قوة الاقتصاد السعودي والاستقرار التشريعي يضمنان تدفق الاستثمارات الأجنبية

ميزانية 2017 تبعث برسائل طمأنة للمستثمرين

أحد المصانع في المنطقة الصناعية بنجران («الشرق الأوسط»)
أحد المصانع في المنطقة الصناعية بنجران («الشرق الأوسط»)
TT

قوة الاقتصاد السعودي والاستقرار التشريعي يضمنان تدفق الاستثمارات الأجنبية

أحد المصانع في المنطقة الصناعية بنجران («الشرق الأوسط»)
أحد المصانع في المنطقة الصناعية بنجران («الشرق الأوسط»)

أثبتت السعودية مع صدور ميزانية عام 2017، المُقدرة بنحو 890 مليار ريال، التي تعد أعلى بنسبة 8 في المائة من حجم الإنفاق المتوقع للسنة المالية الحالية، أن هناك ثباتا في السياسة الاقتصادية، وتنوعا في الموارد جعل البلاد على مدى سنوات طويلة، البيئة الأكثر أمانا لكثير من الاستثمارات الأجنبية التي تبحث عن المقومات الاقتصادية واستقرار التشريعات الاقتصادية.
وبعثت الميزانية الجديدة، رسائل قوية للقطاع الخاص المحلي والأجنبي، والباحثين عن الاستثمار في مختلف القطاعات من الصناعة إلى السياحة، وتتمحور الرسائل حول قوة وتنوع المداخيل بعيدا عن الاعتماد على النفط، كذلك عمق السياسية المتبعة للتحول الوطني، وتنفيذ «رؤية المملكة 2030»، التي سيتضاعف فيها الاقتصاد الوطني إلى قرابة 5.7 تريليون دولار.
ويُعول خبراء الاقتصاد على أن تدفع هذه الرسائل باتجاه عودة الاستثمارات السعودية المهاجرة التي تواجه جملة من المخاطر في كثير من دول العالم، منها فرض سلسلة من القيود في الدول العربية، ورفع الضرائب في دول منطقة اليورو، وما تتعرض له بعض الدول من أزمة «ديون سيادية»، للاستثمار في السوق السعودية في قطاعات مختلفة، من أبرزها قطاع الفنادق والسياحة.
ويرى مراقبون أن عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، حمل نقلة نوعية في تنوع الاستثمارات، وتحديدا في قطاع الصناعات المتوسطة والصغيرة، مع تنوع الفرص في استثمارات البنى التحتية، وبخاصة أن السعودية تستحوذ على ما نسبته 30 في المائة من مجموع الناتج المحلي الإجمالي في المنطقة العربية، كما تمتلك ثاني أكبر احتياطي من النفط على مستوى العالم، وهو ما يبحث عنه المستثمرون في قطاع الصناعة لرفع حجم استثماراتهم.
وقال مختصون في الشأن الاقتصادي إن أبرز ما يبحث عنه المستثمر الأجنبي هو الاستقرار السياسي الاقتصادي، وهو ما تتمتع به السعودية، كما أنها تمتلك الحرية الاقتصادية، والنظام الضريبي الحائز على المرتبة الثالثة على مستوى العالم، وهو ما رفع حجم الاستثمارات الأجنبية من 30 مليار دولار في عام 2005 إلى قرابة 300 مليار دولار عام 2015، ونمت الاستثمارات الأجنبية المباشرة 10 في المائة وفقا لآخر الإحصائيات الصادرة من الهيئة العامة للاستثمار، وهي دلالة على قوة وثبات السياسة الاقتصادية التي يبحث عنها المستثمرون من الداخل والخارج.
ويُعد قطاع الصناعة الوجهة الأولى للمستثمرين، خصوصا أن المملكة تمتلك مدنًا اقتصادية وصناعية بمواصفات ومقاييس عالمية، أسهمت خلال السنوات القليلة الماضية في رفع حجم الاستثمار في قطاع الصناعة إلى قرابة 120 مليار دولار، بواقع 10 آلاف مصنع مختلفة الأنشطة، فيما يُتوقع أن يرتفع الرقم إلى قرابة 350 مليار دولار في السنوات المقبلة، وذلك ضمن الخطة العاشرة التي تتمثل في نقل السعودية إلى اقتصاد معرفي.
ويتضح جليا عزم السعودية على تحويل الاقتصاد المحلي من ريعي إلى اقتصاد يعتمد على الإنتاج، وتعمل على أن تكون الصناعة المعتمدة على التطوير والجودة هي الرافعة لمستوى المعيشة في المجتمع المحلي، وذلك من خلال ما يقوم به هذا القطاع من توفير الخدمات والمنتجات المطلوب استهلاكها بالسوق المحلية، وتصدير الفائض، وهو ما يتوافق مع «رؤية المملكة 2030».
وقال الدكتور لؤي الطيار، الخبير في الشأن الاقتصادي، إن السعودية حققت كثيرا من الإنجازات في عهد خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، ومنها ما نلمسه من نقلة نوعية في جلب الاستثمارات الحيوية والمهمة التي ستنعكس على الاقتصاد السعودي بشكل مباشر.
وأضاف الطيار أن ميزانية العام الحالي واستقرار الاقتصاد وقدرته على الصمود في مواجهة التحديدات الخارجية، كلها عوامل تزيد من قدرة المملكة على استقطاب أموال المستثمر الأجنبي الذي تبحث عنه السوق المحلية، وليست الاستثمارات التي لا يكون لها تأثير على أوضاع المجتمع أو في الناتج المحلي، وأن تكون هذه الاستثمارات طويلة الأمد وقادرة على الاستمرار.
ولفت الطيار إلى أن القوة الاقتصادية التي تتمتع بها السعودية وضعتها، بحسب صندوق النقد الدولي، في المرتبة الثالثة بوصفها أكبر اقتصاد عالمي من حيث فائض الحساب الجاري بعد الصين وألمانيا، إذ ارتفع فائض الحساب الجاري لميزان المدفوعات من 337 مليار ريال في عام 2005 إلى قرابة 440 مليار ريال في عام 2015.
وسيلعب القطاع المصرفي، في المرحلة المقبلة دورا مهما في تقديم القروض للمستثمرين من الداخل والخارج، وبخاصة القروض المتوسطة وطويلة الأمد، وسينعكس هذا على الأصول المصرفية التي سترتفع تدريجيا لتصل إلى 2.2 تريليون دولار للبنوك والمصارف العاملة في السعودية، وهذا النمو سيرفع من عدد القروض المُتاحة للمستثمرين.
وهنا قال مروان الشريف، الخبير في الشأن المصرفي، إن البنوك السعودية العاملة في البلاد لديها القدرة على تمويل كثير من المشاريع الاستثمارية في القطاعات كافة، وسيكون دخول البنوك من خلال تمويل «رأس المال»، وهذا سيساعد المستثمرين في المرحلة الأولى على تخطي العقبات المالية.
ولفت الشريف، إلى أن هناك الاستثمار الموجه المتمثل في مشروعات مثل «سابك، وبترو رابغ، ووعد الشمال، ومدينة الملك عبد الله»، وهذه الاستثمارات تعتمد على الصناعات الثقيلة، وهي استثمارات دخلت للبلاد بغرض خلق قيمة مضافة لقطاع البترول مع وجود شركات كبرى، وهذه الاستثمارات تحتاج إلى صناعات مساندة «متوسطة»، لافتا إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد تدفق كثير من الاستثمارات في قطاعات مختلفة، وذلك يعود إلى عدة أسباب في مقدمتها ثبات السياسة الاقتصادية، وتطوير التشريعات التي تتوافق مع المعطيات.



