تراجع قياسي لأسعار العقارات في العاصمة البريطانية

نموها بلغ أدنى مستوى في 5 سنوات... وتوقعات بانتعاشة العام المقبل

جانب من وسط لندن (رويتزر)
جانب من وسط لندن (رويتزر)
TT

تراجع قياسي لأسعار العقارات في العاصمة البريطانية

جانب من وسط لندن (رويتزر)
جانب من وسط لندن (رويتزر)

أشارت بيانات صدرت مطلع الأسبوع الحالي إلى تراجع نمو الأسعار الخاصة بالعقارات في العاصمة البريطانية لندن إلى أدنى مستوياتها منذ 5 سنوات، مدفوعة بهبوط الأسعار في الأحياء الأعلى سعراً، على غرار كامدن وكينزنغتون وتشيلسي. لكن أغلب العاملين بالقطاع العقاري توقعوا عودة الانتعاش العام المقبل.
وأشار تقرير متخصص لمؤسسة «أكاداتا آند إل إل إس» للخدمات العقارية إلى نمو متوسط الأسعار في مختلف أنحاء لندن، بمعدل 0.1 في المائة فقط شهرياً، ليصل متوسط سعر المنزل إلى ما يوازي نحو 607 ألف إسترليني (760 ألف دولار)، وهو ما جعل النمو السنوي للأسعار لا يتجاوز 1.5 في المائة، وهو المعدل الأضعف منذ أبريل (نيسان) 2012، بحسب تقرير لشبكة بلومبرغ.
وأوضحت بلومبرغ أن هذه البيانات تؤكد ما ذهب إليه المحللون من أن السوق العقارية في لندن تعاني من شرخ حاد خلال الفترة الماضية، إذ إن الأسعار تشهد هبوطاً بالمناطق الراقية، بينما ترتفع في المناطق الأقل سعراً. ودعمت الشبكة تحليلها ببيانات شهر فبراير (شباط)، التي تظهر أن الأسعار في الأحياء الأحد عشر الأرقى في لندن شهدت هبوطاً سعرياً، بمتوسط بلغ نحو 0.5 في المائة، بينما الأحياء الأحد عشر الأقل أسعاراً سجلت ارتفاعاً بمتوسط يعادل 0.4 في المائة.
وبالتزامن، أوضحت بيانات المعهد الملكي للمساحين القانونيين أن سوق العقارات السكنية في لندن يشهد أسوأ تراجع له منذ الأزمة المالية العالمية، قبل 8 سنوات، مشيرة إلى أن هذه الوتيرة من المتوقع أن تستمر خلال الفترة المقبلة.
وأوضح المعهد أن مؤشره للأسعار في لندن انخفض إلى أدنى مستوى له منذ فبراير من عام 2009، ليتراجع إلى سالب 49، مضيفاً أن النسبة الأكبر من الوكلاء العقاريين شهدوا انخفاضاً في شهر مارس (آذار) الماضي. ومع ذلك، لا يزال عدد كبير من الوكلاء العقاريين يتوقعون ارتفاع الأسعار خلال العام المقبل. وأوضحت بلومبرغ أن متوسط سعر المنزل في منطقتي كينزنغتون وتشيلسي، اللتين تعدان الأعلى سعراً في لندن، بمتوسط تقليدي يبلغ نحو مليوني إسترليني، شهدتا انحدار الأسعار بما يصل إلى 2.6 في المائة، مما يشير إلى انحسار موجة الصعود التي عرفتها السوق في هاتين المنطقتين على مدار سنوات.
ووفقاً لبيانات شهر مارس، فإن متوسط أسعار المنازل في عموم إنجلترا وويلز قد ارتفع بما يوازي 0.5 في المائة عن شهر فبراير، ليصل في المتوسط إلى أكثر من 301 ألف إسترليني، وهو ما يعادل ارتفاعاً بنسبة 3.3 في المائة على مستوى سنوي. لكن التقارير ذاتها توضح تراجع العاصمة البريطانية لندن من المركز الأول على قائمة نمو أسعار المنازل إلى المرتبة التاسعة، مقارنة بمستوياتها في منتصف العام الماضي.
وقال صامويل تومبز، من مؤسسة «بانثيون ماكروإيكونوميكس»، لبلومبرغ، إن مقياس الأسعار في لندن يميل إلى تمثيل السوق الرئيسية أكثر من المدينة ككل. وتتوافق هذه البيانات مع تقارير أخرى تشير إلى أن البائعين في العاصمة البريطانية اضطروا إلى خفض الأسعار لإبرام الصفقات.
لكن على الجانب الآخر، أشار تقرير صادر الأسبوع الماضي عن شركة استثمارية متخصصة إلى ارتفاع الاستثمارات العربية في القطاع العقاري السكني في العاصمة لندن بنحو 5 مليارات دولار خلال شهر أبريل الحالي. وأوضح بيان صادر عن شركة «إنفست إن غريت» أن حصيلة الاستثمارات العربية بالمشروعات العقارية والبنية التحتية بالمملكة المتحدة بلغت قيمتها الإجمالية نحو 62.53 مليار دولار. وكان إجمالي حجم الاستثمارات العربية في المملكة المتحدة قد بلغ قرابة 4.11 مليار دولار فقط خلال عام 2016، وفقاً للبيان. وأوضح التقرير أن الفترة المقبلة ستشهد تكثيفاً كبيراً لزيارات وفود من المستثمرين والمطورين العقاريين البريطانيين إلى منطقة الشرق الأوسط، وذلك في إطار سعيهم لعقد صفقات، بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.



