تقارير أمنية ترصد تراجعا كبيرا لـ«الإخوان» وتؤكد أن «الجيش المصري الحر» تهويل يغذيه إسلاميون هاربون

مصادر دبلوماسية لـ {الشرق الأوسط} : مشاورات غربية مع القاهرة بشأن المتشددين في المنطقة

منفذ السلوم بين حدود مصر وليبيا («الشرق الأوسط»)
منفذ السلوم بين حدود مصر وليبيا («الشرق الأوسط»)
TT

تقارير أمنية ترصد تراجعا كبيرا لـ«الإخوان» وتؤكد أن «الجيش المصري الحر» تهويل يغذيه إسلاميون هاربون

منفذ السلوم بين حدود مصر وليبيا («الشرق الأوسط»)
منفذ السلوم بين حدود مصر وليبيا («الشرق الأوسط»)

رصدت تقارير أمنية مصرية تراجعا كبيرا لنشاط جماعة الإخوان المسلمين، وأكدت في الوقت نفسه أن «الجيش المصري الحر» الذي جرى تأسيسه في ليبيا «تهويل يغذيه إسلاميون هاربون»، في وقت كشفت فيه مصادر دبلوماسية في العاصمة المصرية لـ«الشرق الأوسط» أمس عن وجود مشاورات غربية مكثفة مع القاهرة بشأن المتشددين في منطقة الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن الزيارة التي يقوم بها وزير الخارجية المصري نبيل فهمي إلى الولايات المتحدة الأميركية لا تتعلق بالعلاقات بين البلدين فقط، ولكنها تطرقت أيضا إلى الكثير من الملفات، كان أبرزها تطورات الملف الليبي.
وأشارت إلى أن الجانب الأميركي يبدي اهتماما متزايدا بهذه القضية، خاصة بعد الزيارة التي قام بها وليام بيرنز، مساعد وزير الخارجية الأميركي، لليبيا الشهر الماضي. بينما قال أحد الدبلوماسيين الغربيين، إن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أصبحوا في حاجة إلى التعاون من أجل «كبح جماح التشدد» الذي أعقب ثورات الربيع العربي، خاصة ليبيا، مثمنا في الوقت نفسه مقترحات قدمت في الجامعة العربية على مستوى المندوبين، بعقد اجتماع وزاري عربي لدول الجوار الليبي، يضم مصر والجزائر وتونس.
لكن وزير الخارجية المصري الأسبق، محمد العرابي، قلل في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» مما يتردد عن الاهتمام الأميركي بإصلاح الأوضاع في ليبيا بالتعاون مع دول منها مصر، وقال: «لو كانوا يفكرون بهذه الطريقة، فإنه سيكون تفكيرا عقلانيا»، لكنه أضاف موضحا: «لا أشعر بأن هذا هو التفكير الأميركي»، مشيرا إلى أن اقتراح عقد اجتماع لدول الجوار العربي لليبيا «لن يكون له فاعلية، لأن الجامعة لم تحقق شيئا لسوريا».
ومن جانبها، أكدت مصادر أمنية رفيعة، أن ما يتردد عما يسمى «الجيش المصري الحر» المناوئ للسلطات في القاهرة انطلاقا من داخل الأراضي الليبية «مجرد تهويل»، و«الأمر يتعلق بعدة مئات من الجهاديين و(الإخوان) وبعض الجماعات المتشددة الأخرى ممن سافروا للجهاد في سوريا أيام حكم الرئيس السابق محمد مرسي»، أو فروا من مصر إلى ليبيا عقب الإطاحة بنظام مرسي الصيف الماضي.
وتمكن المتشددون الإسلاميون من عدة بلدان، من بينها مصر، من تحويل بعض المناطق الليبية إلى ملاذ آمن، خاصة من جانب الفارين الموالين لتنظيم القاعدة من شمال مالي وجنوب الجزائر، وتنظيم أنصار الشريعة في كل من ليبيا وتونس، خاصة بعد أن وضعت الولايات المتحدة هذا التنظيم على قائمة المنظمات الإرهابية أخيرا، بالإضافة إلى محاولات جرى رصدها، وفقا للمصادر، لإقامة معسكرات دائمة للمقاتلين الأجانب في الغابات الواقعة جنوب مدينة درنة على ساحل البحر المتوسط.
وقال مؤسس تنظيم الجهاد السابق، الشيخ نبيل نعيم، لـ«الشرق الأوسط»، إن ما يسمى «الجيش المصري الحر» في ليبيا، يتكون من مجموعة كانت تقاتل في سوريا سافرت إلى هناك أيام حكم مرسي: «وهذه المجموعة مكونة من نحو 600 إخواني، ونحو 650 من حركة حازمون (تابعة لأحد القيادات الإسلامية وهو مسجون حاليا بمصر ويجري التحقيق معه في عدة قضايا)، ومجموعة أخرى موالية لأيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة، وانضم إليهم عدد من الهاربين من سيناء، وعدد آخر انضم إليهم من بعض الدول العربية والأفريقية؛ أي إن العدد الإجمالي لهؤلاء في ليبيا يصل لنحو ثلاثة آلاف، موزعين في ثلاثة معسكرات»، مشيرا إلى أن هذه المعسكرات تتركز قرب مناطق «الزنتان» غرب ليبيا، و«أبو سليم» بطرابلس، و«درنة» بالمنطقة الشرقية من ليبيا.
ومن جانبه، قال أحد المسؤولين الأمنيين بمصر، إن تقارير عن نشاط لمتشددين مصريين في درنة تضمنت أن المعسكر يضم شبابا من جماعة الإخوان مطلوبين للتحقيق معهم في قضايا تتعلق بالإرهاب بمصر، مشيرا إلى أن العدد هناك لا يزيد على 700، بالإضافة إلى عدة مئات آخرين من الليبيين والمتشددين من جنسيات عربية وأجنبية أخرى، مشيرا إلى أن أحد المشتبه في تورطه في تفجير القنصلية الأميركية ببنغازي في سبتمبر (أيلول) 2012، وكان مسجونا في غوانتانامو، يدير شبكة «من الإرهابيين» في غابات درنة بعيدا عن أعين السلطات الليبية التي تعاني أساسا الضعف والافتقار إلى جيش وقوات أمنية فاعلة.
وتابع المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لأنه غير مخول له التحدث للإعلام، أن المتشددين المصريين في درنة «مرصودون» و«توجد معلومات عنهم»، «وغالبيتهم تزيد أعمارهم على أربعين سنة». وأضاف: «هم ليسوا جيشا بالمعنى الحرفي للكلمة، ولكنهم يحاولون التضخيم من أنفسهم، ويغذي هذا التوجه إسلاميون متشددون لإعطاء أمل لبقايا أنصار مرسي في مصر، حتى لا ينفرط عقد التحالف الذي يؤيده والذي أصبح على وشك التفكك والاضمحلال».
ومع ذلك، شدد الوزير السابق، العرابي، الذي يشغل حاليا موقع رئيس حزب المؤتمر في مصر، على أنه لا ينبغي التهوين من أي شيء يتعلق بالأمن القومي المصري، خاصة في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها البلاد. وقال في المقابل أيضا إن ما يسمى «الجيش المصري الحر» مجرد مجموعات ليس لها أي تأثير في مصر على الإطلاق، لكن لا بد من متابعة كل ما يتعلق به بدقة وعدم إغفال كل ما يمكن أن يهدد الأمن القومي.
ومن جانبها، أشارت المصادر الدبلوماسية إلى أن فهمي تطرق خلال لقاءاته في واشنطن إلى خطر الإرهاب في المنطقة، ومن بينها شبه جزيرة سيناء التي يعتقد أن عدة آلاف من المتشددين المصريين والفلسطينيين والعرب حاولوا إقامة إمارة إسلامية فيها في العامين الماضيين، بتشجيع من تنظيم القاعدة، وأن «هذا جاء ضمن ظاهرة ضربت المنطقة بعد ثورات الربيع العربي، سواء في سيناء المصرية أو مدن ليبية كمدينة درنة».
وتمكنت السلطات المصرية، خاصة في الفترة التي أعقبت الإطاحة بمرسي، من تقليم أظافر «الإرهاب» في سيناء، إلا أنها، وفقا للمصادر الدبلوماسية نفسها، ما زالت في حاجة إلى مساعدات أخرى وإقناع الدول المعنية بهذا الأمر لمواجهة خطر المتشددين، في إشارة إلى صفقة طائرات الأباتشي الأميركية لمصر التي تعثر الحصول عليها لعدة أشهر.
