت مساء أول من أمس فعاليات الدورة الثانية لجائزة كتارا لشاعر الرسول، بتتويج الشعراء الستة الفائزين في فئة الشعر الفصيح وفئة الشعر النبطي.
وعرف الحفل الختامي للجائزة التي تنظمها المؤسسة العامة للحي الثقافي تحت شعار: «تجمل الشعر بخير البشر»، حضور الدكتور غيث بن مبارك علي الكواري وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية والدكتور عيسى بن سعد الجفالي النعيمي وزير التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية، وعدد من السفراء والدبلوماسيين المعتمدين لدى قطر.
واعتبر الشاعر السعودي عبد الله محمد عطا الله العنزي فوزه بالمركز الأول وبلقب الجائزة في فئة الشعر الفصيح، «بداية مرحلة جديدة على المستوى الشخصي والأدبي، وأمانة كبيرة»، وقال: «أن تلقب بشاعر الرسول معناه أنك مدعو لأن تتخلق بأخلاقه صلى الله عليه وسلم وأن تسير على هديه الكريم».
ومن جانبه، عبر الشاعر السعودي فايز سراحان الثبيتي عن سعادته بالفوز باللقب في فئة الشعر النبطي، منوهاً بأن اللقب فخر ووسام يتوق كل شاعر لتقلده، خصوصاً أن هذا الوسام معطر بمدح الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقال الشاعر السوري محمد أحمد دركوشي الحاصل على المركز الثاني إن أمنيته كانت أن يحوز شرف لقب شاعر رسول الله، أسوة بحسان بن ثابت رضي الله عنه، وأن يعود بفرحة كبرى إلى الشعب السوري لكن هذه هي أجواء المسابقات التنافسية، مشدداً على أن الحصول على هذا المركز في حد ذاته فوز كبير وتتويج لمساره الشعري والأدبي.
وقال الشاعر المصري سمير مصطفى فراج إنه سعيد بهذه الرتبة في أكبر جائزة في العالم العربي والإسلامي، أن «الفوز بالجائزة مهما كانت الرتبة شرف آخر ومجد يتحدث به أبنائي من بعدي ويبقى أجمل سطر يضيء سيرتي الذاتية ويعطرها».
من ناحيته، لفت الدكتور يوسف حسين بكار عضو لجنة التحكيم في فئة الشعر الفصيح، إلى أن اللجنة تلقت القصائد المشاركة خلوا من أسماء الشعراء والبلدان التي ينتمون إليها، وتمت قراءة النصوص بدقة عالية، بحيث لم يتم الانحياز لأي أحد من المشاركين، «لأنه لا مصلحة للجنة مع أي من الشعراء أو البلدان».
وعن المتسابقين المتوجين بالجائزة، قال الدكتور يوسف بكار إن الشعراء الثلاثة من أفضل من تقدموا للجائزة، لكن الدرجات هي الفيصل في ترتيب المراكز وتحديد الفائز باللقب.
ومن جهته، قال حمد محسن النعيمي رئيس لجنة التحكيم في فئة الشعر النبطي إن الشعراء الثلاثة، فائزون بغض النظر عن ترتيب المراكز لأنهم نخبة النخبة في مجال الشعر النبطي الذي بهذه النماذج الشعرية الرفيعة، تتعزز قيمة مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم في المتن الشعري بالجزيرة العربية.
وقال الشاعر العماني جمال الملا الفائز بلقب جائزة «كتارا» لشاعر الرسول في دورتها الأولى إن الجائزة تطورت على المستوى التنظيمي والفني؛ حيث فتحت المجال للشعر النبطي لتساهم في توسيع الأفق لهذا اللون في الجزيرة العربية والعراق، مشيرا إلى أنه كان متوجساً في البداية من مشاركة النبطي لأن تجربة المدح فيه غير واسعة، لكن شعراء النبطي المشاركين، أثبتوا أنهم قادرون على مسايرة المعاني النبوية النبيلة واستطاعوا الإتيان بلهجة بيضاء يفهمها كل الناس، منوهاً بلجنة التحكيم التي كان لها دور كبير في فرز هذه الباقات الشعرية الجميلة والمميزة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».