مجلس النواب المغربي ينتخب رئيسًا جديدًا

تولي المعارضة له سيخلط أوراق ابن كيران وسيطيل الأزمة السياسية

رئيس الحكومة المغربية عبد الإله ابن كيران خلال التئام الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية في الرباط أمس («الشرق الأوسط»)
رئيس الحكومة المغربية عبد الإله ابن كيران خلال التئام الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية في الرباط أمس («الشرق الأوسط»)
TT

مجلس النواب المغربي ينتخب رئيسًا جديدًا

رئيس الحكومة المغربية عبد الإله ابن كيران خلال التئام الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية في الرباط أمس («الشرق الأوسط»)
رئيس الحكومة المغربية عبد الإله ابن كيران خلال التئام الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية في الرباط أمس («الشرق الأوسط»)

لمح عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية المعين والأمين العام لحزب العدالة والتنمية (مرجعية إسلامية)، إلى تقديم مرشح لرئاسة مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان) رفقة حلفائه.
واعتبر ابن كيران أن تقديم مرشح للحزب لرئاسة مجلس النواب من حق الحزب، وذلك بعد حصوله على المرتبة الأولى في انتخابات 7 أكتوبر (تشرين الأول) (125 مقعدا نيابيا). بيد أنه لم يقدم أي جديد بشأن مشاورات تشكيل الحكومة.
وجاء تصريح ابن كيران أمس عقب التئام الأمانة العامة للحزب بالرباط، تحضيرًا لانتخاب رئيس مجلس النواب غدا الاثنين.
وفوضت الأمانة العامة للحزب لابن كيران مهمة تقديم مرشح للحزب لرئاسة المجلس من عدمه بناء على التطورات المقبلة.
ولم يفصح ابن كيران عن الاسم الذي سيرشحه حزبه في حال إذا ما قرر ذلك، وقال إن اجتماعه برؤساء الأحزاب السياسية المعنية بتشكيل الحكومة الجمعة لم يأت بجديد، ما يعني استمرار انسداد أفق تشكيل الحكومة.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن النية تتجه إلى ترشيح سعد الدين العثماني، رئيس المجلس الوطني للحزب ووزير الخارجية السابق.
وتوصل قادة الأحزاب السياسية المغربية الممثلة في البرلمان إلى اتفاق يقضي بعقد جلسة عامة لمجلس النواب غدا الاثنين، بهدف انتخاب رئيس جديد له، بيد أن المشاورات لم تنجح في تقديم مرشح متوافق عليه كما كان يرغب حزب العدالة والتنمية، تجنبا لأي مفاجآت قد تعصف بالجلسة.
ويبدو أن هناك اتجاها لترشيح الحبيب المالكي، القيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (20 مقعدا نيابيا)، رئيسا لمجلس النواب، وهو الأمر الذي يحظى ضمنيا بدعم حزب التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية. بينما لا ينظر إليه ابن كيران بعين الرضا، وربما يزيد في تعقيد مشاورات تشكيل الحكومة، ويجعل المغرب يعيش أزمة سياسية قد يطول أمدها.
في غضون ذلك، توقع عبد الواحد الراضي الرئيس المؤقت لمكتب مجلس النواب، الذي سيرأس الجلسة باعتباره النائب الأكبر سنا، أن ينجح المجلس في انتخاب الرئيس غدا الاثنين وهياكله المسيرة خلال الأيام الموالية، على أن يجري التصويت على القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي الجمعة المقبل، وذلك قبل أيام قليلة من انعقاد الدورة الـ28 للمنظمة المقررة ما بين 22 و31 يناير (كانون الثاني) الحالي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا. لكن مصادر مطلعة قالت لـ«الشرق الأوسط» إن كل ذلك رهين بالشخصية التي ستتولى رئاسة مجلس النواب.
