مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

الحب {أعمى} وليس {أصم}

قرأت (ريبورتاجاً) عن معاناة كثير من الزوجات من (شخير) أزواجهن، وكان لذلك الريبورتاج صدى واسع، بحيث إن الصحافي الذي حققه تلقى أكثر من (150 ألف) اتصال، (99 %) منهن يؤكدن ذلك ويشكين (الويل والثبور)، وعرفت ساعتها يقينا أن الحب أعمى، ولكنه ليس أصم، وإليكم نماذج من تلك الردود. تقول إحداهن:
لقد عانيت طوال تسع سنوات ضجيجاً لا يمكن تصديقه. إن زوجي لا يشخر فقط، وإنما هو يقبع كالخنزير ويزمجر ويصرخ ويصفر ويهتز، وعندما أخبره بذلك فيما بعد ينكر أنه أحدث صوتا واحدا، ويتهمني بأنني مصابة (بالكوابيس).
وتقول زوجة أحد سماسرة الاستثمارات المالية:
إن زوجي لا يشخر فقط، بل إنه يطحن أسنانه أيضا، ويقدم لي تقارير مالية طوال الليل، فإن أيقظته غضب بعنف، والآن بعد 26 عاماً ماذا أفعل بعمري؟!
وكتبت أخرى تقول:
قضيت أربعة عشر عاما أستمع إلى شخير زوجي، وأنا معلقة في جانب السرير، لكي أحتفظ بيننا بأكبر مساحة ممكنة، ولكن (هربرت) من النوع العاطفي، فهو يواصل الاقتراب، وعندما يجدني يعانقني ويشخر في أذني مباشرة، وأخيراً تعلمت أن أتخلى عن جانب فراشي له، وأدور حول السرير لأصعد فوقه من الجانب الآخر. إنني سيدة متعبة جداً.
وكتبت زوجة أخرى معذبة تقول:
لم يكن الأمر ليهمني سواء أكان زوجي يشخر بإيقاعات منتظمة كسائر الناس أم لا، ولكن (جو) يفزعني إلى حد الموت عندما يتوقف عن الشخير فجأة وتتكتم أنفاسه، وحينئذٍ لا أعرف هل أرسل في طلب طبيب أو قسيس - انتهى. ليس معنى ذلك أن النساء لا يشخرن، بل إن بعض شخير الواحدة منهن مثل صوت (السيارة المخبطة) والعياذ بالله، غير أن الرجال من هذه الناحية يتفوقن على النساء (بستين مرّة).
وأنا ولا فخر أنام وكأنني أأكل رزا مع الملائكة بهدوء، وذلك بعد أن تعلمت النومة (الملوكية)، وبعضهم يسميها نومة (المومياء)، حيث أنام وأنا مستلقٍ على ظهري ووجهي متجه إلى سقف الغرفة، وعاقد يدي على صدري، وواضع يدي اليمنى فوق يدي اليسرى وكأنني أصلي.
ولكي أتأكد من ذلك وضعت مسجلاً عند رأسي طوال الليل، ولم أسمع شخرة واحدة، اللهم إلا من ترديدي بعض الأغاني العاطفية وأحياناً الحماسية. وسبب تعلمي هذه الطريقة، أنني اضطررت إلى دخول المستشفى، وأجريت عملية، وفرض علي الطبيب أن أتمدد في سريري ليلاً ونهاراً بهذه الطريقة لمدة شهر كامل، وبعدها تعودت عليها، فشكراً للمستشفى وللطبيب كذلك.