تونس تمدد «الطوارئ» 3 أشهر وسط احتجاجات جمعيات حقوق الإنسان

تتيح للسلطات حظر الإضرابات والاجتماعات ومراقبة الصحافة وإقفال قاعات العروض

تونس تمدد «الطوارئ» 3 أشهر وسط احتجاجات جمعيات حقوق الإنسان
TT

تونس تمدد «الطوارئ» 3 أشهر وسط احتجاجات جمعيات حقوق الإنسان

تونس تمدد «الطوارئ» 3 أشهر وسط احتجاجات جمعيات حقوق الإنسان

مدد الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي حالة الطوارئ في البلاد لمدة ثلاثة أشهر إضافية، بداية من يوم أمس وإلى منتصف مايو (أيار) المقبل.
وذكر بلاغ لرئاسة الجمهورية التونسية، أن الباجي اتخذ هذا القرار بعد استشارة يوسف الشاهد، رئيس الحكومة، ومحمد الناصر، رئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان)، حول المسائل المتعلقة بالأمن القومي والأوضاع على الحدود، وفي المنطقة عموما.
ويأتي هذا القرار بعد أيام قليلة من الانتقادات الشديدة التي وجهتها منظمة العفو الدولية إلى تونس، وذلك ضمن تقريرها الذي حمل عنوان «انتهاكات حقوق الإنسان في سياق حالة الطوارئ في تونس»؛ وهو ما عرّض قرار التمديد في حالة الطوارئ إلى انتقادات عدد من منظمات المجتمع التونسي، والجمعيات الناشطة في مجال حقوق الإنسان، ومن بينها الرابطة التونسية لحقوق الإنسان.
وكانت منظمة العفو الدولية قد أصدرت تقريرا انتقدت فيه «انتهاكات حقوق الإنسان في سياق حالة الطوارئ في تونس»، قالت فيه إن السلطات التونسية لجأت إلى تشديد إجراءات الأمن، والاعتماد على قوانين الطوارئ للرد على سلسلة الهجمات الإرهابية المسلحة التي هزت البلاد خلال سنتي 2015 و2016.
ويمنح إعلان حالة الطوارئ قوات الأمن سلطات استثنائية، ويتيح للسلطات حظر الإضرابات والاجتماعات التي من شأنها «الإخلال بالأمن العام»، كما يمكنها من «إقفال قاعات العروض ومحال بيع المشروبات وأماكن الاجتماعات بشكل مؤقت، مهما كان نوعها، واتخاذ الإجراءات كافة لضمان مراقبة الصحافة وكل أنواع المنشورات».
وأوضح المنذر الشارني، الكاتب العام للمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب، أن المنظمة تلقت 250 ملف تعذيب خلال سنة 2015، لكنه نفى أن تكون ظاهرة التعذيب عبارة عن سياسة ممنهجة، مشيرا إلى أن للمنظمة دلائل تؤكد تواصل التعذيب في السجون وعند استنطاق المتهمين، وأنها تتلقى يوميا ملفات لضحايا جدد. غير أن السلطات لا تعترف بهذه الحالات، وتعتبرها حالات سوء معاملة لا ترقى إلى وصفها «حالات تعذيب».
في هذا السياق، تعهد يوسف الشاهد، رئيس الحكومة بفتح تحقيق حول تقرير منظمة العفو الدولية حول وجود حالات تعذيب في السجون التونسية، وتوعّد في تصريح لإحدى وسائل الإعلام الألمانية مرتكبي التعذيب بالعقاب.
من جهة ثانية، وفي سياق متصل بزيارة الشاهد إلى ألمانيا، وتخوف بعض الأحزاب السياسية من مقايضة دعم ألمانيا الاقتصادي لتونس بالموافقة على ترحيل مئات الشبان التونسيين من ألمانيا دون احترام حقهم في اللجوء والعودة الاختيارية إلى بلد المنشأ، ناقشت لجنة المالية والتخطيط والتنمية في البرلمان التونسي أول من أمس، مشروع اتفاقية مالية مع ألمانيا تعود إلى سنة 2014، لكنها بقيت معطلة طوال الفترة الماضية.
ووفق هذه الاتفاقية، تلتزم ألمانيا بتمكين تونس من قروض ومساهمات مالية تقدر بنحو 119 مليون يورو من مؤسسة القروض، تخصص لإعادة الإعمار، وتحصل تونس من بين المبالغ على نحو ثلاثة ملايين يورو على شكل هبة مالية.
في هذا الخصوص، قالت سامية عبو، القيادية في حزب التيار الديمقراطي المعارض، إن مشروع الاتفاقية احتوى على «طلاسم» عدة، وطالبت الحكومة بتوضيح عدد من النقاط الغامضة قبل عرض هذا القانون على أنظار البرلمان للتصديق عليه في جلسة برلمانية عامة مقبلة.
وانتقدت عبو مضامين الاتفاقية، وحذرت من الشروط الواردة بها، كما هاجمت ممثلي حركة النهضة وحزب النداء، صاحبي أغلبية المقاعد داخل اللجان البرلمانية، بسبب عدم مناقشة محتوى الاتفاقية والاكتفاء بعرضها على اللجنة دون تمحيص محتواها.
وعلى الرغم من هذه الانتقادات، وافق جل أعضاء المالية والتخطيط والتنمية على نص الاتفاقية، فيما احتفظ المنجي الرحوي رئيس اللجنة البرلمانية والقيادي في الجبهة الشعبية المعارضة بصوته في انتظار مناقشتها بشكل أوسع تحت قبة البرلمان.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».