شارع عماد الدين... «برودواي» مصر المهجور

هنا مرت جوزفين بيكر وسارة برنار وغنت أم كلثوم وتنافس يوسف وهبي والريحاني

دار سينما مهجورة في شارع عماد الدين - نجيب الريحاني مع جوزفين بيكر عندما زارت القاهرة
دار سينما مهجورة في شارع عماد الدين - نجيب الريحاني مع جوزفين بيكر عندما زارت القاهرة
TT

شارع عماد الدين... «برودواي» مصر المهجور

دار سينما مهجورة في شارع عماد الدين - نجيب الريحاني مع جوزفين بيكر عندما زارت القاهرة
دار سينما مهجورة في شارع عماد الدين - نجيب الريحاني مع جوزفين بيكر عندما زارت القاهرة

بنايات باريسية الطابع ذات أعمدة وتيجان، وشرفات فينيسية ذات زخارف إسلامية شرقية تخطف الأبصار... فنادق وبنسيونات، دور سينما واستوديوهات فوتوغرافية تحمل أسماء أجنبية، بعضها مهجور، هي كل ما بقي من شارع الفن أو شارع عماد الدين.
يمتد الشارع إلى مسافة تزيد على ألفي متر، وينتهي عند ميدان رمسيس أو باب الحديد، كما كان يطلق عليها قديما، الذي يطل على محطة القطارات الرئيسية بمصر. يطل التاريخ من بنايات الشارع الممهورة بتوقيع المعماري أنطونيو لاشياك، كبير مهندسي السرايات الخديوية في عهد الخديو إسماعيل، أما الشوارع الجانبية المتفرعة منه فتحمل أسماء عمالقة الفن: نجيب الريحاني، وسيد درويش وزكريا أحمد وعلي الكسار. بين جدران هذا الشارع صدحت أم كلثوم وليلى مراد، وتغنى سيد درويش ومحمد عبد الوهاب بألحانهم الطربية، وتألق يوسف وهبي وجورج أبيض ونجيب الريحاني وأمينة رزق وتحية كاريوكا وسامية جمال وبديعة مصابني وغيرهم، وهنا مرت الممثلة الأميركية جوزفين بيكر التي جاءت لمصر في أربعينات القرن العشرين، وتجمعها مع نجيب الريحاني صورة رائعة في شارع عماد الدين هي ما بقي من تلك الزيارة، وكذلك الفنانة الفرنسية الشهيرة سارة برنار التي كانت تقدم عروضها على مسارحه؛ فقد كان هذا الشارع محراب أهل الفن في الشرق.
يمتد شارع عماد الدين من ميدان مصطفى كامل أو ميدان الخواجة سوارس، التاجر اليهودي الشهير الذي كان يقيم في بناية فخمة على ناصية شارع عماد الدين، وبعدها تستقبلك واحدة من أهم معالم مصر التراثية الشهيرة بـ«العمارة الحمراء»، وهي العقار الضخم الذي يضم المكتبة العريقة «الأنجلو المصرية»، وعددا من المحال الشهيرة الأخرى، هي عمارة عرفت في القرن الماضي باسم عمارة «برايان ديفيز» وهي عائلة إنجليزية استوطنت مصر وعملت في تجارة الملابس، ولا سيما تصميم ملابس المدارس الإنجليزية في مصر والسودان، وبعد فترة ابتاعته عائلة الشوربجي الشامية التي باعته لشركة الإسماعيلية التي قامت بشراء أغلب المباني التراثية في وسط القاهرة وأعادت ترميمها.
وينفرد بمعالم مميزة تحمل من التاريخ الاجتماعي والإنساني لمصر القرن العشرين الكثير من الحكايات التي لن تتكرر. على مقربة من ذلك العقار يوجد مقهى «الأميريكين» الشهير واستوديو «فارت»، وتوجد فنادق عاش بها كبار الفنانين، فندق «ألكسندر» وفندق «بيج بن» و«لوريا» كلها شهدت فصولا من كفاح أهل الفن الذين جاءوا للقاهرة هوليوود الشرق ليشقوا طريقهم.
