الحكيم يبحث في إقليم كردستان مرحلة ما بعد «داعش»

مراقبون: الزيارة لـتسويق «التسوية التاريخية»

صورة من موقع المجلس الأعلى الإسلامي لزعيمه عمار الحكيم خلال لقائه رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني أمس
صورة من موقع المجلس الأعلى الإسلامي لزعيمه عمار الحكيم خلال لقائه رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني أمس
TT

الحكيم يبحث في إقليم كردستان مرحلة ما بعد «داعش»

صورة من موقع المجلس الأعلى الإسلامي لزعيمه عمار الحكيم خلال لقائه رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني أمس
صورة من موقع المجلس الأعلى الإسلامي لزعيمه عمار الحكيم خلال لقائه رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني أمس

في إطار الزيارات المكوكية التي يقوم بها رئيس التحالف الوطني وزعيم المجلس الإسلامي الأعلى عمار الحكيم، محليا وإقليميا، وصل والوفد المرافق له صباح أمس إلى إقليم كردستان، وكان في استقباله في مطار أربيل رئيس وزراء الإقليم نيجيرفان بارزاني.
وكان الحكيم دشن زياراته الإقليمية إلى كل من المملكة الأردنية وإيران قبل نحو شهرين، وزار محافظتي ذي قار وميسان الأسبوع الماضي. ويضم الوفد الزائر إلى إقليم كردستان أعضاء من كتل التحالف الوطني المختلفة.
وذكر مكتب الحكيم في بيان مقتضب، أن وفد التحالف الوطني سيجري «سلسلة من المباحثات مع المسؤولين في حكومة الإقليم في إطار التواصل مع إقليم كردستان العراق». وقال عضو الوفد النائب عن دولة القانون عباس البياتي، إن «الزيارة تأتي من أجل التحاور والتشاور والتباحث وتبادل وجهات النظر مع شركاء الوطن حول مرحلة ما بعد عصابات (داعش) الإرهابية، وأن السيد عمار الحكيم سيجري لقاءات في أربيل والسليمانية مع مختلف القوى الكردستانية».
ورغم سعي أعضاء من ائتلاف «المواطن» بزعامة عمار الحكيم إلى وضع الزيارة في إطار طابع عام يتعلق بمختلف القضايا، فإن مراقبين يرون أن الزيارة تأتي في إطار جهود يبذلها الحكيم لـ«تسويق» موضوع التسوية الوطنية أو «التاريخية» التي طرحتها البعثة الأممية (يونامي) في العراق، وتبناها رئيس التحالف الوطني، رغم الانتقادات الكثيرة التي وجهت لها، بل ورفضها صراحة من قبل بعض القوى السنية والشيعية. وأضاف المراقبون، أن الحكيم متمسك بهذا المشروع، ويسعى إلى إقناع بقية الأطراف السياسية به. وتتضمن وثيقة التسوية التي ظهرت بداية شهر 2016 مبادئ كثيرة تهدف إلى «تسوية وطنية تنتج مصالحة تاريخية عراقية».
إلى ذلك، قال سامي الجيزاني، عضو ائتلاف «المواطن» لـ«الشرق الأوسط» إن الزيارة «تداولية»، وتأتي في سياق السعي إلى «التواصل في الفضاء الوطني العراقي الذي يحرص عليه السيد الحكيم». ويرى أن الزيارة تأخذ في الاعتبار ثلاثة مرتكزات أساسية، هي «موضوع التسوية التاريخية، وعراق ما بعد «داعش»، والسعي إلى إيجاد تفاهمات مشتركة بين مكونات الإقليم؛ لأن استقراره يعزز استقرار العراق». وتوقع الجيزاني ألا تظهر الزيارة «نتائج عاجلة وسريعة نتيجة طبيعتها التداولية».
ويتفق النائب عن التحالف الكردستاني محسن السعدون على الطبيعة «التداولية» للزيارة، ويرى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنها «تأتي في سياق الزيارات الطبيعية التي يقوم بها رؤساء الكتل المختلفة فيما بينهم للتداول بشأن مختلف القضايا». ورجح السعدون بأن تكون قضايا «الحرب ضد (داعش) والوضع الاقتصادي والموصل بعد التحرير» محل اهتمام الزعيمين مسعود بارزاني وعمار الحكيم.
كما لا يستبعد السعدون أن يناقش الزعيمان المشكلات بين بغداد والإقليم، باعتبار أن الحكيم يحظى بتقدير خاص داخل الإقليم، ويرأس أكبر تحالف نيابي هو التحالف الوطني. ويقول السعدون إن «بعض المشكلات المتعلقة بالموازنة ما زالت قائمة، ونأمل أن يساهم اجتماع الزعيمين في حلحلتها، وهي مشكلات حقيقية تتعلق برواتب الموظفين؛ فالإقليم لديه مليون و200 ألف موظف، في حين تقول حكومة المركز إنها لن تدفع لأكثر من 600 ألف موظف، إلى جانب قضايا أخرى تتعلق بموضوع النفط الذي ينتج الإقليم منه 550 ألف برميل يوميا ويسلمها للحكومة في بغداد».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.