وأوضح الراضي، في تصريح للصحافة عقب الاجتماع التشاوري الذي عقد مساء أول من أمس برئاسة الحكومة وحضره أمناء عامون وممثلون عن 12 حزبا، أن «رئيس المجلس ومباشرة بعد انتخابه سيدخل في تشاور مع رؤساء الفرق وممثلي الأحزاب، وسينسق معهم لكي يتم تشكيل المكتب وانتخاب اللجان في أقرب وقت، طبقا للقانون الذي سيتم احترامه في جميع المراحل»، مضيفا أن هذا الاجتماع كان «ناجحا ومر في ظروف جيدة»، وخصص للتشاور بشأن التحضير للمرحلة المقبلة، المتعلقة بجمع مجلس النواب وانتخاب رئيسه وهياكله المسيرة «لكي تكون هذه الهياكل كافة جاهزة للدراسة والتصويت على القانون المتعلق بعودة المغرب للاتحاد الأفريقي».
وأشار الراضي إلى أن هذا القانون «سيصادق عليه مجلس النواب، وسيحال على مجلس المستشارين، ونتمنى أن يكون جاهزا يوم الجمعة، وأن تمر الأمور على أحسن ما يرام».
تجدر الإشارة إلى أنه في حال تقدم حزب العدالة والتنمية بمرشح فإنه لن يجد دعما سوى من حزبين هما التقدم والاشتراكية (12 مقعدا) والاستقلال (46 مقعدا)، فيما الأحزاب الأربعة الأخرى، وهي التجمع الوطني للأحرار، والحركة الشعبية، والاتحاد الدستوري، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، قد تتحالف مع حزب الأصالة والمعاصرة الذي يملك 102 مقعد، للتصويت على مرشحها المتوافق عليه، وبالتالي يخسر حزب العدالة والتنمية المنصب الذي قد يؤول إلى حزب الاتحاد الاشتراكي المعارض، الذي سبق أن أعلن رغبته في تولي القيادي والوزير الأسبق الحبيب المالكي هذا المنصب، وذلك بعدما أعلن حزب الأصالة والمعاصرة عدم تقديم مرشح. لكن هناك من يراهن على أن يصوت بعض نواب حزب التجمع الوطني للأحرار لصالح مرشح حزب العدالة والتنمية ضدا في عزيز أخنوش، رئيس الحزب الذي رفض اقتراح ابن كيران القاضي بترشيح شخصية تجمعية لرئاسة مجلس النواب، وتخلق بالتالي المفاجأة.
ويعارض حزب العدالة والتنمية أن يترأس حزب معارض مجلس النواب، وهو ما أكده ابن كيران بالقول إن «الحزب الذي يجب أن يترأس مجلس النواب يجب يكون من الأغلبية، هذا هو الطبيعي وهذا هو العرف». لكن إذا ما حدث وظفر الاتحاد الاشتراكي برئاسة مجلس النواب فستختلط الأوراق بين يدي رئيس الحكومة المعين، الذي كان قد رفض ضم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى حكومته.
وحسب محللين، فقد يغير ابن كيران رأيه ويقبل بضم الاتحاد الاشتراكي إلى الحكومة حتى لا يفقد أغلبيته ويصبح حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة السبيل الوحيد لحل الأزمة، بيد أن مصدرا في «العدالة والتنمية» استبعد حدوث ذلك البتة، أي قبول ضم الاشتراكيين إلى الحكومة.
وكان حزب العدالة والتنمية قد عارض أيضا انتخاب رئيس مجلس النواب قبل تشكيل الأغلبية، بيد أن تعليمات الملك محمد السادس بتسريع المصادقة على القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي من قبل مجلسي البرلمان جعله يراجع موقفه بالنظر لأهمية قرار استرجاع المغرب لعضويته في المنظمة التي غادرها عام 1984 احتجاجا على قبول عضوية «الجمهورية الصحراوية» فيها، التي أعلنت من جانب واحد عام 1976 من قبل جبهة البوليساريو المطالبة بانفصال الصحراء، وذلك بدعم من الجزائر وليبيا.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.