تريث في معركة ريف حلب بانتظار مصير الاتفاق الروسي ـ التركي

وحدات الحماية الكردية تنفي خروجها من الأحياء التي تسيطر عليها

تريث في معركة ريف حلب بانتظار مصير الاتفاق الروسي ـ التركي
TT

تريث في معركة ريف حلب بانتظار مصير الاتفاق الروسي ـ التركي

تريث في معركة ريف حلب بانتظار مصير الاتفاق الروسي ـ التركي

في الوقت الذي يعتبر مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، أنّه «من التسرع الجزم بالمعركة المقبلة التي سيشنها النظام وحلفاؤه»، خصوصا في ريف حلب، موضحا أنّهم يتريثون بانتظار تبلور ملامح الاتفاق الروسي - التركي - الإيراني، أشارت صحيفة «يني شفق التركية» في تقرير لها، أمس، إلى أن إيران لا تنوي الالتزام بـ«إعلان موسكو الثلاثي» الذي صدر قبل عدة أيام، وستشن هجومًا على محافظة إدلب بالاشتراك مع النظام السوري، تحت ذريعة محاربة «جبهة النصرة».
من جهتها، ترجح مصادر عسكرية في «جيش الفتح»، أن تعود إيران لخطتها القديمة المتمثلة في إحكام السيطرة على مناطق ريف حلب الجنوبي الموازية لبلدتي كفريا والفوعة بريف إدلب، تمهيدًا للتقدم بشكل عرضي في وقت لاحق لفك الحصار عن البلدتين ذواتي الأكثرية الشيعية، بالتزامن مع التقدم باتجاه مطار أبو الظهور العسكري، الواقع في أقصى ريف إدلب الشرقي.
وفي هذا السياق، أفادت شبكة «الدرر الشامية»، أمس، بـ«استقدام قوات النظام والميليشيات المدعومة إيرانيا تعزيزات عسكرية إلى مناطق جنوب حلب وغربها، بالتزامن مع تكثيف الطيران الحربي غاراته على ريف المحافظة الغربي في كل من الأتارب وكفرناها وخان العسل»، وأشارت إلى وصول 14 مدرعة، بينها 10 دبابات تتمركز بالقرب من بلدة الحاضر في ريف حلب الجنوبي في المناطق الممتدة بين جبل عزان وجبل الحص. كما شهدت منطقة منيان وضاحية «الأسد» غرب حلب، حشودًا عسكرية. وكان يوم السبت الماضي، قد شهد «اشتباكات عنيفة بين قوات الأسد والميليشيات المساندة لها، وفصائل المعارضة التي تصدت لهجوم عنيف على منطقتي سوق الجبس والراشدين الخامسة في ريف حلب الغربي».
إلى ذلك، أفادت مصادر متعددة، أمس، بخروج عدد من المقاتلين الأكراد من حي الشيخ مقصود باتجاه مدينة عفرين في الريف الشمالي رضوخا للمهلة التي أعطاها النظام للوحدات الكردية بالخروج من الحي، وهو ما نفته مصادر كردية كما (المرصد السوري لحقوق الإنسان) نفيا قاطعا.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إنّها مجرد شائعات تحاول ترويجها أحزاب كردية معارضة لوحدات الحماية التي لا تزال في الأحياء التي تسيطر عليها في مدينة حلب، وهي إلى جانب حي الشيخ مقصود، أحياء الهلك وأجزاء من السكن الشبابي والأشرفية وبستان الباشا، وشددوا على أن المقاتلين الأكراد «لا يفكرون على الإطلاق بمغادرتها، خصوصا أنهم نجحوا بالبقاء فيها طوال الفترة الماضية رغم التحديات الكبرى التي واجهوها وبالتالي لن يقدموها اليوم للنظام على طبق من فضة».
وفي الوقت الذي أعلنت فيه، أمس، وكالة «آرا نيوز»، التي تُعنى بالشأن الكردي، سحب عدد من عناصر وحدات حماية الشعب من حي الشيخ مقصود ذي الغالبية السكانية الكردية في مدينة حلب شمال سوريا، متوجهين نحو الريف الشمالي للمشاركة في المعارك الدائرة هناك ضد تنظيم داعش، أفادت «شبكة شام» ببدء «حركة خروج الفصائل الكردية من حي الشيخ المقصود نتيجة ضغوط تمارسها قوات الأسد وحلفائه بعد تهجير سكان الأحياء الشرقية في المدينة قبل أسبوع». وأشارت الشبكة إلى أن النظام السوري «أمهل وحدات حماية الشعب الكردية حتى نهاية الشهر الحالي لإبرام اتفاق يعيد من خلاله النظام سيطرته على حي الشيخ مقصود وإعادة فتح مقراته الأمنية فيه».
ويتعايش الأكراد والنظام في مدينة حلب حيث يتقاسمون السيطرة على عدد من الأحياء، تماما كما هو حاصل في مدينة القامشلي الواقعة في أقصى شمال شرقي سوريا، التي شهدت الصيف الماضي مواجهات بينهما، ما لبثت أن تم استيعابها من قبل الطرفين، وهو ما سيحصل على الأرجح في حلب؛ نظرا لانشغال قوات النظام بالتحضير لمعارك أخرى شمال البلاد، أبرزها معارك ريف حلب التي تهدف لحماية المدينة من هجمات قد تشنها فصائل المعارضة سعيا لاستعادة الأحياء التي كانت خاضعة لسيطرتها شرقا.
وفي الشأن الخاص بمدينة حلب، وبحسب دراسة أعدها مركز «جسور» بعنوان: «اتفاق تهجير حلب كيف تم وكيف نُفذ»، فإن «نحو 25 ألف شخص خرجوا من حلب المحاصرة إلى ريف حلب الغربي»، في «أكبر عملية تهجير قسري منظّم في تاريخ المنطقة الحديث»، كما أن نحو 190 ألف شخص غادروا من الأحياء التي كانت محاصرة إلى مناطق سيطرة النظام، أو بقوا في منازلهم بعد سيطرة النظام على أحيائهم. وأشارت الدراسة إلى أن نحو 10 آلاف شخص انتقلوا من الأحياء الشرقية إلى مناطق سيطرة الميليشيات الكردية، أو ظلوا في منازلهم بعد سيطرة هذه الميليشيات على أحيائهم. واعتبرت الدراسة أن اللقاء الثلاثي التركي - الروسي - الإيراني الذي شهدته العاصمة الروسية مؤخرا، والذي انتهى إلى إعلان وثيقة تؤسس حلا سياسيا برؤية الأطراف الثلاثة «لم يكن ممكنًا لولا ما حققته القوات الإيرانية والروسية في حلب، الذي منح الأطراف الداعمة للنظام شعورًا غير مسبوق بالارتياح من جهة، والقدرة على تمرير حل سياسي يُناسب تصورها من جهة أخرى، وبخاصة قبيل تسلم الإدارة الأميركية الجديدة مهامها».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.