أزمة المكسيك تدق ناقوس الخطر حول مستقبل النفط في العالم

دول الشرق الأوسط ستظل الملاذ الأخير للأسواق العالمية

أزمة المكسيك تدق ناقوس الخطر حول مستقبل النفط في العالم
TT

أزمة المكسيك تدق ناقوس الخطر حول مستقبل النفط في العالم

أزمة المكسيك تدق ناقوس الخطر حول مستقبل النفط في العالم

في عام 2005، كان الحديث عن نهاية عصر النفط ووصول كبار المنتجين في العالم إلى ذروة إنتاجهم رائجاً لدرجة أن أحد المستثمرين الأميركيين، وهو ماثيو سيمنز، كتب كتاباً عن عدم قدرة السعودية على زيادة إنتاجها.
وضعفت نظرية «ذروة النفط» بعد أن تمكنت السعودية في عام 2009 من إنهاء برنامجها لرفع طاقتها الإنتاجية إلى 12.5 مليون برميل يومياً، وماتت النظرية تماماً في عام 2012 عندما وصل إنتاج النفط الأميركي إلى أعلى مستوياته بفضل الثورة التقنية المعروفة باسم التكسير الهيدروليكي، والتي أدت إلى استخلاص كميات ضخمة جداً من النفط في المكامن الضيقة؛ والذي يعرف باسم النفط الصخري.
وبعد مرور قرابة خمس سنوات، ورغم موت نظرية ذروة النفط وفكرة عدم وجود نفط كافٍ في عصرنا الحالي، إلا أن الأحداث لا تزال تدفع بالشكوك حول مستقبل النفط العالمي.
وفي تطور غريب للأحداث، أعلنت هيئة الموارد الطبيعية في المكسيك في الأول من أبريل (نيسان) الحالي أن آبار البلاد النفطية سوف تنضب خلال عشر سنوات تقريباً، إذا لم يتم تدارك الوضع وعودة الاستثمار بشكل صحي في التنقيب والاستكشافات.
وهذه لم تكن «كذبة أبريل»؛ فبحسب ما أعلنته الهيئة فإن احتياطيات المكسيك المؤكدة من النفط انخفضت بنسبة 10.6 في المائة في 2016، إلى قرابة 9.16 مليار برميل، بسبب تراجع الاستثمارات في التنقيب عن النفط بعد أزمة هبوط الأسعار الأخيرة.
ورغم حساسية الإعلان وخطورته، فإن السوق لم تهتم ولم يتفاعل أحد مع إعلان المكسيك والسبب هو أن العالم الآن يغرق في النفط، وهو ما يعود إلى زيادة الإنتاج من المصادر غير التقليدية ومن المصادر التقليدية. فهل يجب أن نقلق من الإعلان المكسيكي ونتوقع انهيار دولة من كبار منتجي النفط مثل المكسيك؟
يقول الدكتور سداد الحسيني، أحد الخبراء العالميين في قطاع المنبع وفي مجال التنقيب والاستكشافات، لـ«الشرق الأوسط»: «هذا ما سبق وأن حذرنا منه، ولكن لم يكن أحد يستجيب إلى ما نقوله. هناك مبالغات كبيرة جداً في الأرقام المعلنة لاحتياطيات النفط المؤكدة لكثير من الدول، ومع مرور الوقت تتكشف الحقائق أن الدول لا يوجد لديها نفط كافٍ لعشرات السنين».
ويقول الحسيني، الذي كان نائباً أعلى للرئيس في «أرامكو» السعودية للاستكشافات والتطوير، إن «العالم قد استهلك النفط السهل؛ وكل النفوط المتبقية في العالم هي النفوط الثقيلة أو تلك صعبة الاستخراج... وكلما نتقدم في السنين أكثر تقل كميات النفوط السهلة والرخيصة».
وبحسب بيانات بريتيش بتروليم، والتي تعتبر مرجعاً لكل القطاع النفطي فيما يتعلق ببيانات السوق العالمية، فإن إجمالي احتياطيات المكسيك المؤكدة بنهاية عام 2015 كانت عند مستوى 10.8 مليار برميل، ولكنها كانت عند 48.8 مليار برميل في عام 1995.
هذه الأرقام تبين حجم التراجع الكبير في حقول النفط التقليدية في العالم، وتبين الحاجة الكبيرة إلى زيادة الاستثمارات النفطية، والتي تراجعت بنحو 300 مليار دولار في السنوات الثلاثة الأخيرة منذ أن انخفضت أسعار النفط في منتصف عام 2014، بحسب تقديرات منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك).
وحتى يلبي القطاع النفطي الطلب المتنامي على النفط في العالم، فإنه يحتاج إلى استثمارات تقدر بنحو 10 تريليونات دولار، بحسب ما ذكره الأمين العام لمنظمة «أوبك» في أكثر من مناسبة هذا العام.

النفط غير التقليدي والتقليدي
ويعتمد العالم كثيراً الآن على توقعاته لنمو إنتاج النفط غير التقليدي، مثل النفط الصخري، والذي يبدو مستقبله واعداً.. إلا أن خبراء مثل عثمان الخويطر، الذي عمل لنحو 40 عاماً في استخراج النفط والغاز في «أرامكو السعودية»، يرى أن الحديث عن النفوط غير التقليدية يضلل الكثير عن فهم حقيقة أوضاع حقول النفط عالمياً.
ويضيف الخويطر أن البترول التقليدي مثل النفط الذي تنتجه دول «أوبك» هو الأقل تكلفة والأكثر من ناحية الاحتياطيات، وأما غير التقليدي مثل النفط الصخري ونفط الرمال الكندي فهو المكلف وقليل الإنتاج.
ويقول الخويطر إن 90 في المائة من الإنتاج العالمي اليوم هو من النفط التقليدي الرخيص، ولم يتبق منه سوى تريليون برميل، وبعدها سيصل إلى مرحلة ترتفع خلالها التكلفة ويقل الإنتاج.
ويضيف: «وعندما يفقد الإنتاج العالمي ملايين البراميل من الرخيص قبل نهاية العقدين المقبلين، سوف يكون من المستحيل تعويض ذلك من غير التقليدي - أي من الصخري وغيره»، وحتى يتمكن العالم من تعويض النفط التقليدي وببضعة ملايين فقط من النفط غير التقليدي، فإن هذا مشروط بارتفاع الأسعار إلى ما يقارب 150 دولاراً للبرميل.
وستظل دول الشرق الأوسط هي الملاذ الأخير لأسواق النفط العالمية؛ إذ إنها هي الوحيدة التي تمتلك احتياطيات مؤكدة بمئات مليارات البراميل من النفوط التقليدية السهلة الاستخراج بتكلفة هي الأقل في العالم.
وقدر الخبير النفطي في إدارة الشؤون الفنية بمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك) تركي الحمش، حجم الاحتياطيات المؤكدة من النفط في الدول العربية بنحو 710 مليارات برميل في مطلع العام الحالي.
وأوضح الحمش في ورقة عمل قدمها في الجلسة الأولى من الملتقى الرابع والعشرين لأساسيات صناعة النفط والغاز الذي نظمته «أوابك» الذي انعقد في الكويت، أن هذه الاحتياطيات العربية تمثل 55.6 في المائة من الاحتياطيات العالمية. ووفقاً للحمش، فقد تجاوز معدل إنتاج النفط في الدول العربية حتى نهاية عام 2016 حاجز 25 مليون برميل يومياً، إضافة إلى نحو 4 ملايين برميل من سوائل الغاز الطبيعي.

الحل في ارتفاع الأسعار
إذن ما الحل حتى لا يصل العالم إلى ذروة الإنتاج ويصبح نمو إنتاج النفط أقل من نمو الطلب؟ بالنسبة لخبير مثل سداد الحسيني، فإن الحل الوحيد هو زيادة أسعار النفط حتى يتمكن المنتجون من الاستثمار في التنقيب والاستكشافات وفي زيادة الحفر. وبالنسبة للحسيني، فإن ارتفاع أسعار النفط مسألة وقت لا أكثر، إذ إن العالم بعد ثلاثة إلى أربع سنوات سيرى نتيجة تراجع الاستثمارات النفطية خلال العامين الماضيين، والتي ستؤدي إلى تباطؤ نمو الإنتاج وسط زيادة الطلب بأكثر من مليون برميل سنوياً، كما تقدر وكالة الطاقة الدولية. ولهذا فإن سعراً ثابتاً للنفط عند 70 إلى 80 دولاراً للبرميل ليس مستبعداً خلال السنتين المقبلتين.
أما الخويطر، فيبدو أنه أكثر تشاؤماً فيما يتعلق بقدرة المنتجين على زيادة إنتاجهم خلال العقود المقبلة، إذ إن كميات النفط تحت الأرض لن تغيرها أي تقنية؛ ولهذا فهو يرى أنه من الأفضل أن يتجه العالم إلى التوسع في إنتاج الطاقة المتجددة والبديلة حتى يخف الضغط على النفط، والذي سيظل مصدر الطاقة الرئيسي إلى جانب الأنواع الأخرى من الوقود الأحفوري خلال العقود المقبلة.
ويبدو أنه لا يوجد أحد أكثر قلقاً على مستقبل الاستثمارات النفطية من وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، الذي ظل ينبه لهذا الأمر في أغلب المناسبات خلال الأشهر الماضية، إذ إنه يعي أنه من دون أسعار نفط مناسبة للجميع لن تتمكن الشركات من الاستثمار؛ وهذا معناه أسعار نفط عالية مستقبلاً وكميات منتجة أقل.
ماذا يعني كل هذا لشركة مثل «أرامكو - السعودية» توشك على بيع أسهمها للاكتتاب؟ معناه أن المستثمرين في الشركة يجب أن يعوا جيداً أن الاستثمار في الحفاظ على طاقة المملكة الإنتاجية سنوياً هو من أبرز أولويات الشركة، وهذا بالطبع لن يكون سهلاً، بل سيكلف مليارات الدولارات. لكن المسؤولية الملقاة على «أرامكو» هي من يفرض هذا الشيء؛ إذ ستظل المملكة البنك المركزي للنفط، حتى بعد أن تصبح «أرامكو» مدرجة في أسواق المال العالمية.



معنويات متأرجحة للشركات اليابانية تصعب من مهمة «المركزي»

مشاة يمرون أمام محال تجارية في وسط العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
مشاة يمرون أمام محال تجارية في وسط العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
TT

معنويات متأرجحة للشركات اليابانية تصعب من مهمة «المركزي»

مشاة يمرون أمام محال تجارية في وسط العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
مشاة يمرون أمام محال تجارية في وسط العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)

أظهر مسح ربع سنوي أجراه البنك المركزي الياباني تحسناً طفيفاً في توقعات الشركات، لا سيما في الصناعات الثقيلة الرئيسية، مثل صناعة السيارات والوقود الأحفوري والآلات، بينما تراجعت في صناعة الخدمات.

ومن شأن نتائج استطلاع «تانكان» التي أصدرها بنك اليابان يوم الجمعة، وهو المسح الاقتصادي القصير الأجل للشركات، أن يؤثر على قرار البنك بشأن رفع سعر الفائدة الرئيسي، الأسبوع المقبل.

ويظهر الاستطلاع الفارق بين الشركات التي تقول إنها متفائلة حيال أوضاع الأعمال وتلك المتشائمة. وقوضت نتيجة الاستطلاع الأحدث توقعات زيادة سعر الفائدة، كما تأرجح الين الياباني خلال الأسبوع؛ حيث بلغ معدل تداول الدولار الأميركي أمام الين 152.9 ين يوم الأربعاء، وهو معدل قريب لأعلى مستوى خلال أسبوعين. ونما اقتصاد اليابان بوتيرة سنوية معدلة بلغت 1.2 في المائة في الربع السابق، مدفوعاً بإنفاق استهلاكي مستدام.

وارتفعت المعنويات الإجمالية للشركات، للمصنعين وغير المصنعين إلى 15 نقطة من 14 نقطة في مسح سابق. وارتفع مؤشر معنويات كبرى الشركات الصناعية إلى 14 نقطة في ديسمبر (كانون الأول)، من 13 نقطة في سبتمبر (أيلول) الماضي، ويرجع ذلك جزئياً إلى استئناف مصنعي السيارات الإنتاج عقب فضائح شهادات اختبارات السيارات في الصناعة. كما تحسّنت شركات الإنشاءات والعقارات.

وفي حين أن شركات تصنيع السيارات وغيرها من الصناعات الأخرى الكبيرة أحرزت تقدماً، تراجعت المعنويات بين تجار التجزئة وغيرهم في صناعة الخدمات؛ حيث انخفضت إلى 33 نقطة من 34 نقطة رغم أنها ما زالت في منطقة إيجابية. وتراجع مؤشر تجار التجزئة بشكل حاد إلى 13 نقطة من 28 نقطة.

وفي الأسواق، تراجعت عائدات السندات الحكومية اليابانية متوسطة وطويلة الأجل يوم الجمعة مع تراجع احتمالات قيام بنك اليابان المركزي برفع أسعار الفائدة في اجتماعه للسياسة النقدية الأسبوع المقبل.

وانخفض العائد على السندات الحكومية اليابانية لأجل عامين نقطة أساس واحدة إلى 0.565 في المائة، والعائد على السندات لأجل خمس سنوات نقطتين أساس إلى 0.69 في المائة.

وقال ميكي دين، كبير استراتيجيي أسعار الفائدة في اليابان لدى «إس إم بي سي نيكو» للأوراق المالية: «تراجعت رهانات رفع أسعار الفائدة من جانب بنك اليابان المركزي، في حين دعمت عمليات شراء السندات التي يقوم بها بنك اليابان أيضاً المعنويات».

وأفادت «رويترز»، يوم الخميس، بأن بنك اليابان المركزي يميل إلى إبقاء أسعار الفائدة ثابتة مع تفضيل صناع السياسات قضاء المزيد من الوقت في التدقيق في المخاطر الخارجية والمؤشرات بشأن توقعات الأجور في العام المقبل. وجاء ذلك في أعقاب تقرير لوكالة «بلومبرغ» نيوز يوم الأربعاء أن بنك اليابان يرى «تكلفة ضئيلة» في الانتظار لرفع أسعار الفائدة.

وأشارت التوقعات إلى احتمال بنسبة 22.86 في المائة لرفع بنك اليابان أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى 0.5 في المائة هذا الشهر، واحتمال بنسبة 65.5 في المائة لهذه الخطوة في اجتماعه في يناير (كانون الثاني).

من جانبه، أغلق المؤشر «نيكي» الياباني منخفضاً يوم الجمعة مع اتجاه المتعاملين لجني الأرباح عقب صعود استمر 4 جلسات بعد أن رفعت البيانات الاقتصادية الأميركية الرهانات على خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) أسعار الفائدة الأسبوع المقبل.

وهبط المؤشر «نيكي» 0.95 في المائة إلى 39470.44 نقطة، لكنه كسب 1.94 في المائة خلال الأسبوع. ودفعت مكاسب يوم الخميس المؤشر القياسي إلى أعلى مستوى في شهرين. وتراجع المؤشر توبكس الأوسع نطاقاً 0.95 في المائة إلى 2746.56 نقطة، لكنه ارتفع 1.68 في المائة خلال الأسبوع.

وقال تاكيهيكو ماسوزاوا، رئيس التداول في «فيليب سيكيوريتيز اليابان»: «أدى ضعف إغلاق الأسواق الخارجية خلال ساعات الليل إلى انخفاض المعنويات، ما دفع المستثمرين إلى بيع الأسهم لجني الأرباح». وأضاف: «أرادت السوق تعديل مراكزها قبل عطلة نهاية الأسبوع».

وتجاوز المؤشر «نيكي» يوم الخميس مستوى 40 ألف نقطة الرئيسي للمرة الأولى منذ 15 أكتوبر (تشرين الأول). وتراجعت مؤشرات وول ستريت الليلة السابقة، إذ قيم المتعاملون المؤشرات الاقتصادية الرئيسية قبل اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع المقبل.

وأظهر تقرير وزارة العمل الأميركية، يوم الخميس، أن أسعار المنتجين ارتفعت 0.4 في المائة على أساس شهري في نوفمبر (تشرين الثاني)، مقارنة بتقديرات ارتفاع 0.2 في المائة، وفقاً لخبراء اقتصاد استطلعت «رويترز» آراءهم.

وتراجعت جميع مؤشرات القطاعات الفرعية في بورصة طوكيو للأوراق المالية البالغ عددها 33 باستثناء ثلاثة. ومن بين 1644 سهماً في السوق الرئيسية في بورصة طوكيو، ارتفع 32 في المائة وانخفض 64 في المائة، بينما استقر 3 في المائة.