قصفت إسرائيل، أمس، للمرة الثانية خلال يومين، منطقة القنيطرة في جنوب سوريا، مما أدى إلى مقتل 3 عناصر من «قوات الدفاع الوطني» وإصابة اثنين بجروح، واستهدف القصف معسكراً تابعاً لها، وفق ما ذكر مصدر في «الدفاع الوطني» لوكالة الصحافة الفرنسية.
ورفض الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، أمس، أن ينفي أو يؤكد الأنباء التي تحدثت عن قصف إسرائيلي لمواقع تابعة للنظام قرب مدينة القنيطرة، الواقعة على خط وقف النار بين إسرائيل وسوريا في الجولان المحتلة.
ولكن الناطق عاد ليؤكد السياسة الإسرائيلية العمومية، والقائلة إن «إسرائيل وضعت خطوطاً حمراء يعرفها كل المعنيين. وهي أننا لن نسمح للميليشيات الإيرانية بأن تقترب من حدودنا وتحويلها إلى منطقة انطلاق للصواريخ ضدنا، ولن نسمح بنقل أسلحة من سوريا وإيران إلى حزب الله اللبناني ولن نسكت على أي تهديد لأمننا».
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، إن «الموقع الذي تم استهدافه قد يكون مستودعاً للأسلحة تابعاً لحزب الله اللبناني».
وقال مصدر في «الدفاع الوطني» رفض كشف هويته لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن «اعتداءً إسرائيلياً على معسكر نبع الفوار التابع لقوات الدفاع الوطني في القنيطرة، أوقع 3 قتلى وجريحين». ولفت مصدر سوري ميداني في المعسكر للوكالة نفسها إلى أنه «قرابة الساعة السادسة صباحاً شاهد العناصر المكلفون حماية المعسكر 3 شهب تتجه نحوهم قبل أن تدوي انفجارات متتالية». وأضاف: «تبين أن 3 صواريخ إسرائيلية معادية ضربت المعسكر وأحدثت دماراً كبيراً، بعدما تسببت بانفجار مستودعات الذخيرة الموجودة في المقر». وتسببت الانفجارات وفق المصدر ذاته «باندلاع حرائق عملت فرق الإطفاء طويلاً على إخمادها».
وقوات الدفاع الوطني المعروفة بـ«فوج الجولان» التي قد تكون مدرّبة من «حزب الله» بحسب عبد الرحمن، تأسست عام 2012 وتضم في صفوفها 90 ألف مقاتل، أبرز مكونات الفصائل الموالية للجيش السوري وتقاتل إلى جانبه على جبهات عدة.
واعتبر مدير معهد المشرق للشؤون الاستراتيجية، سامي نادر، أن القصف الإسرائيلي على سوريا يرتبط بالخطة والسياسة الأميركية الجديدة التي تهدف إلى الحد من النفوذ الإيراني في المنطقة، وما يحضّر على خط الجبهة الجنوبية التي تشير المعلومات إلى احتمال انطلاق معركتها بعد أسابيع. ويقول في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «كل الأحداث الأخيرة المتعلقة في سوريا انطلاقاً من القصف الأميركي لمطار الشعيرات في حمص الذي كان رسالة لموسكو كما للنظام، والانتقادات الأميركية على لسان وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس للنظام السوري من إسرائيل، إضافة إلى المواقف التي أطلقها الملك الأردني عبد الله الثاني إثر زيارته إلى أميركا، كلها مؤشرات على تبدل في السياسة الأميركية وخطة يتم الإعداد لها قد تكون معركة الجبهة الجنوبية أبرزها». ويضيف: «من هنا، فإن القصف الإسرائيلي يأتي ضمن هذا السياق، وتحديداً لجهة الحد من نفوذ طهران في المنطقة، وهي التي تحاول التسلّل عبر حزب الله لامتلاك ورقة تلعب بها في المنطقة». وفيما يؤكّد نادر أن اليد الطولى في المنطقة التي تم استهدافها، هي لحزب الله وإيران، يرجح ألا يكون النظام خلف هذا الاستهداف، قائلاً: «هناك جهات عدّة وأكثر من جهاز مخابراتي في هذه المنطقة قد يكون وراء إطلاق القذائف».
في تل أبيب، كشفت مصادر عسكرية إسرائيلية، أمس، أن المجلس الوزاري المصغر في الحكومة الإسرائيلية يجري أبحاثاً متواصلة لتقييم الموقف في سوريا ويعطي القيادة العسكرية التوجيهات الملائمة للتعاطي معها. وحسب الخبير العسكري، أمير بوحبوط، فإن هناك تغييراً استراتيجياً واحداً على الأقل يمكن الإشارة إليه بوضوح في استعدادات الجيش الإسرائيلي منذ إطلاق صاروخ أرض - جو تجاه إسرائيل قبل بضعة أسابيع، وهو أن هذا الإطلاق جاء رداً على هجوم إسرائيلي.
