لبنان: «هيومن رايتس» تتهم المحكمة العسكرية بانتهاك القانون الدولي... والجيش يرى في التقرير «تضخيمًا»

تحدث عن محاكمة 355 طفلاً وانتزاع اعترافات تحت التعذيب وانتقام ضد الخطاب السياسي

لبنان: «هيومن رايتس» تتهم المحكمة العسكرية بانتهاك القانون الدولي... والجيش يرى في التقرير «تضخيمًا»
TT

لبنان: «هيومن رايتس» تتهم المحكمة العسكرية بانتهاك القانون الدولي... والجيش يرى في التقرير «تضخيمًا»

لبنان: «هيومن رايتس» تتهم المحكمة العسكرية بانتهاك القانون الدولي... والجيش يرى في التقرير «تضخيمًا»

اعتبرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الدولية المهتمة لحقوق الإنسان، أن «المحكمة العسكرية في لبنان تنتهك القانون الدولي في محاكمة المدنيين، بمن فيهم الأطفال»، إلا أن قيادة الجيش اللبناني ردت باعتبار أن هناك تضخيمًا للوقائع بالاستناد إلى إفادات مغلوطة أو غير دقيقة والبناء عليها.
في تقرير لـ«هيومن رايتس ووتش» حمل عنوان «هذا ليس مكاننا: محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية في لبنان»، أطلقته المنظمة أمس، في بيروت، قالت: «إن مدنيين في لبنان، بمن فيهم أطفال، يحاكمون أمام محاكم عسكرية. ولا تحترم مثل هذه المحاكمات الحق في المحاكمة العادلة، وتنتهك القانون الدولي. وثمة 14 شخصا احتجوا على عجز الحكومة عن حل أزمة إدارة النفايات في 2015، تصل عقوبتهم إلى 3 سنوات سجنا». وأكدت المنظمة أنها «ليست ضد أي نظام سياسي في العالم، لكن هدفها الدفاع عن حقوق الإنسان».
التقرير أورد شهادات لمشاركين في مظاهرات، قال: إنه تمت محاكمتهم، وتحدث عن «استخدام اعترافات منتزعة تحت التعذيب، وترهيب وانتقام ضد الخطاب أو النشاط السياسيين». وانتقد طريقة عمل الضابطة العدلية «والتقصير الجوهري في احترام الإجراءات القانونية السليمة في محاكمة مدنيين أمام محاكم عسكرية، واستخدام اعترافات منتزعة تحت التعذيب، ومزاعم استخدام مسؤولي وزارة الدفاع أو الجيش الصلاحيات الواسعة هذه المحاكم أداة للترهيب أو الانتقام ضد الخطاب أو النشاط السياسيين».
ورأى التقرير، أن «بنية المحاكم العسكرية تقوض الحق في محاكمة عادلة، بما في ذلك الحق في المحاكمة أمام محكمة مختصة ومستقلة ومحايدة، والحق في محاكمة علنية». ولفت إلى «أن الكثير من القضاة هم ضباط في الجيش، يعينهم وزير الدفاع، ولا يشترط عليهم الحصول على شهادة أو تدريب في القانون. والعسكريون العاملون قضاة تابعون لوزير الدفاع. لا تستطيع المنظمات الحقوقية والصحافيون مراقبة المحاكمات دون موافقة سابقة من القاضي الذي يرأس الجلسة».
وأضاف التقرير، أن «نظام المحكمة العسكرية نظام قضائي منفصل تابع لوزارة الدفاع. لها ولاية قضائية واسعة على المدنيين، بما يشمل قضايا التجسس، أو الخيانة، أو التهرب من الخدمة العسكرية، أو الاتصال غير المشروع مع العدو (إسرائيل)، أو حيازة الأسلحة، الجرائم التي تضر بمصلحة الجيش أو قوى الأمن أو الأمن العام، وكذلك أي نزاع بين مدنيين من جهة، وأفراد الجيش أو الأمن أو الموظفين المدنيين في هذه الأجهزة من جهة أخرى. ووفقا لـ«الاتحاد لحماية الأحداث في لبنان»، حوكم 355 طفلا أمام محاكم عسكرية عام 2016. وخلال السنوات الأخيرة، وجهت النيابة العامة العسكرية اتهامات ضد محامين وناشطين حقوقيين بارزين».
لمى فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «هيومن رايتس ووتش»، قالت موضحة «أصبح من الواضح تماما أنه لا يمكن للمدنيين الحصول على محاكمة عادلة في المحاكم العسكرية في لبنان. محاكمة المدنيين ليست من شأن المحاكم العسكرية، وعلى لبنان وضع حد لهذه الممارسة المقلقة». ورأت فقيه أن على «وزارة الدفاع فتح المحاكم العسكرية على الفور أمام المراقبين العموميين دون إذن مسبق. أقل ما يمكن للبنان فعله هو ضمان أن مواطنيه لا تتم إدانتهم من قبل محكمة مختصة وراء أبواب مغلقة».
هذا، و«وصف الناجون من التعذيب تعرضهم للضرب والصعق بالكهرباء والتعليق من المعصمين واليدين مقيدتين إلى الخلف، وأوامر بالتوقيع على إفادات وهم معصوبي الأعين». كما نسبت المنظمة إلى محامين يمثلون متهمين ومنظمات حقوقية لبنانية قولهم إن هناك «نسبة أعلى من التعذيب في الملاحقات العسكرية؛ لكون التحقيقات تجرى من قبل أفراد الجيش، كما تزيد طبيعة الاتهامات، مثل الإرهاب، من احتمال التعذيب». ودعت المنظمة لبنان «بشكل عاجل إلى تحييد المدنيين من اختصاص المحاكم العسكرية، وضمان ألا يقبل القضاة اعترافات أو أدلة تم الحصول عليها تحت التعذيب. عليه أن يضمن صراحة الحق في توكيل محام أثناء الاستجواب، وتجريم جميع أشكال التعذيب».

رد قيادة الجيش

وفي ردها، اعتبرت مديرية القانون الإنساني وحقوق الإنسان في الجيش اللبناني، أن مقولة «بعض المشتبه بهم تعرضوا للضرب والتعذيب النفسي والجسدي، وإجبارهم على التوقيع معصوبي الأعين، وتعذيب أطفال وانتزاع اعترافات قسرية منهم» كلام غير صحيح جملة وتفصيلا. وتابعت أن الضابطة العدلية العسكرية ملتزمة الانضباط والمناقبية العسكرية والقانون الدولي الإنساني، وغايتها الوصول إلى الحقيقة دون زيادة أو نقصان، كما أن التوقيفات قيد التحقيق في مديرية المخابرات تحصل بإشراف القضاء المختص، ووفق قانون أصول المحاكمات الجزائية المعمول به، والضابطة العدلية العسكرية ملتزمة نص المادة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، وجميع الموقوفين يستفيدون من المعاينة الطبية طيلة فترة التوقيف.
وفي حين شددت قيادة الجيش على أن «الضابطة العدلية العسكرية لا تكتفي بتقديم مذنب إلى العدالة فقط لأنه اعترف، بل تدعم ملفها بقرائن وأدلة دامغة»، أشارت إلى أن «أي تقصير يصدر عن قصد أو غير قصد من قبل عناصر الضابطة العدلية العسكرية هو عرضة للمساءلة المسلكية والعدلية إذا وجدت، وهدف السلطة العسكرية العليا هو إحقاق الحق وتأمين العدالة». ولفتت إلى أن أعضاء في منظمة الصليب الأحمر الدولي يزورون سجن وزارة الدفاع الوطني بشكل دوري.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».