الجزائر: اتهام الجيش باغتيال بوضياف يثير غضب الرئيس بوتفليقة

رئيس «المجلس الإسلامي» فجر قنبلة بعودته لحادثة مسكوت عنها منذ 25 عاما

الرئيس عبد العزيز بوتفليقة .... الرئيس الراحل محمد بوضياف
الرئيس عبد العزيز بوتفليقة .... الرئيس الراحل محمد بوضياف
TT

الجزائر: اتهام الجيش باغتيال بوضياف يثير غضب الرئيس بوتفليقة

الرئيس عبد العزيز بوتفليقة .... الرئيس الراحل محمد بوضياف
الرئيس عبد العزيز بوتفليقة .... الرئيس الراحل محمد بوضياف

قالت مصادر حكومية جزائرية إن الرئاسة تلقت ببالغ الاستياء تصريحات لرئيس «المجلس الإسلامي الأعلى» (هيئة تابعة لها)، جاء فيها أن كبار ضباط الجيش الذين أقنعوا الرئيس الراحل محمد بوضياف بتسلم الحكم مطلع 1992، هم الذين اغتالوه بعد ستة أشهر من عودته من منفاه الاختياري في المغرب.
وذكرت نفس المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن أحمد أويحيى، مدير الديوان بالرئاسة وزير الدولة، أبلغ بوعبد الله غلام الله، رئيس «المجلس»، غضب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من كلامه، الذي عد بحسب المصادر الحكومية: «هدية للإسلاميين»، الذين قالوا قبل 25 سنة إن «الجنرالات مدبري الانقلاب على اختيار الشعب هم من قتلوا بوضياف».
وصرح غلام الله أثناء استضافته بالصحيفة الحكومية «الشعب» للحديث عن مخاطر الشيعة والطائفية في البلاد، بأن «من أتوا بالرئيس بوضياف ولقنوه أن يقول إن المدرسة منكوبة، هم من نكبوه في نفسه وقتلوه بعد أسبوع من ذلك». وكان غلام الله يتحدث للصحيفة عن مستوى النظام التعليمي، ويبرز موقفه الموجه ضد قادة المؤسسة العسكرية المتشبعين بالثقافة الفرنسية، والمعروفين بعدائهم لإبعاد العروبة والإسلام عن الهوية الجزائرية.
وأفاد غلام الله، وهو وزير الشؤون الدينية والأوقاف سابقا، أن «المدرسة الأساسية (التعليم الأهلي) بدأت تشتغل... ابحثوا عمن كان يدرس في سنوات الثمانينات إن وجدتم واحدا فيهم قد فشل... هذا لما كانت المدرسة وطنية بجد وتساهم في البناء الوطني»، وأضاف موضحا أن «الذين جاءوا بالرئيس بوضياف رحمه الله، ووضعوا على لسانه أن المدرسة منكوبة، قتلوه ولم يمض أسبوع على ذلك. هؤلاء الذين قتلوا بوضياف هم من قالوا له أن يقول إن المدرسة منكوبة، وهي منذ ذلك الوقت منكوبة». ومنذ أن أطلق هذه التصريحات، انطوى غلام الله على نفسه لأنه أيقن بأنه فجر قنبلة، بحسب مقربين منه.
وكان قادة الجيش قد ألغوا نتائج انتخابات البرلمان التي فازت بها «جبهة الإنقاذ» في 26 ديسمبر (كانون الأول) 1991. ولما كانت البلاد على عتبة الدور الثاني للانتخابات التي كان «الإنقاذ» فائزا فيها لا محالة، تدخل الجيش وأجبر الرئيس الشاذلي بن جديد على الاستقالة في 11 يناير (كانون الثاني) 1992. وبعدها بأيام قليلة أرسل الجيش وزير حقوق الإنسان آنذاك علي هارون إلى مدينة القنيطرة بالمغرب، حيث كان يعيش رجل الثورة المعارض محمد بوضياف، وأقنعوه بقيادة البلاد، التي كانت تمر بظرف دقيق، بعد أن تم حل البرلمان إثر إلغاء المسار الانتخابي، وتمت إقالة الرئيس الشاذلي، وهو ما أحدث فراغا دستوريا غير مسبوق. وقد وافق بوضياف على العرض، وترأس هيئة جماعية سميت «المجلس الأعلى للدولة»، وكان الجنرال خالد نزار، الرجل القوي وزير الدفاع، عضوا فيها، وبعد ستة أشهر من بدء حكم بوضياف، وتحديدا في 29 من يونيو (حزيران) 1992 اغتال ضابط من القوات الخاصة يدعى لمبارك بومعرافي الرئيس أثناء مهمة إلى شرق البلاد، وكان من بين المشرفين على حمايته، وتم إدانة بومعرافي بالإعدام في محاكمة جرت عام 1994. لكن الحكم لم ينفذ إلى اليوم. كما تم إطلاق تحقيق في ظروف اغتيال الرئيس، ولكن نتائجه لم تعرف أبدا.
وقال نشطاء «الإنقاذ» آنذاك إن جنرالات الجيش هم من قتلوا بوضياف بحجة أنه بدأ بفتح ملفات الفساد، تورط فيها قادة بارزون في المؤسسة العسكرية. ولهذا السبب فإن تصريحات غلام الله تعد خطيرة لأنها تعطي مصداقية للإسلاميين، الذين كان الجيش في صراع حاد معهم.
وصرح ناصر بوضياف، نجل الرئيس الراحل، لصحيفة محلية أن ما جاء على لسان غلام الله «خطير جدا بحكم منصبه وتبعية الهيئة التي يشرف عليها لرئاسة الجمهورية، وليس معروفا عنه أنه يتكلم دون أن يكون له توجيه بذلك. ورغم خطورة الكلام لكنه لم يفاجئني شخصيا، فقد قلت في التلفزيون بعد اغتيال والدي إن من أتوا به للحكم هم من قتلوه»، مضيفا أن تصريحات غلام الله «شهادة موثقة بالفيديو سنضمها إلى الملف الذي نحضره لتقديمه إلى القضاء لإعادة التحقيق في القضية، وسيكون القضاة مجبرين على استدعاء السيد غلام الله لسماع شهادته».



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.