أثينا لا تقبل «مراوغة الدائنين» وعرقلة مستقبل اقتصادها

تسيبراس طالب بقمة لزعماء «اليورو» حال فشل اجتماع مالطا

تاسك في حديث مع تسيبراس خارج قصر ماكسيمو في أثينا أمس (رويترز)
تاسك في حديث مع تسيبراس خارج قصر ماكسيمو في أثينا أمس (رويترز)
TT

أثينا لا تقبل «مراوغة الدائنين» وعرقلة مستقبل اقتصادها

تاسك في حديث مع تسيبراس خارج قصر ماكسيمو في أثينا أمس (رويترز)
تاسك في حديث مع تسيبراس خارج قصر ماكسيمو في أثينا أمس (رويترز)

في مؤتمر صحافي مشترك بين رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك، ورئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس، عقد أمس الأربعاء في قصر ماكسيمو، مقر رئاسة الوزراء اليونانية وسط أثينا، أكد تسيبراس أنه لا يقبل «المراوغة» من قبل المانحين الدوليين ضد اليونان، ‏مشيراً إلى التأخير الطويل في عدم التواصل لاتفاق مع أثينا، وطالب تاسك بالدعوة لعقد قمة لزعماء منطقة اليورو، إذا لم يتم التوصل لاتفاق ‏بشأن اليونان غداً الجمعة في مالطا.
وحمل تسيبراس مسؤولية تأخير إنجاز التقييم الثاني للإصلاحات اليونانية إلى المقرضين الدوليين، وقال: «لن نتسامح مع المراوغين وتعطيل عجلة النمو الاقتصادي اليوناني بعد أن أخذ طريق الانتعاش».
وعلى وجه التحديد، خلال المؤتمر الصحافي عقب لقائه مع رئيس المجلس الأوروبي، قال تسيبراس إن «طلبات المقرضين لا يمكن أن تكون مقبولة، وهم السبب في المماطلة لإنهاء المفاوضات وتغيير الأهداف المتفق عليها».
وأضاف رئيس الوزراء اليوناني أن «مسؤولية تأخر إغلاق التقييم الأول كان أيضاً من قبل المقرضين، كما هو الحال حالياً»، وأشار إلى أن بعض الدائنين يضعون العقبات أمام أثينا لتحقيق الانتعاش الاقتصادي، مؤكداً أن هناك عملية مفاوضات جارية في بروكسل للتوصل إلى اتفاق، ينبغي أن تفضي إلى حل من شأنه أن يتم إقراره في اجتماع مجموعة اليورو في مالطا غداً الجمعة.
وأضاف تسيبراس أنه في حالة عدم خروج «الدخان الأبيض» من مجموعة اليورو، فإنه يطالب دونالد تاسك بعقد قمة لدول منطقة اليورو في أقرب وقت، وأنه ينبغي التوصل لاتفاق إيجابي قبل عيد الفصح وخلال أبريل (نيسان) الجاري.
وقال رئيس الوزراء اليوناني: «بسبب التأخير في التوصل لاتفاق، فإن كل يوم يمر يتسبب في تفاقم أزمة الاقتصاد اليوناني، ويدمر كل شيء مع التضحيات التي يقدمها الشعب اليوناني»، مشيراً إلى أنه «في عام 2016 حقق الاقتصاد نتائج باهرة من حيث الفائض الأولي؛ أعلى بكثير من 3 في المائة كما كان محدداً... مما يعني أنه بحلول عام 2016 تم ضبط الهدف في الفائض الأولي للميزانية لعام 2018».
وأشار تسيبراس إلى أن لقاءه مع تاسك كان فرصة لمناقشة التحديات الرئيسية التي يواجهها الاتحاد الأوروبي، مشدداً على أن الوقت قد حان لضرورة الانتقال إلى رؤية جديدة في الممارسة العملية لتعزيز الاتحاد الأوروبي ووحدته، وإعطاء الأولوية لتعميق مزاياه النسبية، وما يسمى بالمكتسبات الاجتماعية الأوروبية.
وخلال اللقاء، جرت مناقشة الدور المحوري الذي تلعبه اليونان لاستقرار المنطقة وأمن أوروبا، في ظل الظروف الحرجة، ومعالجة وإدارة قضية اللاجئين والهجرة، مع مواصلة تنفيذ الاتفاق الأوروبي مع تركيا، بحسب تسيبراس.
من جانبه، أشاد تاسك بالمحادثات التي أجراها في أثينا، موضحاً أن «الوضع قد تحسن في اليونان بشكل كبير... وهذا ينطبق على الوضع الاقتصادي، ولكن أيضاً ينطبق على أزمة الهجرة»، مشيراً إلى ضرورة معالجة الأزمات الاقتصادية، ومكافحة البطالة التي لا تزال أكبر أولوية اقتصادية في أوروبا.
وأعرب تاسك عن أمله في التوصل إلى اتفاق بين أثينا والدائنين، موضحاًَ أن «كل يوم يمر، فهناك اقتراب من الاتفاق... وقد تم إحراز تقدم كبير في مفاوضات بروكسل أول من أمس، والمناقشات مستمرة»، معرباً عن أمله في القدرة على التوصل إلى اتفاق غداً الجمعة، ومؤكداً على أن مسؤولية التأخير تتقاسم بين كل الذين يشاركون في هذه العملية.



