ضربة ثانية للنظام في القنيطرة... وإسرائيل {لن تسمح} لميليشيات إيران بالاقتراب

تل أبيب تشجع عودة قوات الطوارئ الدولية من أجل إشغال المواقع العسكرية

دخان يتصاعد من أبنية في مدينة درعا جنوب سوريا في أعقاب غارات استهدفت المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوري الحر (غيتي)
دخان يتصاعد من أبنية في مدينة درعا جنوب سوريا في أعقاب غارات استهدفت المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوري الحر (غيتي)
TT

ضربة ثانية للنظام في القنيطرة... وإسرائيل {لن تسمح} لميليشيات إيران بالاقتراب

دخان يتصاعد من أبنية في مدينة درعا جنوب سوريا في أعقاب غارات استهدفت المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوري الحر (غيتي)
دخان يتصاعد من أبنية في مدينة درعا جنوب سوريا في أعقاب غارات استهدفت المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوري الحر (غيتي)

قصفت إسرائيل، أمس، للمرة الثانية خلال يومين، منطقة القنيطرة في جنوب سوريا، مما أدى إلى مقتل 3 عناصر من «قوات الدفاع الوطني» وإصابة اثنين بجروح، واستهدف القصف معسكراً تابعاً لها، وفق ما ذكر مصدر في «الدفاع الوطني» لوكالة الصحافة الفرنسية.
ورفض الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، أمس، أن ينفي أو يؤكد الأنباء التي تحدثت عن قصف إسرائيلي لمواقع تابعة للنظام قرب مدينة القنيطرة، الواقعة على خط وقف النار بين إسرائيل وسوريا في الجولان المحتلة.
ولكن الناطق عاد ليؤكد السياسة الإسرائيلية العمومية، والقائلة إن «إسرائيل وضعت خطوطاً حمراء يعرفها كل المعنيين. وهي أننا لن نسمح للميليشيات الإيرانية بأن تقترب من حدودنا وتحويلها إلى منطقة انطلاق للصواريخ ضدنا، ولن نسمح بنقل أسلحة من سوريا وإيران إلى حزب الله اللبناني ولن نسكت على أي تهديد لأمننا».
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، إن «الموقع الذي تم استهدافه قد يكون مستودعاً للأسلحة تابعاً لحزب الله اللبناني».
وقال مصدر في «الدفاع الوطني» رفض كشف هويته لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن «اعتداءً إسرائيلياً على معسكر نبع الفوار التابع لقوات الدفاع الوطني في القنيطرة، أوقع 3 قتلى وجريحين». ولفت مصدر سوري ميداني في المعسكر للوكالة نفسها إلى أنه «قرابة الساعة السادسة صباحاً شاهد العناصر المكلفون حماية المعسكر 3 شهب تتجه نحوهم قبل أن تدوي انفجارات متتالية». وأضاف: «تبين أن 3 صواريخ إسرائيلية معادية ضربت المعسكر وأحدثت دماراً كبيراً، بعدما تسببت بانفجار مستودعات الذخيرة الموجودة في المقر». وتسببت الانفجارات وفق المصدر ذاته «باندلاع حرائق عملت فرق الإطفاء طويلاً على إخمادها».
وقوات الدفاع الوطني المعروفة بـ«فوج الجولان» التي قد تكون مدرّبة من «حزب الله» بحسب عبد الرحمن، تأسست عام 2012 وتضم في صفوفها 90 ألف مقاتل، أبرز مكونات الفصائل الموالية للجيش السوري وتقاتل إلى جانبه على جبهات عدة.
واعتبر مدير معهد المشرق للشؤون الاستراتيجية، سامي نادر، أن القصف الإسرائيلي على سوريا يرتبط بالخطة والسياسة الأميركية الجديدة التي تهدف إلى الحد من النفوذ الإيراني في المنطقة، وما يحضّر على خط الجبهة الجنوبية التي تشير المعلومات إلى احتمال انطلاق معركتها بعد أسابيع. ويقول في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «كل الأحداث الأخيرة المتعلقة في سوريا انطلاقاً من القصف الأميركي لمطار الشعيرات في حمص الذي كان رسالة لموسكو كما للنظام، والانتقادات الأميركية على لسان وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس للنظام السوري من إسرائيل، إضافة إلى المواقف التي أطلقها الملك الأردني عبد الله الثاني إثر زيارته إلى أميركا، كلها مؤشرات على تبدل في السياسة الأميركية وخطة يتم الإعداد لها قد تكون معركة الجبهة الجنوبية أبرزها». ويضيف: «من هنا، فإن القصف الإسرائيلي يأتي ضمن هذا السياق، وتحديداً لجهة الحد من نفوذ طهران في المنطقة، وهي التي تحاول التسلّل عبر حزب الله لامتلاك ورقة تلعب بها في المنطقة». وفيما يؤكّد نادر أن اليد الطولى في المنطقة التي تم استهدافها، هي لحزب الله وإيران، يرجح ألا يكون النظام خلف هذا الاستهداف، قائلاً: «هناك جهات عدّة وأكثر من جهاز مخابراتي في هذه المنطقة قد يكون وراء إطلاق القذائف».
