أسير سُجن 17 عاماً لجريمة لم يرتكبها

أجبر على التنازل عن حقه في المطالبة بتعويض مقابل الإفراج عنه

المغاري يقبل رأس والدته بعد إطلاق سراحه (أ.ف.ب)
المغاري يقبل رأس والدته بعد إطلاق سراحه (أ.ف.ب)
TT

أسير سُجن 17 عاماً لجريمة لم يرتكبها

المغاري يقبل رأس والدته بعد إطلاق سراحه (أ.ف.ب)
المغاري يقبل رأس والدته بعد إطلاق سراحه (أ.ف.ب)

يؤكد الفلسطيني حاتم المغاري المفرج عنه بعد 17 عاماً من السجن، أنه تعرض للظلم عندما حُكم عليه بالسجن لمدى الحياة في إسرائيل لجريمة لم يقترفها. وقال المغاري من منزل عائلته بقطاع غزة: «شعوري بالحرية لا يوصف، لم أقتل أحداً». وأضاف: «خُلِقت من جديد، شعرت بظلم وقهر كبيرين في السجن، أمضيت 17 عاماً في السجن، وحُكم عليَّ بالمؤبد ظلماً، فقط لأني كنت أعمل شرطياً في مكان عملي».
وأصدرت إسرائيل في عام 2004 حكماً بالسجن المؤبد بحق المغاري بعد إدانته بالمشاركة في قتل جنديين إسرائيليين في عام 2000 في رام الله. وتعرض الجنديان الاحتياطيان للضرب حتى الموت بعدما دخلا عن طريق الخطأ إلى رام الله بالضفة الغربية.
وأثارت صورة فلسطيني أظهر يديه الملطختين بالدماء من نافذة مركز الشرطة آنذاك صدمة لدى الرأي العام الإسرائيلي.
وأظهرت مشاهد التقطتها قناة تلفزيونية إيطالية حشوداً تقتحم المركز حيث احتُجِز الجنديان بعد توقيفهما لضمان سلامتهما. ثم قامت الحشود بإلقاء أحد الجنديين من نافذة في الطابق الأول من مركز الشرطة بعد أن تعرض للضرب حتى الموت.
وأصدرت إسرائيل في عام 2004 حكماً بالسجن المؤبد بحق المغاري بعد إدانته بالمشاركة في قتل الجنديين، إلا أنه طلب إعادة محاكمته. وأقر المغاري خلال محاكمته بالذنب بالاعتداء على جندي، وبأنه لم يحاول وقف ارتكاب جريمة. وفي 2012، أعلنت إسرائيل تفكيك شبكة لخلايا حركة حماس في الضفة الغربية، واعتقلت رجلين تتهمهما المحكمة العسكرية بأنهما «قتلا عمداً الجنديين في الاحتياط».
ووافقت المحكمة العسكرية الإسرائيلية على طلب الاستئناف الذي تقدم به المغاري بعد «بروز عناصر جديدة تجعل من الصعب إثبات دون أدنى شك مشاركته فعلياً في قتل أحد الجنديين». وفي مطلع العام الحالي، صدر بحق المغاري حكم بالسجن لمدة 11 سنة ونصف السنة، مما أتاح الإفراج عنه فوراً نظراً إلى السنوات التي أمضاها في السجن.
ووصل المغاري (37 عاماً) إلى غزة قبل يومين عبر معبر بيت حانون في شمال القطاع، بعد أن أفرج عنه الجيش الإسرائيلي. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية، إنه تنازل عن حقه في مطالَبَة إسرائيل بتعويض لتمضيته سنوات أكثر من سنوات الحكم عليه، مقابل الإفراج عنه. وأضاف: «تنازلت عن حقي في التعويض لأنني أريد فقط أن أخرج من السجن، كما أن شيئاً لن يعوضني السنوات التي قضيتها في السجن».
واعتبرت «جمعية حسام للأسرى والمحررين» في بيان أن قرار الإفراج عن المغاري «يسلط الضوء بقوة على الظلم الذي يقع على الأسرى الفلسطينيين وعلى الإجراءات والأحكام التعسفية التي تطالهم، وهو يؤكد أهمية مراجعة هذه الأحكام الجائرة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.