كان من الصعب العثور على أشخاص عايشوا الفترة الذهبية للشارع العريق، أو حتى لقاء أفراد من أبناء الجاليات الأجنبية التي عاشت في هذا الشارع من الإيطاليين أو الغريك، لكن عثرنا على عم زكي (78 عاما) يجلس في دكانه الصغير الذي يبيع لعب الأطفال، حاولنا معه استعادة لمحات عن تاريخ الشارع، ويروي لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «كان هذا المحل منفذا لبيع الملابس التنكرية وأزياء التمثيل التي كان يستعين بها الممثلون، تملكه والدي من صاحبه (الترزي) أو الخياط اليوناني، وقد سمع منه حكايات كثيرة عن الفنانين والفنانات، وكان والدي يذكر دائما أن أشهر زبائنه كان يوسف بك وهبي وروزا اليوسف وليلى مراد»... يتنهد عم زكي محاولا التحايل على ذاكرته، قائلا: «نتمنى أن تعرف الأجيال الجديدة تاريخ هذا الشارع، في أي دولة أخرى ربما كان يتصدر أهم مزاراتها السياحية، خسارة كبيرة جدا، ولولا ما تقوم به شركة الإسماعيلية من ترميم للمباني لكان تحول إلى أبراج قبيحة».
أما عن أصل تسميه الشارع، فإن كتب التاريخ تشير إلى أن عماد الدين اسم لشيخ له ضريح بالقرب من تقاطع الشارع مع شارع الشيخ ريحان، يعود لعام 1661 ميلادية.
ولأهمية هذا الشارع؛ كتب عنه الكثير من المؤرخين، وستجده يطل بين مذكرات الفنانين، سواء مذكرات يوسف وهبي أو نجيب الريحاني التي تدور أحداث كثيرة منها في جنبات هذا الشارع، لكن من أهم الكتب التي تروي حكايات عن هذا الشارع كتاب «شارع عماد الدين.. حكايات الفن والنجوم» للكاتب المسرحي الشهير ألفريد فرج، الذي صدر عن الهيئة العامة للكتاب عام 2012، يقول فيه «قضيت أيامي في شارع الفن، زرته ثم أطلت الزيارة ثم أقمت فيه (!) التقيت ببعض الشخصيات من أهله ونجومه، وآخرون سمعت عنهم حكاياتهم، ولكني تابعت إبداع هؤلاء وأولئك وأحببته وتأملته. وكانت نقابة الممثلين تقع في شارع عماد الدين على عهد نقيبها الفنان ذي الصوت الرنان أحمد علام، وكان بابها الخلفي يتصل بالحارة التي تقع غرب أرض فندق شبرد القديم، الذي احترق في حريق القاهرة 26 يناير (كانون الثاني) 1952... وفي حديقته المقفرة شجرة محيط ساقها يقاس بعدة أمتار، وقيل إن عمرها آنذاك من عمر بناء الفندق الذي كان قصر الألفي بك، ثم اتخذه مقرا وسكنا نابليون بونابرت 1798، وسكنه من بعده قائد الحملة الجنرال كليبر، الذي قتله سلميان الحلبي.. وقيل تحت تلك الشجرة ذاتها (!).
ويروي ألفريد فرج أنه في مقاهي هذا الشارع التقى حمدي غيث ونعمان عاشور ويوسف إدريس وبليغ حمدي وعبد الرحمن الشرقاوي وصلاح أبو سيف وعبد المنعم مدبولي.
يقال إن هذا الشارع وحده كان يضم 15 مسرحا ودار عرض سينمائية، ومن أشهر مسارحه «الرينيسانس» و«الكورسال» الذي قدمت عليه «أوبريت العشرة الطيبة» وكان أكبر مسارح القاهرة إلا أنه تهدم تماما، ومسرح «برنتانيا» الذي قدمت عليه «كشكش بيك» و«راسبوتين»، ومسرح رمسيس الذي كان يواجه مسرح الريحاني، وكان يتنافس كل ليلة يوسف وهبي والريحاني، كل على مسرحه يقدم لجماهيره فنا هادفا. وكان شارع عماد الدين يضم مسرح «إجيبسيانا» الذي شيده اليوناني كانغالوس، ودار عرض «الكوزموغراف الأميركاني» تاريخ هذه المسارح يعود إلى عشرينات القرن العشرين، بعضها بقي وتحدى الزمن، وبعضها تساقطت جدرانه حزنا على الزمن الجميل. حال الشارع الآن أفضل من الماضي بعد أن أعادت محافظة القاهرة ترميم أغلب مبانيه وإعادة طلائها، فاستعاد الشارع جزءا من حيويته إلا أن روح الشارع لا تزال مفقودة بعد أن غلقت مسارحه ودور السينما التي كان يكتظ بها، فلم تعد أضواء المسارح تضوي وأفيشات السينما البراقة تجذب المارة. المسرح الوحيد الذي يعمل بشكل موسمي هو مسرح الريحاني، إلى جانب خمس دور سينما، هي: سينما ليدو، وسينما كوزموس، وكايروبالاس، وسينما ديانا، وبيجال. تبقى تلك المعالم القليلة شاهدة على زمن مضى وتاريخ متفرد عن أهل الفن الذين رحلوا ورحلت معهم عظمة تلك الحقبة التنويرية، لكنهم لم يغادروا وجدان الملايين حول العالم



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.