رئيس الحكومة التونسية يطلب دعم الأحزاب الموقعة على «وثيقة قرطاج»

في ظل اشتداد الأزمة بين الائتلاف الحاكم والمعارضة

رئيس الحكومة التونسية يطلب دعم الأحزاب الموقعة على «وثيقة قرطاج»
TT

رئيس الحكومة التونسية يطلب دعم الأحزاب الموقعة على «وثيقة قرطاج»

رئيس الحكومة التونسية يطلب دعم الأحزاب الموقعة على «وثيقة قرطاج»

اجتمع يوسف الشاهد، رئيس حكومة الوحدة الوطنية، بقصر الحكومة في العاصمة، أمس، بستة أحزاب تشارك في الائتلاف الحاكم، وثلاث منظمات نقابية وقّعت منذ الصيف الماضي على «وثيقة قرطاج»، وأكدت دعمها توجهاتها.
وينشد الشاهد من خلال هذا الاجتماع الحصول على دعم سياسي مفقود لحكومته، التي تواجه انتقادات أحزاب المعارضة، وبخاصة بعد إعلانه قبل أيام إجراء تعديل وزراي أقال بموجبه عبيد البريكي، القيادي السابق في نقابة العمال، الذي شغل حقيبة وزارة الوظيفة لعمومية والحكومة ومقاومة الفساد.
وتشكلت حكومة الوحدة الوطنية بمبادرة من الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، إثر سحب الثقة من الحبيب الصيد، رئيس الحكومة السابقة، بعد الإقرار بمحدودية تحركاتها وتنفيذ البرنامج الانتخابي لحزب النداء الفائز في الانتخابات البرلمانية التي جرت سنة 2014. وقد تولى الشاهد رئاسة الحكومة الجديدة بالاعتماد على «وثيقة قرطاج» التي وقّع عليها ستة أحزاب سياسية يقودها حزب النداء وحركة النهضة، وثلاث منظمات نقابية كبرى، وكان من بين أهم أولوياتها خلال الحملة الانتخابية القضاء على الفساد وكبح جماح الأسعار، ومكافحة الإرهاب وتخفيض نسبة البطالة والقضاء على التفاوت بين الجهات.
في غضون ذلك، دعا مراد الحمايدي، عضو مجلس نوّاب الشعب (البرلمان) عن الجبهة الشعبية المعارضة، قبل ساعات من انعقاد هذا الاجتماع، إلى إجراء انتخابات برلمانية سابقة لأوانها، لحل الأزمات التي تعيش على وقعها تونس. وقال في تصريح إعلامي، إن حالة انعدام الثقة تسود بين الأطراف المشاركة في الحكومة، مبرزا أن «غياب الانسجام بين أعضاء حكومة الشاهد واضح، ولا يمكن تخطيه إلا ببث دماء جديدة في تركيبة المجالس الدستورية، ومن ثم الائتلاف الحاكم».
وكان راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، قد دعا رئيس الحكومة خلال الأسبوع الماضي إلى عقد اجتماع للأحزاب الموقعة على وثيقة قرطاج لتقييم العمل الحكومي، وإحاطة المواطنين بما تم إنجازه خلال فترة توليه السلطة قبل نحو ستة أشهر، وتدارس كيفية تنفيذ انتظارات التونسيين.
وحضر اجتماع أمس ممثلون عن أحزاب «حركة نداء تونس»، و«النهضة»، و«الجمهوري»، و«المبادرة الوطنية الدستورية»، و«المسار»، و«آفاق تونس» إلى جانب ممثلين عن الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة (مجمع رجال الأعمال)، والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري (نقابة الفلاحين). وتناول الاجتماع الأهداف الحكومية والبرامج المضمنة في «وثيقة قرطاج»، وبرامج الإصلاحات الكبرى لحكومة الوحدة الوطنية.
وسجل هذا الاجتماع غياب كلٍ من حزب مشروع تونس (محسن مرزوق)، وحزب الاتحاد الوطني الحرّ (سليم الرياحي)، وحركة الشعب (زهير المغزاوي). ويرجع غياب مرزوق إلى موقفه من حزب حركة النهضة ورفضه التعامل معها، ومعارضة الحكومة في توجهاتها. فيما غاب الرياحي بسبب انسحابه من وثيقة قرطاج. أما المغزاوي فقد أكد عدم تلقيه دعوة رسمية من رئاسة الحكومة لحضور هذا اللقاء.
ووفق قيادات سياسية مشاركة في هذا الاجتماع، فقد عرض الشاهد الإصلاحات الكبرى الأربعة المنتظر تنفيذها، وقال إنها تشمل تمويل الاقتصاد الذي يحتاج إلى موارد مالية ضخمة لإعادة التوازن إلى المالية العمومية، ومسك زمام المبادرة الاقتصادية، وقيادة قاطرة الاستثمار العام والخاص، وإصلاح الوظيفة العمومية بالحد من عدد الموظفين العاملين في القطاع العام، وضغط كلفة الأجور، وإصلاح المؤسسات العمومية التي لا يقل عددها عن 20 مؤسسة عمومية تعاني عجزا في معاملاتها السنوية، وتنتظر تدخلات عاجلة من الحكومة لاستعادة توازنها المالي. إضافة إلى إصلاح منظومة الصناديق الاجتماعية التي تعاني عجزا ماليا بسبب ضعف المساهمات، وترهل عدد اليد العاملة النشيطة، وخروج نحو 10 في المائة من السكان إلى التقاعد ممن تخطوا سن الستين.
من جهتها، طالبت الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية المشاركة في هذا الاجتماع بضرورة إجراء تقييم موضوعي لعمل أعضاء الحكومة، وإدخال بعض التعديلات الضرورية في حال وجود تقصير من قبل بعضهم. وعلى الرغم من مواصلة دعمها لحكومة الوحدة الوطنية، فقد انتقدت الأطراف المشاركة لجوء رئيس الحكومة إلى اتخاذ قرار بإقالة أحد أعضاء الحكومة دون التشاور، ومبدأ التوافق الذي بنيت على أساس وثيقة قرطاج.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».