غاتيلوف يبحث مع دي ميستورا التسوية السورية بغياب الأميركيين

مصدر: كازاخستان مهتمة بانضمام السعودية وقطر إلى محادثات آستانة

جنود إسرائيليون يجرون تدريبات عسكرية في الجولان المحتلة على الحدود السورية الشهر الماضي (غيتي)
جنود إسرائيليون يجرون تدريبات عسكرية في الجولان المحتلة على الحدود السورية الشهر الماضي (غيتي)
TT

غاتيلوف يبحث مع دي ميستورا التسوية السورية بغياب الأميركيين

جنود إسرائيليون يجرون تدريبات عسكرية في الجولان المحتلة على الحدود السورية الشهر الماضي (غيتي)
جنود إسرائيليون يجرون تدريبات عسكرية في الجولان المحتلة على الحدود السورية الشهر الماضي (غيتي)

بحث غينادي غاتيلوف، نائب وزير الخارجية الروسي، المستجدات الأخيرة حول تسوية الأزمة السورية مع المبعوث الأممي لسوريا ستيفان دي ميستورا، في جنيف، أمس. في الوقت الذي قال فيه مصدر من الدبلوماسية الكازاخية، إن بلاده مهتمة بانضمام دول فاعلة في الشأن السوري، مثل المملكة العربية السعودية وقطر إلى محادثات آستانة.
وكانت روسيا قد دعت في وقت سابق إلى محادثات ثلاثية يوم 24 أبريل (نيسان) في جنيف، بمشاركة روسيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة حول الأزمة السورية، إلا أن الجانب الأميركي رفض المشاركة في اللقاء، ما دفع غاتيلوف إلى التأكيد على أن جدول زيارته إلى جنيف سيشمل محادثات مع دي ميستورا فقط، دون مشاركة الأميركيين.
وذكرت «تاس» نقلا عن الخارجية الروسية أن محادثات غاتيلوف - دي ميستورا، شهدت «تبادلا لوجهات النظر حول سير وآفاق التسوية السياسية في سوريا، مع الأخذ بالحسبان الاتصالات السياسية التي جرت في الآونة الأخيرة ضمن مختلف الأطر والصيغ». و«تم التأكيد على ضرورة المضي في بذل الجهود من جانب كل اللاعبين الرئيسيين، بهدف تعزيز نظام وقف العمليات القتالية في سوريا، وحل المشاكل الإنسانية للمواطنين السوريين، ومشاركة منظمات الأمم المتحدة ذات الصلة في عملية نزع الألغام في سوريا».
وتجدر الإشارة إلى أن لقاءات ثلاثية كهذه جرت أكثر من مرة في عهد إدارة أوباما، بينما لم يجر لقاء مماثل حتى الآن منذ فوز ترمب بالرئاسة.
وبررت الخارجية الروسية غياب الولايات المتحدة عن لقاء جنيف، أمس، بعدم انتهاء الإدارة الأميركية من تعيين المسؤولين في المؤسسات، بما في ذلك عدم تعيين مسؤول عن الملف السوري في الخارجية الأميركية. غير أن سيرغي رياكوف نائب وزير الخارجية الروسي، أشار في تصريحات أمس، إلى أن «الأميركيين أكدوا منذ البداية استعدادهم لهذا اللقاء الثلاثي»، معربا عن قناعته بأن «سبب غيابهم أبعد وأعمق من مجرد عدم توافق في الجدول الزمني والتوقيت»، مرجحاً أن «الأمر يتصل بتباينات محددة بين الأسلوبين الروسي والأميركي في التعاطي مع القضايا التي كان يفترض أن يجري بحثها خلال لقاء جنيف».
من جانبه قال دي ميستورا، إن اللقاء الثلاثي لم يلغ، بل تم تأجيله، موضحاً أنه سيتناول مع غاتيلوف العملية السياسية لتسوية الأزمة السورية. ومن المتوقع أن تجرى جولة جديدة من المفاوضات السورية في آستانة يومي 3 و4 مايو (أيار).
