ترشح سلال للبرلمان الجزائري يعكس صراع أجنحة على الرئاسة

حزب معارض يثير مصير بوتفليقة في الحكم بعد 2019

ترشح سلال للبرلمان الجزائري يعكس صراع أجنحة على الرئاسة
TT

ترشح سلال للبرلمان الجزائري يعكس صراع أجنحة على الرئاسة

ترشح سلال للبرلمان الجزائري يعكس صراع أجنحة على الرئاسة

قال رئيس أبرز حزب معارض بالجزائر إن ترشح رئيس الوزراء عبد المالك سلال لانتخابات البرلمان، المرتقبة في 4 مايو (أيار) المقبل، «يعكس وجود قوة خفية تريد منعه من الترشح للرئاسة عام 2019»، ولا يعرف إن كان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يريد تمديد حكمه، خصوصًا أنه لم يحدث الجزائريين بصفة مباشرة منذ قرابة 5 سنوات بسبب المرض.
وقال محسن بلعباس، رئيس «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، العلماني، لصحافيين، أمس، إن ترشح سلال في لائحة حزب الأغلبية (جبهة التحرير الوطني) بالعاصمة «يندرج في إطار صراع أجنحة النظام حول انتخابات الرئاسة»، وأوضح أن «الجميع يعرف أننا في بلد لا يعلم أحد فيها من سيكون رئيسًا في 2019، ولا في أي حال سيكون الرئيس الحالي، وما إذا كان سيترشح (لولاية خامسة) أم لا».
وكتبت صحيفة إلكترونية سياسية، نقلاً عن «مصادر مؤكدة»، أن سلال «قد يصبح رئيسًا للمجلس الشعبي الوطني (الغرفة البرلمانية الأولى) بعد انتخابه نائبًا».
ولم يبد رئيس الوزراء أية رغبة في الترشح، وقد قضى كل سنوات خدمته في الدولة بقطاع الدبلوماسية سفيرًا لعدة البلدان، وفي الحكومة وزيرًا لقطاعين على الأقل: الداخلية والموارد المائية، وكان أيضًا مديرًا لحملة بوتفليقة الانتخابية مرتين. ولم يسبق لسلال أن ناضل في صفوف «الجبهة» التي يرأسها بوتفليقة، ولكن شوهد في المدة الأخيرة في اجتماعات قياداتها. كما يرتقب ترشح كثير من الوزراء في لوائح هذا الحزب الذي يرجح أنه سيحافظ على الأغلبية بغرفتي البرلمان.
وكان بلعباس يتحدث للصحافة بمناسبة اجتماع لكوادر حزبه الذي أعلن مشاركته في الاستحقاق التشريعي. وقال في خطاب سبق انطلاق أشغال الاجتماع إن «أزمة شرعية النظام، وإن كانت عميقة، يمكن أن تكون الانتخابات التشريعية المقبلة محطة تمهد لحلها، إذا لم تورط السلطة نفسها بتحريف النتائج، وتترك بالمقابل الشعب يختار ممثليه بكل حرية. إن الانتقال الديمقراطي السلمي لا يعد مجرد شكليات، بل قبل كل شيء يحتاج إلى إرادة سياسية تسعى إلى تسوية المشكلات. وجل المعارضة مستعدة لذلك، والحل بين أيدي السلطة»، وذلك في إشارة إلى «أرضية للانتقال الديمقراطي»، اجتمع حولها نحو 20 حزبًا معارضًا من مختلف الآيديولوجيات، تم رفعها إلى السلطات عام 2014، وتقترح فترة انتقالية تنتهي بانتخابات برلمانية ورئاسية حرة ونزيهة، تشرف عليها هيئة مستقلة عن السلطة تراقب العملية الانتخابية، غير أن الرئيس رفض المقترح.
وذكر بلعباس أن «الأزمة التي تمر بها البلاد تزداد حدة، ومن شأنها أن تؤدي إلى حدوث اضطرابات وفوضى عارمة، وهي تشكل تهديدًا على سيادة أمتنا، وعلى التجانس الاجتماعي والعيش معًا. والوضع الاقتصادي (أزمة سعر النفط) يثير قلقنا إلى درجة عالية»، مبرزًا أن كل مؤشرات الساعة «تدق ناقوس الخطر، وانتعاش عوامل الاقتصاد الكلي التي كثيرًا ما تم استعراضها كغنيمة، عندما كان سعر برميل البترول يفوق 120 دولارًا، أصبحت اليوم مجرد وهم، والعجز المالي في تفاقم مستمر، والتهميش والبطالة ما فتئت تنهك شرائح واسعة من المجتمع، وذروة الفقر سكنت معظم قرى وأحياء مدننا، والاضطرابات الجوية الأخيرة أزالت الستار على مدى هشاشة كثير من الفئات الاجتماعية».
كما تناول بلعباس متابعات يتعرض لها ناشطون سياسيون، بسبب مواقف عبروا عنها في الصحافة أو في شبكة التواصل الاجتماعي، قائلاً: «إن انتهاكات حقوق الإنسان تعممت، وصارت على نطاق واسع، وتقييد حرية التعبير وفرض القيود على حرية الصحافة واضح للعيان، وكثير من النشطاء السياسيين والمدونين على شبكات التواصل زج بهم في السجن لمجرد نشرهم مقالات أو منشورات مألوفة على مواقع التواصل الاجتماعي».
وأوضح بلعباس أن العنف السياسي والضغوط وابتزاز المواطن أصبح أمرًا عاديًا للأسف، وأضحى عدد السجناء بسبب التعبير عن الرأي، أو لمجرد الانتماء إلى تيار سياسي، يغرق البلاد في موجة الخوف من التعسف والقمع، مؤكدًا أن قمة هذه الممارسات ارتفعت ذروتها في ولاية غرداية التي عرفت مواجهات عرقية، مع فرض حالة الاستثناء على المواطنين هناك منذ ما يقارب السنتين. كما ندد بلعباس بسجن ناشطين من الطائفة الإباضية الناطقة بالأمازيغية، منذ عام ونصف، بتهمة الترويج لفكرة انفصال غرداية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.