فيروس العدوى المعوية قد يكون السبب في إصابات السكري لدى الأطفال

زيادة في نسبة الأجسام المضادة له في المراحل التي تسبق ظهور المرض

تحليل طبي لكشف فيروس العدوى المعوية
تحليل طبي لكشف فيروس العدوى المعوية
TT

فيروس العدوى المعوية قد يكون السبب في إصابات السكري لدى الأطفال

تحليل طبي لكشف فيروس العدوى المعوية
تحليل طبي لكشف فيروس العدوى المعوية

على الرغم من أن مرض السكري من النوع الأول Type 1 Diabetes، وهو النوع الأكثر حدوثا لدى الأطفال، يكون في الأغلب ناتجا عن أسباب مناعية لتفاعل خلايا الجسم بعضها ضد بعض، مما يؤدي إلى تدمير خلايا البنكرياس التي تقوم بإفراز الإنسولين، فإن هناك بعض الأسباب الأقل أهمية من العامل المناعي مثل العامل الجيني، وأيضا عامل العدوى التي يمكن أن تتسبب في حدوثه، مثل الإصابة بعدوى معينة؛ سواء بكتيرية أو فيروسية.
* عدوى معوية
وفى دراسة أوروبية حديثة تناولت مرض السكري، جرت الإشارة إلى احتمالية وجود صلة بين الإصابة بفيروس العدوى المعوية Enterovirus Infection وازدياد الإصابة بمرض السكري من النوع الأول لدى الأطفال. ونشرت هذه الدراسة في الإصدار الإلكتروني من «مجلة الجمعية الأوروبية لدراسات مرض السكري» the journal of the European Association for the Study of Diabetes في مطلع العام الحالي. ويسبب هذا الفيروس الإسهال وألم الأمعاء وربما ارتفاع درجة الحرارة.
وكانت هذه الدراسة التي قام بها علماء من جامعة تامبر بفنلندا أشارت إلى إمكانية أن يكون عامل الإصابة بالعدوى الفيروسية هو المهيئ لحدوث التفاعل المناعي في الجسم، حيث لاحظ الباحثون أن مرحلة ما قبل الإصابة الإكلينيكية بالمرض، وهى ما قبل ظهور الأعراض وعلامات المرض، تظهر فيها أجسام مضادة لفيروس العدوى المعوية. وأيضا لوحظ وجود هذه الأجسام المضادة في بعض المرضى بالفعل.
ويمكن التنبؤ بمرحلة ما قبل الإصابة الإكلينيكية من خلال عمل تحاليل، سواء لنسبة الغلوكوز في الدم، بخاصة لدى الأطفال الذين لديهم تاريخ عائلي أو أحد الإخوة المصاب بمرض السكري، أو عمل تحليل مناعي للكشف عن الأجسام المناعية لخلايا البنكرياس.
وقام الباحثون بالبحث عن الأجسام المضادة للفيروس في براز الأطفال الذين ظهرت لديهم أجسام مناعية لخلايا البنكرياس مما يهيئ لإصابتهم بمرض السكري، وذلك من خلال حملة تهدف إلى البحث عن حالات جديدة للسكري والوقاية من الإصابة به Type 1 Diabetes Prediction and Prevention Study تم إجراؤها في فنلندا.
* رصد الفيروس
وتم اختيار عدة عينات من البراز بلغت 1673 عينة من 129 طفلا، وأظهرت عيناتهم المناعية جميعا إمكانية إصابتهم بالسكري. كما تم اختيار 3108 عينات أخرى من البراز من 282 طفلا أصحاء لفحصهم جميعا واحتمال وجود الفيروس المعوي، من خلال البحث عن الحمض النووي الريبوزي RNA الخاص بالفيروس، وكانت النتيجة وجود 108 عينات إيجابية للفيروس المعوي من أصل 1673 عينة لدى الأطفال المهيئين لحدوث السكري، وهو ما يماثل نسبة 0.8، بينما بلغت نسبة الإصابة لدى الأطفال الأصحاء 169 عينة فقط من أصل 3108 عينات، بنسبة 0.6 خلال مرحلة المتابعة والدراسة، وهو الأمر الذي يشير إلى زيادة نسبة الفيروس المعوي لدى الأطفال المهيئين أكثر من أقرانهم الطبيعيين.