وتحاول كازاخستان، بالتنسيق مع الدول الضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار في سوريا، توسيع دائرة المشاركين في عملية آستانة. وخلال زيارته إلى دولة قطر، بحث وزير الخارجية الكازاخي خيرات عبد الرحمنوف هذا الأمر، مع أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني. وقالت الخارجية الكازاخية، في بيان رسمي، إن «المحادثات جاءت خلال استقبال أمير قطر الوزير في العاصمة الدوحة»، وبحث الجانبان «باهتمام كبير القضايا الملحة للأجندة الدولية، بما في ذلك الوضع في سوريا، وسير عملية آستانة وفرص توسيع تشكيلة الأطراف المشاركة فيها عن طريق ضم دول عربية، بما في ذلك قطر».
وقال مصدر مطلع من العاصمة الكازاخية لـ«الشرق الأوسط»، إن «كازاخستان تدفع نحو توسيع دائرة المشاركة بالتنسيق مع الدول الرئيسية الراعية لعملية آستانة»، ولفت إلى أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف كان قد دعا أكثر من مرة إلى انضمام كل الأطراف التي لديها تأثير على القوى في سوريا.
وأكد المصدر أن الدبلوماسية الكازاخية مهتمة في هذا السياق بانضمام دول فاعلة في الشأن السوري، مثل المملكة العربية السعودية وقطر إلى المحادثات؛ «لأن مشاركة هذه الأطراف سيساهم في ضمان نتائج أفضل وتطبيق ما يتم الاتفاق عليه»، لافتاً إلى أن المشاركة ستكون بصفة مراقب، دون أن يستبعد احتمال الحصول على صفة «طرف أساسي ضامن، غير أن القرار بهذا الشأن يعود إلى الدول الضامنة الرئيسية حالياً».
وفي إجابته على سؤال حول الأطراف التي أكدت نيتها المشاركة في مفاوضات آستانة يوم 3 و4 مايو، قال المصدر، إن «الأطراف السورية أكدت بعد حادثة خان شيخون نيتها المشاركة في المفاوضات، وكذلك الأمر بالنسبة للرعاة الدوليين».
في غضون ذلك، واصلت موسكو انتقاداتها للمنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية، وكذلك للولايات المتحدة بسبب رفض الاقتراح الروسي – الإيراني، حول المشاركة في التحقيق في حادثة استخدام السلاح الكيميائي في خان شيخون.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب محادثاته في موسكو، أمس، مع المفوضة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني: «إنه أمر مثير للدهشة؛ لأن مسودة القرار لم تتضمن شيئا باستثناء ضرورة إجراء تحقيق مستقل وغير منحاز وشفاف، وإرسال خبراء إلى مكان الحادث»، وأعرب عن أمله في أن ترسل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية خبراء إلى خان شيخون وإلى مطار الشعيرات، مشترطاً «ضمان تمثيل جغرافي واسع للخبراء الذين سينضمون للبعثة».
من جانبه، قال مدير دائرة وزارة الخارجية الروسية لشؤون عدم الانتشار ميخائيل أوليانوف، إن «جلسات اللجنة التنفيذية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، كانت محاولة فاضحة للتخريب من جانب الدول الغربية».
وتشن قوات النظام السورية عملية عسكرية واسعة في ريف إدلب، وتشير المعلومات من اقترابها من مدينة خان شيخون، التي تعرضت يوم 4 أبريل لقصف باستخدام السلاح الكيميائي.
وقالت وزارة الدفاع الروسية، في بيان رسمي أمس، إن «قيادة القوات السورية أعربت بطلب من وزارة الدفاع الروسية عن استعدادها لوقف العمليات القتالية في خان شيخون، في حال إيفاد بعثة خاصة من الخبراء إلى هناك للتحقيق في حادثة 4 أبريل». وأضافت الوزارة أن سوريا أكدت كذلك استعدادها لتأمين عمل البعثة الخاصة في قاعدة الشعيرات.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.