الوثائق البريطانية: سفارات تحت الحصار ومخاوف من ألمانيا الموحدة

سفير لندن رفض المغادرة إلى بغداد وبعثته عانت من شح الموارد

أمير الكويت (وزير الخارجية حينها) الشيخ صباح الأحمد ورئيسا وزراء بريطانيا السابقان مارغريت ثاتشر وجون ميجريشاهدون عرضا عسكريا احتفالا بالذكرى الأربعين للاستقلال والعاشرة للتحرير في الكويت في 25 فبراير 2001 (غيتي)
أمير الكويت (وزير الخارجية حينها) الشيخ صباح الأحمد ورئيسا وزراء بريطانيا السابقان مارغريت ثاتشر وجون ميجريشاهدون عرضا عسكريا احتفالا بالذكرى الأربعين للاستقلال والعاشرة للتحرير في الكويت في 25 فبراير 2001 (غيتي)
TT

الوثائق البريطانية: سفارات تحت الحصار ومخاوف من ألمانيا الموحدة

أمير الكويت (وزير الخارجية حينها) الشيخ صباح الأحمد ورئيسا وزراء بريطانيا السابقان مارغريت ثاتشر وجون ميجريشاهدون عرضا عسكريا احتفالا بالذكرى الأربعين للاستقلال والعاشرة للتحرير في الكويت في 25 فبراير 2001 (غيتي)
أمير الكويت (وزير الخارجية حينها) الشيخ صباح الأحمد ورئيسا وزراء بريطانيا السابقان مارغريت ثاتشر وجون ميجريشاهدون عرضا عسكريا احتفالا بالذكرى الأربعين للاستقلال والعاشرة للتحرير في الكويت في 25 فبراير 2001 (غيتي)

كشفت وثائق من الأرشيف البريطاني، رفعت عنها صفة السرية بعد 30 عامًا الجمعة الماضي عن معلومات سرية تهم مداولات الحكومة، ومراسلات السفارات البريطانية حول العالم مع وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث. واهتمت الوثائق العائدة إلى 1989 و1990 بتفاصيل تخص مخاوف رئيسة وزراء بريطانيا السابقة مارغريت ثاتشر من قوة ألمانيا الموحدة بعد سقوط حائط برلين، وتطلعها لتقارب مع الاتحاد السوفياتي. كما كشفت مراسلات بين سفير بريطانيا في الكويت مايكل ويستون ووزارة الخارجية بلندن عن تفاصيل حياته والدبلوماسيين الذي رافقوه خلال اجتياح العراق للكويت.

اجتياح الكويت
في يونيو (حزيران) 1985، اشتكى السفير الجديد لدى الكويت، بيتر مون، من حالة السفارة البريطانية بالعاصمة الكويت، واصفًا إياها بالرثة والمكتظة للغاية. لكن لحسن الحظ لم يستمر مون طويلاً في المبنى، عكس خليفته مايكل ويستون الذي عايش الاجتياح العراقي.
في 2 أغسطس (آب) 1990، اجتازت القوات العراقية الحدود الكويتية وسيطرت على العاصمة. وفي 9 أغسطس، أصدر صدام حسين أوامره بإغلاق مقار جميع البعثات الدبلوماسية والانتقال إلى بغداد قبل 24 أغسطس، وعندما امتنعت البعثات عن تنفيذ ذلك، انقطع الماء والكهرباء عن المباني وبدأ حصارًا طويلاً.
وفي 1 سبتمبر (أيلول)، تمكن دوغلاس هيرد، وزير الدولة للشؤون الخارجية وشؤون الكومنولث من التحدث مع ويستون من خلال اللاسلكي، وأفاد ويستون بأنه لا يزال لديهم ماء وطعام يكفي حاجتهم، وأن «نوعية الطعام قد تحسنت منذ رحيل الطباخ».
وفي 4 سبتمبر، أرسل السفير تقريرًا مفصلاً عن حالته وكذلك حال باقي طاقم أعضاء البعثة الدبلوماسية، وكان من المقترح أن ينتقلوا سويًا إلى مكان آخر بالمدينة، سواء في سفارة أخرى أو بفندق، لكن وستون رأى أن هذا المقترح «صعب التنفيذ». ففي ذلك الوقت، كانت الفنادق بمدينة الكويت تستخدم كمراكز احتجاز للمواطنين من جنسيات مختلفة، وعليه فلن تتمكن البعثة الدبلوماسية من التواصل مع وزارتها في بريطانيا. كذلك لم يكن الاجتماع بالحلفاء أمرًا سهلاً، فقد حاول سفير ألمانيا الشرقية الوصول إلى مقر نظيره الألماني الغربي، لكن ألقي القبض عليه من قبل العراقيين واقتيد إلى بغداد.
ولهذا السبب تحديدًا، استمر السفير الإيطالي، الذي وصفه ويستون برجل يتمتع بقوة متميزة، في الإقامة بمكان عمله في ظروف غير مريحة بتاتًا، وذلك لتجنب مخاطر الانتقال من وإلى مقر إقامته حيث مكيفات الهواء، الذي يبعد نحو 12 كيلومترا عن السفارة. وأفاد وستون بأن الفرنسيين كانوا يعانون أيضًا، لكنهم صمدوا لفترة أطول مما كان متوقعًا، فبالنظر إلى موقع السفارة الفرنسية، الذي احتجز فيه القائم بالأعمال مع ثلاثة من زملائه، فقد تمكنوا من إرسال من يجلب لهم الإمدادات الضرورية بكميات قليلة.
لم يكن وستون يعلم الكثير عن الوضع بالسفارة اليونانية؛ بسبب عدم إلمام السفير اليوناني بلغة يستطيع التواصل بها مع نظراءه، لكن وستون علم من الإيطاليين أنه كان غير مرتاح. وأضاف وستون أن المعنويات كانت متذبذبة، وأنه استشعر قدرًا من الاستياء تجاه بريطانيا التي حملها أغلب زملائه - باستثناء السفير الفرنسي والإيطالي - مسؤولية كل ما يجري.
ووفقًا لوثائق الأرشيف البريطاني، فقد أفاد وستون بأن معظمهم كان يظهر الشجاعة بينما هو يعاني. وكتب لاحقًا أن اليونانيين كانوا الأضعف، وأيضًا الإسبان والدنمركيين والبلجيكيين. فقد بدا على اليوناني والإسباني والدنمركي إحساس العزلة ولم يحركوا ساكنًا طوال الوقت، فيما كان الدنمركي يضيع الوقت بإرسال الرسائل نيابة عن الآخرين. «أعجبت بالبلجيكي، لكنه كان كبيرًا في السن ومتعبًا وعصبيًا للغاية».
طغت النظرات الغاضبة لمايكل وستون على تعليقات مارغريت ثاتشر لاحقًا وأعضاء البرلمان الذين امتدحوا ثباته. وكانت كمية الوقود المتبقية (في السفارة) هي ما أقلقتهم بعض الشيء، لكن كان لديهم مخزون كبير من الماء بعدما لجأوا إلى استخدام مخزون الماء بحوض السباحة للاستحمام (حتى بعدما أصبح ماؤه راكدًا). وفي التسعينات، كانت تصل درجة الحرارة في العاصمة الكويت إلى درجات مرتفعة في شهر سبتمبر، وأفاد السفير بمعاناته من حرارة الجو والحشرات، ومن عدم وجود أي طعام طازج، لكنه فضل التزام الهدوء.