ويقتبس بحبوط ما قاله أحد الضباط الرفيعين في الجيش إن «نظام الأسد بات يمتلك ثقة بالنفس في مواجهة إسرائيل، ولذلك فقد قام بتغيير رؤيته الأمنية تجاه جارته العدوة الجنوبية. إن الأسد الذي انتهت معظم قوته العسكرية، يحاول الآن إعادة تكوين نفسه بمساعدة روسيا وإيران وحزب الله». وأضاف أن هذا التغيير قد يفسر لماذا اتخذ نظام الأسد قراراً باستخدام غاز السارين ضد المدنيين السوريين. «فاستخدام الغاز جاء لأن الأسد حسب أن الحسم لصالحه في الحرب بات قريباً، ولكنه في الواقع لم يصل إلى الحسم. بل إنه يجد صعوبة في تحقيق حسم في كثير من المناطق، رغم تعزز قوته في غرب سوريا».
وأوضح الضابط أن قلق الأسد من تنفيذ نشاط بري، ذي مغزى، قد يتسبب في وقوع خسائر جسيمة لديه (وهو قلق يعتري أيضاً روسيا وإيران وحزب الله، في صيرورات اتخاذ القرارات لدى هذه الأطراف)، لذلك استخدم غاز السارين، ولم يكتفِ بالهجمات الجوية.
ويقول بوحبوط: «في هذه المرحلة، تعتمد إسرائيل، على الأقل، على 4 خطوات واضحة لكي تتمكن من ضمان استقرار الحدود مع سوريا ولإبعاد التهديدات المختلفة، التي قد تنشب من الحرب الأهلية في سوريا الجارة. فأولاً، تعمل إسرائيل على إحباط أي محاولة لخرق الوضع القائم في المنطقة، سواء تعلق الأمر بتهريب السلاح أو سقوط قذائف تجاه الأراضي الإسرائيلية، كما حدث يوم أمس وأول من أمس في هضبة الجولان. فخلال العامين الماضيين قام جيش إسرائيل بمهاجمة كثير من الأهداف التابعة للجيش السوري، وألحق أضراراً في البنى التحتية ومنظومات الأسلحة، بل وتسبب في خسائر بشرية في صفوف الجيش. ثانياً، يواصل الجيش الحفاظ على منظومة منع الاحتكاك بروسيا، وهي تواصل الحفاظ على «الخط الساخن» المفتوح بين جيشي الدولتين في حالات الطوارئ من أجل منع وقوع سوء تفاهم. كما أن وفداً من ضباط إسرائيليين، تابعين لهيئة التخطيط وقسم العمليات ينطلق مرة كل بضعة أسابيع إلى روسيا من أجل إجراء لقاءات معمقة حول ما يحدث في المنطقة. وبحسب الضابط رفيع الشأن، «فإن هذه المنظومة شديدة الفاعلية والنجاعة إلى الحد الذي دفع بدول أخرى إلى تبني المنظومة ذاتها، من أجل الامتناع عن الوقوع في حالات سوء فهم في الإقليم». وثالثاً، «يشجع جيش إسرائيل عودة قوات الطوارئ الدولية إلى سوريا من أجل إشغال المواقع العسكرية مقابل ضمانات تقدمها دولة إسرائيل للحفاظ على أمن هؤلاء». فهو يرى في قرار الأمم المتحدة المتمثل في إعادة قوات الطوارئ الدولية، بحسب النموذج الذي كان معمولاً به منذ عام 1974، كقوة رقابية مسؤولة عن الفصل، «خطوة إيجابية جداً ستساعد في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي». وبحسب الضابط الإسرائيلي، فإن قوات الطوارئ الدولية ستقوم بالتموضع في نقاط مراقبة إضافية في هضبة الجولان على الجانب السوري. ركيزة رابعة إضافية تؤدي، بحسب الضابط، إلى الحفاظ على استقرار الحدود، هي مواصلة معالجة المواطنين السوريين، الذين يصابون بجروح في المعارك المختلفة في سوريا. وقد كشف الضابط أن هناك أكثر من 50 سورياً يعالجون في هذه الأيام في إسرائيل، حيث تمت معالجة آلاف المواطنين السوريين في إسرائيل منذ بداية الحرب الأهلية.
ضربة ثانية للنظام في القنيطرة... وإسرائيل {لن تسمح} لميليشيات إيران بالاقتراب
تل أبيب تشجع عودة قوات الطوارئ الدولية من أجل إشغال المواقع العسكرية
ضربة ثانية للنظام في القنيطرة... وإسرائيل {لن تسمح} لميليشيات إيران بالاقتراب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة