الصومال: فرماجو يعين رئيسا للوزراء بتغريدة

حسن خيري قال إنه سيعمل بكد لتشكيل حكومة {تمثل كل الناس}

الصومال: فرماجو يعين رئيسا للوزراء بتغريدة
TT

الصومال: فرماجو يعين رئيسا للوزراء بتغريدة

الصومال: فرماجو يعين رئيسا للوزراء بتغريدة

أصدر الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو قبل سفره أمس إلى المملكة العربية السعودية، كأول دولة عربية أو أجنبية يقوم بزيارتها، مرسوما رئاسيا بتعيين حسن علي خيري رئيسا للحكومة الجديدة، وطالبه بسرعة تشكيل مجلس وزرائه في غضون أسبوعين، حسبما أعلن مكتب فرماجو.
وفاجأ الرئيس الصومالي المشهد السياسي والإعلامي في الصومال بإعلان تعيين رئيس الوزراء عبر تغريدة في «تويتر» فجر أمس، وهو تقليد لم يكن معروفا لدى الرؤساء الذين سبقوه، داعيا الشعب الصومالي إلى العمل مع رئيس الوزراء الجديد، فيما وصفه بـ«المهمة الصعبة التي أوكلت إليه».
وجاء تعيين خيري بعد يوم من تنصيب فرماجو في حفل أقيم في العاصمة مقديشو، بحضور رؤساء دول الجوار، الرئيس الكيني اهورو كينياتا، والرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيلي ورئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام ديسالجين، إضافة إلى سفراء عدد من الدول العربية والأفريقية، ومبعوثين خاصين من تركيا والسودان ومصر والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي، وسفراء الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن.
وفي أول تصريحات له، قال رئيس الوزراء الجديد بعد تعيينه إنه سيعمل «بكد مع الرئيس لتشكيل حكومة تمثل الناس»، على اعتبار أن التوترات السابقة في أعلى هرم السلطة بين الرئيس ورئيس الوزراء، كانت تشل في الغالب النشاط الحكومي خلال السنوات الأخيرة. ولذلك ستكون للعلاقة بين المسؤولين أهمية كبرى في مستقبل هذا البلد البالغ الهشاشة، حسب عدد من المراقبين.
وعين حسن علي خيري، العامل الإنساني السابق في شركة نفطية، رئيسا لأول حكومة في عهد فرماجو، تاسع رئيس للصومال. وعلى غرار الرئيس الذي يحمل الجنسية الأميركية، فإن خيري القادم الجديد إلى المشهد السياسي في الصومال، يحمل الجنسيتين الصومالية والنرويجية، وهو أيضا من صوماليي المهجر. وقد تولى خيري البالغ من العمر (49 عاما) لمدة عامين ونصف منصب مدير قسم أفريقيا في شركة النفط البريطانية المثيرة للجدل «صوما أويل آند غاز»، بعد أن تعرضت لمشاكل بشأن قضية فساد مفترضة تتعلق بعقد نفطي وقع في 2013 مع الصومال. لكن المكتب البريطاني لمكافحة عمليات الاحتيال الكبرى حفظ هذه القضية نهاية العام الماضي لأنه لم يعثر «على أدلة كافية تتيح الإدانة».
وقبل ذلك شغل خيري بين 2011 و2014 منصب المدير الإقليمي للمجلس النرويجي للاجئين، وهي منظمة غير حكومية انضم إليها في 2002 بمدينة أوسلو.
ويعتبر خيري من المقربين من الرئيس الصومالي السابق حسن شيخ محمود الذي خلفه فرماجو، علما بأنه ينتمي إلى قبيلة الحويج، وهو ما من شأنه أن يحفظ التوازن التقليدي مع قبيلة دارود التي ينتمي إليها الرئيس فرماجو، الذي وعد الشعب بإنهاء عصر حركة الشباب، وغيرها من الجماعات الإسلامية المتشددة، وطلب من مقاتلي حركة الشباب، الذين يقدر عددهم بالآلاف الاستسلام، ووعدهم «بحياة كريمة» إذا استسلموا.
ولد رئيس الوزراء الجديد وسط الصومال عام 1968، ودرس في النرويج، وكان يشغل منصب مدير «المجلس النرويجي للاجئين في منطقة القرن الأفريقي واليمن» لفترة طويلة. ورشح العام الماضي لمنصب الأمين العام لمنظمة الإيجاد (الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا) التي تضم إثيوبيا والسودان والصومال وجيبوتي وأوغندا وكينيا وإريتريا.
وبرز اسم رئيس الوزراء الصومالي الجديد كرجل أعمال غير معروف عام 2013 عند تأسيس شركة «صوم أويل آند غاز» التي يرأسها الزعيم السابق لحزب المحافظين البريطاني اللورد مايكل هاوارد، والتي يملك خيري أسهما فيها حسب موقع الشركة على الإنترنت، كما يشغل في نفس الوقت المدير التنفيذي للشركة في أفريقيا، والتي وقعت عقدا مع الحكومة الصومالية للتنقيب عن النفط والغاز في السواحل الصومالية. كما شغل خيري أيضا منصب مستشار رئيس الجمهورية في فترة الرئيس السابق حسن شيخ محمود.
وبعد إعلان خيري قبوله المنصب وتصريحه بأنه سيشكل حكومة كفاءات في وقت قصير، سيتم عرض خيري على البرلمان (329 عضوا) لنيل ثقتهم حتى يتسنى له تشكيل الحكومة في غضون 30 يوما، وهي المهلة التي يحددها الدستور، ثم تعرض الحكومة الجديدة على البرلمان مرة أخرى لنيل ثقته أيضا.
وستكون أمام رئيس الوزراء الجديد مهمة صعبة لتشكيل حكومة تراعي التوازنات القبلية في البلاد، القائمة على نظام المحاصصة القبلية، وتكون في نفس الوقت حكومة كفاءات كما وعد رئيس الوزراء الجديد.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.