بيكاسو وجياكوميتي في معرض يكشف علاقتهما الفنية والشخصية للمرة الأولى

يأتي بعد دراسات معمقة ومن تنظيم «متاحف قطر»

بيكاسو بريشته  -  جياكوميتي بريشته
بيكاسو بريشته - جياكوميتي بريشته
TT

بيكاسو وجياكوميتي في معرض يكشف علاقتهما الفنية والشخصية للمرة الأولى

بيكاسو بريشته  -  جياكوميتي بريشته
بيكاسو بريشته - جياكوميتي بريشته

معرض واحد يجمع الكبيرين بابلو بيكاسو وألبرتو جياكوميتي، في الدوحة، حتى 21 من مايو (أيار) المقبل. قطبان من أهم أعلام الفن التشكيلي في القرن العشرين. أكثر من 120 عملا، بينها لوحات ومنحوتات ومخططات أولية ووثائق معروضة في «مطافئ... مقر الفنانين»، وهي فرصة لكل عشاق الفن التشكيلي للدخول مجانا وتفادي الوقوف في طوابير تستمر لساعات كما يحدث في أي عاصمة أوروبية، عندما يوجد معرض بهذا المستوى. آلاف الزوار انتهزوا المناسبة خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، ويسجل المعرض إقبالا كثيفا نسبة لأخرى غيره تقام في قطر. وثمة زوار يقصدونه من الدول المجاورة كونه الأول من نوعه عربياً.
يأتي المعرض إثر دراسة استمرت لسنتين، قامت بها مديرة «مؤسسة جياكوميتي» كاثرين غرونييه مع مساعدين لها، كاشفة عن علاقة فنية وشخصية كانت لا تزال مجهولة، ربطت بين الفنانين رغم فارق السن بينهما الذي يصل إلى عشرين سنة. جياكوميتي (1901 - 1966)، أعجب وتأثر ببيكاسو (1881 - 1973)، وكتب لوالديه عن هذه العلاقة، قبل أن يعود ليجد مساره الخاص. وبيكاسو كان مهتما بدوره بتطور مسار جياكوميتي. فمنذ اللقاء الأول الذي جمعهما في مطلع ثلاثينات القرن العشرين مرورا بانتقالهما إلى السوريالية حين اجتاحت أوروبا، وصولا إلى الحوار المعمق بينهما عقب الحرب العالمية الثانية بخصوص صراعهما للعودة إلى الواقعية، لم يتوقفا عن تبادل الآراء، خلال هذه الفترة حيث طرأت تحولات على أساليب الرجلين في أعمال معروضة، تطرح أسئلة كثيرة حول الفن وعلاقته بالواقع، وقدرة الفنان على عبور الأساليب المختلفة، في وقت قياسي، تحت وطأة الأجواء العامة. إنها فترة تحولات كبرى ومفصلية، والفن والأدب كانا جزءا منها.
قد لا تهم هذه الصلة الفنية بين العبقريين كثيرين من الزوار العاديين الذين يتذوقون جمالية الأعمال ويعبرون، لكنها تعتبر كشفا بالنسبة للنقاد والمعنيين بالتيارات الفنية وأجواء النصف الأول من القرن العشرين في أوروبا التي عصفت بها حربان عالميتان كبريان، وتحديدا باريس حيث التقى الفنانان، وكانت تغلي ثقافيا وفكرياً. يومها، لم تكن النقاشات والتيارات تفصل بين تشكيلي وأديب، فمع بيكاسو وجياكوميتي كانت جلسات المقاهي الشهيرة، تجمع جان بول سارتر وألبير كامو وسيمون دو بوفوار والمصورة والرسامة دورا مار، لا سيما بعد عام 1945، كما تقول إحدى الدراسات التي اعتمد عليها المعرض. ونشرت جميعها في كتاب ضخم مصاحب وأنيق.
من مدخل المعرض يستقبلك الرجلان ببورتريه لكل منهما رسمها لنفسه. بيكاسو إلى اليمين في ثياب تظهر رقة حاله، وإلى اليسار جياكوميتي مرتديا بدلة رسمية وربطة عنق في ملامحه شيء من التعالي.