الاقتصاد الألماني يخشى «ضربة محتملة» من ترمب

ترام يسير في أحد شوارع مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)
ترام يسير في أحد شوارع مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)
TT

الاقتصاد الألماني يخشى «ضربة محتملة» من ترمب

ترام يسير في أحد شوارع مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)
ترام يسير في أحد شوارع مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)

قال رئيس البنك المركزي الألماني يواكيم ناغل، يوم الجمعة، إن اقتصاد ألمانيا سينكمش للعام الثاني على التوالي هذا العام، وسيكون تعافيه باهتاً، وربما يتفاقم بسبب حرب تجارية مع الولايات المتحدة.

وتعاني ألمانيا، أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، منذ سنوات، منذ أن فقد قطاعها الصناعي القوي القدرة على الوصول إلى الطاقة الروسية الرخيصة، وأيضاً مع تضاؤل ​​شهية الصين للصادرات الألمانية.

ومن المتوقع الآن أن يشهد الاقتصاد الألماني ركوداً خلال أشهر الشتاء ثم يتعافى بأبطأ وتيرة ممكنة؛ حيث سيكون الارتفاع المتوقع في الاستهلاك الخاص أقل ما كان مرتقباً، وقد يضعف سوق العمل أكثر وتتعافى استثمارات الأعمال ببطء.

وقال ناغل: «الاقتصاد الألماني لا يكافح فقط الرياح الاقتصادية المعاكسة المستمرة، ولكن أيضاً المشاكل البنيوية. كما تستجيب سوق العمل الآن بشكل ملحوظ للضعف المطول للنشاط الاقتصادي».

ويتوقع البنك المركزي الألماني الآن انكماش الاقتصاد الألماني بنسبة 0.2 في المائة هذا العام، بعد أن توقع في يونيو (حزيران) توسعاً بنسبة 0.3 في المائة، بينما تم خفض توقعات النمو لعام 2025 إلى 0.2 في المائة من 1.1 في المائة سابقاً.

ولكن حتى هذه الأرقام قد تكون مفرطة في التفاؤل، كما حذر البنك، نظراً للتهديدات الناجمة عن الحمائية المتزايدة والصراعات الجيوسياسية وتأثير التغيير الهيكلي على الاقتصاد الألماني.