وللتأكد تم إجراء مزيد من التحليلات التي أظهرت أن زيادة الإصابة بالفيروس المعوي التي ظهرت في عينات البراز لدى الأطفال المهيئين، كانت أكثر من أقرانهم أيضا قبل ما يقارب السنة من ظهور أول عينة إيجابية لمرض السكري، بما يقارب الثلاثة أضعاف لمدة متابعة بلغت 10 سنوات منذ بداية التجربة، وأيضا أظهرت أن هؤلاء الأطفال تعرضوا للإصابة بالفيروس المعوي أكثر من أقرانهم بمقدار الثلاثة أضعاف، مما يؤكد الصلة بين زيادة التعرض للفيروس وارتفاع احتمالية الإصابة بمرض السكري من النوع الأول. وقد ركزت الدراسة على أهمية عامل تكرار الإصابة بالفيروس المعوي منذ الولادة وحتى الإصابة بمرض السكري، واعتمدت على فرضية أن كل عينة براز واحدة تعطي توقيت الإصابة بالفيروس المعوي على وجه التقريب، وهى مدة تبلغ الشهر قبل ظهوره في براز الطفل. وعلى ذلك، كانت كل عينة تعد متابعة شهرية لكل طفل، وهى الطريقة التي استخدمتها الدراسة لمتابعة الأطفال طوال هذه المدة البالغة 10 سنوات، وتم الوضع في الاعتبار توقيت الولادة، وكذلك توقيت ظهور الأجسام المناعية للبنكرياس للمرة الأولى.
وأوضح الباحثون أنه من خلال عينات البراز التي تم أخذها بجانب تحاليل الدم للبحث عن الفيروس المعوي، كانت بعض الدراسات سلبية النتائج ولا توجد أجسام مناعية مضادة لخلايا البنكرياس، إلا أن هذه الدراسات كانت قليلة العدد مقارنة بأعداد العينات التي تم أخذها، وبالتالي لا يمكن الاعتداد بنتائجها، فضلا عن أن الدراسات التي أجراها باحثون في الولايات المتحدة، الخاصة بدراسة التفاعلات المناعية والإصابة بمرض السكري لدى الأطفال Diabetes and Autoimmunity Study in the Young أشارت إلى وجود صلة بين الفيروس المعوي والإصابة بالسكري، ولكن من خلال وجود الفيروس في الدم فقط، وليس في الدم والبراز.
وخلصت الدراسة إلى أن الإصابة بالفيروس المعوي لدى الأطفال الصغار في الأغلب تسبق ظهور الأجسام المناعية لخلايا البنكرياس الدالة على وجود السكري، بما يقرب من العام الكامل، وهو ما يؤكد النظريات السابقة التي تشير إلى احتمالية أن تقوم الفيروسات، ومنها الفيروس المعوي، بتحطيم «خلايا بيتا»beta cell الموجودة في البنكرياس، وتحرمها من إفراز الإنسولين وتنظيم الجلوكوز في الدم والإصابة بالمرض ومضاعفاته لاحقا في حالة عدم علاجه بالشكل الملائم. وأضاف الباحثون أنهم بصدد دراسة أخرى عالمية تتناول عدة دول خارج القارة الأوروبية لإجراء التحاليل نفسها، ومعرفة ما إذا كان بالإمكان تعميم تلك النتائج من عدمه، وارتباطها بعرق معين. وبطبيعة الحال، يحتاج الأمر إلى بعض الوقت، ولكنه يجدد الأمل في إمكانية الوقاية من الإصابة بالسكري عن طريق التوصل إلى لقاح مضاد للفيروس المعوي يتم إعطاؤه للأطفال.
* استشاري طب الأطفال



بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال

بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال
TT

بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال

بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال

من المعروف أن مرض سرطان الدم الليمفاوي الحاد «اللوكيميا» (acute lymphoblastic leukemia) يُعد من أشهر الأورام السرطانية التي تصيب الأطفال على الإطلاق. وعلى الرغم من أن نسبة الشفاء في المرض كبيرة جداً وتصل إلى نسبة 85 في المائة من مجموع الأطفال المصابين، فإن خطر الانتكاس مرة أخرى يعد من أكبر المضاعفات التي يمكن أن تحدث. ولذلك لا تتوقف التجارب للبحث عن طرق جديدة للحد من الانتكاس ورفع نسب الشفاء.

تجربة سريرية جديدة

أحدث تجربة سريرية أُجريت على 1440 طفلاً من المصابين بالمرض في 4 دول من العالم الأول (كندا، والولايات المتحدة، وأستراليا ونيوزيلندا) أظهرت تحسناً كبيراً في معدلات الشفاء، بعد إضافة العلاج المناعي إلى العلاج الكيميائي، ما يتيح أملاً جديداً للأطفال الذين تم تشخيصهم حديثاً بسرطان الدم. والمعروف أن العلاج الكيميائي يُعدُّ العلاج الأساسي للمرض حتى الآن.

علاجان مناعي وكيميائي

التجربة التي قام بها علماء من مستشفى الأطفال المرضى (SickKids) بتورونتو في كندا، بالتعاون مع أطباء من مستشفى سياتل بالولايات المتحدة، ونُشرت نتائجها في «مجلة نيو إنغلاند الطبية» (New England Journal of Medicine) في مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الحالي، اعتمدت على دمج العلاج الكيميائي القياسي مع عقار «بليناتوموماب» (blinatumomab)، وهو علاج مناعي يستخدم بالفعل في علاج الأطفال المصابين ببعض أنواع السرطانات. وهذا يعني تغيير بروتوكول العلاج في محاولة لمعرفة أفضل طريقة يمكن بها منع الانتكاس، أو تقليل نسب حدوثه إلى الحد الأدنى.

تحسُّن الحالات

قال الباحثون إن هذا الدمج أظهر تحسناً كبيراً في معدلات الفترة التي يقضيها الطفل من دون مشاكل طبية، والحياة بشكل طبيعي تقريباً. وأثبتت هذه الطريقة تفوقاً على البروتوكول السابق، في التعامل مع المرض الذي كان عن طريق العلاج الكيميائي فقط، مع استخدام الكورتيزون.

وللعلم فإن بروتوكول العلاج الكيميائي كان يتم بناءً على تحليل وراثي خاص لخلايا سرطان الدم لكل طفل، لانتقاء الأدوية الأكثر فاعلية لكل حالة على حدة. ويحتوي البروتوكول الطبي عادة على مجموعة من القواعد الإرشادية للأطباء والمختصين.

تقليل حالات الانتكاس

أظهرت الدراسة أنه بعد 3 سنوات من تجربة الطريقة الجديدة، ارتفع معدل البقاء على قيد الحياة من دون مرض إلى 97.5 في المائة (نسبة شفاء شبه تامة لجميع المصابين) مقارنة بنسبة 90 في المائة فقط مع العلاج الكيميائي وحده. كما حدث أيضاً انخفاض في نسبة حدوث انتكاسة للمرضى بنسبة 61 في المائة. وبالنسبة للأطفال الأكثر عرضة للانتكاس نتيجة لضعف المناعة، أدى تلقي عقار «بليناتوموماب» بالإضافة إلى العلاج الكيميائي، إلى رفع معدل البقاء على قيد الحياة من دون مرض، من 85 في المائة إلى أكثر من 94 في المائة.

علاج يدرب جهاز المناعة

وأوضح الباحثون أن العلاج المناعي يختلف عن العلاج الكيميائي في الطريقة التي يحارب بها السرطان؛ حيث يهدف العلاج المناعي إلى تعليم الجهاز المناعي للجسم الدفاع عن نفسه، عن طريق استهداف الخلايا السرطانية، على عكس العلاج الكيميائي الذي يقتل الخلايا السرطانية الموجودة فقط بشكل مباشر، وحينما تحدث انتكاسة بعده يحتاج الطفل إلى جرعات جديدة.

كما أن الأعراض الجانبية للعلاج المناعي أيضاً تكون أخف وطأة من العلاج الكيميائي والكورتيزون. وفي الأغلب تكون أعراض العلاج المناعي: الإسهال، وتقرحات الفم، وحدوث زيادة في الوزن، والشعور بآلام الظهر أو المفاصل أو العضلات، وحدوث تورم في الذراعين أو القدمين، بجانب ألم في موقع الحقن.

وقال الباحثون إنهم بصدد إجراء مزيد من التجارب لتقليل نسبة العلاج الكيميائي إلى الحد الأدنى، تجنباً للمضاعفات. وتبعاً لنتائج الدراسة من المتوقع أن يكون البروتوكول الجديد هو العلاج الأساسي في المستقبل؛ خاصة بعد نجاحه الكبير في منع الانتكاس.