مكاسب عراقية بتأمين جسر ثانٍ إلى وسط الموصل

القوات رصدت نفقاً للقطارات حوله المتطرفون إلى مضمار للتدريب

نازحون عراقيون يمرون من أمام أفراد القوات الخاصة بالموصل (رويترز)
نازحون عراقيون يمرون من أمام أفراد القوات الخاصة بالموصل (رويترز)
TT

مكاسب عراقية بتأمين جسر ثانٍ إلى وسط الموصل

نازحون عراقيون يمرون من أمام أفراد القوات الخاصة بالموصل (رويترز)
نازحون عراقيون يمرون من أمام أفراد القوات الخاصة بالموصل (رويترز)

أعلن مسؤول في الإعلام العسكري بالجيش العراقي اليوم (الاثنين) السيطرة على «جسر الحرية» المؤدي إلى وسط مدينة الموصل، الذي يسيطر عليه تنظيم داعش من الجنوب، بعدما أصبح الجيش العراقي على بعد كيلومترات من مجمع المباني الحكومية بالمدينة.
و«جسر الحرية» ثاني جسر في الموصل تؤمنه القوات العراقية بعدما أمنت جسرا يقع إلى الجنوب في الهجوم الذي بدأ في الجزء الغربي من المدينة في 19 فبراير (شباط) الماضي.
ودُمرت كل جسور الموصل الخمسة فوق نهر دجلة، لكن السيطرة عليها وإصلاحها سيسهلان الهجوم على «داعش» الذي يسيطر على المدينة منذ أكثر من عامين. و«جسر الحرية» أحد جسرين يؤديان إلى قلب المدينة القديمة ويقع الجسر الآخر إلى الجنوب منه.
وكانت قوات الشرطة الاتحادية وفرقة الرد السريع اقتحمتا حي الدندان وحي الدواسة وسط المدينة، وهو حي حسّاس يضم مباني حكومية مهمة مثل مجلس محافظة نينوى وقيادة الشرطة ومسجد «الحدباء» الذي أعلن منه زعيم تنظيم داعش المتطرف أبو بكر البغدادي «خلافته» المزعومة.
وتواصل القوات العراقية التقدم من عدة محاور تجاه المجمع الحكومي بالساحل الأيمن لمدينة الموصل (400 كلم شمال بغداد).
وقال الفريق رائد شاكر جودت في بيان صحافي، إن «الشرطة الاتحادية استأنفت معاركها على معاقل (داعش) في الدندان والدواسة و(النبي شيت)، ودفعت بقوات من فرقة النخبة إلى حي العكيدات، وتتقدم بإسناد طيران الجيش ومدفعية الشرطة الاتحادية باتجاه المجمع الحكومي من عدة محاور».
وتخوض القوات العراقية من جيش وشرطة و«حشد شعبي» معارك متفرقة في الساحل الأيمن من مدينة الموصل مركز محافظة نينوى لطرد تنظيم داعش منه، وقد تمكنت بالفعل من تحقيق انتصارات كبيرة منذ انطلاق عمليات تحرير الساحل الأيمن في فبراير الماضي.
في محافظة الأنبار، قال مجلس المحافظة اليوم (الاثنين)، إنه تم إرسال قوات خاصة قتالية من الجيش إلى المنافذ الحدودية بالمحافظة لصد هجمات «داعش»، وأوعزت القيادة العسكرية لتحرير الجانب الغربي من الأنبار وتأمين الحدود بشكل تام.
وأكد عضو المجلس طه عبد الغني، أن «(قيادة عمليات الأنبار) أرسلت وحدات خاصة من الجيش العراقي لإسناد قوات شرطة الحدود ومنع أي خرق إرهابي أو اعتداء».
وأشار عبد الغني إلى أن «الهدف الحقيقي لتكرر الاعتداء هو تسليط الضوء على قدرات التنظيم الإجرامي الوهمية وتغطية خسارته الفادحة في الموصل والأنبار».
ودعا مجلس قيادة العمليات المشتركة إلى التحرك الفوري وتحرير عنة والقائم وإعلان المحافظة خالية من الإرهاب تماماً، والسيطرة على الحدود العراقية - السورية مستقبلاً.
