وثيقة البرلمانات العربية: «جاستا» يخالف القانون الدولي وفلسطين قضية أساسية

السلمي دعا إلى التضامن في مواجهة المخططات الإيرانية

جانب من الجلسة الافتتاحية لمؤتمر البرلمانات العربية المنعقد في القاهرة أمس (واس)
جانب من الجلسة الافتتاحية لمؤتمر البرلمانات العربية المنعقد في القاهرة أمس (واس)
TT

وثيقة البرلمانات العربية: «جاستا» يخالف القانون الدولي وفلسطين قضية أساسية

جانب من الجلسة الافتتاحية لمؤتمر البرلمانات العربية المنعقد في القاهرة أمس (واس)
جانب من الجلسة الافتتاحية لمؤتمر البرلمانات العربية المنعقد في القاهرة أمس (واس)

اختتم المؤتمر الثاني للبرلمان العربي ورؤساء المجالس والبرلمانات العربية أعماله في القاهرة أمس، ورفع وثيقة للقمة العربية المقبلة المقرر عقدها في نهاية مارس (آذار) المقبل، تتضمن رؤية عربية برلمانية مشتركة لمواجهة التحديات وتعزيز العمل العربي المشترك.
وأكدت الوثيقة على الثوابت العربية في ملفات فلسطين واليمن وليبيا وسوريا والتدخلات الإيرانية والتضامن العربي كما رفضت قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب الأميركي المعروف باسم «جاستا».
وجدد الموقعون على الوثيقة التأكيد أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية والجوهرية للأمة العربية، مطالبين الحكومات العربية بتنفيذ القرارات الصادرة عن البرلمان العربي والمؤتمر الأول لرؤساء البرلمانات العربية الذي عقد في فبراير (شباط) من العام الماضي والخاصة بالقضية الفلسطينية.
ورحبوا بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334 الصادر في 23 ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، الذي قرر أن جميع المستوطنات الاستعمارية الإسرائيلية غير شرعية وتشكل انتهاكًا للقانون الدولي، كما تشكل عقبة أمام تنفيذ حل الدولتين.
ودعوا إلى وضع خطة عربية موحدة لدعم صمود الشعب الفلسطيني لتمكينه من الصمود، مستندًا إلى قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وإلى مبادرة السلام العربية، وصولاً إلى الحل الشامل والدائم للقضية الفلسطينية.
وحثوا على استمرار الجهود العربية على مستوى الاتحادات العربية والإقليمية والدولية والحكومات لتوسيع الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، ودعوة الدول التي لم تعترف فيها بعد للقيام بذلك.
وطالب الموقعون على الوثيقة بإقرار خطة عربية عاجلة لإنقاذ مدينة القدس والدفاع عنها بتقديم أشكال الدعم والمساندة كافة، وذلك بتفعيل الصناديق المالية العربية التي أنشئت من أجلها، وتعزيز توأمة مدينة القدس مع العواصم والمدن العربية، لتمكينها من الصمود لمواجهة سلسلة السياسيات والإجراءات التهويدية التي يمارسها الاحتلال ضدها.
وشددوا على ضرورة مواجهة المخططات والسياسات ومشاريع الاستيطان في المدينة المقدسة كافة، والوقوف في وجه أي محاولات من أي طرفٍ كان لنقل سفارته إلى مدينة القدس بما فيها مواقف وتهديدات الإدارة الأميركية الجديدة بهذا الخصوص، مؤكدين أن موقفًا عربيًا موحدًا في مواجهة هذه المخططات هو السبيل لإفشالها.
وناشدوا الأمم المتحدة ومجلس الأمن القيام بمسؤولياتهما لوقف النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة، وتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة في المدينة المقدسة، لا سيما قرارات مجلس الأمن رقم (2334 لسنة 2016)، ورقم (497 لسنة 1981)، ورقم (465 لسنة 1980)، التي تؤكد عدم شرعية الاستيطان وضرورة تفكيك المستوطنات القائمة وعدم الاعتراف بضم الأراضي الفلسطينية المحتلة وعدم الاعتراف بأي تغيرات على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967.
إلى ذلك، دعا رئيس البرلمان العربي مشعل السلمي أمس إلى التضامن في مواجهة المخططات الإيرانية.
وأشار السلمي، خلال افتتاح المؤتمر، إلى «التهديد الإيراني للأمن القومي العربي من خلال استمرار احتلاله للجزر الإماراتية، وتدخله السافر في الشؤون الداخلية للدول العربية عن طريق إثارة الصراعات والنزاعات الطائفية، وتكوين ميليشيات مسلحة تحل محل الدولة ومدها بالأسلحة لخلق الأزمات وإدامة الصراعات في المنطقة العربية، وإصدار المسؤولين الإيرانيين تصريحات عدوانية ضد الدول العربية خصوصًا مملكة البحرين وجمهورية اليمن»، وفقًا لما أوردته وكالة الأنباء الألمانية.
وأضاف أن عدوانية النظام الإيراني «وصلت إلى استغلال فريضة الحج لأغراض سياسية، التي هي شعيرة إيمانية تعبدية وذلك للإمعان في هذا التدخل السافر ضد أمن واستقرار وسلامة المجتمعات والدول العربية». وقال إن «الأخطار المحيطة بِنَا تتطلب منا جميعًا شعوبًا وحكومات، أفرادًا وجماعات، ومؤسسات حكومية ومدنية، رؤية موحدة أساسها التضامن العربي، والمصير العربي المشترك، للتصدي لهذه الأخطار بإرادة عربية موحدة تضمن وحدة وسلامة المجتمعات والدول العربية وعدم السماح للدول الإقليمية أو الدول الفاعلة على الساحة الدولية من التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية».
من جانبه، أشار الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، خلال مشاركته في المؤتمر، إلى أن تصاعد كثافة وخطورة التهديدات التي تواجه الدولة الوطنية تجعل الحكم الرشيد، بمعناه الشامل، الحصن الأهم في مواجهة هذه التهديدات والسبيل الأوفق للحفاظ على علاقة سليمة وصحية بين الحكام والمحكومين ولقيام استقرار اجتماعي وسياسي. ودعا أبو الغيط إلى ضرورة بلورة رؤية عربية برلمانية شاملة لمواجهة التحديات المحدقة بالعالم العربي وعلى رأسها خطر الإرهاب، واستمرار السياسات الإسرائيلية التي تعرقل قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وتدخل بعض القوى الإقليمية في الشؤون العربية الداخلية.
وحذر أبو الغيط من التداعيات السلبية للأزمات في كل من سوريا وليبيا واليمن، وسعى بعض الأطراف لإذكاء مشروع طائفي يقسم بعض الدول العربية على أساس ديني، وهى جميعها تحديات ينبغي أن يناقشها أعضاء المجالس النيابية والبرلمانات في إطار عملهم.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.