في تل أبيب، كشفت مصادر عسكرية إسرائيلية، أمس، أن المجلس الوزاري المصغر في الحكومة الإسرائيلية يجري أبحاثاً متواصلة لتقييم الموقف في سوريا ويعطي القيادة العسكرية التوجيهات الملائمة للتعاطي معها. وحسب الخبير العسكري، أمير بوحبوط، فإن هناك تغييراً استراتيجياً واحداً على الأقل يمكن الإشارة إليه بوضوح في استعدادات الجيش الإسرائيلي منذ إطلاق صاروخ أرض - جو تجاه إسرائيل قبل بضعة أسابيع، وهو أن هذا الإطلاق جاء رداً على هجوم إسرائيلي.
ويقتبس بحبوط ما قاله أحد الضباط الرفيعين في الجيش إن «نظام الأسد بات يمتلك ثقة بالنفس في مواجهة إسرائيل، ولذلك فقد قام بتغيير رؤيته الأمنية تجاه جارته العدوة الجنوبية. إن الأسد الذي انتهت معظم قوته العسكرية، يحاول الآن إعادة تكوين نفسه بمساعدة روسيا وإيران وحزب الله». وأضاف أن هذا التغيير قد يفسر لماذا اتخذ نظام الأسد قراراً باستخدام غاز السارين ضد المدنيين السوريين. «فاستخدام الغاز جاء لأن الأسد حسب أن الحسم لصالحه في الحرب بات قريباً، ولكنه في الواقع لم يصل إلى الحسم. بل إنه يجد صعوبة في تحقيق حسم في كثير من المناطق، رغم تعزز قوته في غرب سوريا».
وأوضح الضابط أن قلق الأسد من تنفيذ نشاط بري، ذي مغزى، قد يتسبب في وقوع خسائر جسيمة لديه (وهو قلق يعتري أيضاً روسيا وإيران وحزب الله، في صيرورات اتخاذ القرارات لدى هذه الأطراف)، لذلك استخدم غاز السارين، ولم يكتفِ بالهجمات الجوية.
ويقول بوحبوط: «في هذه المرحلة، تعتمد إسرائيل، على الأقل، على 4 خطوات واضحة لكي تتمكن من ضمان استقرار الحدود مع سوريا ولإبعاد التهديدات المختلفة، التي قد تنشب من الحرب الأهلية في سوريا الجارة. فأولاً، تعمل إسرائيل على إحباط أي محاولة لخرق الوضع القائم في المنطقة، سواء تعلق الأمر بتهريب السلاح أو سقوط قذائف تجاه الأراضي الإسرائيلية، كما حدث يوم أمس وأول من أمس في هضبة الجولان. فخلال العامين الماضيين قام جيش إسرائيل بمهاجمة كثير من الأهداف التابعة للجيش السوري، وألحق أضراراً في البنى التحتية ومنظومات الأسلحة، بل وتسبب في خسائر بشرية في صفوف الجيش. ثانياً، يواصل الجيش الحفاظ على منظومة منع الاحتكاك بروسيا، وهي تواصل الحفاظ على «الخط الساخن» المفتوح بين جيشي الدولتين في حالات الطوارئ من أجل منع وقوع سوء تفاهم. كما أن وفداً من ضباط إسرائيليين، تابعين لهيئة التخطيط وقسم العمليات ينطلق مرة كل بضعة أسابيع إلى روسيا من أجل إجراء لقاءات معمقة حول ما يحدث في المنطقة. وبحسب الضابط رفيع الشأن، «فإن هذه المنظومة شديدة الفاعلية والنجاعة إلى الحد الذي دفع بدول أخرى إلى تبني المنظومة ذاتها، من أجل الامتناع عن الوقوع في حالات سوء فهم في الإقليم». وثالثاً، «يشجع جيش إسرائيل عودة قوات الطوارئ الدولية إلى سوريا من أجل إشغال المواقع العسكرية مقابل ضمانات تقدمها دولة إسرائيل للحفاظ على أمن هؤلاء». فهو يرى في قرار الأمم المتحدة المتمثل في إعادة قوات الطوارئ الدولية، بحسب النموذج الذي كان معمولاً به منذ عام 1974، كقوة رقابية مسؤولة عن الفصل، «خطوة إيجابية جداً ستساعد في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي». وبحسب الضابط الإسرائيلي، فإن قوات الطوارئ الدولية ستقوم بالتموضع في نقاط مراقبة إضافية في هضبة الجولان على الجانب السوري. ركيزة رابعة إضافية تؤدي، بحسب الضابط، إلى الحفاظ على استقرار الحدود، هي مواصلة معالجة المواطنين السوريين، الذين يصابون بجروح في المعارك المختلفة في سوريا. وقد كشف الضابط أن هناك أكثر من 50 سورياً يعالجون في هذه الأيام في إسرائيل، حيث تمت معالجة آلاف المواطنين السوريين في إسرائيل منذ بداية الحرب الأهلية.



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.