وأضاف البنك المركزي الألماني أن محاكاة الرسوم الجمركية المتزايدة المتوقعة من إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، تظهر أن الولايات المتحدة ستعاني من أكبر ضربة للنمو، ولكن ألمانيا ستخسر أيضاً ما بين 1.3 و1.4 في المائة من الناتج حتى عام 2027، وقد يرتفع التضخم أيضاً بسبب هذه التدابير.

وقال البنك المركزي الألماني إن التضخم سيرتفع بنسبة 0.1 إلى 0.2 في المائة سنوياً حتى عام 2027 بسبب سياسة الحماية التي ينتهجها ترمب، لكن نموذج المعهد الوطني للاقتصاد القياسي العالمي توقع انخفاضاً بنسبة 1.5 في المائة العام المقبل، و0.6 في المائة في عام 2026. وقال البنك المركزي الألماني: «المخاطر التي تهدد النمو الاقتصادي حالياً تميل إلى الجانب السلبي، والمخاطر التي تهدد التضخم تميل إلى الجانب الإيجابي»، مضيفاً أن الانتخابات الفيدرالية الألمانية في الأشهر المقبلة قد تغير التوقعات المالية.

وهذا الضعف المستمر هو أحد الأسباب الرئيسية وراء خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة يوم الخميس، والتلميح إلى المزيد من التيسير في المستقبل، مع تراجع مخاوف التضخم إلى حد كبير وتحول التركيز نحو النمو.

لكن البنك المركزي الألماني ليس مستعداً بعد لإعلان الفوز في معركة التضخم؛ حيث قال يوم الجمعة إن تضخم أسعار المواد الغذائية قد يقفز، وإن تضخم الخدمات سيظل مرتفعاً، مما يبقي الزيادات في الأسعار أعلى من متوسط ​​منطقة اليورو.

وفي غضون ذلك، أظهرت البيانات يوم الجمعة تراجع الصادرات الألمانية على نحو ملحوظ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأعلن مكتب الإحصاء الاتحادي في فيسبادن أن الصادرات انكمشت في أكتوبر بنسبة 2.8 في المائة مقارنة بسبتمبر (أيلول) السابق عليه، إلى 124.6 مليار يورو. كما انخفضت الصادرات بنفس النسبة على أساس سنوي.

وانخفضت الصادرات إلى الولايات المتحدة، أكبر سوق للصادرات الألمانية، بنسبة 14 في المائة على أساس شهري لتصل إلى 12.2 مليار يورو. وفي الوقت نفسه، انخفضت الصادرات الألمانية إلى الصين بنسبة 3.8 في المائة. وفي التجارة مع دول الاتحاد الأوروبي، انخفضت الصادرات الألمانية بنسبة 0.7 في المائة.

وكتب كبير الاقتصاديين في مصرف «في بي»، توماس جيتسل، أن بداية الربع الأخير من عام 2024 لا تبشر بالخير مع الانخفاض الذي سجلته الصادرات في أكتوبر الماضي، وأضاف: «حتى لو كان الانخفاض الكبير في الصادرات إلى الولايات المتحدة يتعلق على الأرجح بالطلبيات الكبيرة، فإن التراجع يعطي لمحة عما يمكن أن يحدث في حالة حدوث نزاعات جمركية كبيرة مع الولايات المتحدة».

وتسببت المنافسة المتزايدة في الأسواق العالمية من الصين، على سبيل المثال، فضلاً عن مشكلات هيكلية في الصناعة الألمانية، مثل ارتفاع تكاليف الطاقة والأعباء البيروقراطية الكثيرة، في إنهاك ألمانيا بوصفها دولة تصديرية لفترة طويلة. وكانت الصادرات قد انخفضت بالفعل في سبتمبر الماضي.

وانخفضت الواردات إلى ألمانيا بنسبة 0.1 في المائة في أكتوبر مقارنة بسبتمبر إلى 111.2 مليار يورو. وبالمقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي، كانت هناك زيادة بنسبة 1.7 في المائة. وكان الميزان التجاري إيجابياً عند 13.4 مليار يورو.