الصدر يدعو التحالف الوطني لتغيير وجوهه

اعتبر رفض السيستاني استقبال رئيسه الحكيم «رفضًا شعبيًا»

مقتدى الصدر
مقتدى الصدر
TT

الصدر يدعو التحالف الوطني لتغيير وجوهه

مقتدى الصدر
مقتدى الصدر

بعد يومين من رفض المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني استقبال وفد من التحالف الوطني برئاسة عمار الحكيم، وصف زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر أمس، خطوة السيستاني بأنها «رفض شعبي» لهذا التحالف بشكله الحالي.
وقال الصدر في بيان إنه «بعد أن رفضت المرجعية العليا في العراق استقبال وفدكم الأعلى، فعليكم النظر والتدقيق في أسباب ذلك الرفض، والذي أتوقع أن يكون لأسباب معينة، يمكنكم رفعها ولو تدريجيًا». وقدم الصدر 12 مقترحا للتحالف الوطني لتدارك هذا الرفض «والعمل من أجل رفعة العراق ودعم دولته»، مبديا استعداده للتعاون لـ«بناء التحالف بصورة أخرى وثوب جديد».
ودعا الصدر إلى تغيير وجوه التحالف السياسية، وسياساته الخاصة والعامة، ومحاسبة المفسدين المحسوبين عليه بلا استثناء، والنزول إلى الشعب ومعاناته وترك التحصن خلف الجدر، ووقف التدخلات الحزبية والميليشياوية في عمل الحكومة، ودعم الجيش العراقي والقوات الأمنية بما يحفظ للدولة هيبتها وقوتها.
كما دعا إلى نبذ الخلافات وترك الصدامات الطائفية ليس من خلال التسوية السياسية المجهولة، بل من خلال توحيد الصف المجتمعي ووفق أسس شرعية وقانونية مدروسة وممنهجة، والحفاظ على هيبة المرجعية في العراق وأوامرها وقراراتها ونصائحها وتوجيهاتها وتوجهاتها، وترك الخطابات الانفرادية والتصعيدية التي لا جدوى منها، وضع استراتيجية مرضية من قبل المرجعية حتى يكون التحالف تحت خيمة المرجعية.
وشدد الصدر على أن «المرجعية هي الممثل الأكبر للشعب وبالتالي رفض لقائكم يعني رفض الشعب لكم فتداركوا أمركم»، داعيا التحالف إلى أن يكون «عملكم من أجل رفعة العراق ودعم دولته دومًا لا لأجل انتخابات أو أمور دنيوية أخرى لعلنا وإياكم نبني عراقًا آمنًا وموحدًا تحت غطاء المرجعية وأنظار الشعب المظلوم». وفي الختام، قال الصدر: «لقد أبديت تعاوني سابقًا من أجل بناء تحالفكم بصورة أخرى وثوب جديد، فإن شئتم ذلك فأنا على أتم الاستعداد على الرغم من أنني خارج التحالف».
وكان مكتب السيستاني أعلن الجمعة رفضه زج المرجعية الدينية في مشروع «التسوية التاريخية» الذي طرحه التحالف، ثم تراجعت عنه بعض أطراف التحالف ليتبناه المجلس الأعلى الإسلامي برئاسة عمار الحكيم. وفيما امتنع السيستاني عن استقبال الحكيم والوفد المرافق له، فإنه دعا إلى تنفيذ مطالب الحركات الاحتجاجية في البلاد. وقال حامد الخفاف، الناطق باسم مكتب السيستاني، في بيان: «يهمني التأكيد أن رئاسة التحالف الوطني والوفد المرافق، طلبوا موعدًا للقاء سماحة السيد السيستاني الذي اعتذر عن لقائهم كما هي عادته منذ سنوات»، عازيًا رفض المرجع لعدم استقبال الوفد إلى «الأسباب نفسها التي دعته لمقاطعة القوى السياسية والتي ذكرتها المرجعية العليا في بيان شهير إبان الحركة المطلبية الأولى، وأعادت تكرارها مرارًا إبان الحركة المطلبية الأخيرة ولكن دون جدوى».
وأضاف الخفّاف، أن «التحالف الوطني أراد زج المرجعية في موضوع التسوية، وسماحة السيد السيستاني لا يرى مصلحة في ذلك».



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».