وخلال فترة الحصار، قام السفير والقنصل البريطاني، لاري بانكز، بالمساعدة في إجلاء عدة مئات من البريطانيين إلى بغداد، وتمكنوا من الاستمرار في التواصل مع باقي أفراد الجالية البريطانية عبر مدّهم بالدعم الممكن. وكانت السفارة البريطانية ضمن السفارات القليلة التي واصلت فتح أبوابها خلال فترة الأزمة.
> ثاتشر احتاطت من «قوة» ألمانيا وتطلعت إلى تقارب مع روسيا
بدت القوة التي كانت ألمانيا الموحدة ستملكها والتي ستظهرها لأوروبا بعد سقوط جدار برلين عام 1989، مصدر قلق كبيرا لرئيسة الوزراء السابقة مارغريت ثاتشر. فقد كشفت الوثائق التي كانت سرية في السابق والتي كشف اللثام عنها في 30 ديسمبر (كانون الأول) أن ثاتشر اعتقدت أن الاتحاد السوفياتي قادر على الحفاظ على التوازن بالمنطقة أمام القوة الألمانية بعد توحدها، وهو ما شكل مصدر قلق للدبلوماسيين الأميركيين.
أفرج الأرشيف الوطني البريطاني عن عدد ضخم من الملفات المحفوظة بمكتب رئيس الوزراء السابقة ومن مجلس الوزراء خلال عامي 1989 – 1990. تكشف الكثير من الوثائق خططًا تتعلق بتوحيد ألمانيا، فقد كان معروفًا في ذلك الحين أن ثاتشر لم تكن تتمتع بعلاقات جيدة مع المستشار الألماني هلموت كول، حيث يحوي أحد الملفات مذكرة موجهة إلى ثاتشر تشمل مضمون محادثتها الهاتفية مع الرئيس الأميركي جورج بوش في بداية عام 1990، وكيف فهمها الأميركيون.
وكان من الواضح أن بوش كان في غاية القلق من تنامي العلاقات البريطانية - الألمانية، وفق ما نقله موقع «كوارتز» الإعلامي، وأكثر ما أقلقه كان اقتراح توصل الاتحاد السوفياتي لاتفاق ودي، حيث تنظر الولايات المتحدة له باعتباره «قوة بالغة العداء». فوفق مذكرة تشارلز باول، مستشار السياسة الخارجية، التي أرسلها إلى ثاتشر، «لم يستطع بوش فهم طريقة تفكيرك بخصوص النظر إلى الروس كحلفاء مرتقبين ضد ألمانيا. يجب أن تكوني قد فهمتِِ هذا، وفهمتِ أيضًا أن بوش أدرك مدى تعقيد ما ترمين إليه». فما قالته ثاتشر وما فهمه بوش كان الشيء نفسه: ثاتشر قالت إنه لا يجب على الروس مناقشة مستقبل أوروبا بمعزل عن الآخرين، وأن الاتحاد السوفياتي سيكون القوة الوحيدة المعادلة في الحجم لألمانيا الموحدة، وأنها تستطيع أن تمثل الوزن السياسي نفسه المضاد لألمانيا.
وكشفت وثائق أخرى أفرج عنها عام 2009 من وزارة الخارجية مدى معارضة ثاتشر لوحدة ألمانيا، فقد كانت علاقاتها أفضل بالقائد السوفياتي ميخائيل غورباتشوف، إذ أشار باول في الوثائق التي أفرج عنها مؤخرًا إلى أن كول «يزدري تقريبًا كل شيء كانت بريطانيا تفعله في تلك الفترة».
وأشارت الوثائق أيضًا إلى أن ثاتشر عقدت اجتماعًا مع مؤرخين لمناقشة عقلية وأسلوب تفكير الألمان، وكان ذلك في مارس (آذار) 1990؛ إذ ناقشوا بعض السمات السلبية التي شعروا بوجودها لدى شخصية الألمان؛ «منها الحساسية المفرطة تجاه مشاعر الآخرين، وزهوهم بأنفسهم، والميل للتعاطف مع الذات، والتطلع لمحبة الآخرين لهم». وأوضحت ملاحظات باول أن نقاشات المجموعة توصلت إلى أن أيًا من الموجودين لم تكن لديه ملاحظات سلبية جدية عن القادة الألمان، لكنهم كانوا لا يزالون متشككين فيهم.