يحاول المعرض أن يقدم أعمال الفنانين تبعا للحقب والتيارات التي تأثرا بها، مازجا بين اللوحات والمنحوتات. في الصالة الثانية تصطف منحوتات لكل من الفنانين الاثنين، تبعا لتاريخ تنفيذها. المقارنة بينها مذهلة، يبدو أن القفز في الأساليب كان أسرع من البرق. من عام 1909 نرى رأس امرأة منحوت لبيكاسو بطريقة كلاسيكية شبيهة بالفن الروماني، ثم يتدرج سريعا عبر عدد من المنحوتات لنصل إلى منحوتته الخشبية «مندولين وكلارينت» التي سيدخل من خلالها في تجريدية كاملة عام 1913، أي أن أربع سنوات كانت كفيلة بنقل الرجل من مدرسة إلى نقيضها. كذلك الأمر بالنسبة لجياكوميتي الذي نراه ينحت رأس أونيليا عام 1925 بالطريقة الكلاسيكية دون أن يبدو عميق الموهبة لنراه يذهب صوب تكعيبية خالصة بحلول عام 1927. هذا الانتقال السريع من التقليد إلى الحداثة يبدو واضحا في المعرض. إذ إننا سنرى عند الفنانين عام 1928 و1929 الشكل المسطح باديا في المعروضات. «رجل أبولو» عند جياكوميتي هو مجرد خطوط خشبية تشكل هيئة رجل وأقواس وأعمدة مستقيمة متداخلة هي التي ستحمل اسم «شخص» عند بيكاسو.
التحق الفنانان مع مطلع الثلاثينات بالتيار السوريالي، إنها فترة لقائهما، فنرى اللوحة الرائعة لبياكسو «الحبيبان» و«مستحم على الشاطئ» التي تدخل في غموض جارف إلى جانب منحوتات لا تقل سوريالية وتجريدية لصديقة جياكوميتي.
وقد خصصت قاعة أطلق على معروضاتها اسم «الأحياء والأموات» لمنحوتات جماجم وهياكل ورؤوس بشرية هامدة لا حياة فيها أنجزها الرجلان. وإن كان شعور بنتابك عند دخولك المعرض أن هذه المقارنة بين الفنانين جاءت تعسفية، فإنك حين ترى أن كلا منهما نحت جمجمة على طريقته الخاصة بفارق زمني ضئيل، وأن كلا منهما أيضا رسم عزيزا له ميتا على الفراش قبل دفنه، بفارق ستين سنة، وأن مواضيع مشتركة شغلتهما، وأساليب متشابهة جرباها، تدرك أن الدراسات التي أجريت والنتائج التي تم التوصل إليها تستحق عناية خاصة، وتصل إلى خلاصات مفيدة.
في حجرة خصصت للملهمات الحبيبات، نرى بعضا من لوحات بابلو بيكاسو التي رسمها لملهمته الأشهر، المصورة والرسامة والشاعرة دورا مار التي استمرت علاقته بها عشر سنوات (1943 - 1935)، وأوحت له أشهر لوحاته ومنها «غرنيكا»، كما غزا وجهها المعذب عشرات من أعماله. في الصالة نفسها تلك الأعمال التي نحتها جياكوميتي للموديل «أنيت» التي جلست أمامه الساعات الطوال وأصبحت زوجته فيما بعد، عام 1949.
سيأخذ الرجلان بعد الحرب العالمية الثانية، وانتهاء حفلات الجنون الدموية طريقهما إلى أعمال تستعيد الواقعية أسلوباً. لذلك في الجزء الأخير من المعرض تلحظ أعمالا تستلهم الطبيعة ونباتاتها والحيوانات وانسيابيتها. كثير من المنحوتات المتطاولة الرفيعة لجياكومتي التي تنتصب قرب بعضها كسيقان الأشجار في غابة كثيفة، وبعض آخر يتمدد متطاولا أفقيا مثل «القطة» ذات الجسد النحيل للغاية، و«الكلب» المتعرج البنية، ومن اللافت أن نجد منحوتة لقطة أنجزها بيكاسو أيضا و«معزة»، وكذلك لوحته البديعة «الطفل مع حمامة»، ولوحته الشهيرة «جاكلين بيدين مشبوكتين» التي ينتهي بها المعرض.
علاقة إعجاب متبادل بين فنانين، لكل منهما رؤيته ومساره، لكنهما تقاطعا وتشابها في محطات عدة، يقول جياكوميتي عن بيكاسو: «يدهشني، إنه يدهشني بقوته». فيما قال بيكاسو: «النحت مع جياكوميتي هو ما يبقى بعد أن ينسى العقل كل التفاصيل. فهو يقدم وهما في المساحة، وهذا بعيد جدا عن نظرتي الخاصة. إنما لم يفكر أحد بذلك بهذه الطريقة من قبل. هذا نفس جديد في النحت».
تواضع الكبار في معرض تنظمه متاحف قطر بالتعاون مع «متحف بيكاسو الوطني» في باريس و«مؤسسة ألبرتو جياكوميتي».



غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر
TT

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

وأوضح رئيس النادي، الشاعر حسن الزهراني، أن محاور الملتقى تتناول «الأدب الساخر: المفهوم، والدلالات، والمصادر»، و«الاتجاهات الموضوعية للأدب الساخر، والخصائص الفنية للأدب الساخر في المملكة»، وكذلك «مستويات التأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظيراتها العربية»، و«حضور الأدب الساخر في الصحافة المحلية قديماً وحديثاً»، و«أثر القوالب التقنية الحديثة ومواقع التواصل في نشوء أشكال جديدة من الأدب الساخر محلياً»، و«سيميائية الصورة الصامتة في الكاريكاتير الساخر محلياً».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وشارك في صياغة محاور الملتقى لجنة استشارية تضم: الدكتور عبد الله الحيدري، والدكتور ماهر الرحيلي، والقاص محمد الراشدي، ورسام الكاريكاتير أيمن يعن الله الغامدي.

وكشف الزهراني أن النادي تلقى ما يزيد على 40 موضوعاً للمشاركة في الملتقى، وأقرت اللجنة 27 بحثاً تشمل؛ ورقة للدكتورة دلال بندر، بعنوان «حمزة شحاتة... الأديب الجاد ساخراً»، والدكتور محمد الخضير، بعنوان «الخصائص الفنية في الأدب الساخر عند حسن السبع في ديوانه ركلات ترجيح - دراسة بلاغية نقدية»، والدكتور صالح الحربي، بعنوان «المجنون ناقداً... النقد الأدبي في عصفورية القصيبي»، والدكتور عادل خميس الزهراني، بعنوان «الصياد في كمينه: صورة الحكيم في النكت الشعبية بمواقع التواصل الاجتماعي»، والدكتور حسن مشهور، بعنوان «الكتابة الساخرة وامتداداتها الأدبية... انتقال الأثر من عمومية الثقافة لخصوصيتها السعودية»، والدكتورة بسمة القثامي، بعنوان «السخرية في السيرة الذاتية السعودية»، والدكتورة كوثر القاضي، بعنوان «الشعر الحلمنتيشي: النشأة الحجازية وتطور المفهوم عند ابن البلد: أحمد قنديل»، والدكتور يوسف العارف، بعنوان «الأدب الساخر في المقالة الصحفية السعودية... الكاتبة ريهام زامكة أنموذجاً»، والدكتور سعد الرفاعي، بعنوان «المقالة الساخرة في الصحافة السعودية... الحربي الرطيان والسحيمي نموذجاً»، والدكتور عمر المحمود، بعنوان «الأدب الساخر: بين التباس المصطلح وخصوصية التوظيف»، والدكتور ماجد الزهراني، بعنوان «المبدع ساخراً من النقاد... المسكوت عنه في السرد السعودي»، والمسرحي محمد ربيع الغامدي، بعنوان «تقييد أوابد السخرية كتاب: حدثتني سعدى عن رفعة مثالاً»، والدكتورة سميرة الزهراني، بعنوان «الأدب الساخر بين النقد والكتابة الإبداعية... محمد الراشدي أنموذجاً». والدكتور سلطان الخرعان، بعنوان «ملخص خطاب السخرية عند غازي القصيبي: رؤية سردية»، والدكتور محمد علي الزهراني، بعنوان «انفتاح الدلالة السيميائية للصورة الساخرة... الرسم الكاريكاتوري المصاحب لكوفيد-19 نموذجاً»، والكاتب نايف كريري، بعنوان «حضور الأدب الساخر في كتابات علي العمير الصحافية»، والدكتور عبد الله إبراهيم الزهراني، بعنوان «توظيف المثل في مقالات مشعل السديري الساخرة»، والكاتب مشعل الحارثي، بعنوان «الوجه الساخر لغازي القصيبي»، والكاتبة أمل المنتشري، بعنوان «موضوعات المقالة الساخرة وتقنياتها عند غازي القصيبي»، والدكتور معجب الزهراني، بعنوان «الجنون حجاباً وخطاباً: قراءة في رواية العصفورية لغازي القصيبي»، والدكتور محمد سالم الغامدي، بعنوان «مستويات الأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظرياتها العربية»، والدكتورة هند المطيري، بعنوان «السخرية في إخوانيات الأدباء والوزراء السعوديين: نماذج مختارة»، والدكتور صالح معيض الغامدي، بعنوان «السخرية وسيلة للنقد الاجتماعي في مقامات محمد علي قرامي»، والدكتور فهد الشريف بعنوان «أحمد العرفج... ساخر زمانه»، والدكتور عبد الله الحيدري، بعنوان «حسين سرحان (1332-1413هـ) ساخراً»، ويقدم الرسام أيمن الغامدي ورقة بعنوان «فن الكاريكاتير»، والدكتور يحيى عبد الهادي العبد اللطيف، بعنوان «مفهوم السخرية وتمثلها في الأجناس الأدبية».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وخصص نادي الباحة الأدبي جلسة شهادات للمبدعين في هذا المجال، وهما الكاتبان محمد الراشدي، وعلي الرباعي، وأعدّ فيلماً مرئياً عن رسوم الكاريكاتير الساخرة.

ولفت إلى تدشين النادي 4 كتب تمت طباعتها بشكل خاص للملتقى، وهي: «معجم الأدباء السعوديين»، للدكتورين عبد الله الحيدري وماهر الرحيلي، وكتاب «سامحونا... مقالات سعد الثوعي الساخرة»، للشاعرة خديجة السيد، وكتاب «السخرية في أدب علي العمير» للدكتور مرعي الوادعي، و«السخرية في روايات غازي القصيبي» للباحثة أسماء محمد صالح.