أطفال تركيا يحكمونها في «يوم الطفولة والسيادة الوطنية»

أحدهم في مقعد إردوغان وآخرون مكان رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة

أطفال أتراك يحتفلون بعيدهم أمام ضريح أتاتورك في العاصمة أنقرة أمس
أطفال أتراك يحتفلون بعيدهم أمام ضريح أتاتورك في العاصمة أنقرة أمس
TT

أطفال تركيا يحكمونها في «يوم الطفولة والسيادة الوطنية»

أطفال أتراك يحتفلون بعيدهم أمام ضريح أتاتورك في العاصمة أنقرة أمس
أطفال أتراك يحتفلون بعيدهم أمام ضريح أتاتورك في العاصمة أنقرة أمس

تنازل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن مهام منصبه مؤقتاً إلى الطفل يغيت تورك، الطالب بالصف الرابع الابتدائي، بمناسبة احتفال تركيا بـ«يوم الطفولة والسيادة الوطنية».
وقام الرئيس المؤقت بإلقاء كلمة بمناسبة «يوم الطفولة والسيادة الوطنية»، أشار فيها إلى أن تركيا في هذا اليوم لم تنسَ أيضاً الأطفال الذين يعيشون بالبلاد التي تشهد حروباً وصراعات.
وأجاب الطفل تورك عن أسئلة الصحافيين التي كان بعضها حول التعديلات الدستورية الأخيرة، وقال تورك إنه لا يرى أي مانع في أن يتولى رئيس الجمهورية رئاسة حزبه أيضاً. كما أشار إلى أهمية التعديلات الدستورية الأخيرة بالنسبة لمستقبل الأطفال ومن ثم مستقبل تركيا.
كما تولى مجموعة من الأطفال مناصب رئيس الوزراء التركي وأعضاء حكومته، وجلسوا في مقاعدهم أمس الأحد، وهو تقليد معهود في 23 أبريل (نيسان) من كل عام، وهو اليوم الذي تحتفل فيه تركيا بـ«يوم الطفولة والسيادة الوطنية»، حيث كان هو اليوم الذي تأسس فيه مجلس الأمة الكبير (البرلمان) التركي على يد مصطفى كمال أتاتورك مؤسس الجمهورية التركية.
وجلس الطفل ياووز كاتشي (10 أعوام) في مقعد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم ليوم واحد بعد اختياره عن طريق انتخابات جرت بين طلاب المدارس الابتدائية في تركيا.
وأعرب يلدريم في كلمة له خلال مراسم تسليم رئاسة الوزراء عن خالص تمنياته لجميع الأطفال بمناسبة «يوم الطفولة والسيادة الوطنية» قائلاً إن كل طفل هو بشرى، مثل الزهور التي تبشر بقدوم فصل الربيع.
وأضاف يلدريم، أن يوم 23 أبريل (نيسان) هو من أهم المحطات في تاريخ نضال السيادة الوطنية التركية، وهو التاريخ الذي عقد فيه أول اجتماع للبرلمان عقب احتلال مدينة إسطنبول.
وألقى الطفل كاتشي كلمة عبر فيها عن سعادته بالمنصب الجديد، الذي حصل عليه عقب نيله ثقة الأطفال خلال عملية التصويت قائلا إنه يتمنى لجميع أطفال العالم مستقبلاً زاهراً، ودعا بالرحمة لضحايا محاولة الانقلاب التي شهدتها تركيا في منتصف يوليو (تموز) العام الماضي.
وخاطب كاتشي زملاءه الأطفال قائلا إنه بإمكانهم الآن أن يكون من بينهم من يصل لمنصب الوزراء بعد 8 سنوات فقط، بموجب التعديلات الدستورية التي أقرت في الاستفتاء الذي أجرى في 16 أبريل الحالي للانتقال من النظام البرلماني إلى الرئاسي، حيث تضمنت حزمة التعديلات مادة تنص على خفض سن الترشح للانتخابات البرلمانية من 25 إلى 18 عاماً، معبراً عن شكره للحكومة على هذه التعديلات التي تتيح له الفرصة للوصول إلى منصب وزير بعد 8 سنوات.
وتباحث كاتشي مع مجلس وزرائه المكون من الأطفال حول تحويل نظام التعليم إلى فترة واحدة في اليوم، بدلاً عن نظام الفترتين الصباحية والمسائية، حتى يتسنى للطلاب الذهاب والعودة المبكرة إلى بيوتهم، ليتمكنوا من مراجعة دروسهم.
كان مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال مصطفى أتاتورك أعلن عن إطلاق البرلمان التركي في 23 أبريل عام ،1920 وأعلن هذا اليوم «يوماً عالمياً للطفل» يحتفل به أطفال تركيا مع أطفال العالم، كما اعتبرته منظمة اليونيسكو يوما عالميا، وشارك في احتفالات اليوم هذا العام أطفال من 137 دولة استضافتهم تركيا لمدة أسبوع.
وشهدت تركيا أمس احتفالات رسمية بـ«يوم الطفولة» والذكرى الـ97 لانعقاد أول جلسة للبرلمان، وهو ما يعرف بـ«يوم السيادة الوطنية» وسط فعاليات مختلفة في جميع أنحاء البلاد، وترأس نائب رئيس البرلمان التركي أحمد أيدن وفداً زار ضريح أتاتورك بالعاصمة أنقرة، ضم رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، ونوابه، وزعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو، وزعيم حزب الحركة القومية دولت بهشلي، ونوابا في البرلمان.
كما ترأس وزير التعليم التركي، عصمت يلماز وفدا آخر ضمّ معلمين وطلابا من مختلف الفئات العمرية، زار الضريح ووضع الزوار أكاليل الزهور أمام ضريح أتاتورك، كما وقعوا بكلمات في دفتر الزوار.
كما وجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أول من أمس السبت، رسالة إلى الشعب التركي قال فيها إن تركيا تكافح في سبيل القضاء على القوى الساعية للاستيلاء على الإرادة الوطنية، وبناء مستقبل يكفل السلام والأمن لأطفالها.
وأضاف إردوغان أن تركيا تستذكر بكل احترام مآثر قائد حرب الاستقلال الرئيس المؤسس للجمهورية أول رئيس للبرلمان التركي، مصطفى كمال أتاتورك، وجميع «الشهداء» والمحاربين.
وأكد أن الاستفتاء الذي شهدته تركيا في 16 أبريل الحالي سيكون نقطة تحولٍ في تاريخ الديمقراطية والبرلمان التركي، الذي تتجلى فيه الإرادة الوطنية، والذي كان مقر قيادة حرب الاستقلال ورمزها.
وشهدت مدارس تركيا احتفالات ومهرجانات بمشاركة الأطفال وأسرهم بمناسبة «يوم الطفولة».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».