تضخم الجملة يقاوم الانخفاض في الولايات المتحدة

يشتري الناس الهدايا في منطقة تايمز سكوير في نيويورك (رويترز)
يشتري الناس الهدايا في منطقة تايمز سكوير في نيويورك (رويترز)
TT

تضخم الجملة يقاوم الانخفاض في الولايات المتحدة

يشتري الناس الهدايا في منطقة تايمز سكوير في نيويورك (رويترز)
يشتري الناس الهدايا في منطقة تايمز سكوير في نيويورك (رويترز)

ارتفعت تكاليف الجملة في الولايات المتحدة بشكل حاد خلال الشهر الماضي، ما يشير إلى أن ضغوط الأسعار لا تزال قائمة في الاقتصاد، حتى مع تراجع التضخم من أعلى مستوياته التي سجّلها قبل أكثر من عامين.

وأعلنت وزارة العمل الأميركية، الخميس، أن مؤشر أسعار المنتجين، الذي يتتبع التضخم قبل أن يصل إلى المستهلكين، ارتفع بنسبة 0.4 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) مقارنة بأكتوبر (تشرين الأول)، مقارنة بـ0.3 في المائة الشهر السابق. وعلى أساس سنوي، ارتفعت أسعار الجملة بنسبة 3 في المائة في نوفمبر، وهي أكبر زيادة سنوية منذ فبراير (شباط) 2023، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وساعدت أسعار المواد الغذائية المرتفعة في دفع التضخم بالجملة إلى الارتفاع في نوفمبر، وهو ما كان أعلى مما توقعه خبراء الاقتصاد، وباستثناء أسعار الغذاء والطاقة المتقلبة، ارتفعت أسعار المنتجات الأساسية بنسبة 0.2 في المائة عن أكتوبر، و3.4 في المائة عن نوفمبر 2023.

ويأتي تقرير أسعار الجملة بعد يوم من إعلان الحكومة أن أسعار المستهلك ارتفعت بنسبة 2.7 في المائة في نوفمبر مقارنة بالعام السابق، ارتفاعاً من زيادة سنوية بنسبة 2.6 في المائة في أكتوبر.

وأظهرت الزيادة، التي جاءت مدفوعة بارتفاع أسعار السيارات المستعملة، وكذلك تكلفة غرف الفنادق والبقالة، أن التضخم المرتفع لم يتم ترويضه بالكامل بعد.

وعلى الرغم من تراجع التضخم من أعلى مستوى له في 4 عقود عند 9.1 في المائة في يونيو (حزيران) 2022، فإنه لا يزال أعلى من هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة.

ورغم الارتفاع المعتدل في التضخم الشهر الماضي، يستعد بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة القياسية الأسبوع المقبل للمرة الثالثة على التوالي. ورفع البنك المركزي التركي سعر الفائدة الرئيس قصير الأجل 11 مرة في عامي 2022 و2023، إلى أعلى مستوى له في عقدين من الزمن، وذلك في محاولة للحد من التضخم الذي نشأ عن التعافي القوي غير المتوقع للاقتصاد بعد ركود «كوفيد-19». ومع التراجع المستمر في التضخم، بدأ البنك المركزي في سبتمبر (أيلول) الماضي عكس تلك الزيادة.

وقد يقدم مؤشر أسعار المنتجين، الذي صدر يوم الخميس، لمحة مبكرة عن الاتجاه الذي قد يسلكه التضخم الاستهلاكي. ويراقب الخبراء الاقتصاديون هذا النمو، لأنه يتضمن بعض المكونات، خصوصاً الرعاية الصحية والخدمات المالية، التي تسهم في مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، وهو المقياس المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي.