بينما بدا وكأنه مؤشر على انفتاح إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على ملف ليبيا على نحو مغاير لسياسة سلفه باراك أوباما، علمت «الشرق الأوسط» بأن مساعي مصرية ساهمت في حدوث اتصالات غير مباشرة بين ممثلين عن ترمب والمشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي. وفي غضون ذلك أحيا الليبيون أول من أمس الذكرى السادسة لانطلاق ثورتهم التي أطاحت بنظام معمر القذافي عام 2011، في مناخ من عدم اليقين بسبب أزمة سياسية عميقة واستمرار انعدام الأمن، حيث تجمع آلاف الليبيين وسط تدابير أمنية مشددة في ساحة الشهداء وسط العاصمة، التي أضاءت الألعاب النارية سماءها، ملوحين بالعلم الوطني.
وأعلنت حكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج أن اليوم (الأحد)، سيكون يوم عطلة رسمية بهذه المناسبة، فيما تتصارع ثلاث حكومات على السلطة في الدولة التي تمزقها الفوضى الأمنية والعسكرية.
إلى ذلك، أبلغت مصادر ليبية وأميركية لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك جهودا غير معلنة تبذلها القاهرة لتدشين علاقات واتصالات مباشرة بين قائد الجيش الوطني الليبي المشير حفتر وإدارة الرئيس الأميركي ترمب، مشيرة إلى أنه لم يحدث حتى الآن أي اتصال رسمي مباشر بين الطرفين. وكشف مسؤول على صلة بهذه الاتصالات النقاب عن اتجاه أميركي خلال فترة ولاية ترمب لإعادة النظر في كيفية التعامل مع حفتر، باعتباره الرجل القوي في ليبيا حاليا، لكنه اعتبر في المقابل أن ذلك لا يمنع واشنطن من الاتصال بأطراف أخرى وفاعلة هناك.
وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» بشأن ما إذا كانت قد جرت مؤخرا اتصالات مباشرة بين الإدارة الأميركية وحفتر، قال المسؤول الذي طلب عدم تعريفه: «لا، لم يحدث تواصل مباشر بعد، ولكن هناك سعي مصري».
وكان وليد فارس، مستشار ترمب خلال حملته الانتخابية للشؤون الخارجية، قد أعلن مساء أول من أمس في تصريحات لقناة تلفزيونية ليبية محلية، أنه «إذا كان هناك من تعامل للإدارة الأميركية مع جهة رسمية عسكرية فهي مع الجيش الليبي بقيادة حفتر، وما عداه هي محاولات ومجموعات وميليشيات مسلحة».
ويأمل حفتر في حدوث تقارب إيجابي مع إدارة ترمب يسمح للولايات المتحدة بالتدخل لرفع الحظر المفروض على إعادة تسليح الجيش الوطني الليبي، بالإضافة إلى التعاون الاستخباراتي في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف.
وقال مسؤولون عسكريون ليبيون، إنه بإمكان إدارة ترمب تحقيق ما وصفوه بنقلة نوعية في أداء الجيش الليبي ضد الجماعات الإرهابية، إذا ما وافقت واشنطن على تسليح الجيش ومساعدته، على غرار ما فعلته القوات الأميركية من تقديم دعم عسكري جوي للقوات التي تحارب تنظيم داعش في مدينة سرت والموالية لحكومة الوفاق الوطني، والتي يترأسها فائز السراج المدعوم من بعثة الأمم المتحدة.
وتزايد التقارب الغربي مع حفتر في الأسابيع القليلة الماضية بعدما سيطرت قوات الجيش التابعة له على منطقة الهلال النفطي الاستراتيجية، واقتربت من إنهاء وجود الجماعات المتطرفة في مدينة بنغازي، ثاني كبريات المدن الليبية ومهد الانتفاضة التي اندلعت قبل نحو ست سنوات ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي.
وانضمت الولايات المتحدة إلى دول الاتحاد الأوروبي في الترحيب بنقل إدارة المنشآت النفطية في الهلال النفطي إلى المؤسسة الوطنية للنفط وبخطط زيادة الإنتاج والصادرات، بعدما قال حفتر إن القوى الغربية يمكنها أن تطمئن تماما إلى أن تلك العملية ليست ضد المصالحة، وليس لها أي أهداف سياسية.
يشار إلى أن حفتر أقام في المنفى بالولايات المتحدة، حيث أمضى سنوات طويلة في ولاية فرجينيا، قبل أن يعود إلى ليبيا للمشاركة في العملية العسكرية التي أدت إلى إسقاط نظام القذافي.
من جهته، اعتبر اللواء عبد الرازق الناظوري، رئيس الأركان العامة للجيش الليبي، أنه لا حل إلا بتسليم الجماعات الموجودة في مدينة درنة بشرق البلاد أسلحتهم للجيش في أقرب وقت ممكن، داعيا من وصفهم بالشباب المغرر بهم الذين يقاتلون في صفوف هذه الجماعات للعودة إلى منازلهم فورًا، وتسليم أسلحتهم إلى أفراد الجيش والشرطة.
وقالت وكالة الأنباء الليبية، إن تصريحات الناظوري وردت خلال استقباله وفدا يضم رئيس وأعضاء الرابطة الوطنية العلمية للسادة الأشراف في مدينة المرج، لمناقشة إيجاد حلول لإنهاء الأزمة، التي تمر بها مدينة درنة التي كانت تعتبر المعقل الرئيسي للجماعات المتطرفة بشرق ليبيا.
في غضون ذلك، أعلنت شركة الخليج العربي للنفط عن تشكيل لجنة خاصة للتحقيق في حالة التسمم في حقل السرير النفطي أول من أمس، بعدما أصيب 45 من العاملين فيه بتسمم غذائي، بسبب سواء الخدمات الغذائية في الحقل.
وأوضح مدير إدارة الخدمات في الشركة جاد الله مفتاح، الذي زار أمس حقل السرير للوقوف على الوضع عن قرب، إن الوضع جيد ولا توجد أي مؤشرات على وجود أطعمة فاسدة.
أميركا تغازل حفتر... والجيش يطالب المتطرفين بإلقاء السلاح
الليبيون يحيون ذكرى انطلاق ثورتهم في أجواء من الشك وعدم اليقين
أميركا تغازل حفتر... والجيش يطالب المتطرفين بإلقاء السلاح
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة