النظام يخوض معركة استعادة السيطرة على المياه والنفط والمطارات العسكرية

بعد وادي بردى والخفسة وحقول تدمر... يقاتل على مطاري الجراح ودير الزور

فنيون يرتدون سترات واقية في معمل حيان للغاز خلال زيارة لتفقد المكان في محافظة حمص الخميس الماضي (رويترز)
فنيون يرتدون سترات واقية في معمل حيان للغاز خلال زيارة لتفقد المكان في محافظة حمص الخميس الماضي (رويترز)
TT

النظام يخوض معركة استعادة السيطرة على المياه والنفط والمطارات العسكرية

فنيون يرتدون سترات واقية في معمل حيان للغاز خلال زيارة لتفقد المكان في محافظة حمص الخميس الماضي (رويترز)
فنيون يرتدون سترات واقية في معمل حيان للغاز خلال زيارة لتفقد المكان في محافظة حمص الخميس الماضي (رويترز)

يخوض النظام السوري منذ 4 أشهر معركة السيطرة على مصادر المياه والنفط والمطارات العسكرية، وذلك بهدف استعادة قواعد عسكرية كبيرة واستراتيجية، وتأمين مصادر المياه للسكان الذين يقطنون مناطق سيطرته في حلب ودمشق، رغم تأكيد المعارضة أن النظام «يسعى للسيطرة على مناطق تسكنها كثافة سكانية، لبسط نفوذه في تلك المناطق».
في أواخر العام الماضي، بدأ النظام حملة عسكرية على وادي بردى في دمشق، أسفرت عن توقيع اتفاقية قضت بخروج قوات المعارضة منها إلى شمال البلاد، وذلك بعد أزمة انقطاع الماء التي عصفت بدمشق، إثر تدمير منشآت نبع الفيجة في وادي بردى الذي يسقي ما يناهز الخمسة ملايين شخص في العاصمة السورية الخاضعة لسيطرته.
وبالموازاة، انطلق النظام في حملة عسكرية في الشمال للسيطرة على بلدة الخفسة في شرق مدينة حلب القريبة من نهر الفرات، التي تغذي المدينة بمياه الشفة، قبل أن يستعيد السيطرة على محطة ضخ المياه بعد نحو أربعين يوماً على انقطاع المياه عن مدينة حلب، وهو ما دفع السكان للاستعانة بآبار المياه الجوفية.
ولا ينفي معارضون سوريون أن انقطاع المياه عن دمشق وحلب «تتسبب بضغط اجتماعي على النظام، وبدأ التململ في مناطقه». وقال مصدر معارض في الشمال لـ«الشرق الأوسط» إن قضية انقطاع المياه «تشبه إلى حد كبير مشكلة انقطاع مصادر الطاقة عن محطات الكهرباء، خصوصاً في الساحل السوري، وهو ما دفع بالنظام للدخول في تسويات مع (داعش) وغيره لتأمين مصادر الطاقة من آبار الغاز في شرق البلاد أو القلمون الشرقي، لتوليد الكهرباء».
لكن الاتفاقات لم تنجح إلى حد كبير، لأنها تتعرض في فترات متقطعة لخروقات، تتسبب في انقطاع المياه أو مصادر توليد الكهرباء عن مناطق النظام، وهو ما ظهر في طرطوس في الأشهر الماضية، فدفع بقوات النظام للمضي في معركة السيطرة على مناطق تتضمن مصادر الطاقة.
وبموازاة معركة النظام لاستعادة السيطرة على تدمر، تمكن من استعادة السيطرة على حقول الغاز مثل حقل شاعر وحقل الجزل النفطي ومعمل حيان بعد سيطرة «داعش» عليها.
كما تشير خريطة التقدم في ريف حمص الشرقي إلى أن النظام «يسعى لتأمين تلك الحقول عبر توسيع نقاط سيطرته»، كما أكد مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، بدوره، أن النظام يسعى لاستعادة السيطرة على مصادر الطاقة والمياه والمطارات العسكرية في البلاد، لتخفيف الضغط عن قواته العسكرية، وعن حاضنته الشعبية أيضاً.