على صعيد متصل، أكد رئيس الحكومة الليبية السابق، الدكتور علي زيدان، أن مصر ليست لها أطماع في «الشقيقة ليبيا»، مشيرا إلى أن مصر تنازلت عن أشياء كثيرة حرصا على العلاقات الأخوية مع ليبيا، وقال زيدان في حوار مع موقع «مستقبل ليبيا»، إنه التقى المشير عبد الفتاح السيسي، حين كان المشير وزيرا للدفاع، في إطار زيارته لمصر كرئيس للحكومة الليبية بعد ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013، ولا يمكن لفصيل أن يتحكم في الأمر، في إشارة غير مباشرة إلى جماعة الإخوان المسلمين التي تنشط أيضا في ليبيا بشكل كبير، وتواجه في الوقت نفسه احتجاجات شعبية بسبب اتهامات بالتدخل في توجيه البرلمان المؤقت والحكومة وبعض الفصائل المسلحة على الأرض.
وأضاف زيدان قائلا إنه سيلتقي السيسي مرارا، ودعا الشعب المصري لانتخابه رئيسا «فهو رجل عاقل وورع». واستبعد زيدان ما تردد عن محاولات لنقل بعض قيادات جماعة الإخوان من قطر إلى ليبيا، قائلا: «لا أتوقع ذلك، وليبيا لن تقبل (الإخوان)، بل أؤكد لو أن الليبيين عرفوا أن هناك إخوانا في ليبيا تخطط لزعزعة مصر فسيقف الليبيون ضدهم وبقوة»، وأضاف: «يجب ألا نضع الإسلاميين كلهم في سلة واحدة، أنا لست في عداوة مع الإسلاميين جميعا، لكني لا أتفق مع تنظيم الإخوان أو المجموعات المتبنية للعنف، وأنا ملتزم دينيا، والحمد لله، أكثر من (الإخوان) وأتباعهم، وأرفض أن يكون الإسلام مادة للمزايدة أو دغدغة مشاعر الناس».
وألقت السلطات المصرية القبض على المئات من قادة جماعة الإخوان والإسلاميين المتطرفين بعد موجة من العنف تسببت في مقتل المئات منذ منتصف العام الماضي. ويقوم الجيش والشرطة في عموم البلاد بعمليات لملاحقة المتشددين، بالتزامن مع محاكمات بحق مرسي ومرشد الجماعة محمد بديع، وآخرين، حيث صدرت أحكام بالإعدام على المئات طالت بديع نفسه. كما فر المئات من قادة «الإخوان» و«الجماعة الإسلامية» وبعض القيادات السلفية المتحالفة معها، إلى الخارج، خاصة إلى قطر وتركيا وأوروبا.
وقال المسؤول الأمني إن التقارير الأمنية رصدت اتجاه الأوضاع في البلاد نحو الاستقرار بفعل القناعة الشعبية لدى المصريين بأن جماعة الإخوان والجماعات الأخرى «التي تدعمها وتتبنى العنف، لا تصلح للعمل السياسي أو قيادة الدولة»، مشيرا إلى تراجع مظاهرات «الإخوان»، «وانفضاض الناس من حولهم وتغيير ألوف الشباب لمواقفهم بعد إصرار قادة الجماعة في داخل السجون وخارجها على الصدام مع الدولة والمجتمع».
وأضاف أن ما يسمى «تحالف دعم الشرعية» الذي يقوده «الإخوان»، فشل فشلا ذريعا في الدعوات التي أطلقها من أجل التظاهر ضد الدولة، ولم يستجب لها إلا عدة مئات في بعض مناطق القاهرة والمنصورة، إلا أن التحالف جدد دعواته خلال اليومين الماضيين بالاستمرار في تحريض أنصاره ضد العملية السياسية الجارية، وعلى رأسها إجراء الانتخابات الرئاسية بحلول نهاية هذا الشهر.
ومن جانبها، جددت دار الإفتاء المصرية تأكيدها أن «الدم كله حرام»، وقالت إن «حرمته ترقى في الإسلام إلى أن تكون أكبر حرمة من حرمة الكعبة المشرفة، وأن إيذاء الناس سواء بالقول أو الفعل هو أمر منبوذ شرعا». وشددت الدار التي تحظى بثقة قطاعات واسعة من المصريين، في بيان لها أمس، على أن «الصدام مع المجتمع وتبني آراء متشددة ليس من الإسلام وهو محرم شرعا، لأنه يؤدي إلى الفرقة والقطيعة المؤديتين إلى هدم مصالح العباد والبلاد».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.