«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
TT

«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء

في وقت تجري فيه الاستعدادات لعقد اجتماع بين الصندوق القومي للإسكان ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي وبنك السودان، لبحث سبل توفير تمويل لمشروعات الإسكان للمواطنين عبر قروض طويلة الأجل، ألغت الحكومة أول من أمس، وأوقفت، إجراءات تسليم المساكن للموطنين والتقديم لها، خوفاً من حدوث إصابات بـ«كورونا»، أثناء الاصطفاف للتقديم والتسلم.
وكان الصندوق القومي للإسكان قد طرح مباني سكنية جاهزة للمواطنين في معظم المناطق الطرفية بالعاصمة الخرطوم، وبقية الولايات، وذلك ضمن مشروع السودان لتوفير المأوى للمواطنين، الذي سيبدأ بـ100 ألف وحدة سكنية لذوي الدخل المحدود. وقد بدأ المشروع بفئة العمال في القطاعات الحكومية في جميع ولايات السودان العام الماضي، بواقع 5 آلاف منزل للمرحلة الأولى، تسدد بالتقسيط على مدى 7 سنوات. ويتضمن مشروع إسكان عمال السودان 40 مدينة سكنية في جميع مدن البلاد، لصالح محدودي الدخل، ويستفيد من المشروع في عامه الأول أكثر من مليونين.
وقد أقام المواطنون مواقع أمام مقر الصندوق القومي للإسكان، وباتوا يتجمعون يومياً بأعداد كبيرة، ما سبب إزعاجاً لدى إدارة الصندوق والشارع العام، وذلك بعد قرار سياسي من والي ولاية الخرطوم، لدعوة المواطنين للتقديم للحصول على سكن شعبي.
ووفقاً للدكتور عبد الرحمن الطيب أيوبيه الأمين العام المكلف للصندوق القومي للإسكان والتعمير في السودان لـ«الشرق الأوسط» حول دواعي إصدار قرار بوقف إجراءات التسليم والتقديم للإسكان الشعبي، وعما إذا كان «كورونا» هو السبب، أوضح أن تلك التجمعات تسببت في زحام شديد، حيث نصب المتقدمون للوحدات السكنية خياماً أمام مقر الصندوق في شارع الجمهورية، بعد قرار الوالي في وقت سابق من العام الماضي بدعوة المواطنين للتقديم. وظلت تلك التجمعات مصدر إزعاج وإرباك للسلطات، ولم تتعامل معهم إدارة الصندوق، إلى أن جاء قرار الوالي الأخير بمنع هذه التجمعات خوفاً من عدوى «كورونا» الذي ينشط في الزحام.
وبين أيوبيه أن الخطة الإسكانية لا تحتاج لتجمعات أمام مباني الجهات المختصة، حيث هناك ترتيبات وإجراءات للتقديم والتسلم تتم عبر منافذ صناديق الإسكان في البلاد، وعندما تكون هناك وحدات جاهزة للتسليم يتم الإعلان عنها عبر الصحف اليومية، موضحاً أن كل ولاية لديها مكاتب إدارية في كل ولايات السودان، وتتبع الإجراءات نفسها المعمول بها في العاصمة.
ولم يخفِ أيوبيه أزمة السكن في البلاد، والفجوة في المساكن والوحدات السكنية، والمقدرة بنحو مليوني وحدة سكنية في ولاية الخرطوم فقط، لكنه أشار إلى أن لديهم خطة مدروسة لإنشاء 40 ألف مدينة سكنية، تم الفراغ من نسبة عالية في العاصمة الخرطوم، بجانب 10 آلاف وحدة سكنية.
وقال إن هذه المشاريع الإسكانية ستغطي فجوة كبيرة في السكن الشعبي والاقتصادي في البلاد، موضحاً أن العقبة أمام تنفيذها هو التمويل، لكنها كمشاريع جاهزة للتنفيذ والتطبيق، مشيراً إلى أن لديهم جهوداً محلية ودولية لتوفير التمويل لهذه المشاريع.
وقال إن اجتماعاً سيتم بين الصندوق القومي للإسكان وبنك السودان المركزي ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، لتوفير الضمانات بالنسبة للتمويل الخارجي واعتماد مبالغ للإسكان من الاحتياطي القانوني للمصارف المحلية.
وأكد الدكتور عبد الرحمن على أهمية التنسيق والتعاون المشترك بين الجهات المعنية لإنفاذ المشروع القومي للمأوى، وتوفير السكن للشرائح المستهدفة، مجدداً أن أبواب السودان مشرعة للاستثمار في مجال الإسكان. وأشار إلى أن الصندوق القومي للإسكان سيشارك في معرض أكسبو في دبي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وذلك بجناح يعرض فيه الفرص الاستثمارية في السكن والوحدات السكنية في السودان، وسيتم عرض كل الفرص الجاهزة والمتاحة في العاصمة والولايات.