لكن هذه الرؤية، لا تلقى تأييداً كاملاً من المعارضين؛ فقد قال الباحث الاستراتيجي السوري المعارض عبد الناصر العايد، إن النظام لا يهتم بذلك كثيراً «كون حقول النفط مدمرة بمعظمها»، بينما مصادر المياه «تسكن حولها كثافة سكانية»، كذلك المطارات واقعة ضمن تلك المناطق المأهولة بالسكان، مشيراً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن النظام يسعى لاستعادة السيطرة على المناطق المأهولة بالسكان بغرض السيطرة على أكبر رقعة ممكنة من الأراضي، لافتاً إلى أن النظام «يعتمد كثيراً على الخارج، والموارد الداخلية قد لا تكفي كثيرا من السكان، مما يجعل استراتيجية السيطرة على الطاقة والمياه ثانوية».
وقال العايد إن المطارات العسكرية التي يحتفظ بالسيطرة عليها «لا تزال تكفيه، بينما المطارات الخارجة عن سيطرته مدمرة، وتحتاج جهودا كبيرة لإعادة تأهيلها».
وقال العايد إن النظام «اتخذ من أزمة المياه في دمشق ذريعة للسيطرة على وادي بردى وتأمينه لصالح (حزب الله)»، لافتاً إلى أن مصادر المياه في حلب «لا تقتصر على محطة الخفسة»، معتبراً أن قطع المياه في دمشق وحلب «لم يضر بالقاعدة الشعبية، لأن المعارضين يتعاطون مع المسألة على قاعدة أن هناك موالين لهم، ولم يتعاملوا مع دمشق على أنها منطقة معادية، وكانوا يحصلون على الكهرباء مقابل ضخ المياه للعاصمة، ولم يبدأ التهديد بقطع المياه إلا حين شن النظام الهجوم على وادي بردى».
وعن المطارات، قال العايد إن المعارضة اتخذتها قواعد عسكرية، مثل مطار مرج السلطان بالغوطة الشرقية، بينما «داعش» يسيطر على مطار الجراح، ويشكل عقبة أمام تقدم النظام شرقاً إلى مسكنة ودير حافر، أما مطار كويريس، فكان النظام مضطراً لاستعادة السيطرة عليه لأن عناصره كانوا محاصرين في داخله. ورأى أن النظام «هدفه استعادة السلطة بشكل عام، وتحطيم أجسام المعارضة أينما كانت».
وبعدما خسر النظام القسم الأكبر من المطارات العسكرية له، خصوصاً في الشمال منذ 2013، بدأ في الشهر الأخيرة استعادة السيطرة عليها، فقد استعاد مطار مرج السلطان في الغوطة الشرقية العام الماضي، كما استعاد مطار كويريس في شرق حلب، ويخوض منذ 3 أيام معركة السيطرة على مطار الجراح المعروف بمطار كشيش في ريف حلب الشرقي (يبعد مائة كيلومتر عن حلب إلى الشرق) الذي سيمكن النظام من التقدم إلى مسكنة القريبة من نهر الفرات، ودير حافر التي تبعد 5 كيلومترات عن مطار الجراح.
وفي السنوات الماضية، استعاد النظام السيطرة على مطار الضبعة في القصير في حمص، كما تمكن الشهر الماضي من تأمين مطار «تي فور» في شرق حمص غرب تدمر ومنع «داعش» من السيطرة عليه، إضافة إلى قتاله للحفاظ على سيطرته على مطار دير الزور العسكري، كما سيطر حلفاؤه الأكراد على مطار منغ العسكري العام الماضي في شمال حلب.
ويخسر النظام في هذا الوقت السيطرة على مطار الطبقة العسكري في الرقة، الذي يسيطر عليه «داعش»، كما يخسر السيطرة على مطار تفتناز في إدلب، وهي أهم المطارات الخارجة عن سيطرته.
في هذا الوقت، يخوض النظام حرباً ضد «داعش» في القلمون الشرقي، لمنع التنظيم من الاقتراب من مطار «الضمير» الاستراتيجي في المنطقة.
يذكر أن النظام استعاد السيطرة على أكثر من 115 قرية في جبهة لا تقل عن 20 كيلومترا وبعمق أكثر من 65 كيلومترا في شرق حلب، أسفرت عن السيطرة على نحو 1250 كيلومترا مربعا.
وتوقف القتال عند منطقة مطار الجراح (كشيش) الذي خسره النظام مجدداً بعد دخوله يوم الخميس الماضي. وأفاد ناشطون بأن مقاتلي «داعش» واصلوا هجومهم المعاكس نحو المواقع والقرى التي سيطرت عليها قوات النظام مؤخراً بريف حلب الشرقي، ليتمكنوا من استعادة السيطرة على مطار الجراح.



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.