أمسية لاختيار ملكة جمال المرشحات العراقيات للانتخابات تثير انتقادات واسعة

غابت عنه المنتميات للكتل الإسلامية

المرشحات على منصة التحكيم
المرشحات على منصة التحكيم
TT

أمسية لاختيار ملكة جمال المرشحات العراقيات للانتخابات تثير انتقادات واسعة

المرشحات على منصة التحكيم
المرشحات على منصة التحكيم

على نحو أثار استغراب وحفيظة كثير من المراقبين، كانت أمسية اختيار ملكة جمال النساء المرشحات في البرلمان العراقي المقبل هي الأولى من نوعها في العاصمة بغداد يوم أول من أمس، رغم محاولات القائمين عليها تقديمها بأنها فرصة لتقريب وجهات النظر بين المرشحات من كتل وأحزاب مختلفة واختيار الأجمل بينهن كنوع من تقديم صورة أجمل للنائبة العراقية القادمة.
وتجمعت العشرات من المرشحات بدعوة من قناة العربية والمفوضية العليا للانتخابات في العراق في إحدى قاعات أكبر الفنادق العراقية للمشاركة في أمسية أطلق عليها «أجمل سيدة وطن»، غابت عنه مرشحات الكتل الإسلامية بشكل ملحوظ، فيما بدت معظم الحاضرات في أجمل حلة لهن وسط حضور إعلامي كثيف ومنافسة مثيرة بانتظار فوز إحداهن والاحتفاء بها قبل فوزها بمعقد برلماني مرتقب!.
مفاجأة لجنة التحكيم التي شكلت من شخصيات فنية وسياسية وإعلامية عراقية معروفة، جاءت مرضية للجميع وحسمت أي خلاف يمكن أن ينشب بين المرشحات عندما قررت في نهاية الحفل الاحتفاء بفوز الجميع كأجمل السيدات، وصعودهن منصة المسرح وسط تصفيق الحضور وفلاشات كاميرات الصحافة والإعلام، الأمر الذي وصفه الشارع العراقي بأنه استهانة بمشكلات جمة تمر بها البلاد.
تقول المرشحة عن قائمة دولة القانون مريم الريس في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تلقيت بالفعل دعوة للمشاركة في الحفل، وعلمت وقتها أنها أمسية تجمع بين مرشحات لأجل المناظرات وتبادل الأسئلة بين الجمهور حول البرامج الانتخابية بين الكتل، ورحبت بالدعوة، لكن في اليوم الأخير للأمسية عرفت أن هناك لجنة تحكيم لاختيار ملكة جمال المرشحات».
وأضافت: «رفضت الأمر، واعتذرت عن الحضور وأخبرت القائمين عليه أن جمال المرشحة ليس هو المعيار الأهم بقدر ما تملكه من رؤية سليمة للوضع العراقي وطبيعة ما يحتاجه في هذا الوقت والبرنامج الانتخابي والسياسي القادم لها».
بدورها دافعت سونيا الجبوري، إحدى عضوات لجنة التحكيم عن الحفل بالقول: «أردنا تقديم دليل للناخب العراقي بأن للمرأة صورة أكثر إشراقا ووعيا من صورتها التي ظهرت بها في الدورات البرلمانية السابقة، وأنها قادرة على الحضور والمناقشة والتشارك مع الآخرين من النساء المرشحات لأجل توطين الصلات بينهن مادامت هناك قواسم مشتركة في برامجهن الانتخابية».
وحول الانتقادات التي تعرض لها الحفل من قبل الجمهور العراقي على مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«تويتر» قالت الجبوري: «الأمسية جرى فهمها بشكل خاطئ، بعد أن حاولنا أن نقدم صورتنا وحضورنا للشارع العراقي، وأننا نملك كوكبة من المرشحات العراقيات ذوات المستوى الرفيع علميا وأدبيا وثقافيا، إلى جانب الجمال الخلاب».
أما لجنة التحكيم، فقد حسمت الأمر باختيار الجميع كأجمل المرشحات في دلالة على انسجامهن واتفاقهن على أن سيدة الوطن الأجمل هي العراقية فقط.
ورفضت إحدى المرشحات من كتلة إسلامية معروفة أن تذكر اسمها واكتفت بالقول: «إن الأمسية معيبة وهي تسقيط سياسي رخيص لمكانة المرأة العراقية».
أما حنان طعمة، فقد كتبت على صفحتها في «فيسبوك»، تعليقا على صور الحفل بأنه: «استعراض لأحدث الأزياء والمكياج الذي غطى وجوه المرشحات على الرغم من وضوح عمليات التجميل وحقن البوتكس على مظهر بعضهن».
فيما علق صديقها أحمد المنصوري بالقول: «إن مدننا توشك على الغرق والمياه الصالحة للشرب مقطوعة عن بغداد، لكن مرشحاتنا الجدد منشغلات بأمسيات الجمال والأزياء الفاخرة». وبلغ عدد المرشحات للدورة الحالية نحو ثلاثة آلاف مرشحة من بين قوائم المرشحين لانتخاب مجلس النواب العراقي.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».