السعودية... «مؤشر القياس» للأسواق الناشئة

بعد نجاح إصدارها الدولي للصكوك

حجم الإصدار الخاص بالصكوك السعودي الذي بلغ الطلب العالمي عليه 33 مليار دولار لن يتكرر من أي دولة (أ.ف.ب)
حجم الإصدار الخاص بالصكوك السعودي الذي بلغ الطلب العالمي عليه 33 مليار دولار لن يتكرر من أي دولة (أ.ف.ب)
TT

السعودية... «مؤشر القياس» للأسواق الناشئة

حجم الإصدار الخاص بالصكوك السعودي الذي بلغ الطلب العالمي عليه 33 مليار دولار لن يتكرر من أي دولة (أ.ف.ب)
حجم الإصدار الخاص بالصكوك السعودي الذي بلغ الطلب العالمي عليه 33 مليار دولار لن يتكرر من أي دولة (أ.ف.ب)

يُنظر إلى نجاح السعودية في إصدارها الدولي الأول للصكوك، الذي بلغ الطلب العالمي عليه 33 مليار دولار، على أنه برهان بأن المملكة في طريقها لتصبح «مؤشر القياس» للأسواق الناشئة، مع توقعات بأن يجلب أموالاً ضخمة لدعم الموازنة العامة ومشاريع البنية التحتية عبر إنشاء محفظة، مع توقعات باستفادة قطاعات كثيرة من البرنامج، كالشركات العقارية والعاملة في الإسمنت.
وقال الاقتصادي الدكتور سالم باعجاجه في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «إن إصدار وزارة المالية لبرنامج الصكوك الدولي، الذي تلقى طلبات عالمية بلغ 33 مليار دولار، يؤكد نجاح السياسات المالية السعودية في هذا الإصدار»، مشيراً إلى أن هذا الإصدار سيعزز الاقتصاد الوطني ويزرع الثقة في المعنيين بذلك.
ويعتقد أن النجاح السعودي، في هذا الإصدار، يؤكد أن المملكة تمضي بخطى واثقة في بناء بيئة اقتصادية سليمة قادرة على استيعاب التحديات وخالقة للفرص الكبيرة في الوقت نفسه، متوقعاً أن تتدفق أموال كثيرة على البلاد بموجب هذا الإصدار من شأنه يحقق الأهداف المرجوة من هذا البرنامج والمتمثل في دعم الموازنة العامة والمشاريع الحيوية المهمة.
من جهته، قال محمد الخنيفر، الخبير في أسواق الدين الإسلامية في مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، لـ«الشرق الأوسط»: «إن البرنامج السعودي للصكوك الدولي، انتظرته صناعة المالية الإسلامية لعقود طويلة، وجاء الآن في وقته تماماً، وهو يتسق مع السياسات الاقتصادية، ويعتبر دخول متميز لأسواق الدين العالمية».
ويعتقد أن «حجم الإصدار الخاص بالصكوك، الذي بلغ الطلب العالمي عليه 33 مليار دولار، لن يتكرر من أي دولة، ولن يكسره إلا السعودية نفسها»، مستبشراً خيراً بانضمام المملكة لمصاف الدول التي أصدرت صكوك سيادية.
ولفت الخنيفر، إلى أن الأسعار النهائية تشير إلى أن هوامش الائتمان (spread) الخاصة بالصكوك تُعتَبَر الأقل مقارنة مع نظيرتها مع إصدار السندات السابق، مشيراً إلى أن وزار المالية، تسعى لرفع نسبة الدين العام للناتج المحلي الإجمالي إلى 30 في المائة بحلول 2020، وحالياً هذه النسبة تصل إلى 13.6 في المائة.
وزاد: «هوامش الائتمان لسندات الخمس سنوات كانت قبل 6 أشهر 135 نقطة أساس، والآن تصل مع الصكوك إلى 100 نقطة أساس. في حين أن هوامش الائتمان لشريحة العشر سنوات، وصلت عن إغلاق السندات إلى 165 نقطة أساس مقارنة مع 145 نقطة أساس مع الصكوك».
ويرجع سبب هبوط هوامش الائتمان للمملكة خلال الفترة الماضية وفق الخنيفر، لارتفاع أسعار النفط، وكذلك بسبب ثقة المستثمرين بالإصلاحات الاقتصادية وذلك مع التحسن الواضح للمالية العامة مقارنه عما كانت عليه قبل سنتين.
وبخصوص ارتباط أدوات الدين بالرؤية، قال الخنيفر: «السنة الماضية خرجت السعودية بأضخم إصدار سندات في تاريخ الأسواق الناشئة. وحتى باكورة إصداراتها من الصكوك تُعد أكبر إصدار من الأسواق الناشئة لهذه السنة. وبظني أن السعودية في طريقها لتصبح (مؤشر القياس) للأسواق الناشئة».
ووفق الخنيفر، تهدف السعودية، بهذا البرنامج، إلى استجلاب أموال المستثمرين لدعم مشاريع البنية التحتية والموازنة العامة، متوقعاً أن يتم ذلك عبر إنشاء محفظة تحتوي على عدد من مشاريع البنية التحتية.
ونوه الخنيفر إلى أن وزارة المالية تقوم بتطويع الصكوك من أجل دعم التنمية وزيادة رفاهية المواطن، لذلك الشركات العقارية والإسمنت ستستفيد، وكذلك البنوك عبر احتمالية إيداع متحصلات الإصدار لديها.
وتوقع مشاركة البنوك الإسلامية من السعودية في الإصدار، خصوصاً أن هذه الصكوك (ذات التقييم الائتماني المرتفع) تتوافق مع معايير السيولة الخاصة ببازل 3، إلى جانب أن هذا الدين السيادي يعتبر وبحسب معايير بازل عديم المخاطر (Zero Risk Weighting) للبنوك السعودية.
من ناحيته، قال الاقتصادي عبد المليحي لـ«الشرق الأوسط»: «إن برنامج الصكوك الدولي السعودي، برهن للعالم أجمع قوة ومتانة الاقتصاد الوطني، حيث كان هناك إقبال كبير من المستثمرين على الإصدار السعودي الدولي الأول تحت برنامج الصكوك حيث تجاوز المجموع الكلي لطلبات الاكتتاب في هذه الصكوك مبلغاً قدره 33 مليار دولار».
توقع المليحي أن يلي هذا الإقبال من النتائج المتوقعة في الأعوام المقبلة ما يتوافق مع برامج الرؤية السعودية 2030، مبينا أن هناك قطاعات حيوية مهمة ستكون هي المستفيد الأكبر من هذا الإصدار، متوقعاً استجلاب أموال للاستثمار بحجم كبير، في قطاعات البنية التحتية، بالإضافة إلى تحقيق الهدف المنشود منها في تعزيز وضع الموازنة العامة.
يُشار إلى وزارة المالية السعودية تلقت طلباً قوياً من قبل المستثمرين على إصدارها الدولي للصكوك، حيث تجاوز مجموع طلبات الاكتتاب فيها 33 مليار دولار، وحدد حجم الإصدار بقيمة 9 مليارات دولار على شريحتين من الصكوك، بمعدل 4.5 مليار دولار لصكوك تُستحق في عام 2022، و4.5 مليار دولار لصكوك تُستحق في عام 2027.



الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

انكمش الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.1 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، في الفترة التي سبقت أول موازنة للحكومة الجديدة، وهو أول انخفاض متتالٍ في الناتج منذ بداية جائحة «كوفيد - 19»، مما يؤكد حجم التحدي الذي يواجهه حزب العمال لتحفيز الاقتصاد على النمو.

فقد أظهرت أرقام مكتب الإحصاء الوطني أن الانخفاض غير المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي كان مدفوعاً بتراجعات في البناء والإنتاج، في حين ظلَّ قطاع الخدمات المهيمن راكداً.

وكان خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم يتوقَّعون نمو الاقتصاد بنسبة 0.1 في المائة. ويأتي ذلك بعد انخفاض بنسبة 0.1 في المائة في سبتمبر (أيلول) ونمو بطيء بنسبة 0.1 في المائة في الرُّبع الثالث من العام، وفقاً لأرقام الشهر الماضي.

وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الأسبوع الماضي، إن «هدف الحكومة هو جعل المملكة المتحدة أسرع اقتصاد نمواً بين دول مجموعة السبع، مع التعهد بتحقيق دخل حقيقي أعلى للأسر بحلول عام 2029».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (إ.ب.أ)

لكن مجموعة من الشركات قالت إنها تخطِّط لإبطاء الإنفاق والتوظيف بعد موازنة حزب العمال في أكتوبر، التي تضمَّنت زيادات ضريبية بقيمة 40 مليار جنيه إسترليني.

وقال خبراء اقتصاديون إن الانكماش الشهري الثاني على التوالي في الناتج المحلي الإجمالي يعني أن الاقتصاد نما لمدة شهر واحد فقط من الأشهر الخمسة حتى أكتوبر، وقد يعني ذلك أن الاقتصاد انكمش في الرُّبع الرابع ككل.

وقالت وزيرة الخزانة راشيل ريفز، إن الأرقام «مخيبة للآمال»، لكنها أصرَّت على أن حزب العمال يعيد الاقتصاد إلى مساره الصحيح للنمو.

أضافت: «في حين أن الأرقام هذا الشهر مخيبة للآمال، فقد وضعنا سياسات لتحقيق النمو الاقتصادي على المدى الطويل، ونحن عازمون على تحقيق النمو الاقتصادي؛ لأنَّ النمو الأعلى يعني زيادة مستويات المعيشة للجميع في كل مكان».

واشتكت مجموعات الأعمال من أن التدابير المعلنة في الموازنة، بما في ذلك زيادة مساهمات التأمين الوطني لأصحاب العمل، تزيد من تكاليفها وتثبط الاستثمار.

وانخفض الناتج الإنتاجي بنسبة 0.6 في المائة في أكتوبر؛ بسبب الانخفاض في التصنيع والتعدين والمحاجر، في حين انخفض البناء بنسبة 0.4 في المائة.

وقالت مديرة الإحصاءات الاقتصادية في مكتب الإحصاءات الوطنية، ليز ماكيون: «انكمش الاقتصاد قليلاً في أكتوبر، حيث لم تظهر الخدمات أي نمو بشكل عام، وانخفض الإنتاج والبناء على حد سواء. شهدت قطاعات استخراج النفط والغاز والحانات والمطاعم والتجزئة أشهراً ضعيفة، وتم تعويض ذلك جزئياً بالنمو في شركات الاتصالات والخدمات اللوجيستية والشركات القانونية».

وقال كبير خبراء الاقتصاد في المملكة المتحدة لدى «كابيتال إيكونوميكس»، بول ديلز، إنه «من الصعب تحديد مقدار الانخفاض المؤقت، حيث تم تعليق النشاط قبل الموازنة».

وأضاف مستشهداً ببيانات مؤشر مديري المشتريات الضعيفة: «الخطر الواضح هو إلغاء أو تأجيل مزيد من النشاط بعد الميزانية... هناك كل فرصة لتراجع الاقتصاد في الرُّبع الرابع ككل».

وأظهرت الأرقام، الأسبوع الماضي، أن النمو في قطاع الخدمات المهيمن في المملكة المتحدة تباطأ إلى أدنى معدل له في أكثر من عام في نوفمبر (تشرين الثاني)؛ حيث استوعبت الشركات زيادات ضريبة الأعمال في الموازنة.

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

وسجَّل مؤشر مديري المشتريات للخدمات في المملكة المتحدة الذي يراقبه من كثب «ستاندرد آند بورز غلوبال» 50.8 نقطة في نوفمبر، بانخفاض من 52.0 نقطة في أكتوبر.

وفي الشهر الماضي، خفَض «بنك إنجلترا» توقعاته للنمو السنوي لعام 2024 إلى 1 في المائة من 1.25 في المائة، لكنه توقَّع نمواً أقوى في عام 2025 بنسبة 1.5 في المائة، مما يعكس دفعة قصيرة الأجل للاقتصاد من خطط موازنة الإنفاق الكبير لريفز.