وقال إن هناك آثاراً متوقعة من قرار رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية على البلاد، ومن المتوقع أن يسهم كثيرا في إنعاش سوق العقارات واستقطاب رؤوس أموال لصالح التوسع في مشروعات الإسكان. وأبان أن الصندوق استطاع خلال السنوات الماضية إحداث جسور للتعاون مع دول ومنظمات واتحادات ومؤسسات مختلفة، وحالت العقوبات دون استثمارها بالشكل المطلوب، مشيرا إلى أن جهودهم ستتواصل للاستفادة من الخبرات والموارد المالية المتاحة عبر القروض والمنح والاستثمارات.
وأكمل الصندوق القومي للإسكان في السودان تحديد المواقع والدراسات لمشروع المأوى القومي ومنازل العمال، حيث ستشيد المنازل بأنماط مختلفة من السكن الاقتصادي، الشعبي، الاستثماري، الريفي، والمنتج، بتمويل من البنوك العاملة في البلاد، وفق خطة الصندوق.
وقد طرحت إدارة الصندوق عطاءات منذ بداية العام الجاري لتنفيذ مدن سكنية، كما دعت المستثمرين إلى الدخول في شراكات للاستثمار العقاري بالولايات لتوفير المأوى للشرائح المستهدفة، إلا أن التمويل وقف عثرة أمام تلك المشاريع.
وطرح الصندوق القومي للإسكان في ولاية الخرطوم أن يطرح حالياً نحو 10 آلاف وحدة سكنية لمحدودي الدخل والفئويين والمهنيين في مدن العاصمة الثلاث، كما يطرح العديد من الفرص المتاحة في مجال الإسكان والتطوير العقاري، حيث تم الانتهاء من تجهيز 5 آلاف شقة و15 ألفا للسكن الاقتصادي في مدن الخرطوم الثلاث.
وتم تزويد تلك المساكن بخدمات الكهرباء والطرق والمدارس وبعض المرافق الأخرى، بهدف تسهيل وتوفير تكلفة البناء للأسرة، حيث تتصاعد أسعار مواد البناء في البلاد بشكل جنوني تماشياً مع الارتفاع الذي يشهده الدولار مقابل الجنيه السوداني والأوضاع الاقتصادية المتردية التي تمر بها البلاد حالياً.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان لديه خطة لتوسيع قاعدة السكن لمحدودي الدخل، عبر الإسكان الرأسي، الذي يتكون من مجمعات سكنية، كل مجمع يضم بناية من 7 أدوار، ويتكون الطابق من 10 شقق سكنية، بمساحات من 180 إلى 300 متر مربع.
ويتوقع الصندوق أن يجد مشروع الإسكان الرأسي والشقق، رواجاً وإقبالاً في أوساط السودانيين محدودي الدخل، خاصة أنه أقل تكلفة وأصبح كثير من السودانيين يفضلونه على السكن الأفقي، الأمر الذي دفع الصندوق لتنفيذ برامج إعلامية لرفع مستوى وعي وثقافة المواطنين للتعامل مع السكن الجماعي والتعاون فيما بينهم.
ووفقاً لمسؤول في الصندوق القومي للإسكان فإن برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي، يتضمن كيفية المحافظة على خدمات البناية، ورفع وعيهم بهذا النوع من البناء، حتى تتحول الخرطوم إلى عاصمة حضارية وجاذبة. وأضاف المصدر أن برنامج التوعية بالسكن في الشقق ودوره في تقليل تكلفة السكن، سيتولاه فريق من اتحاد مراكز الخدمات الصحافية، الذي يضم جميع وسائل الإعلام المحلية، مما سيوسع قاعدة انتشار الحملات الإعلامية للسكن الرأسي.
تغير ثقافة المواطن السوداني من السكن التقليدي (الحوش) إلى مساحات صغيرة مغلقة لا تطل على الشارع أو الجيران، ليس أمرا هينا. وبين أن خطوة الصندوق الحالية للاعتماد على السكن الرأسي مهمة لأنها تزيل كثيرا من المفاهيم المغلوطة عن السكن في الشقق السكنية.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان عام 2018 بدأ بالتعاون مع شركة هيتكو البريطانية للاستثمار، لتنفيذ مشروع الإسكان الفئوي الرأسي، الذي يستهدف بناء 50 ألف وحدة سكنية بالعاصمة الخرطوم، وكذلك مشروع لبناء أكبر مسجد في السودان، بمساحة 5 كيلومترات، وبناء 3 آلاف شقة ومحلات تجارية.