يعقوب شاهين: أتميز عن غيري بالنغمة الموسيقية التي أؤديها

قال لـ«الشرق الأوسط» إنه يحلم بالوقوف على أهم مسارح العالم ليرفع اسم بلده فلسطين

يعقوب شاهين
يعقوب شاهين
TT

يعقوب شاهين: أتميز عن غيري بالنغمة الموسيقية التي أؤديها

يعقوب شاهين
يعقوب شاهين

قال يعقوب شاهين الفائز بلقب «محبوب العرب» 2017 بأنه ومنذ صغره كان يحلم بالغناء، وأنه رغم تخصّصه في الهندسة الداخلية بقي متشبثا به فاستطاع تحقيقه. وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لقد كان لدي ما يكفي من الإصرار في داخلي لأنجز هذا الحلم إذ كان يرافقني في أي خطوة أقوم بها، فلطالما كنت أتخيل نفسي أقف على مسرح (أراب أيدول) وإلى جانبي مقدّمه أحمد فهمي وكأنه في الواقع».
يعقوب شاهين الفلسطيني الثاني الذي يحصد هذا اللقب في برنامج (أراب أيدول) الذي تعرضه محطة (إم بي سي)، كان حديث وسائل الإعلام في العالمين العربي والغربي بعد أن اعتبر أن فوزه يندرج في إطار رسالة سلام نابعة من بلد ما زال يعاني من الاضطهاد والحرب. «أعتقد أن ما أثار هذا الاهتمام من قبل وسائل إعلام عربية وأجنبية هو كوني آتيا من بلد التعايش فلسطين، حيث لا تفرقة في الأديان بل إصرار على الوحدة في سبيل الاستقلال. كما أن فوزي هذا جاء ليثبت للجميع بأن فلسطين بلدا ولادا لمواهب فنيّة حقيقية، وأستطيع القول: إن الأمر لن يتوقّف على محمد عساف وأنا فقط، بل ستشهدون أسرابا من المواهب الفنيّة الفلسطينية اللافتة في المستقبل». قال شاهين في سياق حديثه وتابع: «صحيح أنني حققت حلمي في الفوز باللقب إلا أنني في المقابل استطعت تحقيق أحلام الشباب الفلسطيني، وكذلك أحلام الكبار والصغار لأنه بمثابة حلم شعب. حتى أن البعض يعتبرني قدوة له ولذلك سأعمل جهدي على إرضاء هؤلاء، فأكون عند حسن ظنّهم بي كونهم أمّنوني على حلم مستقبلهم الزاهر علّهم يخرجون أخيرا من مرحلة الحاضر المظلم».
ويعقوب شاهين الذي يتوجّه قريبا إلى مسقط رأسه بيت لحم في فلسطين حيث يحيي مهرجانا غنائيا كعربون شكر لكلّ من سانده، أشار إلى أن الرسالة الأساسية التي ستعنون مشواره الفنّي ستكون نشر السلام. «سأبقى أغني للسلام طالما أنا أتنفس، فهناك أشخاص دفنوا تحت التراب ومنهم ما زال يعيش مجروحا وغيرهم في السجون كونهم حملوا هذه الرسالة وأرادوا تحقيقها. فأنا سأمثلهم وأعدهم بأنني سأسير على طريقهم لا سيما أننا ننتمي إلى أرض مباركة مرّ فيها الأنبياء إلا وهي فلسطين».
وعن المسرح الذي يحلم بالوقوف على خشبته يوما ما أجاب: «أتمنى أن أقف على أشهر المسارح في العالم من دور أوبرا وغيرها، إلا أنني في المقابل أتمنى أن أغني للشعب العربي على مسارح فلسطينية في بيت لحم والقدس أو في أي مكان آخر فيها، بعد أن تزول الحواجز فيصبح حضورهم إلى بلدنا أمرا طبيعيا نحتفل به معا بالسلام ومن خلال الأغنية العربية».
ووصف «محبوب العرب» مشواره في برنامج (أراب أيدول) بالممتع رغم كلّ المصاعب التي واجهته، منذ لحظة الترشح للمشاركة فيه حتى لحظة فوزه باللقب وقال: «أول محطة لي في هذا المجال كانت في (رام الله) حيث غنّيت أمام لجنة فنية موجودة هناك لتعلمني فيما بعد بقبولي والسفر إلى بيروت حيث الامتحان الأول أمام لجنة حكم مؤلّفة من مطربين عمالقة (وائل كفوري وأحلام وحسن الشافعي ونانسي عجرم)، فأديّت موالا لاقى استحسانهم ومن هناك بدأ مشواري الفعلي في البرنامج، والذي تخلله لحظات تعب وإرهاق لا سيما أنني أصبت بالتهاب في أوتاري الصوتية في الأيام الأولى لوجودي هنا بسبب التوتّر الذي اجتاحني». وتابع: «لعلّ الاهتمام الكبير الذي أولتنا إياه إدارة (إم بي سي) وفريق عمل (أراب أيدول) ساهم بشكل أساسي في التخفيف من توترنا وشوقنا لأهلنا، فهم لم يوفّروا أي فرصة لتأمين أساليب الراحة لنا مما انعكس إيجابا على وضعينا النفسي والحياتي بشكل عام».
لم يكن يعقوب شاهين متأكّدا من فوزه في (أراب أيدول) كما أسرّ لنا، فالمشتركان الآخران (عمار وأمير) لم يصلا النهائيات بالصدفة، بل لأنهم مثله تماما لم يقفوا ولا مرة واحدة في منطقة الخطر: «لقد بقيت أتضرع إلى ربّ العالمين لأفوز باللقب طيلة وقت الحلقة الختامية لأن الموقف كان صعبا مع وجود صوتين كبيرين من زملائي، فجميعنا كنّا أقوياء، حتى أنني صرت أتمنى أن يمرّ الوقت بسرعة لتعلن النتائج وينتهي شعوري هذا بالقلق. وعندما تمّ الإعلان عن فوزي استحقّيتها وعرفت أن مسؤولية كبيرة حمّلني إياها من صوّت لي ولذلك أعتبر الموقف وابتداء من تلك اللحظة صار أصعب».
وعما يميّزه في أسلوبه الغنائي قال: «هي تلك النغمة السريانية التي استخدمتها في أغاني، والتي لم يسبق أن أجادها أحد من قبلي، فأنا تربّيت على هذه النغمة فسكنت صوتي وهو أمر لم يسبق أن شهدته الساحة الغنائية العربية على ما أعتقد. فعالمنا العربي يحتاج اليوم إلى صوت يختلف عن غيره في الأداء، وفي استعمالي هذا الأسلوب تميّزت عن غيري إذ أنه بمثابة جزء لا يتجزأ من هويتي الغنائية».
وعن سبب حمله لقب «الأسمراني» أوضح: «في أول موال غنّيته أمام لجنة الحكم حمل عنوان (الأسمراني)، ومنذ تلك اللحظة صاروا ينادوني بهذا الاسم تيمنا بالموّال الذي كان سبب دخولي المسابقة من بابها العريض. وعلى كلّ حال فهو لقب جميل كوني شابا أسمر البشرة وهو يليق بي».
لم يتوان يعقوب شاهين عن وضع مخطّط فنّي لمشواره المستقبلي كما قال، فهو لا يريد أن يحبط هؤلاء الذين صوّتوا له بكثافة ليفوز باللقب. «أنوي أن أبقى دائما على الساحة وأن لا يأتي يوم يسأل فيه عنّي من ساندني ودعمني. وسأقدم الأغاني المنوعة بحيث لا أتقوقع في لون معيّن». وعن كيفية مواجهته عالما جديدا عليه فيه الكثير من المطبّات ألا وهو عالم الفنّ ردّ قائلا: «أتمتع بدرجة وعي عالية ستوجهني في مسيرتي هذه وستخوّلني أيضا تحمّل أي تحدّيات تطالعني في عالم الفن، كما سأبتعد عن كلّ ما يهدّد مسيرتي هذه، فأنا أتسلح بالسلام ولا أحب افتعال المشاكل أو المشاركة فيها». وعن الشهرة قال: «هي سيف ذو حدّين ولكني سأكون لها بالمرصاد، حتى لا تؤثّر على خصوصياتي وعلى علاقاتي مع الآخرين ولا سيما من أصدقائي».
وعلّق على مهنة والده في حفر خشب الزيتون قائلا: «هي مهنة أفتخر بها لا سيما أن والدي يحاول إحياءها من خلال ممارسته لها حتى اليوم لأنها في حالة اندثار، فشجر الزيتون يرمز إلى بلدي فلسطين وهو معروف بأنه يحمل رمزية السلام ونحن كفلسطينيين نتوق إلى السلام». وعن سبب عدم ممارسته هذه المهنة اليدوية أجاب: «كنت أساعد والدي في مهنته هذه أيام الصيف، ولكني لم أجد نفسي فيها، تماما كالاختصاص الذي درسته (الهندسة الداخلية) فعملت فيه لمدة ستة أشهر فقط لأنني في قرارة نفسي كنت أعلم أن الفنّ هو الطريق الذي أريد أن أسلكه».
يصف يعقوب شاهين نفسه بالشخص الهادئ ولكنه في المقابل لا يحبّ أن يستفزّ، كما أنه مغرم بالأبيض ولذلك لديه كمّ هائل من القمصان البيضاء ليرتديها يوميا. «هو لون يرمز إلى النقاء والسلام وأرتديه بصورة دائمة لأنه يشعرني بالراحة».
تأثّر «محبوب العرب» يعقوب شاهين بأغاني محمد عبد الوهاب، وكان والده يغنّيها له بشكل دائم. «لقد كان يحلم والدي في امتهان الفنّ وأعتقد في فوزي هذا حققت له حلمه وحلمي وأحلام آخرين من الشباب الفلسطيني، الذين سأكون خير سفير لهم كما أوصاني الرئيس محمود عباس من خلال رسالة شفهية أوصلها لي نجله الذي حضر حلقة النهائيات». ويعتبر الدعوات التي حمّلاها إياه والداه قبيل مغادرته بيت لحم متوجها إلى بيروت استجيب لها فحصد اللقب.
تأثر يعقوب شاهين بكثافة الأصوات التي حصل عليها ولا سيما تلك التي لتلامذة وطلاب من بيت لحم، بعد أن حرموا أنفسهم من مصروفهم اليومي ليقوموا بذلك. ويعلّق: «لقد كان من الطبيعي أن يصوّت لي الأشخاص البالغون ولكن أن أحصد محبّة الصغار أيضا لهو أمر ترك أثره الكبير في ويشعرني بقمة النجاح الذي أحرزته».
بماذا سيتسلّح يعقوب شاهين في مشواره المستقبلي الفنيّ؟ يردّ: «سأتسلح بعزيمتي وعزيمة الشعب الفلسطيني الذي أمثله. فهي قيمة إنسانية تولد معنا بالدم، كما أنني سأتسلح بإيماني ومبادئي ومعتقداتي وطبعا بالفطنة والذكاء اللذين أعتبرهما أساسا لأي نجاح».



إيلي فهد لـ«الشرق الأوسط»: المدن الجميلة يصنعها أهلها

بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
TT

إيلي فهد لـ«الشرق الأوسط»: المدن الجميلة يصنعها أهلها

بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})

لا يمكنك أن تتفرّج على كليب أغنية «حبّك متل بيروت» للفنانة إليسا من دون أن تؤثر بك تفاصيله. فمخرج العمل إيلي فهد وضع روحه فيه كما يذكر لـ«الشرق الأوسط»، ترجم كل عشقه للعاصمة بمشهديات تلامس القلوب. أشعل نار الحنين عند المغتربين عن وطنهم. كما عرّف من يجهلها على القيمة الإنسانية التي تحملها بيروت، فصنع عملاً يتألّف من خلطة حب جياشة لمدينة صغيرة بمساحتها وكبيرة بخصوصيتها.

ويقول في سياق حديثه: «أعتقد أن المدن هي من تصنع أهلها، فتعكس جماليتهم أو العكس. الأمر لا يتعلّق بمشهدية جغرافية أو بحفنة من العمارات والأبنية. المدينة هي مرآة ناسها. وحاولت في الكليب إبراز هذه المعاني الحقيقية».

تلعب إليسا في نهاية الكليب دور الأم لابنتها {بيروت} (حساب فهد إيلي على {إنستغرام})

من اللحظات الأولى للكليب عندما تنزل إليسا من سلالم عمارة قديمة في بيروت يبدأ مشوار المشاهد مع العاصمة. لعلّ تركيز فهد على تفاصيل دقيقة تزيح الرماد من فوق الجمر، فيبدأ الشوق يتحرّك في أعماقك، وما يكمل هذه المشهدية هو أداء إليسا العفوي، تعاملت مع موضوع العمل بتلقائية لافتة، وبدت بالفعل ابنة وفيّة لمدينتها، تسير في أزقتها وتسلّم على سكانها، وتتوقف لبرهة عند كل محطة فيها لتستمتع بمذاق اللحظة.

نقل فهد جملة مشاهد تؤلّف ذكرياته مع بيروت. وعندما تسأله «الشرق الأوسط» كيف استطاع سرد كل هذه التفاصيل في مدة لا تزيد على 5 دقائق، يرد: «حبي لبيروت تفوّق على الوقت القليل الذي كان متاحاً لي لتنفيذ الكليب. وما أن استمعت للأغنية حتى كانت الفكرة قد ولدت عندي. شعرت وكأنه فرصة لا يجب أن تمر مرور الكرام. أفرغت فيه كل ما يخالجني من مشاعر تجاه مدينتي».

من كواليس التصوير وتبدو إليسا ومخرج العمل أثناء مشاهدتهما إحدى اللقطات من الكليب (فهد إيلي)

يروي إيلي فهد قصة عشقه لبيروت منذ انتقاله من القرية إلى المدينة. «كنت في الثامنة من عمري عندما راودني حلم الإخراج. وكانت بيروت هي مصدر إلهامي. أول مرة حطّت قدمي على أرض المدينة أدركت أني ولدت مغرماً بها. عملت نادلاً في أحد المطاعم وأنا في الـ18 من عمري. كنت أراقب تفاصيل المدينة وسكانها من نوافذ المحل. ذكرياتي كثيرة في مدينة كنت أقطع عدداً من شوارعها كي أصل إلى مكان عملي. عرفت كيف يستيقظ أهاليها وكيف يبتسمون ويحزنون ويتعاونون. وهذا الكليب أعتبره تحية مني إلى بيروت انتظرتها طويلاً».

لفت ايلي فهد شخصية إليسا العفوية (حسابه على {إنستغرام})

يصف إيلي فهد إليسا بالمرأة الذكية وصاحبة الإحساس المرهف. وهو ما أدّى إلى نجاح العمل ورواجه بسرعة. «هذا الحب الذي نكنّه سوياً لبيروت كان واضحاً. صحيح أنه التعاون الأول بيني وبينها، ولكن أفكارنا كانت منسجمة. وارتأيت أن أترجم هذا الحبّ بصرياً، ولكن بأسلوب جديد كي أحرز الفرق. موضوع المدينة جرى تناوله بكثرة، فحاولت تجديده على طريقتي».

تبدو إليسا في الكليب لطيفة وقريبة إلى القلب وسعيدة بمدينتها وناسها. ويعلّق فهد: «كان يهمني إبراز صفاتها هذه لأنها حقيقية عندها. فالناس لا تحبها عن عبث، بل لأنها تشعر بصدق أحاسيسها». ويضعنا فهد لاشعورياً في مصاف المدن الصغيرة الدافئة بعيداً عن تلك الكبيرة الباردة. ويوضح: «كلما كبرت المدن خفت وهجها وازدادت برودتها. ومن خلال تفاصيل أدرجتها في الكليب، برزت أهمية مدينتي العابقة بالحب».

لقطة من كليب أغنية "حبّك متل بيروت" الذي وقعه إيلي فهد (حسابه على {إنستغرام})

كتب الأغنية الإعلامي جان نخول ولحّنها مع محمد بشار. وحمّلها بدوره قصة حب لا تشبه غيرها. ويقول فهد: «لقد استمتعت في عملي مع هذا الفريق ولفتتني إليسا بتصرفاتها. فكانت حتى بعد انتهائها من تصوير لقطة ما تكمل حديثها مع صاحب المخبز. وتتسامر مع بائع الأسطوانات الغنائية القديمة المصنوعة من الأسفلت». ويتابع: «كان بإمكاني إضافة تفاصيل أكثر على هذا العمل. فقصص بيروت لا يمكن اختزالها بكليب. لقد خزّنت الكثير منها في عقلي الباطني لاشعورياً. وأدركت ذلك بعد قراءتي لتعليقات الناس حول العمل».

في نهاية الكليب نشاهد إليسا تمثّل دور الأم. فتنادي ابنتها الحاملة اسم بيروت. ويوضح فهد: «الفكرة هذه تعود لإليسا، فلطالما تمنت بأن ترزق بفتاة وتطلق عليها هذا الاسم». ويختم إيلي فهد متحدثاً عن أهمية هذه المحطة الفنية في مشواره: «لا شك أنها فرصة حلوة لوّنت مشواري. وقد جرت في الوقت المناسب مع أنها كانت تراودني من قبل كثيراً».