وبينما تستعر المعارك التي تخوضها القوات العراقية بإسناد جوي من التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، لا يكاد الناظر يلحظ مدخل النفق في سفح تل طيني يشرف على الموصل؛ حيث الاشتباكات بين القوات العراقية ومقاتلي التنظيم، وفيما مضى كانت القطارات تمر عبر هذا النفق في طريقها من الموصل وإليها، إلا أن المتطرفين سدوا المدخلين ونزعوا القضبان وأقاموا مضمارا لتدريب المجندين على العمليات الهجومية عندما اجتاحوا المنطقة في صيف 2014.
واكتشفت القوات العراقية معسكر التدريب السري تحت الأرض بعد أن استعادت السيطرة على التل الشهر الماضي في المراحل الأولى من معركة الموصل، لانتزاع السيطرة على الشطر الغربي من المدينة.
وتطوع بعض سكان المنطقة لإبلاغ القوات العراقية بموقع المعسكر الذي يكشف عن مدى تصميم التنظيم على القتال رغم أن القوات المهاجمة تفوقه كثيرا من حيث العدد وقوة النيران ويدعمها تحالف تقوده الولايات المتحدة.
وتسلق جنديان عراقيان كومة من التراب تخفي مدخل النفق ثم نزلا ودخلا من فتحة ارتفاعها نحو 7 أمتار وعرضها 5 أمتار على أضواء هواتفهما الجوالة.
وسلط الجنديان الضوء على شعارات «داعش» المكتوبة بالطلاء على جدران النفق الذي يبلغ طوله نحو نصف كيلومتر، وعلى سلسلة من العوائق، وراح أحدهما يجربها بنفسه.
وقال كاظم الغراوي، أحد أفراد فرقة الرد السريع، وهي من الوحدات الخاصة التابعة لوزارة الداخلية: «تدريبهم يشبه تدريبنا. هذا تدريب خاص للقوات الخاصة».
وليس من الواضح عدد المجندين الذين تلقوا تدريبهم في هذا المعسكر أو ما حدث لهم.
وتكمل التدريبات البدنية الإعداد الفكري عند التنظيم الذي ظهرت دلائله في كتيبات متناثرة على أرض النفق.
وعلى الأرض كان كتيب عن أنواع الوثنية ملقى بجوار صناديق فارغة لعلب عصير البرتقال التي شربها المجندون وعلب أحذيتهم وأغطية الرأس والوجه التي كانوا يرتدونها فلا يظهر منهم سوى أعينهم.
وأقيم خط السكة الحديد في أوائل القرن العشرين في إطار مشروع خط يربط برلين ببغداد. ولم يكن الخط مستخدما عندما اجتاح التنظيم الموصل في صيف 2014 وأعلن إقامة «دولة خلافة» على أراض من سوريا العراق.
وبالقرب من بداية مضمار التدريب الهجومي كان عدد من الحقائب التي تحمل على الظهر يمتلئ بالرمال لكي يحملها المجندون خلال تدريباتهم لزيادة صعوبة عبور العوائق.
وبعد تسلق جدار عال باستخدام الحبال ينتقل المجندون إلى عارضة حديدية يتنقلون عليها بأيديهم وقد تدلت أجسادهم ثم يلقون بأنفسهم على الأرض ويزحفون تحت أسلاك شائكة.
وتشير أسهم حمراء إلى الاتجاه الذي يتسلقون فيه جدارا لا تزال عليه آثار أقدامهم. ويبدو أن المجندين كانوا ينامون في المضمار بعض الوقت؛ إذ كانت أسرّة موجودة في غرفتين حفرتا على جانبي النفق، في إحداهما غطاء لحاف وردي اللون وقد زين بصورة الشخصية الكارتونية «ميكي ماوس».
وقام المتطرفون بتركيب وسائل إضاءة في النفق تعمل باستخدام مولد كهرباء موجود على سفح التل.
وكانت هناك عيادة طبية في كابينة متنقلة، و4 مقصورات للاستحمام، ومكان مخصص للوضوء في قسم من النفق كتب عليه: «المسجد».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.