توافق أممي نادر في مجلس الأمن حول سوريا

فاسيلي نيبينزيا مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة (رويترز)
فاسيلي نيبينزيا مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة (رويترز)
TT

توافق أممي نادر في مجلس الأمن حول سوريا

فاسيلي نيبينزيا مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة (رويترز)
فاسيلي نيبينزيا مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة (رويترز)

قال دبلوماسيون أميركيون وروس، يوم الاثنين، إن أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سيعملون على إعداد بيان بشأن سوريا في الأيام المقبلة، وذلك بعد اجتماع مغلق بشأن سيطرة قوات المعارضة على العاصمة دمشق والإطاحة بالرئيس بشار الأسد.

وقال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا للصحفيين بعد اجتماع المجلس المؤلف من 15 عضوا "أعتقد أن المجلس كان متحدا إلى حد ما بشأن الحاجة إلى الحفاظ على سلامة أراضي سوريا ووحدتها، وضمان حماية المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان المحتاجين". وأكد نائب السفير الأميركي روبرت وود أن أغلب الأعضاء تحدثوا عن هذه القضايا، وقال للصحفيين إن المجلس سيعمل على إصدار بيان. وتتولى الولايات المتحدة رئاسة المجلس في ديسمبر (كانون الأول). وقال وود "إنها لحظة لا تصدق بالنسبة للشعب السوري. والآن نركز حقا على محاولة معرفة إلى أين يتجه الوضع. هل يمكن أن تكون هناك سلطة حاكمة في سوريا تحترم حقوق وكرامة الشعب السوري؟"

وقال السفير السوري لدى الأمم المتحدة قصي الضحاك للصحفيين خارج المجلس إن بعثته وكل السفارات السورية في الخارج تلقت تعليمات بمواصلة القيام بعملها والحفاظ على مؤسسات الدولة خلال الفترة الانتقالية. وقال "نحن الآن ننتظر الحكومة الجديدة ولكن في الوقت نفسه نواصل العمل مع الحكومة الحالية والقيادة الحالية"، مضيفا أن وزير الخارجية السوري بسام صباغ - المعين من قبل الأسد - لا يزال في دمشق. وقال للصحفيين خارج المجلس "نحن مع الشعب السوري. وسنواصل الدفاع عن الشعب السوري والعمل من أجله. لذلك سنواصل عملنا حتى إشعار آخر". وأضاف "السوريون يتطلعون إلى إقامة دولة الحرية والمساواة وسيادة القانون والديمقراطية، وسوف نتكاتف في سبيل إعادة بناء بلدنا، وإعادة بناء ما دمر، وبناء المستقبل، مستقبل سوريا الأفضل".

وتحدث نيبينزيا وود عن مدى عدم توقع الأحداث التي وقعت هذا الأسبوع في سوريا. وقال نيبينزيا "لقد فوجئ الجميع، بما في ذلك أعضاء المجلس. لذلك يتعين علينا أن ننتظر ونرى ونراقب ... ونقيم كيف سيتطور الوضع". ووفرت روسيا الحماية الدبلوماسية لحليفها الأسد خلال الحرب، واستخدمت حق النقض أكثر من 12 مرة في مجلس الأمن، وفي العديد من المناسبات بدعم من الصين. واجتمع المجلس عدة مرات شهريا طوال الحرب لمناقشة الوضع السياسي والإنساني في سوريا والأسلحة الكيميائية.

وقال السفير الصيني لدى الأمم المتحدة فو كونغ بعد اجتماع المجلس "الوضع يحتاج إلى الاستقرار ويجب أن تكون هناك عملية سياسية شاملة، كما يجب ألا يكون هناك عودة للقوى الإرهابية". وبدأت هيئة تحرير الشام الهجوم الذي أطاح بالأسد. وكانت تُعرف سابقا باسم جبهة النصرة التي كانت الجناح الرسمي لتنظيم القاعدة في سوريا حتى قطعت صلتها به في عام 2016. وتخضع الجماعة لعقوبات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وقال دبلوماسيون إنه لم تحدث أي نقاشات بشأن رفع هيئة تحرير الشام من قائمة العقوبات.