إقرار روسي ضمني بانتهاك النظام السوري وقف إطلاق النار عبر بيان لوزارة الدفاع

طهران اعتبرت مواقف تركيا «غير بناءة وتعقد المخرج السياسي»

حاملة الطائرات الروسية {الادميرال كوزنتسوف} تتحرك أمس امام الشواطئ السورية (أ.ب)
حاملة الطائرات الروسية {الادميرال كوزنتسوف} تتحرك أمس امام الشواطئ السورية (أ.ب)
TT

إقرار روسي ضمني بانتهاك النظام السوري وقف إطلاق النار عبر بيان لوزارة الدفاع

حاملة الطائرات الروسية {الادميرال كوزنتسوف} تتحرك أمس امام الشواطئ السورية (أ.ب)
حاملة الطائرات الروسية {الادميرال كوزنتسوف} تتحرك أمس امام الشواطئ السورية (أ.ب)

طرأ تحول طفيف على الخطاب الروسي بخصوص انتهاكات وقف إطلاق النار في سوريا، وفي المقابل، صعّدت طهران خطابها ضد أنقرة، معتبرة مواقفها «غير بناءة» وطالبتها الالتزام بتعهداتها وفق «إعلان موسكو».
فيما يبدو أنه إقرار روسي ضمني بممارسات قوات النظام وميليشيا ما يُسمى «حزب الله»، أدخلت وزارة الدفاع تعديلات على صيغة تقاريرها اليومية الصادرة عن «مركز حميميم الروسي» لمراقبة وقف إطلاق النار، وأضافت إليها فقرة تتضمن المعلومات الصادرة عن «اللجنة الروسية - التركية المشتركة الخاصة للنظر في مسائل انتهاك الاتفاقية»، أي الاتفاقية التي تم التوصل إليها في أنقرة، وتشكل روسيا وتركيا أطرافا ضامنة لها. وفي نسخة التقرير الصادر أمس، الذي نشرته الوزارة على موقعها الرسمي، جاء أن «الجزء الروسي في ممثلية اللجنة المشتركة سجل 12 انتهاكًا لوقف إطلاق النار في محافظات اللاذقية وحماة و(ريف) دمشق. وسجل الجزء التركي في ممثلية اللجنة المشتركة 27 انتهاكًا لوقف إطلاق النار في محافظات إدلب و(ريف) دمشق، وحماة وحلب وحمص ودرعا والقنيطرة».
وأضاف التقرير الصادر عن مركز حميميم، أن «العمل جارٍ للتحقق من كل الانتهاكات بغية الحيلولة دون تكرارها». وكانت وزارة الدفاع الروسية قد نشرت تقريرًا بصيغة مماثلة يوم أول من أمس، تشير فيه على لسان الجانب التركي، لكن على موقعها الرسمي، إلى خروق لوقف إطلاق النار سجلها الأتراك، وواضح أنها من جانب قوات النظام السوري.
في هذه الأثناء، وبينما تبقى تصريحات وزارة الخارجية الروسية والكرملين غائبة عن المشهد السوري، توقف برلمانيون ومحللون سياسيون روس أمس عند المفاوضات المرتقبة في العاصمة الكازاخية آستانة. وفي هذا الشأن، نقلت وكالة «ريا نوفوستي» عن فيكتور أوزيروف، رئيس لجنة المجلس الفيدرالي لشؤون الدفاع والأمن، قوله إن «كل شيء الآن رهن بكيفية تعاطي التحالف بزعامة الولايات المتحدة مع الدعوات (إلى آستانة)»، مشككا في إمكانية نجاح المؤتمر إن لم يشاركوا، دون أن يوضح ما إذا كانت الدعوات قد وُجهت لهم ومن هو الطرف الذي وجهها. من جهته، يرى قسطنطين كوساتشيوف، رئيس لجنة المجلس الفيدرالي للشؤون الدولية، أن «هناك التزاما إلى حد ما بوقف إطلاق النار في سوريا، وهذا يخلق أرضية مناسبة لإطلاق المفاوضات في الآستانة».
في هذه الأثناء، ميدانيا، ذكر نشطاء أن النظام السوري يحاول فرض سيطرته على مناطق وضواح بجنوب دمشق عبر ما يزعم أنه «اتفاق مصالحة» يهدد النظام مواجهة كل من سيرفضه بالقوة العسكرية. ووفق نسخة عن الاتفاق تداولها نشطاء، فإن النظام السوري يدعو عمليا جميع مقاتلي المعارضة إلى الاستسلام بتسليمهم السلاح و«تسوية أوضاعهم»، ومن ثم تشكيل قوات باسم «لواء مغاوير الجنوب» تكون تحت إشراف الدفاع الوطني، وأن تنتشر تلك القوات على خطوط المواجهة مع «داعش» و«جبهة النصرة» في تلك المنطقة وفق ما يزعم الاتفاق. كما يدعو النص إلى مصالحة بين مناطق يلدا وببيبلا والحجر الأسود من جانب، ومنطقة السيدة زينب من جانب آخر.
أما على الصعيد الإيراني، فلقد وصف بهرام قاسمي، المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، مواقف المسؤولين الأتراك بـ«غير البناءة»، مضيفا أن تلك المواقف «تعقد الأوضاع الحالية وتزيد المشكلات التي تواجه المخرج السياسي في الأزمة السورية». وقال قاسمي معلقًا على تصريحات وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو: إن إيران «شريكة في إعلان موسكو الثلاثي وتتابع بجدية الاتفاق الذي حصل بين الأطراف الثلاثة» وفقا للموقع الإعلامي للخارجية الإيرانية. وطالبت الخارجية الإيرانية الجانب التركي بـ«ألا تتخذ مواقف خلاف الواقع وخلاف التزامات تركيا» في إعلان موسكو.
واتهم المتحدث باسم الخارجية الإيرانية المعارضة السورية بـ«انتهاك الهدنة مرات عدة»، وزعم أن «المعلومات المستندة تشير إلى اختراق الهدنة 45 مرة خلال 24 ساعة»، مضيفا أن طهران «ستنشر الوثائق عند الضرورة».
وانطلاقا من هذا الادعاء، قال قاسمي «إذا كانت تركيا تبحث عن هدنة مستمرة والمساهمة في تمهيد نجاح مفاوضات سياسة لإنهاء الأزمة السورية عليها بصفتها طرفا اتخاذ الإجراءات المطلوبة والتصدي لانتهاكات الهدنة على يد المعارضة السورية»، حسب قوله.
بموازاة ذلك، طالب قاسمي تركيا بصفتها طرفا قطع التزامات على نفسه في إعلان موسكو تجنب «اتخاذ مواقف غير مطابقة للواقع وتجنب اتهام الأطراف الأخرى»، مضيفا: «من الطبيعي أن تواصل إيران سياستها في إطار مساعيها للحفاظ على الهدنة وتسهيل التوصل إلى مخرج سياسي في الأزمة السورية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.